النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    139

    افتراضي الاستشفاء بيده المباركة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    نقل حجة الإسلام والمسلمين السيد محمد تقي الدرجئي:
    تلقيت قبل عدة أعوام ضربة على رأسي، والتأم الجرح، لكن آثاره ما زالت باقية، وعلى مرِّ الوقت شكلت لي مشكلة. فقمت بمراجعة عدة مستشفيات وأطباء أخصائيين، وأجريت عدة فحوصات ومنها فحص عينة وصور محورية، إلى أن تقرر إجراء عملية جراحية. فدخلت المستشفى عدة أيام، ثم قرر الأطباء عدم إجراء العملية، فخرجت من المستشفى، ويبدو أنهم لم يجدوا أن العملية مفيدة، وكانوا يخفون عّني نوع المرض. لكن عندما كنت في مستشفى الإمام الخميني (قدس سره) تمكنت من رؤية نتائج فحص عينة، فعرفت ماهية مرضي.
    فراجعت الأطباء في مدن قم وأصفهان وطهران وعدة مستشفيات لأجد من يعالجني، حتى أدخلت المستشفى ثانية، وأجريت لي عملية جراحية صعبة في رأسي. وبعد الخروج من المستشفى وفترة النقاهة شعرت أن أوجاعًا شديدة في رأسي تؤلمني، وكانت أجوبة الأطباء هذه المرة أكثر تعقيدًا ومبهمة، ولم يخبرني أي منهم بصراحة، بل كانوا يرددون كلامًا مثل: لا شيء، ستكون بخير ، لا تحتاج إلى عملية أخرى، لا داعي لصرف المال أكثر. وكانوا يقولون للأصدقاء: للأسف لا يمكننا أن نفيده بشيء، لا داعي لأخذه إلى هنا وهناك، دعوه يعيش أشهره الأخيرة براحة.
    وكان الأصدقاء حائرين، فمجرد ذكر كلمة سرطان تخيف، وتبعث اليأس في نفس المريض.
    إلى أن التقيت في أحد الأيام بطبيب أعرفه من قبل، وكان قد تلطف بي، فأخذني إلى غرفته وقال لي: أريد أن أتحدث إليك بصدق، يقال إن علماء الدين يقفون بوجه الطوفان، ويعتقدون أن كل ما يأتي من الحبيب (الله) فهو خير، أليس كذلك؟
    قلت: تقريبًا.
    قال: بما أنك من علماء الدين، أردت أن أتكلم معك بحديث قصير.
    طبعًا كان الطبيب يظن أنني أسيطر تمامًا على أحاسيسي وعواطفي، أو أن إيماني قوي إلى درجة لن أتزلزل أبداً. وكان ذلك من حسن ظنه، في حين أني كنت من أكثر الناس ضعفًا.
    فقال: لقد عرفت ما هو مرضك؟
    قلت: نعم إنه سرطان.
    قال: هذا ما أردت قوله لك، وقد بلغني أنك تريد السفر إلى الخارج، لكن أينما ستذهب فلون السماء واحد. كم طفلاً عندك؟
    قلت: ثلاثة.
    قال: أنصحك أن تدخر أموالك لأبنائك، وأن لا تسافر إلى الخارج، فلا فائدة من ذلك، وماذا سيفعل لك أولئك أكثر مما نفعله نحن؟
    كان يكلمني بصراحة ظنًا منه أني أعرف كل شيء، و أراد أن يعزيني وينصحني بالمحافظة على تكاليف الطبابة لتبقى لأولادي. ودّعته، وعلمت حينها أن موتي قريب، وكان صعبًا علّي أن أموت في وقت أضحى فيه الموت الطبيعي مذمومًا، في حين أن الشبان الأعزاء والشبيبة الأتقياء وحتى اليافعين الذين تفتحت زاهرت حياتهم جديدًا كانوا يتوجهون بإيمانهم إلى الجبهات وينالون بفخر واعتزاز وسام الشهادة، في حين أني في مثل تلك الأجواء علّي أن أموت موتًا طبيعيًا، بينما أسمع قائد الثورة الإمام الخميني (قدس سره) يردد في الشهداء: (إن لساني وقلمي عاجزان عن بيان منزلة الشهداء).
    (ليت الخميني كان بينكم).
    وآيات القرآن وتعابيره تبهت الإنسان ( ولا تحسبن الذي قتلوا في سيبل الله امواتا بل أحياءا عند ربهم يرزقون) فكان صعبًا علّي أن أموت هكذا، في برهة يتناثر فيها الأصدقاء كالفراشات ويستشهدون، وأنا البائس علي أن أترك القافلة، يا إلهي لماذا لم ترزقني سعادة الشهادة عندما كنت في جبهات الغرب والجنوب، وتركتني لأقف يوم القيامة خجلاً مطأطئًا رأسي أمام الشهداء؟ ياإلهي إن قافلة الشهداء عزيزة تلتقي بنبي الإسلام، وقد طوى شهداؤنا طريق إمامهم سيد الشهداء (عليه السلام) ليلتحقوا في القيامة به، فهل أتخلف عنهم لأموت موتًا طبيعيًا؟.
    وراجعت عدة مرات بعض الأخصائيين، لكن الجواب كان نفسه، فلم أدر ما أفعل وأين أتوجه.
    ولم أكن وحدي منشغلاً بذلك، بل كانت المرحومة والدتي وأقاربي وأصدقائي كلهم منشغلون بي، يدعون لشفائي، لكن لم يكن هناك أمل بالخلاص. وفي حيرتهم لم يكن غير الأسف والحسرة. وكان بعض الأصدقاء يزوروني في البيت فيرون حالي، معصّب الجبين، ضعيف البدن، هزيل الجسم، كانوا يتأثرون ويخرجون بسرعة، ليبكوا بعيدًا عّني، وأولئك الذين كانوا في المحافظات كانوا يقصدون طهران لوداعي، ويدعون لي. في تلك الأيام المليئة بالإضطراب والقلق والحيرة، وحيث كنت أنا وأهلي وأصدقائي قلقون لا ندري ماذا نفعل، بلغني أن جمعًا من العاملين في المؤسسات وبعض المسؤولين سيلتقون قائد الثورة الإسلامية سماحة الإمام الخميني في حسينية جماران، وأنني حسب مسؤوليتي في التعبئة الإقتصادية سأكون بينهم. وكنت قد حرمت من لقاء القائد بسبب مرضي وعملياتي
    الجراحية.
    لكن هذه المرة وأنا عاجز جسديًا، ولا يمكنني طي مسافات مشيًا، قلت بقلب منكسر ويأس من الأطباء لا بد لي أن أذهب إلى جماران مهما كّلف الأمر، لعّلي أستفيد من جو الحسينية وتجليات سماحة الإمام، وأنفاسه في ذلك المكان المقدس جلية، خاصة عند دخوله إلى تلك الشرفة، ورؤية وجهه الملكوتي وإشارات يده الربانية، لعل الله يتلطف بي فيشفيني.
    ذهبت إلى جماران، ودخلت إلى الحسينية، ولأن وضعي سيئ لم أقتحم الجموع، بل جلست في زاوية، وفجأة شع نور الشمس ، نور نائب ولي العصر (عجل الله تعالى فرجه) روح الله وقائد الثورة الإسلامية. لا يمكنني أن أصف حالي آنذاك.
    وكنت قبل دخولي الحسينية قد التقيت ببعض الأصدقاء وسألوني عن مرضي، وكان منهم السيد إمام جماراني ، فقال لي: دعني أراك بعد اللقاء مع الإمام في الحسينية.
    بعد انتهاء خطبة سماحة الإمام، وهيجان الناس وشعاراتهم تجاهه، ناداني السيد إمام جماراني، وأدخلني إلى محل إقامة الإمام، فدخلت البيت وأنا مندهش، أقول في نفسي: يا إلهي أين أذهب، وأين أنا، و إلى لقاء من أنا ذاهب.
    فتبادرت آية في ذهني {فاخلع نعليك...} يا إلهي ها أنا متوجه للقاء حفيد رسول الله، وسأقبّل يدًا ربانية، فهل أنا أهل لذلك يا رب؟ وهل يحق لي أن أتوجه إلى نائب حجة الله وأنا أحمل ثقل ذنوبي معي؟
    ومن ناحية أخرى كنت أحس بسعادة وغرور معنوي أني متوجه لتقبيل يد نائب بقية الله (عجل الله فرجه) سماحة روح الله، وسأزور محطم المستكبرين ومذل ناهبي العالم الشرقيين والغربيين. أقابل رجلاً عظيمًا لبّى نداء الحسين (عليه السلام) (هل من ناصر ينصرنا) بعد ألف وثلاثمائة عام ، ومرّغ أنوف الجناة بتراب الذل، ورفع راية الحسين الحمراء وراية التشيع الجعفري بمعناه الواقعي. أقابل فقيهًا وعارفًا أعطى للفقه والفقاهة والعرفان والفلسفة العظمة، وأعاد للفقه التقليدي الجواهري والفلسفة الإسلامية والعرفان الإلهي رونقهم ، فقيه وعالم جاَنب التحجّر وحذّر منه.
    هكذا غرقت في أفكاري، وأنا أنظر إلى جدران البيت بدهشة، فأخذني السيد إمام جماراني نحو غرفة سماحة الإمام، فوقع نظري في تلك اللحظة على نور وجهه، فحاولت أن أسيطر على مشاعري، فلم أستطع، خاصة عندما وقف الإمام أمامي، فانفجرت بالبكاء، وقبّلت يده عدة مرات، ولم يهدأ قلبي، فقدمت جبيني نحو يده المباركة، ولم يسمح لي البكاء بالكلام.
    ثم قلت له: مولاي ليتني نلت الشهادة، ولم يدركني الموت بمرض السرطان.
    مولاي أدعُ لي أن أشفى أو أستشهد، فأعزائي نالوا الشهادة ورحلوا شهداء، لأرحل أنا بالمرض، فادعُ لي أيها الإمام العزيز.
    من الجدير ذكره هنا أني كنت قد وفقت من قبل للقاء سماحة الإمام وتقبيل يده عدة مرات، لكن هذه المرة كانت مميزة، كنت كسير القلب، بائسًا يائسًا محتاجًا، وقد أتيته بكشكول حاجتي مستجديًا.
    فمسح سماحة الإمام (قدس سره) بيده على عمامتي، ودعا لي، وقال: (لا تقلق، أسأل الله تبارك وتعالى أن يشفيك).
    ولما كنت على يقين أني موجود في دار الشفاء الحقيقي، وأني في حضرة طبيب حاذق وروحاني علاجه قطعي، وبعد أن مسح الإمام بيده على عمامتي ودعا لي، ويده الأخرى بيدي أقبّلها قبلة بعد أخرى، ودموعي تنهمر، قلت له :
    مولاي أمسح بيدك على رأسي إن أمكن. ورفعت العمامة عن رأسي، فمسح الإمام بيده الرؤوفة على رأسي الملفوف بالضمادات، ودعا لي مجددًا.
    عندما مسح بيده على رأسي أحسست بالإطمئنان، وخفت شدة ألمه. سماحة الشيخ التوسلي كان حاضرًا، فأخذ يعزّيني، ويشّد من عزيمتي. كانت دقائق حساسة جدًا لا تنسى، ولن تنمحي من ناظرّي، وهي من أهم ذكريات حياتي، كلامه ودعاؤه واهتمامه ورعايته ورأفته الأبوية.
    انتهى اللقاء، واستمر البكاء، لكني عند مغادرتي كأن رجلاي تسمّرتا، عدت إلى الخلف لئلا أدير له ظهري، ولأراه مدة أكبر. وكنت مضطربًا باكيًا من شوق اللقاء، ومن دعاء الإمام، ومن فراقه.
    فاقترح السيد إمام جماراني أن نتوجه إلى المكتب للإستراحة قليلًا، فذهبنا وكان في الغرفة جمع من السادة العلماء، فتحدث كل منهم عن مرضي، وعزّوني، وكان رأي الجميع هو: لقد نلت شفاءك من الإمام، وإذا كنت مصرًا على السفر إلى الخارج فسافر، ولكن لا بهدف العلاج، فقد شفيت.
    وخاصة سماحة السيد أحمد الخميني ابن الإمام وأكثرهم معرفة بالإمام وبعظمته ، فقد كان حاضرًا يومها، وتفقد حالي. وكان بين الحضور: الشيخ الصانعي والشيخ الأنصاري و الآشتياني والتوسلي وإمام جماراني والهاشمي الرفسنجاني، وقد أكدوا جميعًا: لقد شفيت يقينًا، فاطمئن.وبما أن مقدمات سفري كانت معدّة، فقد سافرت بعد أيام إلى ألمانيا، وأجريت عدة فحوصات في المستشفى رقم ٢ لمدينة بون وكلينيك هوزون، ثم
    راجعت أماكن أخرى، حتى استقر بي المطاف في مستشفى مدينة هانوفر، فأجريت لي الفحوصات والمعاينات والصور، وقيل الكثير مما زاد من اضطرابي، ولم يكن بينها كلام مطمئن. فبقيت كسير القلب، ليس لي عزاء يسليني سوى مسحة اليد المباركة للإمام على رأسي، ودعاءه لي. ورغم أني كنت قد عانيت طوال حياتي كثيرًا، لكني هذه المرة كنت منقبض القلب، خاصة أني في دولة أوروبية، وقد زادت الغربة والوحدة من شدة تأثري وتألمي. أفكر تارة بكلمة سرطان وهجوم الخلايا، وتارة بالحياة والآخرة والقيامة وأبنائي.
    أقضي الليل بتخيلات وأفكار مؤلمة، وفي أكثر الأوقات استعرض في مخيلتي أقاربي وأصدقائي والجميع. وأتذكر أحداث حياتي حلوها ومرّها، لا أدري ماذا أفعل، وكل لحظة تمر ببطء. كنت أموت وأحيا لحظة بعد أخرى، واحترق وأشفى.
    إلى أن جاءني أحد الممرضين بعريضة لأوقعها، وأستعد لإجراء العملية الجراحية. فأفهمته بالإشارة أني لا أقرأ اللغة الألمانية، وأطلب أن يأتي أحد ليشرح لي مضمون الورقة. وبعد ساعة حضر أحد الإيرانيين، وترجم لي مضمونها وقال لي: هذه الورقة ليست خاصة بك، وهي تقدم لكل من يتوجه إلى غرفة العمليات، لأن هناك احتمالات تقع خلال العمليات الجراحية.
    عند سماع هذه الجملة تضاعف قلقي أضعافًا، ثم قال لي: أنت تعرف ما هو مرضك، وعمليتك الجراحية حساسة. وكان ينظر إلى الورقة تارة وإليّ أخرى.
    ثم قال: خاصة جراحتك فإن نسبة خروجك سالمًا من غرفة العمليات هي الخمسين في المائة. بهذه الجملة اختصر الموقف، بحيث كان كل ما تلا ذلك لا يعدوه، لم أعد ألتفت إلى باقي كلامه، حتى قال: قد تبقى حيًا لكنك ستفقد ذاكرتك.
    ورغم أني فهمت ما قاله، لكني احتملت أن يكون قصد شيئًا آخر، فسألته: ما معنى ذلك؟ قا ل: مثلاً قد تجهل أسماء أطفالك بعد العملية، أو تنسى علومك، كما أن هناك خطرًا محتملاً آخر، حيث قد يشل نصف جسدك.
    وكان بدني يرتجف لشدة قلقي، وكنت شبه عاجز عن الكلام، فلم أوقع الورقة، وقلت له: عليّ أن أفكر.
    فخرج من الغرفة، وغارت عيناي من الضيق، لم أعد أرى ما حولي، ولم أكن قد تناولت فطوري، ولم أرغب بذلك، أجول في الغرفة، أجلس تارة على طرف السرير، وأنهض أخرى، والغصة تخنقني، وتمنعني من شرب الماء، شديد العصبية، ورغم ذلك كله لا يغادرني منظر يد الإمام وهو يمسح على رأسي ويدعو لي.
    وكان الأخ جواد محمدي من أصدقائي المخلصين المتدينين، وكان يرافقني طوال سفري كأخ رحيم شاركني جميع الصعاب والمشاكل، وكان لا يدري ماذا يفعل.
    فسألني: ماذا ستفعل أخيرًا؟ فأجبته بعصبية: نعود إلى إيران، ولا نجري العملية إذا كانت ستؤدي إلى كل ذلك، فالأفضل أن نعود إلى إيران، لأعيش أشهري الأخيرة في إيران الإسلامية.
    وكان متأثرًا كثيرًا، وأنا أكثر منه، وكلانا لا ندري ما علينا أن نفعل، فقلت له : يا أخ جواد رتب الأمور للعودة. وكان يسعى دومًا أن يهدئني قدر الإستطاعة فأجابني: حسنًا، لنفكر قليلاً، وسنفعل ما تراه. وكنت أوصيه منذ أول سفرنا بدفني في إيران إذا مت، وقرب مزار الشهداء إن أمكن، حتى لو كّلف ذلك
    المال الكثير.
    وكنت أقضي حينها أصعب الأوقات، حيث لا يمكنني حتمًا وصفها بالكتابة، فرغم مرور عدة سنوات على تلك الحالة، ما زلت عندما أتذكرها يقشعر بدني، ويتملكني الرعب. فقد كان العالم مظلمًا أمامي، وليس لي أمل بغير الله ودعاء الإمام.
    وفجأة ارتفع صوت رنين الهاتف في غرفتي، ولم أسمعه لشدة تشوش أفكاري. فناداني جواد: أجب على الهاتف. فرفعت السماعة، فإذا هي والدتي ، وكانت تتصل بي عادة من المنزل، وتسألني عن حالي، وكنت أحبها كثيرًا، فقد كانت خير مؤنس لي ومحط همومي التي لا أجد لها أحدًا، فالأم خير رفيق
    وحبيب وصديق للإنسان في كل الظروف.
    وتوالت الأسئلة: كيف حالك؟ هل أجريت العملية؟ ماذا قال الأطباء؟ كيف أصبحت الآن؟ وهكذا، وكانت تنتظر الأجوبة مّني، لكني لشدة يأسي كأن أحدًا ما يضغط على حنجرتي ويمنعني من الكلام، وكنت في وضع إذا أردت أن أجيبها فستسبقني العبرة وأجهش بالبكاء، ولا أريدها أن تعرف بذلك حالي.
    فضغطت على نفسي، وقلت لها بغضب وتوسل: أمي.... لقد يئست من كل شيء، لا أمل لي بأحد، فالأمر كما قال الطبيب الإيراني أينما ستذهب فلون السماء واحد فالكل عاجز عن مساعدتي، ويزرع اليأس في!، لا في إيران ولا في غيرها، وليس هناك من طريق سوى الدعاء. إني عائد إلى إيران ، ولا
    يمكنني فعل شيء، إلا إذا أمكنك فعل شيء بالدعاء.
    وأردت أن أغلق السماعة قبل سماع جوابها وردة فعلها، فقد كانت والدتي المرحومة امرأة عابدة محدثة محبة ومخلصة لسماحة الإمام الخميني (قدس سره)
    فردّت علي بتأنٍ وثقة: إصغِ إليّ حتى أكمل كلامي يا تقي، واسمعني، لا تيأس، فتخسر. وأردت أن أقاطعها، لكنها أكملت: لماذا لا تصغي إليّ؟ تقي هل نسيت دعاء الإمام عندما قال لك (لا تبتئس، فستشفى بإذن الله تعالى) هل نسيت ذلك؟ هل نسيت أن يد ولايته مرت على رأسك طلبًا للشفاء؟ ألم يقل لك أحبة الإمام في مكتبه: لقد شفيت؟ هل نسيت ذلك؟ لابد أن الصور
    والفحوصات خاطئة. لقد شفيت، وستعود سالمًا إن شاء الله. فليطمئن بالك ، وكن ثابتًا، ولا تنس قدرة الله. وإذا كان الأطباء ينصحونك بعدم إجراء العملية، فلا تجرها، وإذا كانوا يرون ضرورة إجراءها فأجرها براحة بال، وستعود إلينا سالمًا إنشاء الله.
    تذكرت في هذه الأثناء يوم مغادرتي لإيران، عندما كنت قلقًا أودع أطفالي وأقبّلهم، وقبّلت يد أمي عدة مرات، وقلت لها : سامحيني يا أمي، أستودعك الله يا أمي إلى الأبد. لكنها نهرتني حينها وقالت: ما هذا الذي تقوله؟ لماذا أنت متأثر إلى هذا الحد؟ نعم الموت حق، لكنك شفيت على يد الإمام، وقد دعا لك الإمام الخميني.
    عادت إليَّ بعض الثقة، فسألتني والدتي: هل معك كتاب مفاتيح الجنان؟
    قلت: نعم. قالت: ما أن أتم اتصالي الهاتفي، توجه إلى الوضوء، وزر زيارة عاشوراء كاملة، فستتحسن حالتك ببركة الإمام ودعائه وببركة زيارة عاشوراء وتعود سالمًا إن شاء الله.
    انتهت المكالمة، وتفتح قلبي، وشعرت بهالة من نور تلّفني. توضأت وشرعت في قراءة زيارة عاشوراء، وفي وسط الزيارة ناديت صديقي جواد وطلبت منه أن يحضروا الورقة لأوقعها. وقعتها، وبعد انتهائي من الزيارة تهيأت للعملية دون أي اضطراب.
    في السابعة من صباح اليوم التالي نقلوني إلى غرفة العمليات، وكنت مرتاحًا، أمازح صديقي في الطريق إلى الغرفة. وبعد العملية كان الجرّاح إلى جانبي سّلم عليّ، لكني لا أتمكن من رؤيته ولا أن أكلمه، فلم تكن عيناي تفتحان، والأنابيب تمر من فمي وأنفي، لكني كنت أسمع جيدًا، فسألني عدة أسئلة، وكنت أجيبه بإشارة من يدي، وكان يريد أن يطمئن على ذاكرتي هل
    تضررت بالعملية أم لا، ثم وخزني بإبرة في أطراف جسمي ليطمئن من عدم وجود شلل. بعد هذه الإختبارات وفرحه وضحكته أدركت أن العملية نجحت ، وكان يتحدث بالإنجليزية مع طبيب آخر، وأنا أسترق السمع لبعض كلماته حيث كرر له أن الأمر كان غير متوقعًا.
    فقضيت أيام نقاهتي، ثم عدت إلى إيران سالمًا.
    وبعد حين توجهت لزيارة إمامي ومرجعي سماحة الإمام الخميني (قدس سره)
    لأسلم عليه وأبدي له إخلاصي له، ولأكتحل بتراب أقدامه، ولأنور عينيَّ ثانية بنور جماله، فرغم تقرير أطباء إيران وأوروبا الذي ضمّنوه تقاريرهم الطبية وأبلغوني به أني لن أعيش أكثر من أربعة أشهر، فقد بقيت ببركة تلك اليد
    الإلهية ودعاء سماحة الإمام الخميني (قدس سره) وزيارة عاشوراء العظيمة، وها قد مرّت عليّ أربعة أعوام ونصف وأنا في أتم الصحة والسلامة أتابع حياتي، وقد أمّنت على حياتي عبر هذا التأمين العظيم (1)



    ــــــــــــــــــــــــــ
    (1) من كتاب (پابه پاى آفتاب) ج4 ص79

    منقول

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2003
    المشاركات
    388

    افتراضي

    خوش...خرط...
    السندباد بحار مغامر يعشق المعرفة ويمتلك الجرأة ليواجه الخطأ

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    المشاركات
    139

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    في الحديث القدسي المتفق عليه عند عموم المسلمين هو: عبدي اطعني تكن مثلي تقول للشئ كن فيكون. والانسان المؤمن التقي الزاهد قد يجري الله على يديه الكرامات باذنه تعالى فلا استبعاد لهذه الكرامات من السيد الخميني اعلى الله مقامه او اي انسان مؤمن تقي وورع.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    في ولاية امير المؤمنين
    المشاركات
    139

    افتراضي

    بارك الله جهودكم

المواضيع المتشابهه

  1. كل ما يتعلق بالفيديو تجده هنا
    بواسطة منازار في المنتدى واحة برامج الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 164
    آخر مشاركة: 25-03-2011, 08:39
  2. مشتهيك اليوم گلبي ومو بديه
    بواسطة خضير المسيباوي في المنتدى واحة الملتقى الادبي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 23-03-2007, 00:00
  3. سعدون الدليمي...تحيه لك
    بواسطة محب امير المؤمنين في المنتدى واحة الحوار العام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 21-11-2005, 16:59
  4. أخبار سنة 2050 تجده هنا
    بواسطة منازار في المنتدى واحة الصور
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-04-2005, 19:11
  5. تحيه وبعد
    بواسطة عراقيه في المنتدى واحة المضيف والتراث الشعبي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 29-05-2004, 19:53

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني