المقدمة

من السهل أن نتحدث في العراق عن مشكلة لأن المشاكل كثيرة حتى صارت تفوق الحد والحصر وأصبحت مصدر الهامٍ للكتاب والشعراء ومادة خام للصحافة والقنوات الفضائية ،ولكن أن تتحدث عن المشكلة لتبرز قدرتك على الكتابة أو لتتهجم على طرفٍ معينٍ شيء وأن تتحدث عن المشكلة لتطرح لها حلاً شيءٌ آخر وهذا ما نحن بحاجةٍ ماسةٍ له لحل جميع مشاكلنا مع وجود الرغبة الجدية لدى الأطراف المعنية والمسؤولة لتبني الحلول الصحيحة وتنفيذها ومن هذه المشاكل مشكلة الإعمار.
عانى العراق في العهود السابقة – وخاصة في عهد النظام البائد- من عدم الاهتمام الجدي بالإعمار والخدمات وصرف اغلب موارد البلد في الحروب والمشاكل التي افتعلتها الأنظمة السابقة أو تورطت بها فكانت النتيجة أن أصبحت مدن العراق أشباه مدن خالية من مظاهر الإعمار وتفتقر لأبسط الخدمات وهي إلى القرى اقرب منها إلى المدن –رغم وجود تفاوت في ذلك بين مدينة وأخرى لاعتبارات غير صحيحة- وبعد سقوط النظام استبشر الناس خيراً بالوضع الجديد لعله يغير شيئاً من هذا الواقع السيئ ولكن مع كل الأسف لم تسر الأمور كما ينبغي لها أن تكون لأسباب كثيرة أكثرها غير مقنعة فرغم ضخامة الخلل الذي خلفه النظام البائد الموجود في الإعمار والخدمات في المحافظات والحاجة إلى أموال وجهود ضخمة واستثنائية لمعالجة هذا الخلل وعدم إمكانية تنفيذ ذلك بزمن قصير إلا أن عملية الإعمار تسير في الكثير من جوانبها بصورة خاطئة مما جعلنا نعنونها بعنوان المشكلة.
ومشكلة الإعمار ليست مشكلة واحدة وإنما هي عنوان لمجموعةٍ من المشاكل التي أدت إلى ظهور الإعمار والخدمات بالصورة السيئة الموجودة حالياً ولتصور المسئلة لابد من معرفة الخطوات التي تمر بها عملية الإعمار والخلل الموجود في كل خطوة على حده وما هو المطلوب للحل؟
وسنتحدث الآن عن خطوات الإعمار في المحافظات –ونقصد هنا كل محافظات العراق ولا نستثني العاصمة- بوجه خاص لأنها هي الظاهرة للعيان وهي تمثل الجانب الأكبر لعملية الإعمار وتعمل فيها الكثير من الكوادر وتنطبق نفس الخطوات على الجزء المتعلق بالوزارات من عملية الإعمار مع وجود بعض الفوارق البسيطة.

الخطوة الأولى تخصيص مبالغ للإعمار من الموازنة

عند إعداد موازنةِ بلدٍ ما يتم تقسيم المبالغ حسب الحاجة والظرف الذي تمر به الدولة فمثلاً عندما تكون الدولة في حالة حرب يتم زيادة التخصيصات للجوانب العسكرية وعندما تخرج الدولة من حالة حرب يتم التركيز على الإعمار وبالتالي زيادة تخصيصات الإعمار فمع الزيادة الهائلة للموازنة في العراق (سنة 2004( 13) مليار دولار وسنة 2009 (79) مليار دولار) ورغم الزيادة في أسعار المواد الإنشائية وكلف الإعمار بشكل عام إلا إن حصة الإعمار –نقصد هنا مخصصات الإعمار للمحافظات-من الموازنة بقيت محدودة ولم تصل إلى نسبة (10%) أبداً تقسم الموازنة إلى موازنة تشغيلية (شكلت نسبة 79% تقريباً ) وموازنة استثمارية (شكلت نسبة 21% تقريباً) ثلثها فقط – أي الاستثمارية - يخصص لإعمار المحافظات والباقي للوزارات أي إن ما يخصص للوزارات ضعف ما يُخصص للمحافظات تقريباً.
ومع تحفظنا على الموازنة المعلنة سنوياً إذ بالإمكان أن تكون اكبر ووجود موارد كثيرة للدولة غير مستغلة وضرورة خروجها تدريجياً من الاعتماد على النفط (يشكل النفط على أقل تقدير نسبة 85% من مصادر الدخل القومي وبالتالي الموازنة) إضافةً لذلك فإن توزيع الموازنة على المفردات المذكورة بقيت دون الطموح بكثير ووفقاً لهذه النسب المخصصة فإن عملية الإعمار ستكون بطيئة جداً وسوف نحتاج إلى سنين طويلة حتى يكون هناك اثر فعلي على ارض الواقع خاصة وإن الاستثمار لم يتم تفعيله بشكل جدي لحد الآن ليغطي النقص الحاصل في عملية الإعمار وتوفير الخدمات وكذلك فإن آلية التوزيع المعتمدة وفقاً للنسب السكانية غير دقيقة (مثلاً ما تم اعتماده من نسب سكانية في الموازنة التكميلية لسنة 2008 يختلف بشكل كبير عن ما تم اعتماده في موازنة التنمية لسنة 2009 رغم وجود فرق أسبوع فقط بين المصادقة على هذه والعمل على الأخرى) وكذلك لم يتم تفعيل موضوع المظلومية والمحرومية –المادة 3 ثانياً ب من قانون الموازنة الفيدرالية للسنة المالية 2007 ونفس المادة من قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية لسنة 2008 ونفس المادة من قانون الموازنة التكميلية العامة الاتحادية للسنة المالية 2008- رغم كثرة التصريحات حوله وهو موضوع مهم جداً فإن سياسة النظام السابق كما هو المعروف كانت طائفية ومناطقية وبالتالي ليست كل المحافظات بنفس المستوى من الإعمار والخدمات فكيف تصح مساواتها في التخصيص كما إن هناك محافظات عانت من تخريب في الحروب السابقة ومن سياسات النظام البائد ما لم تعاني منه محافظات أخرى وكل هذا لم يُؤخذ بعين الاعتبار عند توزيع التخصيصات!!
إن مشكلة كون اقتصاد العراق أحادي المورد مشكلة كبيرة ولكنها ليست مستعصية على الحل –بالإمكان مراجعة تجارب دول سابقة والاستفادة منها- ولكن هذه المشكلة تحتاج إلى تخطيط طويل الأمد يؤدي إلى تفعيل الموارد الأخرى- كالزراعة والثروات المعدنية والحيوانية والسياحة والنقل والكمارك وغيرها- واستحداث موارد جديدة من خلال الاستثمار وغيره.
ولابد من اعتماد آلية دقيقة لتوزيع الموازنة على القطاعات ليتم التركيز على الإعمار والخدمات باعتبارهما مطلوبين بشدة في الوقت الراهن وتقليل مخصصات الأجهزة الأمنية وغيرها فإننا لو تمكنا من مضاعفة المبالغ المخصصة للإعمار فهذا يعني اختصار الزمن إلى النصف وهكذا-كمثال لإكمال أعمال تبليط الشوارع في أحدى المحافظات داخل حدود البلديات الحالية فقط دون اخذ التوسع المستقبلي بنظر الاعتبار ودون باقي الخدمات يتطلب الأمر ضمن التخصيصات الحالية ما يقارب 13 سنة لانجاز هذا الأمر فقط فتأمل- ولابد من انجاز التعداد السكاني بأسرع وقت ممكن لتكون هناك نسب واقعية للسكان لا نسب احتمالية كما لابد من مراعاة أمور أخرى غير النسب السكانية وأهمها مسئلة المظلومية أو المحرومية وقد يقال بأنه لا توجد ضابطة لمعرفة وقياس المظلومية ليتم تفعيل هذا الملف نقول إن الأمر ممكن الحل وذلك من خلال تشكيل لجنة متخصصة تقوم بزيارة المحافظات وتطلع على واقع الإعمار الموجود في كل المحافظات حتى سقوط النظام البائد وتقارن بين محافظة وأخرى (مثلاً يمكن قياس نسبة خدمة المجاري لمدن محافظة ما مقارنة بالمحافظات الأخرى ويمكن قياس نسبة تبليط الشوارع ضمن نطاق بلديات محافظة ما نسبة للمحافظات الأخرى) ووفقاً لهذه النسب يمكن زيادة تخصيصات محافظةٍ ما لنصل بمحافظاتنا العزيزة إلى نسب متقاربة من الإعمار والخدمات لتكون الضابطة الوحيدة لاحقاً هي ضابطة النسب السكانية مع مراعاة أمور أخرى كحالات الكوارث البيئية أو التخريب لا سمح الله.
ولمعالجة الخلل الموجود في هذه الخطوة يتطلب ما يلي:-
1-زيادة صادرات النفط العراقية خاصةً بعد استقرار الوضع الأمني نسبياً والذي كان يؤثر على استمرار التصدير من خلال تعرض الأنابيب للتخريب مثلاً ويؤثر على استقدام الشركات وفتح آبار جديدة ومنافذ جديدة للإنتاج مع ملاحظة إن سعر النفط قد لا يستمر على ما هو عليه فاحتمالية هبوط سعره واردة جداً ويبلغ حجم إنتاج النفط الآن2500000 برميل يومياً ويصدر منه 2000000برميل يومياً وتقول بعض المصادر أن العراق يمتلك من الاحتياطي النفطي المكتشف نحو 115 مليار برميل وما يعادله أو يزيد من الاحتياطي النفطي غير المكتشف.
وتؤكد بعض التقارير والدراسات إن حجم احتياطي النفط العراقي المثبت بحسب المسح الجيولوجي الزلزالي يبلغنحو 350 مليار برميل، ليتجاوز بذلك احتياطي السعودية الذي يبلغ أكثر من 260 ملياربرميل والتي تتصدر حالياً الترتيب العالمي بحجم احتياطها النفطي ويبلغ احتياط النفط العراقي حوالي 10.7% من إجمالي الاحتياطي العالمي ويحتل العراق أكبر احتياطي نفطي في العالم بعد المملكة العربية السعوديةويبلغ هذا الاحتياطي أربعة أضعاف الاحتياطي النفطي الأميركي ويمتاز النفط العراقي بوجود جميع حقوله في اليابسة، لذلك فتكاليف إنتاجه تعدالأقل في العالم إذ تتراوح بين 0.95 و1.9 دولار للبرميل الواحد، مقارنة بكلفة إنتاجالبرميل في بحر الشمال التي تصل إلى عشرة دولارات وتوجد في العراق جميع أنواع النفط من خفيف ومتوسط وثقيل ويوصف العنصر البشري العامل في قطاع النفط العراقي بأنه من بين أفضل العناصركفاءة في الشرق الأوسط.
ويذهب الخبراء إلى أن العراق قادر على زيادةإنتاجه إلى حدود 12 مليون برميل يومياً لو توفر الأمن والتمويل.
فلو تم الاستفادة من جزء من هذه الامتيازات لأصبح واقع الإعمار بل وواقع العراق عموماً بشكل آخر.
2-الاستفادة من الغاز الطبيعي الذي لم يستثمر وهو ثروة ضخمة جداً ويبلغ احتياطي العراق من الغاز الطبيعي وفقاً لبعض التقديرات حوالي 112 تريليون قدم مكعب، لكن يعتقد محللون أن هذا الرقم يشكل جزءً صغيراً مما هو موجود فعلاً ويتوقع بعض الخبراء أن سعر الغاز العراقي سيكون من 9 إلى 12 دولار لكل مليون سعرة حرارية في حال لو تم البدء باستغلاله وتصديره.
3-إنشاء مصافي نفط تجعل هناك إمكانية لتصدير المشتقات النفطية بدلاً من النفط الخام والجميع يعلم كم استفادت الدول الصناعية من شراءها للنفط الخام من الدول المنتجة ومن ثم بيعها للمشتقات على نفس الدول بأسعار مضاعفة.

4-الاستفادة من الثروات الأخرى ومن أمثلتها:-

أ-الزراعة :- انخفضت نسبة مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي بحدود النصف من سنة 2003 حيث كانت النسبة 8.4 وأصبحت في سنة 2006 النسبة 5.3 حسب إحصائيات وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي علماً إن النسبة كانت مرتفعة في الثمانينيات من القرن الماضي حيث تبلغ مساحة الأرض الصالحة للزراعة 44.5 مليون دونم وهي تشكل ما نسبته 26.2% من المساحة الكلية للعراق ونصف هذه المساحة تقريباً متاحة للإرواء والعراق معروف بصادرات زراعية كثيرة ولا سيما النخيل الذي كان العراق الأول في إنتاجه على مستوى العالم والآن تقدمت عليه دول أخرى كمصر والسعودية والإمارات.
والواقع الزراعي الآن متدهور إلى ابعد الحدود فارض السواد التي عُرفت بهذا الاسم لكثرة الخضرة فيها أصبحت قاحلة ليس فيها من الإنتاج الزراعي ما يسد الحاجة المحلية فضلاً عن التصدير مما هدد ويهدد الأمن الغذائي في العراق حتى قال بعضهم للنكتة كيف نقول إن هناك امن غذائي في العراق والسلطة تستورد من ثلاث دول (الطماطة والخيار والبصل) وعلى المثال فقس ما سواه.

ب-الثروات المعدنية:-
1-الفوسفات:- ويقدّر احتياطي العراق من الفوسفات بنحو 430 مليون طن وسجلت السنوات الأخيرة تزايد اهتمام العالم بالبحث عن معدن الفوسفات الذي يدخل في صناعة الأسمدة الفوسفاتية والأسمدة المركبة نظراً إلى ارتفاع الطلب العالمي عليه بسبب زيادة الطلب على المواد الغذائية وبروز أزمة الغذاء ومما زاد من شهرة خام الفوسفات العراقي أنه حامل لمعدن اليورانيوم.
2-الكبريت:- يمثل العراق المركز الأول في العالم من حيث احتياطي الكبريت الذييعد ثاني ثروة وطنية بعد النفط ويمتلك ثلاثة حقول ضخمة يتم الآن استغلال واحد منها فقط علماً إن 30% فقط من إنتاج هذا الحقل تغطي كل الحاجة المحلية والباقي ممكن تصديره وفقاً لتصريحات مسؤولين في هذا القطاع.
والأمثلة كثيرة كالزجاج و اليورانيوم والملح وغيرها من المعادن.

ج-الثروة الحيوانية:-حيث يمتلك العراق ثروة ضخمة من الأبقار والأغنام والماعز والجاموس والإبل والدواجن والأسماك وغيرها من الثروات المهملة والتي يتدهور واقعها يوماً بعد يوم ولا يوجد من يلتفت لها ولأهميتها ولمنتجاتها.

د-السياحة:-ومنها

1-المصايف في شمال البلد (تعتمد كثير من الدول على ورادات السياحة لمناطق مشابهة لمناطق شمال العراق في ميزانيتها كما في لبنان وتونس على سبيل المثال).

2-الآثار الضخمة والعريقة التي يمتلكها العراق والتي أُهملت واستمر هذا الإهمال رغم أهميتها التاريخية والثقافية والاقتصادية (على سبيل المثال يوجد في الأردن التي تعتمد اعتماداً كبيراً في اقتصادها على واردات السياحة للآثار يوجد فيها 1500 تل اثري فقط في حين يوجد في واحدة من محافظات العراق 2500 تل اثري وليس هناك من يلتفت لهذه الثروة الهائلة والإرث الضخم.

3-الاهوار في العراق بيئة لا يوجد لها مثيل في العالم وفيها من الثروات الكثير وأهمها كونها تندرج ضمن مناطق ما يسمى بالسياحة البيئية وصلاحيتها لمشاتي –أي في وقت الشتاء- للسواح إضافةً إلى الثروات المعدنية والحيوانية الضخمة الموجودة في الاهوار والتي لم تستثمر لحد الآن.

4-السياحة الدينية –أو ما يمكن تسميته بذلك- ولا يخفى على الجميع ما في العراق من مراقد ومناطق مقدسة لدى كل الأديان والطوائف كالمراقد والأماكن والمساجد المقدسة لدى الشيعة والتي تبلغ العشرات(مراقد الأئمة الأطهار (ع) في كربلاء والنجف وسامراء وبغداد وغيرها من الأماكن في باقي مدن العراق) والمراقد والأماكن المقدسة لدى السنة (كمرقد أبو حنيفة والكيلاني في بغداد والزبير في البصرة وسيد احمد الرفاعي ذي قار وغيرها من الأماكن في باقي مدن العراق) والأماكن المقدسة لدى المسيحيين (كبيت النبي إبراهيم الخليل (ع) في الناصرية وغيرها من الأماكن).

هـ-المياه :-
توجد في العراق ثروة هائلة لا تقدر بثمن ومع الأسف تهدر هذه الثروة في كل يوم لتستقر في الخليج على شكل مياه زائدة في حين إن استغلالها بشكل علمي من خلال تقنين الزراعة والاستفادة من التقنيات الحديثة في السقي وخزن الزائد منها والضغط على تركيا وسوريا وإيران لزيادة حصة العراق من نهري دجلة والفرات سيؤدي إلى عدة نتائج ايجابية أهمها تقليل نسبة الملوحة في الأراضي والتي سببت بخفض كبير لغلة الدونم الواحد والاستفادة من هذه المياه في إنتاج الطاقة الكهربائية وتصدير الزائد منها على شكل مياه لسقي المزروعات لدول الخليج المقفرة وعلى شكل مياه شرب وتوفير الأمن المائي للعراق الذي بات مهدداً بشكل كبير من هذه الناحية.
وغيرها الكثير من الثروات المهدورة والتي لو استثمرت بشكل صحيح لتضاعف الناتج المحلي عشرات المرات والقومي.لا تصبح هناك مشكلة في إيجاد الأموال المطلوبة لعملية إعمار سريعة وكبيرة.


5-تنشيط الصناعة العراقية والتي كانت تغطي الكثير من احتياجات السوق العراقية وتساهم في دعم الناتج القومي .
توجد لدى وزارة الصناعة والمعادن 63 شركة عامة في مختلف المجالات ويبلغ عدد المعامل التي تديرها هذه الشركات 252 معمل في مختلف القطاعات الصناعية كانت تنتج الكثير من المنتجات ولكنها الآن شبه مشلولة ولا تمد لها الدولة يد العون بل وهناك دعوات لخصخصتها و لم تخصص أي مبالغ في الموازنات ما قبل سنة 2008 لهذا القطاع وتم تخصيص مبلغ 400 مليار دينار (ما يعادل 350 مليون دولار) في سنة 2008 فقط وهو لا يمثل شيء قياساً بما تحتاجه فعلاً هذه الشركات للنهوض بواقعها للمساهمة في تغطية حاجات السوق المحلية وزيادة الناتج القومي وتقليل نسب البطالة المخيفة في العراق والتي لا يمكن حلها بزج العاطلين في دوائر الدولة حتى أصيبت بالترهل والجيش والشرطة كما هو الحاصل الآن.
هذا إضافةً إلى وجود شركات أخرى منتجة في قطاعات أخرى غير قطاع الصناعة والمعادن كقطاع النفط والقطاع الزراعي وقطاع الخدمات حيث يبلغ مجموع الشركات في مختلف قطاعات الدولة 192 شركة لا تساهم حالياً إلا بجزء يسير لا يكاد يُذكر في الناتج القومي.
إضافةً إلى ضرورة تفعيل استيفاء الضرائب والأجور لقاء الخدمات وهذا الموضوع مهمل بشكل كبير وغير منظم –فمثلاً توقفت الحكومة عن استيفاء أجور الهاتف لمدة سنتين أو أكثر ثم بعد ذلك أصدرت قوائم هاتف بمبالغ ضخمة عجز المواطن عن تسديدها – فلو تم استيفاء كل الأجور والضرائب أو نسبة معقولة منها بشكل سلس ومنظم بحيث لا يضر المواطن لتمكنت الحكومة من دفع أجور اغلب الموظفين من تلك العائدات دون أن تُثقل الموازنة بمبالغ هائلة لدفع تلك الأجور ، مع عدم نسيان التركيز على الضرائب على الشركات والمستثمرين والتجار لأنها الأضخم كما في وإرادات خدمات الموبايل التي لا يعلم إلا الله تعالى والراسخون في الحكومة كيف تم احتساب كلفة الرخصة وكيف يتم استيفاء العائدات وما هي نسبها وما هي الغرامات التي تفرض على تلك الشركات لقاء رداءة خدماتها.

هذه النقاط الخمس الأولى تزيد من حجم الموازنة وبالتالي تزيد من حصة الأموال المخصصة للإعمار وتساهم في تنويع مصادر الاقتصاد العراقي –كما نصت على ذلك المادة 25 من الدستور- لان الاقتصاد الوحيد المصدر اقتصاد قلل ومعرض للاهتزاز بسهولة –لاحظ كيف تم تقليص موازنة السنة المالية 2009 بمجرد أن انخفضت أسعار النفط- .


6-زيادة تخصيصات إعمار المحافظات لأنها إن بقيت بهذا المستوى فسيتأخر ظهور النتائج حتماً خاصةً إذا علمنا إن غالبية محافظات العراق تعاني من نقص كبير في الإعمار والخدمات ويتطلب ذلك رصد أموال ضخمة لمعالجة هذا الخلل والغريب إن في موازنات سنة 2007 و2008 مثلاً تم إدراج تخصيصات الإعمار للمحافظات ضمن بند التخصيصات الإضافية وهذا يعني إنها ليست ضمن التخصيصات الأصلية فهل هذا يعني إن الحكومة لا تنوي الاستمرار بتخصيص مبالغ لإعمار المحافظات يا ترى.

7-تحويل جزء كبير من تخصيصات الوزارات للمشاريع إلى المحافظات وذلك لتردي نسب صرف هذه التخصيصات من قبل الوزارات (لم تتجاوز نسبة 25% في الكثير من الوزارات بل وصل الأمر إلى نسب متدنية جداً كما في وزارة التربية حيث النسبة اقل من 5%) ولتردي نوعية وكفاءة المشاريع المنفذة نسبةً إلى نسب الصرف ونوعية وكفاءة المشاريع التي تنفذها المحافظات(وفقاً لتصريحات الكثير من المسؤولين في المحافظات) والتزام الوزارات بتوزيع تخصيصاتها على مشاريع المحافظات وفقاً لضوابط النسب السكانية كما نصت على ذلك المادة 6 ثالثاً من قانون الموازنة التكميلية العامة الاتحادية للسنة المالية 2008 وكذلك اخذ موضوع المحرومية بعين الاعتبار.

8-وضع ضوابط لمعرفة مدى المظلومية والتأخر في مستوى الإعمار والخدمات في المحافظات ليتم مراعاة ذلك عند توزيع التخصيصات على المحافظات وقد تم تكليف وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي بوضع ضوابط لذلك –كما ذُكر في موازنة 2007 و2008 – ولكن لم تظهر هذه الضوابط للعلن لحد الآن.

9-إجراء التعداد السكاني بأسرع وقت ممكن – كما نصت على ذلك المادة 110 تاسعاً من الدستور وجعلته من صلاحيات السلطات الاتحادية والمادة 19 ب من قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية 2008 وحددت له موعد نهائي 31/12/2008 - لكي تكون النسب السكانية حقيقية ولا تتغير وفقاً للأمزجة والاجتهادات والضغوط السياسية.

10-تفعيل المادة 44 من قانون المحافظات الغير منتظمة بإقليم والتي تتحدث عن الموارد المالية للمحافظات والسماح للمحافظات بالتصرف بواردات الرسوم والغرامات والضرائب والإيرادات الأخرى أو بحصص منها للإعمار.
11-ضرورة القيام ببرامج توعية للمواطن لدفع الضرائب المترتبة على تقديم الخدمات مع ملاحظة وجود آلية سلسة للاستيفاء من المواطن دون الأضرار به واخذ مستواه المعيشي بنظر الاعتبار في تحديد نسبة الضريبة.

[align=center]الدراسة للمهندس [/align]
رشيد السراي
4\10\2008

*أُعدّت هذه الدراسة أصلاً قبل اكثر من سنة لمؤتمر اقتصادي كان من المزمع عقده في محافظة ذي قار حول مشاريع الاعمار ولكنه لم يُعقد
*نشرت الدراسة على حلقات في جريدة الرأي
*تم تسليم هذه الدراسة لعدة جهات رسمية اهمها مكتب نائب رئيس الوزراء في مؤتمر حول مشاريع الاعمار والخدمات ضم محافظات العراق كافة