المقال لايخلو من بعض الحقائق المختلطة بكثير من الأساطير و الأوهام ؛ و ربما كان للكبيسي علاقة بما يجري خلف الكواليس ؛ لذا أنصح بقراءة "ما بين السطور" من كلام الكبيسي
الكبيسي : المقاومة العراقية ستكسب الحرب .. والعراق سيعود قويا موحدا
2009-08-03 5:26:37 AM
أكد العلامة العراقي المعروف الدكتور أحمد الكبيسي أن العراقيين بدؤوا يعودون الى طريق بناء الدولة واستعادة أمجادهم ، مشيرا الى النهاية القريبة للاحتلال الأمريكي الذي يشاركه لاعبان في العراق - وفق قوله - هما اسرائيل وإيران.
وخلال محاضرته في منتدى الدستور يوم الثلاثاء الماضي تناول الكبيسي "تداعيات المشهد العراقي في ظل التطورات الدولية" ، مستعرضا الواقع العراقي على الارض وظروف الاحتلال الامريكي ، اضافة الى مستقبل الدولة العراقية وعلاقتها بالجوار ، وعددا من الملفات العراقية والاقليمية.
وحضر الندوة الاستاذ صلاح ابو زيد ، المستشار الأسبق لجلالة الملك ، وجمع من الوزراء السابقين والنواب والشخصيات العامة ، والزميل الاستاذ سيف الشريف المدير العام لجريدة الدستور ، والزميل الاستاذ محمد حسن التل رئيس التحرير المسؤول ، وعدد من المدعوين والمهتمين. وأدار الندوة الزميل الإعلامي محمد الصرايرة.
الصرايرة
أصحاب المعالي والفضيلة والسعادة ، أيها الاخوة والأخوات ، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
تحية لكم في هذا اللقاء الذي يجمعنا على مائدة أحد أعلام الفكر الإسلامي ، الذين خرجوا على سلطان الثقافة السائدة ، والمهيمنة ، والذي يتميز بالجرأة في قول الحق ، حتى لو صادم المألوف المستقر.. عالمي الرؤية ، يعرف عصره جيداً ، إنه فضيلة الدكتور أحمد الكبيسي.
لا شك أننا أمام شخصية جدلية ، شخصية متحركة ، بعيدة عن النمطية والروتين ، يقول القول في زمان ومكان ، وقد يعارضه في زمان ومكان آخرين ، فنحن إذن أمام عالم قد بدأت فيه جذوة الاجتهاد ، يسير على خطى العلماء الأوائل الأفذاذ.
لقد تم اعتقال الدكتور الكبيسي في عهد الرئيس الراحل صدام حسين - رحمه الله تعالى - وبعدها جلس معه لمدة ساعتين ، كما يذكر ذلك في أحد اللقاءات ، وعرض عليه الرئيس صدام المشاركة في الحكومة لكنه رفض ، ثم انتقل إلى الإمارات ، وبعدها عاد إلى العراق ليرأس الحركة الوطنية العراقية الموحدة ، وأثار ذلك جدلاً واسعاً ، وله رأي مثير في دخول القوات الأميركية للعراق.
تقلد فضيلة الدكتور أحمد الكبيسي مناصب عدة: رئيس قسم الشريعة في كلية الحقوق في جامعة بغداد ، رئيس قسم الدراسات العليا في الجامعة الإسلامية في بغداد كذلك ، رئيس قسم الدراسات الإسلامية في جامعة الإمارات ، عضو في المجلس الأعلى في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة ، رئيس جمعية العلماء في العراق ، ورئيس الحركة الوطنية العراقية الموحدة في العراق.
للدكتور الكبيسي مؤلفات عدة ، ما يقرب من ثلاثين إصداراً ، من أبحاث منشورة ومؤلفات ، من أهمها نذكر: المرأة والسياسة في صدر الإسلام ، فلسفة النظام الإسلامي في الأسرة ، الأحوال الشخصية في القضاء ، وكذلك أحكام جناية السرقة في الفقه والقانون ، الفقه الجنائي الإسلامي ، أحسن القصص ، القضاء في الإسلام وغيرها.. أهلاً بفضيلة الدكتور أحمد الكبيسي.
ونأتي إلى موضوعنا ، موضوع اللقاء: "تداعيات المشهد العراقي في ظل التحديات الدولية" ، ونطل نحن على هذا المشهد ، ولا أدري هل نحن الذين نطل ، أم هو المشهد يطل علينا صباح مساء ، يستصرخنا.. من خلال تشابك وتعقيدات المعادلة الداخلية العراقية ، الانفلات الامني في العراق ، شبح الطائفية ، نظرة إلى العراق من خلال الأولوية الأميركية في عهد إدارة أوباما ، النفوذ الإيراني داخل العراق ، وأخيراً المغازلة الاخيرة التي سمعنا عنها ، المغازلة الأميركية للمقاومة ، دواعيها وأسبابها.. هذه حزمة ليست بالقليلة على الإطلاق ، وكل واحدة منها بحاجة إلى ساعات وساعات.
نترك الحديث لفضيلة الدكتور أحمد الكبيسي ، وبعد ذلك نفتح باب الحوار للحضور الكريم.
د. الكبيسي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. الشكر موصول لجريدة الدستور ومؤسستها العظيمة ، وأشكر الاخوة الكرام الذين حضروا هنا وشرفوني بالحضور.
في رمضان من عام 1935 ألقيت محاضرة في جامع شلشل في حي الخارجية في بغداد ، وكان الإمام الذي دعاني هو الشيخ عبدالجليل الهيتي ، وأظنه لا يزال حياً ، ولا أدري إن كان غير ذلك.. قلت في تلك المحاضرة إن هذا العهد الذي نحن فيه هو آخر عهد سني في العراق ، والعهد الذي بعده أينما سيأتي سيكون شيعياً.
وقلت: بعد هذا العهد الذي سيكون شيعياً ستحدث صدامات وتحرشات ، ثم من الطبيعي أن إيران تتدخل لتأييد الشيعة ، وتركيا تتدخل لتأييد السنة ، ثم شيئاً فشيئاً تنزلق الدولتان في حرب. هذه النبوءة حدثت لكن مع تحوير أن إيران دخلت بكل قوتها وتركيا لم تتدخل ولا بشيء واحد ، بل استبدت إيران بالساحة استبداداً كاملاً وهي اللاعب الرئيس ، واللاعب الثانوي هو أميركا وإسرائيل.
وقعت الحادثة وألقيت أول خطبة في جامع أبي حنيفة وقلت فيها ، ونحن غارقون في بحر الاحتلال الذي لم أتخيله في حياتي بأن بلداً يحتل بهذا الشكل ، وقد وصلت العراق فجراً أثناء الحرب ، ورأيت الهول.. بعدها بيومين كنت خطيباً في جامع أبي حنيفة وحضرها شيعة وسنة ، وانطلقنا بعدها بمظاهرة صاخبة وموحدة ومتحابة. لم أكن أدري أنني قد قلت في تلك الخطبة ما قلت إلا أنني سمعت الخطبة معادة قبل شهرين من هذا اليوم في الجزيرة ، حيث أعادوها بمناسبة انحطاط أميركا وأزمتها المالية الرهيبة ، وإذا بي قد قلت في تلك الخطبة أننا نحن الآن غارقون وبعد خمس سنوات ستغرق أميركا وننجو نحن ، فالمعلق السياسي اتصل بي وقال: كيف أدركت أن أميركا ستغرق بعد خمس سنوات وها هي الآن غارقة وإن لم يعلن هذا.. وسألني أيضاً: هل أنت محلل سياسي؟ فقلت له: أنا لست محللاً سياسياً ولكني أسمع دبيب النمل على الأرض تحت الأقدام ، فأنا لست سياسياً ولا محللاً ، لكن لدي قدرة على أن أرى ماذا يجري تحت الأقدام من دبيب سوف يسحب البساط من تحت الأقدام ثانية.. ثم حدث ما حدث وحصلت هذه النبوءة. إذن نبوءتان تحققتا.
أخبركم الآن بالنبوءة الثالثة ، وإن شاء الله بعد خمس سنوات نلتقي هنا إذا بقيت حياً - وأظنني سأبقى - حينئذ سوف تصفقون كثيراً لأن نبوءتي الثالثة أيضاً تحققت كما تحققت النبوءتان السابقتان.. بعد خمس سنوات سيكتمل بناء العراق بناءً تقر به عيونكم وعيون العرب جميعاً.. وهذا البناء بدأ الآن ، حيث بدأ العراقيون الآن ببناء عراقهم حتى ينجز العمل على أكثر تقدير بعد خمس سنوات ، وإلا فإني واثق أن العراق بعد ثلاث سنوات سيكون عراقاً عظيماً موحداً متحداً عاملاً فعالاً ظهيرا للعرب جميعاً لأن لله في العراق شأناً سأذكره بعد قليل.
هذه هي المقدمة.. والآن سأدخل في بعض المحاور أقول فيها: العراق اختيار الله في العالم من عهد آدم ، وسأثبت ذلك بعد قليل.... احتل العراق مؤخراً بخرافات تلمودية تبناها البوشان "الأب والابن"..
ما يجري في العراق الآن إنما هو تنظيف له قبل دوره الفعال القادم قريباً. أقول أيضاً من العناوين: قوة العراق وجماله باختلاف أطيافه: شيعة وسنة وعرباً وأكراداً ويهوداً ونصارى وهكذا..
أقول أيضاً ، بدأ العراقيون مرحلة العودة إلى أول الطريق السليم الآمن ، اللاعبون في العراق: أميركا وإسرائيل وإيران ، وإيران أقوى اللاعبين. المقاومة وارثة الاحتلال قريباً ، وستنتصر المقاومة وينهزم الاحتلال كما انهزم في الصومال وفي فيتنام وفي لبنان وفي كل مكان... إلا أن بعد الانتصار هناك طريقين لا ثالث لهما ، إما صوملة العراق وأفغنته ، كما فعل الأفغان حين أخرجوا الاتحاد السوفييتي في ليلة سوداء ، انسحبوا انسحاباً مهيناً ، ثم التفتوا وانعطفوا على بعضهم فخربوا بلادهم شبراً شبراً.. والصوماليون عندما دخلت أميركا بالأضواء والقنوات العالمية ودخلوا دخول الفاتحين ، ثم تسللوا منها هاربين في ليل مظلم ، وبعد أن تسلل المحتلون هاربين ، عاد الصوماليون لكي ينقذوا بلادهم ولا يزالون ينقذونها شبراً شبراً ، فهذا احتمال ، وهو احتمال ضعيف.. الاحتمال الأقوى هو فتنمة العراق ، أن يتوفر للعراق قائد كالجنرال ذياب "جياب".. جياب هذا بعد أن انتصر الفيتناميون وحّد الشعب توحيداً كاملاً ولا يزال هذا الشعب موحداً يؤدي دوره في العالم.. وأظن - والله أعلم - أن هذا العراق ، وهو مخزن الرجال ، في التاريخ كله ، وكان كلما صعب على المسلمين ثغر ، يقول عمر بن الخطاب: دلوني على عراقي أوليه هذا الثغر.... والعراق هذا مليء بالرجال ، وللعلم فان الذين في الساحة الآن لا يشكلون أكثر من 2 بالمائة ولا يزال 98 بالمائة من العراقيين بكل أطيافه ساكتاً ، والعراقيون كنهرهم ، هذا النهر الهادئ ، الجميل ، السلسال ، العذب.. وإذا به يتوثب فيغمر الدنيا ولهذا سموه tiger أي النمر ، يثب وثبات النمر ، وهكذا هم العراقيون بخيرهم وشرهم ، بسلبهم وإيجابهم ، يثبون على حين غرة فيغمرون العالم. هذه مجمل المحاور التي سأمر عليها بسرعة ، ثم سأفتح الباب للنقاش.
أقول ، ان احتلال العراق به خرافات دينية ، في التلمود يقولون على بابل: (ادخلوا بابل واتركوها خراباً يباباً مأوى للغربان والفئران حتى لا يجد بدوي مكاناً يربط فيه ناقته) ، وهذا حدث بالضبط.. وأريد هنا أن أقرأ عليكم الوثائق الرسمية على ما حدث في العراق ، أعجوبة الأعاجيب.. ورسمياً: مليون أرملة ، مليونا قتيل ، أربعة ملايين يتيم ، 340 ألف سجين ، أربعة ملايين مهجر ، 800 ألف مفقود ، إصابة بالايدز 67 ألف حالة ، بينما عندما دخل الاحتلال كان 114 إصابة فقط ، فأصبح 67 ألف إصابة بالايدز.. انتشار الرذيلة.. خسائر العراق المالية 3 آلاف مليار دولار ، تخريب جميع البنى التحتية ، العراقيون تحت خط الفقر ..الخ ، حتى أن الأمم المتحدة تحاول أن تصدر بياناً بأن احتلال العراق جريمة حرب.. والذي ذكرته احصاءات رسمية والواقع أعظم.
الاستراتيجية الايرانية
إيران طبعاً ، وهذا من حقها ، تعتقد بأن العراق ملكها ، والدليل على ذلك أن سلمان باك ، أي مدائن كسرى وإيوان كسرى هي ضاحية من ضواحي بغداد ، ولذلك يقولون بان هذه بلادنا ، والقاسم المشترك بين إسرائيل وبين إيران أن هاتين الدولتين عميقتان في الاستراتيجية لا تغيرها ولا شعرة واحدة على مدى قرون ، ومن سذاجتنا نحن أن نفرح بتغيير شارون بأولمرت وأولمرت بغيره ، لكن اليهود منذ أن خلقهم الله إلى هذا اليوم ، من موسى عليه السلام ، لم يتغيروا شعرة ، فهم حرفيون ، ومنذ أن قامت إسرائيل إلى هذه الدقيقة لم تتنازل ولا شعرة عن أهدافها ، وقبل أسبوعين قرأتم وقرأت أنا أيضاً في جريدة الدستور ، أن رئيس الكنيست يقول: إننا لا نزال نحلم بأن تقام إسرائيل على ضفتي نهر الأردن.. إذن قضية إسرائيل ثابتة كما هي إيران: ملكية ، إسلامية ، علمانية ، لكن العراق ملكنا ، وحينئذ هذا لن يتغير إلا بظروف تجبرها على ذلك.
من أجل هذا نقول ، العراق أيضاً تناغم حركة دينية ، بعد الاحتلال أصبح العراق دينيا ، فإيران تحكمه دينياً ، وللعلم الجيش الذي احتل العراق نصفه جيش إسرائيلي رسمي ، والمعلقون والمعذبون والمحققون في السجون إسرائيليون يلبسون الطواقي الإسرائيلية ، وقتل هؤلاء من عصاباتهم ، قتلوا 480 عالما جليلا مخترعا حسب القوائم وحسب التسلسل ، فلدى العراقيين كان هناك الكتاب الأبيض ، وكان هناك نسخة واحدة من هذا الكتاب عند صدام حسين ونسخة أخرى عند شخص لا أذكر اسمه حالياً وهو يعيش في دولة عربية ، حيث أخبرني هذا الشخص بأن لديه نسخة لكن يبدو أن النسخة التي مع صدام حسين حصلوا عليها فقتلوهم على حسب التسلسل.. وحينئذ هذا الذي يجري مخطط له من مئات وآلاف السنين (اتركوها خراباً يبابا) ، ولعلكم تذكرون أن بيكر قال لطارق عزيز في التسعينيات: "سنعيد العراق إلى القرون الوسطى" ، بل هو لم يكتف بذلك بل محاهم محواً ، فيا ليته عاد إلى القرون الوسطى. هذا الذي يجري كله لا يعني شيئاً من حيث ما أقول.
العراق اختيار الله في العالم
بالنسبة للإسلام وما يقوله عن العراق فأقول: والشيء بالشيء يناطح ، أنا أثق بكل نص سأقرأه عليكم ، لأنني أثق بالله ورسوله.. العراق بلد الله المختار ، وليس اليهود ، لماذا؟ هل من باب الصدفة أن الله عندما خلق الكرة الأرضية وأنزل آدم ، وهو أبو البشر ، أنزله في المثلث من نينوى وهي الموصل ، وأربيل والكوفة ، هذا هو المثلث الوحيد الذي كان عامراً في الكرة الأرضية كلها ، فيه نزل آدم وحواء وشيت ويونس وما تزال قبورهم هناك ، وطوفان نوح وإبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب والأنباء وجميع النبوات وجميع الشرائع وجميع القوانين نبتت من هذا المثلث ، فهل كان هذا اعتباطا ، ام كان صدفة؟،.
ثانياً ، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يطوف في الكعبة ، والكعبة كما تعلمون بها الركن اليماني والركن الحجازي والركن الشامي والركن العراقي.. ولكل ركن كان هناك دعاء ، فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما مر بالشامي قال: اللهم آتنا في شامنا.. وكان حينها رجل قصير خلفه فقال للرسول: يا رسول الله وعراقنا؟ فلم يرد عليه.. وأكمل الرسول: وفي حجازنا وفي يمننا وهذا الرجل خلف الرسول يقول له وعراقنا ، لكن الرسول لم يرد عليه.. وعندما انتهى الرسول - صلى الله عليه وسلم من الطواف نادى على هذا الرجل وقال له: أعراقي أنت؟ قال له: نعم أنا عراقي.. فقال له: عندما أراد العراقيون أن يحرقوا إبراهيم أراد أن يدعو الله عليهم ، ولو دعا الله عليهم لاستجاب.. فبعث الله له جبريل وقال له ، قل له: يا إبراهيم ربك يقول لا تدع على أهل العراق ، وقد جعلت فيهم خزائن علمي وخزائن رحمتي.... أي كل علوم الأرض في هذه البقعة ، وكل خيرات الأرض في هذه البقعة ، وأنتم تعلمون الآن أن العراق أغنى بقعة في العالم ، ما عرف منها وما لم يعرف في القديم والحديث: صناعة ، وزراعة ومياه ، وذرة ، ويورانيوم ، وكبريت ، ونفط ، وغاز ، وذهب.. فالذي يخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وجده الأميركان الآن (لا تقوم الساعة حتى ينحسر الفرات عن جبل من ذهب) في الأنبار ، وتبين أن الأنبار أغنى بقعة في العالم بالنفط لكنه غير مكتشف ومؤجل.. وآخر شيء ظهر في العراق هو الزئبق الأحمر وهو أغنى سلعة في الكون ، فباخرة واحدة من الزئبق الأحمر تساوي مليون باخرة بترول.. خزائن علمي وخزائن رحمتي أي النعم.. هذا هو العراق ، من أجل ذلك كل حضارات الأرض نبتت من هناك ثم بعدها نبتت من وادي النيل.. من أجل ذلك رب العالمين سبحانه وتعالى عندما أراد أن يهلك العالم أهلكهم من العراق ، وعندما أراد أن يعمر العالم عمرهم من العراق ، فرب العالمين سبحانه وتعالى لم يجعل ذلك صدفة ، إذن فالعراق لله فيه شأن.. وفي التاريخ كله ، كلما أراد الله أن يوظف هذا البلد بشيء قادم ابتلاه بمثل هذا البلاء ، ومن عمق العراق لم يمر به احتلال إلا واستوعبه وامتصه وابتلعه وأعاد صياغته.
الاحتلال الحالي أقسى من احتلال المغول بألف مرة ، فلو أذيعت وثائقه لعجبتم ، ولهذا طبق هذا النص التلمودي (اتركوها خراباً يا بابل مأوى للغربان والفئران حتى لا يجد بدوي مكانا يربط فيه ناقته) ، وحينئذ هذا الذي جرى في المغول أعاده قوياً ، وهذا الذي جرى في العراق منذ شهرين أو ثلاثة أو سنة ومن الآن فصاعداً ، راقبوا جيداً عاد العراقيون وسقط التيار الديني سقوطاً لا يحسد عليه ، وهذه خسارة عظيمة ، وكنا نتمنى أن لا يسقط ، ولكن هذا الذي جرى لأنهم لم يكونوا بمستوى الأحداث التي جرت في العراق ، وسيبقى العراق عراقياً فقط ، فأنا عراقي ، أما شيعي وسني وكردي عربي فهذا لا يعنيني كما كنا سابقاً في عهد الملوك ، وانا عاشرت عهد الملوك وكنت أستاذاً ، وكنت أقول: هل في هذا العهد خلاف واختلاف على عهد الخلفاء الراشدين من حيث خيره وبره ووحدته.. حصل في يوم من الأيام أن جميع المحافظين أكراد ولم ينتبه أحد ، وجميع رؤساء الوزراء شيعة ولم ينتبه أحد ، وعندما صار العراق شيعيا صار بالصدفة ، وعندما صار العراق سنيا صار بالصدفة ، والآن صار بالصدفة. عندما قامت ثورة العشرين وجاء الإنجليز ونودي بالعراق دولة أفتى مفت شيعي بأنه يحرم على كل شيعي أن يشترك في الأجهزة الحكومية والعمل السياسي وهذا لا يجوز وهذا كفر. فانحسر الشيعة ولم يشتركوا في الحكم فصار العراق سنيا ، والآن إن شاء الله نفس الفتوى تصدر عند السنة ، لا يجوز للسنة أن يشتركوا في الجيش ..الخ ، لأن هذا شرك فصار العراق شيعياً وأعتقد أن هذا عدل ، واحدة بواحدة ، ولهذا سيعود الشيعة والسنة قريباً ، بل هم عادوا فعلاً ، وأنا هنا لا أقولها أملاً ، فأنا أهاتف يومياً وأكلم يومياً من مجمل الشخصيات وشيوخ العشائر ونساء ، فعلاً أصدق أن العراقيين بهذه السرعة عادوا إلى هذا الوعي الذي هو منطقي منهم وجدير بهم لعمقهم في التاريخ والمعرفة والحضارة ، إذن العراق قادم قريباً. سنتان أو ثلاث ، سيلتئم ويُبنى وكل الذين هاجروا ، وهم بالملايين ، سيعودون وقد اكتسبوا خبرة لبناء بلد موحد عظيم سيتمنى أن يعيش فيه كل عربي ، وهذا ليس باليوم البعيد.. هكذا هو الموضوع ، العراق هو بلد الله كما قلت ، فهذا جزء من الأحاديث ، وهناك أحاديث كثيرة تصب في هذا الباب.
شعب لا يوالي أحدا
الشعب العراقي له طبيعة خاصة ، من طبائع الشعب العراقي أنه شعب لا يوالي أحدا ، فدائماً أقول: أسعد الملوك من يحكم مصر.. المصريون يموتون غراماً بحاكمهم حتى لو كان كيليوبترا ، والعراقيون يموتون من حاكمهم حتى لو كان علي بن أبي طالب.. ولهذا تعجب إلى أن كل من يحكمه يخويه ، لأن هذا الشعب مستحيل أن يوالي لأحد ، فسينقلب ، فهم كنهرهم بالثانية ينقلب ، فهل هناك أكثر من مقتل سيدنا الحسين ، فعندما قتل سيدنا الحسين ، وتعلمون القصة ، كان سيدنا الحسين وعبدالله بن عمر ، فكان عبدالله بن عمر يعشق سيدنا الحسين ، ففي اليوم الثالث من العيد قال: أين أبو عبدالله. فقالوا بأنه ذهب إلى العراق حيث أرسل إليه أهل العراق.. فلحق به ودعاه بأن يعود لكنه أصر على السير إلى العراق.. فقتل هناك.. وبعد ستة أشهر جاء أهل الكوفة لكي يحجوا ، وكان عبدالله بن عمر جالسا في ظل الكعبة ، فجاء أهل الكوفة ليسلموا عليه.. فقال لهم: بالله عليكم لم قتلتم الرجل وأنتم الذين أرسلتم إليه؟ قالوا: ماذا نفعل يا ابن عمر ، لقد ملأ ابن أمية جيوبنا بالمال.. اليوم تعرفون في العراق أن الفساد في سرقة الأموال بلغ حداً لم يعد يذكر أحد أنه مصيبة ، ولهذا رب العالمين جعل أغنى بلد في العالم العراق حتى يرضيهم لأنهم فعلاً هم أصحاب عقول وعبقريات فأعطاهم هذه الثروة وإن لم ينالوا منها شيئاً.. هذا الذي يجري في العراق من فساد أجدادهم فعلوه ، حيث قالوا: قتلناه لأن بني أمية ملؤوا جيوبنا بالمال.. أنا دائماً أقول: العقل الجوال ، العقل العبقري ليس طبيعياً ، ويسمونه جنون العباقرة ، فبالنسبة لي رأيت عباقرة لكنهم مخابيل.. لكن هذا الشعب فيه من الكفاءات ما يجعله محطاً لعدو يخنقه ولصديق لا يستطيع أن ينصره ، إذن هذا الاعوجاج السلوكي السياسي والتقلب السريع من لوازم العقل الوثاب ، ولذلك العراقيون مقاتلون بطبعهم ، بالفطرة ، ويعشقون إطلاق النار في كل مناسباتهم وبشكل خيالي ، ولذلك هذا الشيء غير الطبيعي لا بد أن يكون بهذا السلوك الذي يبدو في نظرنا من جنون العباقرة ولكن هذا من لوازم العقول الجوالة.
محنة العراق عظيمة ، وما كان بوسع أي قوة على وجه الأرض في العراق أن تنهض به من هذه الكبوة الرهيبة ، ولهذا كل مجموعة استلمت الحكم في العراق بعد الاحتلال قامت ولو بأنملة.. مجلس الحكم ، وهو اسمه حكومة عراقية ، والناس بدأت تطمئن بأنه صار هناك حكومة وعهد الاحتلال انتهى ، فبعدها جاءنا إياد علاوي ، إلى حد ما عمل ولو أنملة ، وجاء بعده الجعفري وعمل ولو أنملة ، والمالكي ولو أنملتين ، فالمالكي في الحقيقة أكثرهم نجاحاً ولكن لا يزال الشوط طويلا أمامه ، لكن أعتقد أن الحكومة التي ستأتي في بداية العام القادم أعتقد أنها ستتقدم شبراً وليس أنملة ، والحكومة التي بعدها باعاً ثم يأتي الخير الشديد مرة واحدة. الشعب العراقي كله ينتظر ذلك الذي سوف يقتنع به ليسير وراءه شعباً واحداً موحداً بناءً ، وللعلم ، ليس سراً أن جميع العالم ، أوروبا كلها والشعب الأميركي معظمه وروسيا واليابان والصين والهند كلها تلوم أميركا على ما فعلت ، فقد أخبرني قس من كبار القساوسة الإنجليز حيث قال: هذه جريمة كبرى لأن العراق ليس ملك العراقيين ، العراق ملك العالم ، العالم كله له مصالح في هذا البلد ، والعالم كله مدين لهذا البلد ، فلا ينبغي أن يكون بهذا الشكل ، وبالتالي قال: أميركا لن تنجو من هذا الذي فعلته إلى يوم القيامة ، سيكون وصمة عار كما كان على التتار وإن أسلموا بعد ذلك.. من أجل هذا العراقيون الآن بدؤوا يعودون إلى طبيعتهم. العراقي الشيعي هو منتظر الزيدي الذي يمثل كل الشيعة ، والعراقي السني هو عثمان الأعظمي الذي يمثل كل السنة.. منتظر الزيدي قام بمعجزة لا يقوم بها إلا عراقي ، فمنطقة محصنة تحصيناً كاملاً ، نزل فيها بوش والجيوش الأميركية تحيط بها من كل مكان ، والقاعة التي يخطب بها بوش محروسة بالالكترونيات وبكل انواع الحراسة ، هذا الرجل ، هذا الشاب نذر نفسه لله وخلع الحذاءين وقال له: يا كلب ، وضربه على وجهه والأخرى بالعلم ، فسقط الاحتلال بالكامل ، وليفعلوا بنا بعد ذلك ما يفعلونه.. فبهذين النعلين أثبت هذا الشاب أن العراق سينجو ما دام هذا حصل في العراق. والله إن هذا الذي فعله منتظر الزيدي ارهاصات على أن العراق سينجو مائة بالمائة ، وأن كل من كاد فيه كيداً سينقلب عليه.
كلنا نعلم قواعد الله عز وجل ، فمن قواعد الله عز وجل أن كل قوة هائلة تظلم قوة ضعيفة مسكينة فتمحقها تنقلب القوة العظمى على نفسها فتهلكها ، عاد وثمود وفرعون ، نحن صار لنا 18 سنة من سقوط الاتحاد السوفييتي ، هذا المعسكر الجبار الذي كان يملك نصف الكرة الأرضية ، ولديه من القنابل ما يدمر الأرض 50 مرة ، اخبروني عن سبب واحد يدعو لسقوطه ، إلا أن هذه القوة الهائلة جاءت على شعب ، 3 ملايين حفاة ، فذبحوهم ذبحاً بالقنابل ، فرب العالمين دمرهم.. بريطانيا انهزمت وضعفت في بور سعيد ، فجاءوا بأساطيل على مدينة بور سعيد وانتهت هناك.. ألمانيا العظمى انتهت في بلغراد ، أميركا بدأت في العد التنازلي من الفلوجة.. فرب العالمين يقول "انه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا" ، وأنا كما قلت بعد خمس سنوات ستغرق أميركا وننجو نحن ، وان غرق أميركا الآن يغطيه الإعلام ، وان المتبصرين لبواطن الأمور يعلمون أن أميركا الآن في طريقها إلى مشاكل كثيرة ربما تضعفها اضعافاً عظيماً.. فهذه من قوانين الله عز وجل ، ولأجل ذلك أقول بأن العراق سيعود.
المقاومة ستكسب
نأتي الآن للمشهد العراقي ، بدأ العراقيون يعودون ، وقطعاً المقاومة بعد أن توحدت إلى حد جيد نسبياً هي وريثة هذا الوضع ، وأميركا سرا تحاول أن تحاورهم أو تداورهم وهم يحاورونها من منطلق القوة.. المقاومة ستكسب الحرب مائة بالمائة ، فالخوف ليس من هذا ، السؤال: ماذا بعد ذلك؟ ولكني أعتقد - والله أعلم - أن هذا البلد لا بد أن يظهر فيه رجل كالجنرال (جياب) الذي وحّد الفيتناميين ، وإن شاء الله لا صوملة ولا أفغنة في العراق ، وإنما عراق واحد موحد ، شيعي سني كردي ، والإحصاء الأميركي يقول ان 94 بالمائة من الأكراد لا يريدون الانفصال ، ولا قيمة لكل الأطياف إلا بعراق واحد.قلنا ان اللاعبين في العراق ثلاثة ، أخطرهم إيران ، والأزمة التي وقع بها العراق أن إسرائيل وإيران كل منهما على خلاف أميركا ، فأميركا بلد عصري لكن الإسرائيلي والفارسي لا ، وقد ظهر قبل أيام كتاب غربي يقول: الفرق أن الشعب الإيراني موحد والشعب العراقي مفكك.. هذا بالطبع من مغالطات الغربي ، الشعب الإيراني مفكك ، فإيران منذ أن أنشئت إلى الآن لا يسمح إلا لفارسي شيعي فقط أن يحكم إيران.. من مفخرة العراق أن كل طيف له سهمه ، فأول وزير مالية يهودي ، وأول وزير خارجية مسيحي ، وكل رؤساء الوزراء شيعة ، وهكذا ، فالعراق كل أطيافه لاعبون في الداخل ، وحصراً سيصبح بها نوع من الاختلاف وعدم التوحد ، ولكنه اختلاف شرف للعراقيين ، والعراقيون لم يستثنوا منهم ولا طيفا واحدا ، حتى اليزيدية ، فكل عراقي على قدر من المساواة مع الآخر أياً كانت قوميته أو طائفته أو حزبه ، ولهذا.. شعب عاش بمثل هذا.. فلا يوجد عراقي إلا ويتغنى برومانسية الجنوب ، فكل قبائل العرب في التاريخ هي بجنوب العراق ، وهذه الضيافة العظيمة وهذا التعامل الناعم الجميل هذا جنوب.. السنة بهذه الصلابة وهذا الصدام الدائم وهذا الاقتحام الدائم ، الأكراد بهذا الخلق الرفيع والامانة والضيافة لمن يعيش بينهم ، فهذه أطياف العراق ، وبالتالي هذه الآصال وهذه السجايا لا بد أن تعود بهم ، وقد عادت ، وبالتالي بدأ العراق يعود إلى عراقيته التي لا تحلو إلا بهذه الأطياف مجتمعة ، ولهذا هذا السني عثمان أنقذ 9 نساء شيعيات في زيارتهن لسيدنا موسى الكاظم حيث سقطن من الجسر ومات في التاسعة شهيداً لانقاذهن ، وهذا الشيعي منتظر الزيدي رفع رأس العراق بعد 5 آلاف سنة.
ما هو قادم
العراق .. ما هو قادم ، كما قلت ، لدينا تفسيران للنصوص ، تفسير حرفي كاليهود ، فاليهود حرفيون ، لكن نحن لدينا تفسير إشاري أو رمزي.. الحديث يقول: "لا تقوم الساعة حتى تشرق الشمس من مغربها".. فسرناها تفسيرا حرفيا كاليوم ، فكيف تخرج الشمس من المغرب ، لا ندري ، فهناك من قال عدة تفسيرات ، لكن نقول هذا تفسير إشاري رمزي.. حينئذ منذ أن خلق الله آدم وإلى عام 1920 أي حوالي 3 آلاف قرن ، وشمس الحضارة والعلوم والمعرفة والابتكارات تخرج من الشرق ، والأنبياء والرسل ، فمن آدم إلى 1920 وشمس المعارف هذه والحضارات من مشرقها ، فالشرق مصدر الالهام والفلسفات والايديولوجيات والشعر والسياسة والحكومات ..الخ ، ولأول مرة في التاريخ ، ومن تاريخ 1920 تنتقل الشمس من المشرق إلى المغرب وفعلاً عندما أشرقت الشمس من المغرب أشرقت اشراقاً هائلاً ، فكل ما نحن فيه من خير من اشراقات الشمس من مغربها ، فجعلوا الدنيا جميلة ، فالذي اخترع الطائرات والسيارات وغيرها من التكنولوجيات هل يحق لنا أن نحاربه، فيجب أن نخترع شيئاً حتى نستطيع محاربته.. فالغربي أشرقت منه شمس تعادل الشرقي بمليون قرن ، كأن الله حجب المعرفة عن البشرية من آدم إلى الآن حتى أظهرها في الغرب ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: بعد أن تطلع الشمس من مغربها تعود إلى المشرق.. فوالله إني أكاد أرى هذا الأمر يحدث الآن ، فالآن بدأت الشمس تعود إلى مشرقها ، فالقوة والسياسة تأتي الآن من الصين وروسيا واليابان والهند ، ومصيبة العربي أنه عربي ، لأنك بينك وبين الغرب عداء صليبي ، فهم يستعملوننا ثم بعد ذلك يرموننا ، ولا يرحمونا ، فلديهم في ديانتهم أن ينهونا ، فبيننا وبين الشرق لا يوجد أي حساسية ، فنحن مع الصيني والياباني في غاية الروعة والند للند. المطلوب الآن أن تدخل المعسكر القادم ، وهو قادم بعد 20 - 30 سنة والغريب أنهم يقولون هذا ونحن نسمع منهم ، فهم يقولون أنه في عام 1920 ستكون السيطرة شرقية ، حينئذ نحن دخلنا في الغرب مستعمرين ، فاستعمرتنا بريطانيا وفرنسا وغيرها ، لكن الآن لا بد أن تدخلوا العالم الجديد ، النظام العالمي الجديد في العشرينيات من هذا القرن كتلة واحدة بأي شكل ، اتحاد فدرالي..الخ ، ولذلك لا أقولها تبجحاً بل أقولها من دراسة تاريخية ، ما وقع العرب في مشكلة في التاريخ واحتاجوا إلى ضم إلا وكان العراق على رأسهم ، لا بد أن يكون العراق قوياً وهو في القلب ، في قلب الأمة من حيث موقعه وثروته وتاريخه وقدراته ، لا بد أن يكون مداراً ولا بد أن يكون محوراً وهذا الذي يجري الآن.. العراق ينظف نفسه ، ولولا وخز الابرة ما استقام الثوب.. "أحسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون".
للأسف أقول ، ليس للأتراك دور كما لإيران ، وليس للعرب دور إلا دور دبلوماسي ودور مساعدات اقتصادية ، فلم يقصروا في ذلك ، والعراقيون لم ينسوا وقفة الشعب الأردني في الغزوة الأولى عام 1991 عندما كان الطفل يتبرع بيوميته في المدرسة لكي يرسلها للعراق ، ولا ننسى الشباب السوري والأردني الذي جاء في البداية وقاتل مع العراقيين ، وهذه البوابة المفتوحة تحملت العراقيين على شدة مشاكستهم ومناكفتهم ، ومع ذلك بصبر وكرم وجود لن ننساه أبداً ، كما لن ننسى موقف سورية ولا الامارات ولا بقية العرب.. لكن على الساحة الدوليةلا يوجد ، حيث ان الظرف الدولي لا يسمح بذلك ، لكن من الآن فصاعداً بعد ارتخاء القبضة السياسية الحديدية للغرب ، وبدأ الغرب يغازل بعض العرب بالند للند حساباً للقادم بشكل أخف من السابق أعتقد أننا مطالبون بأن نكون أمة موحدة أو متحدة بأي شكل من الأشكال ، وهذا سيكون بإذن الله ، وسيكون الأردن لبنة عظيمة في هذا البناء.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الصرايرة
بعد هذا التطواف من فضيلة الدكتور أحمد الكبيسي في هذا المشهد العراقي والذي جلاه لنا ، والذي أعطانا - حقيقة - الأمل في العراق وعودة العراق وشعب العراق إلى أمته.. نفتح الآن المجال لاستفساراتكم.
د. أحمد الربابعة
ما هي الرؤى النبوية من النبي عليه الصلاة والسلام لتداعيات الأحداث التي ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - كحصار العراق ، يفرض حصار على أهل العراق ، وقد فرض ، وكذلك المستقبل الذي حدده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
د. الكبيسي
أشكرك على سؤالك ، حيث ذكرني بأحاديث صحيحة ، فهذا في صحيح مسلم ، "لا تقوم الساعة حتى لا يوشك أن يدخل إلى العراق قفيز ولا مدين ولا درهم" ، فقالوا: يا رسول الله من يحاصرهم؟ قال: الفرس.. والذي يحاصرنا الغرب ، فانظروا دقة وصدق الحديث.. الذي أعان أميركا على اسقاط أفغانستان والعراق ليس الجيش الأميركي ، فالجيش الأميركي جبان ، فصحيح أنهم يقصفون من السماء ، فلديهم آلة قصف رهيبة لكن الجيش جبان ، حيث هربوا في لبنان وفي الصومال وفي كل مكان.. المقاومة في العراق رهيبة وأقوى من الجيش الأميركي ، والأميركان يعترفون بأن المقاومة شرعية وقالها بوش: "والله لو كنت عراقياً لقاومت".. وهذه كلمة قالها ويحترم عليها.
هذا العراق بهذا الشكل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم ، فأسعد إنسان هو الذي يحارب الجيش الأميركي على البر ، فالجيش الأميركي يهرب مثل الأطفال.
القاضي العراقي المتقاعد هشام الكرخي
أنصت إلى حديثك واستهلال الحديث ، وشرحت محنة العراق وظروفها ومآسيها ، وبعد فترة قلت ان العراق وخلال هذه الأشهر بدأ يتحرر وينفض الغبار وبدأ في التفاؤل ، والآن نحن نقرأ الصحف ونسمع التلفزيون والأخبار وما زلنا نرى في العراق المآسي والمتفجرات والقتل والنهب والسلب ، فكيف توفق بين هذا وذاك؟.
د. الكبيسي
قبل كل شيء ، هناك مثل يقول (الملدوغ يخاف من جرة الحبل) ، نحن في العراق لدغنا لدغة تاريخية لم يلدغ أحد قبلنا مثلها ، لكن العراق ليس كما تظن ، به حوادث فردية من داخلنا ومن خارجنا.
أميركا الآن تسمع نبض قلوبنا ، ولو كنت أنت في قبو سيعرفونك ، ولنكن واقعيين ، سقط الاتحاد السوفييتي ، وأميركا الآن هي الأولى ، وكلينتون أصبح ملك الكون ، لكنه لم يجد غرفة غير خاضعة للرقابة حين كان مع مونيكا والفضيحة التي عرفها جميع العالم ، حيث تم تصويره بالصوت والصورة. فإذا كان ملك أميركا هكذا فكيف هم الآخرون ، وحينئذ أميركا تعرف من الذي فجر عبوة ناسفة والذين يقومون بأعمال الارهاب والتخريب في العراق ، وأنا أقسم بالله أن هذه الأعمال وراءها أميركا.
سؤال: في البداية لا بد من تقديم الشكر والتقدير لسماحة الشيخ على المحاضرة القيمة ، التي أضافت معلومات إلى معلوماتنا.. ثانياً لا بد من أن نشكر منتدى الدستور على قيامه بعقد هذه المحاضرات القيمة في كل شهر ودعوتنا للمشاركة في هذه الندوات.
السؤال يدور في محور نفس ما تفضل به سعادة القاضي الكرخي.. فنتمنى عودة العراق كما تفضلت.. لكن في نفس الوقت طرحت جانبا آخر ، أطماعا إسرائيلية وأطماعا إيرانية وأطماعا أخرى في المنطقة ، فهل تتصور بعد قيامهم بهذه الأعمال جميعها ، وما تم من تقسيم العراق وتجزئته أن يعود بهذه السرعة ، فهل هي رؤية دينية أم رؤية مبنية على أسس أخرى؟.
د. الكبيسي
أولاً أنا قلت هذا (نظام الله في خلقه).. كل قوة هائلة تتصدى لأناس مساكين فالله يمحقها.. بالله عليك ، أليس الذي يجري في العراق الآن هو حصيلة هذا الظلم الفادح الذي قامت به إسرائيل وإيران.. والله العظيم إن هجمة إسرائيل على غزة كهجمة أميركا على الفلوجة ، وكهجمة بريطانيا على بور سعيد ، وكهجمة الاتحاد السوفييتي على كابول ، سوف تنهيها تماماً.. فالعالم متغير ، فكل القوى الهائلة انكسرت لأنها حاربت أناسا بسطاء ، وإسرائيل حاربت وتحارب كل الدول العربية وانتصرت ، وحاربت حروبا موضوعية وحاربت مقاومات فلسطينية من ألفها إلى يائها. غزة مدينة محاصرة ليس فيها طعام ولا كهرباء ولا ماء ولا مستشفيات ، وإسرائيل استعملت فيها كل أسلحتها. بهذا حكمت على نفسها بالضعف الكامل ، ولن تنتصر بعد اليوم على أصغر قوة ، فلن تبقى بهذه الضراوة لا هي ولا أميركا.. أميركا يجب أن ترحل فانضربت بالحذاء ، وإسرائيل ضربت أيضاً بالحذاء من الفلسطينيين في غزة ، ولذلك أنا لم أقل ان إسرائيل وأميركا ستزولان ، لكن هذا قدر الله.. فسنرى من سيضحك أخيراً ، والعراقيون بدؤوا الآن يبتسمون ، والخير قادم.
سليمان الهواري - صحفي متدرب في جامعة البتراء
نحن كلنا فدى الوطن ، ورفع المعاناة عن الشعوب العربية كاملة في فلسطين وفي العراق وغيرهما ، ولكن سؤالي: ما هو دور القيادة العراقية في رفع المعاناة عن الشعب العراقي خاصة؟.
د. الكبيسي
كما قلت ، بانصاف وبموضوعية ، هناك من جاء مع الاحتلال وهناك من جاء بالاحتلال ، ونحن بالتاريخ لدينا العلقمي الذي جاء بالتتار ، والآن يوجد لدينا مليون علقمي.. وحينئذ وبانصاف ، بالرغم من أنهم من ولد العلقمي لكن حاولوا بقدر الإمكان إلى ما فيه الخير بقدر إمكانهم.. فعندما جاء جاردين قبل بريمر ، وهذا الرجل جاردين يهودي ولكنه كان عادلاً وقال: والله سأعيد العراق بحيث يفرح به العراقيون.. وكان ينوي عمل العراق جنة ، لكن لم يعجب هذا الكلام لا إسرائيل ولا إيران ، فأخرجوه وأتوا ببريمر.... الحاصل على أبجديات إسرائيلية توراتية ، وبوش يعيش في خرافات ، وهذه الخرافات دمرت العالم وأدت إلى مصائب كثيرة ، لكن بالنسبة للقيادات العراقية فقد قاموا بعمل شيء ولو كان بسيطا ، فالعراق الآن ليس كما هو قبل بداية الاحتلال ، بل أصبح أحسن ، لكنه ليس كما هو مطلوب ، فلماذا ننظر إلى الجانب السيئ. فهذه القيادات عملت شيئا ولكن بقدر المستطاع.. بالتالي لا يمكن أن تأتي حكومة ، والتي أتحدث عنها ، والتي ستأتي بعد سنة أو سنتين ، أو ربما بالانتخابات القادمة أو التي بعدها حتماً ، لا يمكن أن يستلموا إذا هؤلاء لم يبدؤوا ، فهؤلاء القيادات حجابات مساكين تلقوا الاحتلال لحين قدوم الحكومة التي أتحدث عنها ، وبالتالي العراق لن يبلعه أحد ، وبالتالي أميركا ستقع بشر أعمالها.
سؤال: أين دور البرلمان العراقي المنتخب بكامل أطيافه في هذه المرحلة الصعبة من حياة الشعب العراقي والعراق؟.
د. الكبيسي
حتى أكون أميناً نحن كمسلمين نؤمن بقول النبي بما معناه بأن الله سيسألنا عن كل كلمة قلناها ، فيوقف الله العالم بين يديه يوم القيامة فيقول لم لم تقل الحق وقد عرفته.. فيقول: يا رب فرقت من الناس ، أي خفت.. قال: كان يجب أن تخشاني أنا ، اذهبوا به إلى النار.
الصحيح ، لم يحصل هناك انتخابات ولا شيء ، فاعطوا مثلاً الحزب الإسلامي 10 ، والائتلاف 30 والصدر 15 والقوميين 60 ..الخ ، فلم يكن هناك انتخابات.
سؤال: نشكرك على هذه المحاضرة القيمة وعلى تحليلك الفلسفي للمجتمع العراقي وأنا أتشرف بأن أكون أحد طلابك في القانون السياسي في الثمانينيات.
هناك مثل إيراني يشبه نظرة الإيرانيين إلى العراقيين ، فهو بما معناه بالعربي بأن سنة العراق كفار ، وشيعة العراق سنة وبالتالي فإن المسلمين في العراق كلهم كفار.
سؤالي: ما مدى صحة أن تأسيسك لهيئة علماء المسلمين في البداية ، حيث قيل انك قمت في البداية بتأسيس الهيئة ثم حصلت خلافات.
ثالثاً: بالنسبة للمقاومة العراقية ورؤيتك للموضوع.. حيث نسمع الآن أن هناك اتصالات مع الأميركان ولكن أيضاً نسمع من جهات مقاومة أخرى رفضها لهذا التفاوض ، وجهات أخرى رشحت الشيخ الضاري لأن يكون المتحدث ، وجهات أخرى رفضت هذا الترشيح ، فما هي رؤيتك لهذا الموضوع؟.
د. الكبيسي
المقاومة متشعبة جداً جداً ، وقسم منها مخترق ، ولكن عصبها قوي وقلبها نابض ، لكنها ليست طيفا واحدا بل جماعات ، فبالنسبة للقبول والرفض فهذا به خلل بسبب تشعب المقاومة ، فاختلاف الآراء رحمة.
بالنسبة لتأسيس هيئة علماء المسلمين ، فأنا أسست جمعية العلماء وعندما أخرجني الأميركان ، حيث أخرجوني لسبب أن الواشنطن بوست قالت: بأن الكبيسي استطاع أن يقيم وحدة حقيقية بين الشيعة والسنة ، حيث في الخطبة الأولى خرجنا شيعة وسنة في مظاهرة ، وبقي الشيعة والسنة ستة أشهر وأنا في بغداد وكانوا يداً واحدة ، وقالوا بالنص وعلى الصفحة الأولى: إن في هذا لخطراً شديداً على الولايات المتحدة ولا بد من تصفيته.. فعندما أخرجوني جاءت الجماعة وقاموا بعمل الهيئة التي هي على أنقاض الجمعية.
موفق العجلوني
كيف تنظرون إلى مستقبل العلاقة العراقية الإيرانية ، والعلاقة العراقية الأميركية ولو بعد خمس سنوات؟.
د. الكبيسي
العلاقة العراقية الإيرانية.. نحن جاران متلاصقان على مدى الدنيا كلها ، والعلاقات بينهما مد وجزر ، ففي أيام الشاه أي خلاف كان يحصل كان الشاه يرسل دبابتين للحدود وتسقط الوزارة العراقية ، وفي اليوم التالي يتغدون مع بعضهم.. الإيرانيون عندما حصلت مشاكل أيام صدام حسين أخرجهم لكن قبل ذلك كان الإيرانيون أهلا ، فالخباز كان إيرانياً ، والحدائقي إيرانيا والفلاح إيرانيا ، فالفرد الإيراني كالفرد اليهودي ، فاليهودي كان كجار من أروع ما يكون ، لكن عندما يحصل لديه حكومة يصبح من اسوأ ما يكون ، نفس الشيء الإيراني ، ودود وطيب ونحن معهم أهل.. ثانياً هذا العالم تحكمه ظروف ، وبالتالي يوم لك ويوم عليك ، وحينئذ إذا بقي العراق بأيدي الحوزة العلمية الدينية فالعراق لا بد أن يحسب حسابا بأن عليه أن يحتاط ويأخذ حذره وأن لا ينام الليل ، لكن إذا حصل تغيير وجاءت حكومات علمانية كما أرجوها لإيران والعراق وأن تكف العمائم في العراق وإيران فالعراق وإيران في خير والعراق يحتاج إيران وإيران تحتاج العراق ، فلنتركها للظروف ، والظروف القادمة إيجابية.
الأخصائية النفسية أمل حمايدة
يشرفني أن أكون أحدى تلاميذ الدكتور في الثمانينيات.. نحن كأردنيين من أقرب الناس إلى الشعب العراقي ونعتبرهم اخواننا وأحباءنا وكان لي الفخر بأن أعالج أو أنضم لبرنامج معالجة العراقيين الموجودين في الأردن نفسياً.
وأريد أن أقدم شكري للدستور ، ولمنتدى الدستور الذي أتاح الفرصة لنا أن نسمع لفضيلة الشيخ ، وجزاكم الله كل الخير.
د. الكبيسي
في الختام ، أشكر الأردن على نعمة اللقاء بهم ، فوالله ما جئت إلى الأردن إلا وأدخل مسروراً وأخرج مسروراً ، وأنا دخلت هذا البلد الطيب عشرات المرات ، ضيفاً مرة ومتحدثاً مرة ومحاضرا مرة وهكذا.. لطف هذا الشعب وكرمه ودماثة أخلاقه وأصالته متجذرة.. والشكر موصول للدستور على هذا الكرم وعلى هذه الالتفاتات الثقافية الرائعة ، وأشكر الأستاذ الكريم محمد الصرايرة على حسن ذوقه وعلى حسن ظنه وعلى أدبه الراقي ، وعلى ذوقه في اختيار الكلمات ، ونسأله تعالى أن نجتمع بعد أربع أو خمس سنوات ، وحينئذ على أردن عظيم وعراق قوي وإيران كريمة وأمة عربية وإسلامية رائعة ، ندخل النظام العالمي القادم بكل قوة ومجد إن شاء الله.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الصرايرة
الشكر موصول لفضيلة أستاذنا ، الداعية الكبير فضيلة الدكتور أحمد الكبيسي ، وشكراً لكم جميعاً ، والشكر الجزيل لمنتدى الدستور الذي جمعنا ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.