لحظات الجلوة لحظة اللقاء بالامام الحجة عليه السلام
من فكر الشهيد الاول محمد باقر الصدر (ر ض)

هناك اشخاص من الاولياء والعلماء والصديقين قد استطاعوا ان يبصروا محتوى القيم والمثل العليا بام اعينهم ولم يستطيعوا ان يبصروها بام اعينهم الا بعد ان عاشوها عيشا تفصيلياً مع الالتفات التفصيلي الكائن وهذه عملية شاقة جداً لان الانسان كما قلنا ينفعل بالحس وما اكثر المحسوسات من امامه ومن خلفه الدنيا كلها بين يديه تمتع بحسه في مختلف الاشياء وهو يجب عليه دائماً وهو يعيش في هذه الدنيا التي تنقل الى عينه مئات المبصرات، وتنقل مئات المسموعات، يجب عليه ان يلقن نفسه دائماً بهذه الافكار ويؤكد هذه الافكار خاصة في لحظات ارتفاعه وفي لحظات تساميه لان اكثر الناس الا من عصم الله تحصل له لحظات التسامي، وتحصل له لحظات الانخفاض.
ليس كل انسان يعيش محمداً مئة بالمئة والا لكان كل الناس من طلابه الحقيقيين كل انسان لا يعيش محمداً الا لحظات معينة تتسع وتضيق بقدر تفاعل هذا الانسان برسالة محمد .
اذن ففي تلك اللحظات التي تمر على أي واحد منا ويحس بان قلبه منفتح لمحمد وان عواطفه ومشاعره كلها متأججة بنور رسالة هذا النبي العظيم . في تلك اللحظات يغتنم تلك الفرصة ليخترن وانا اؤمن بعملية الاختران يعني أؤمن بان الانسان في هذه اللحظة اذا استوعب افكاره وأكد على مضمون معين وخزنه في نفسه سوف يفتح له هذا الاختران في لحظات الضعف بعد هذا حينما يفارق هذه الجلوة العظيمة حينما يعود الى حياته الاعتيادية سوف يتعمق بالتدريج هذا الرصيد هذه البذرة التي وضعها في لحظة الجلوة في لحظة الانفتاح المطلق على اشرف رسالات السماء تلك البذرة سوف تشعره وسوف تقول له في تلك اللحظة اياك من المعصية اياك من ان تنحرف قيد انملة عن خط محمد .
كلما ربط الانسان نفسه في لحظات الجلوة والانفتاح بقيود محمد واستطاع ان يعاهد نبيه العظيم على ان لا ينحرف عن رسالته على ان لا يتململ عن خطه على ان يعيشه ويعيش اهدافه ورسالته واحكامه حينئذ بعد هذا حينما تفارقه هذه الجلوة وكثيراً ما تفارقه اذا أراد ان ينحرف يتذكر عهده يتذكر صلته بمحمد تصبح العلاقة حينئذ ليست مجرد نظرية عقلية بل هناك اتفاق هناك معاهدة هناك بيعة اعطاها لهذا النبي في لحظة حس في لحظة قريبة من الحس ، كان كأنه يرى النبي امامه فبايعه.


لو ان أي واحد منا استطاع ان يرى النبي بأم عينه. أو رأى امامه امام زمانه عجل اللّه تعالى فرجه رأى قائده بأم عينه وعاهده وجهاً لوجه على ان لا يعصي على ان لا ينحرف على ان لا يخون الرسالة هل بالامكان لهذا الانسان بعد هذا لو فارقته تلك الجلوة ولو ذهب الى ما ذهب ولو عاش أي مكان واي زمان هل بإمكانه ان يعصي؟ هل يمكنه ان ينحرف او يتذكر دائماً صورة ولي الامر عجل اللّه تعالى فرجه وهو يأخذ منه هذه البيعة وهذا العهد على نفسه.
نفس هذه العملية يمكن ان يعملها أي واحد منا لكن في لحظة الجلوة في لحظة الانفتاح.
كل انسان من عندنا يعيش لحظة لقاء الامام عجل اللّه تعالى فرجه من دون ان يلقى الامام عجل اللّه تعالى فرجه ولو مرة واحدة في حياته هذه المرة الواحدة او المرتين والثلاثة يجب ان نعمل لكي تتكرر لأن بالامكان أن نعيش هذه اللحظة دائماً هذا ليس امراً مستحيلاً بل هو امر ممكن والقصة قصة اعداد وتهيئة لأن نعيش هذه اللحظة حتى في حالة وجود لحظات أكثر بكثير تعيش فيها الدنيا تعيش فيها أهواء الدنيا ورغبات الدنيا وشهوات الدنيا مع هذا يجب أن تخلف فينا هذه اللحظة رصيداً يجب ان تخلق فينا بذرة منعة عصمة قوة قادرة على ان تقول: لا، حينما يقول الاسلام: لا، ونعم حينما يقول الاسلام ذلك.
هذه اللحظة يجب ان نغتنمها ويجب ان نختزن لكي تتحول بالتدريج هذه المفاهيم الى حقائق وهذه الحقائق الى محسوسات وهذه المحسوسات الى جهاد نعيشه بكل عواطفنا ومشاعرنا وانفعالاتنا آناء الليل واطراف النهار ونحن ما احوجنا الى ذلك لان المفروض أننا نحن الذين يجب أن نبلغ للناس نحن الذين يجب اننشع بنور الرسالة على الناس. نحن الذين يجب أن نحدد معالم الطريق للأمة والمسلمين اذن فما احوجنا الى ان يتبين لنا الطريق تبيناً حسياً تبيناً اقرب ما يكون الى تبين الانبياء وطرقهم.

هنيئا لمن التقى بالامام الحجة عليه السلام قلبا وروحا .

--------------------------------------------------------------------------------

طـالت علينا ليالي الانتظار .. فهل يا بن الزكي لليل الانتظار غد .. فأكحل بطلعتك الغرا لنا مقلا .. يكاد يأتي على إنسانها الرمد: