عرفنا محمد حسين فضل الله كمجتهد ذات ثقافة واسعة وفكر نير قدم الكثير للمذهب الشيعي في العصر الحديث بما هو امتداد للدين الأسلامي. وقد استطاع فضل الله ان يحرك موجة كبيرة في اوساط الشيعة سواء على المستوى السياسي او الحوزوي او الجماهيري. وكما ان محمد حسين فضل الله انسان غير تقليدي في فكره واجتهاده فقد خلق حالة من رد الفعل من قبل الوسط الحوزوي التقليدي الأيراني وغيره. وفيما كانت مرجعية فضل الله تكتسح اوساط الجيل الشيعي الصاعد في اصقاع العالم كانت تزداد الحملات المضادة شراسة وكانت ردود الأفعال تأخذ ايضا اساليبا غير تقليدية من حيث الهجوم الشخصي واستخدام الأنترنت وتحريك بعض المجتهدين او من يحسب عليهم في هذه الساحة او تلك.
احد النقاط التي تطرق اليها فضل الله بالنقد والنقاش هو موضوع المرجعية الشيعية والذي قاد الى تبلور نظريته في المرجعية المؤسسة التي تنتقل من كون الفرد "المرجع" كمركز الى ان تكون المؤسسة هي المحور وبالتالي تتخلص الطائفة الشيعية من منزلقات مرض وموت المرجع وتعدد وتقاطع مراكز اتخاذ القرار وتهافت القرار ومشاكل الوكلاء وهلم جرا من مشاكل قديمة ما زالت تعصف بالجسد الشيعي من مجتهدين ومراجع وجماهير. اللافت للنظر ان موضوع التغيير واساليب التغيير وتفاصيل التغيير قد خبت في فكر وتخطيط فضل الله في الآونة الأخيرة-حسب ما نراه على الأقل-واصبحت حالة الدفاع عن النفس في مسائل تاريخية غير مهمة تأخذ حيزا اكبر من نشاطات فضل الله. الملاحظ ايضا ان فضل الله وفي غمرة هذه الظروف اصبح كذلك ينحى نفس المنحى الذي انتقد و ناقش الآخرين فيه من قبل ان الشخص/ الفرد يمثل محور النشاط ولا نستطيع ان نتبين اي بناء مؤسساتي لحركته الأصلاحية في الجسد الشيعي حتى اصبحنا نستشرف نفس النتيجة التي انتهى اليها غيره وهي انتهاء المشاريع والنشاطات والأفكار بمجرد موت او فقدان المرجع. حيث لم نسمع عن خطط فضل الله لفترة ما بعد فضل الله وهل ستستمر هذه الحركة الأصلاحية بمد الجسد الشيعي بنبضات حياة بعد فضل الله.
الجانب الآخر موضوع اعتماد المرجع على عدد من الوكلاء الذين يكونون مؤهلين فينة وغير مؤهلين فينة اخرى سواء كممثلين للمرجع في بعض المناطق أو كمستلمين للحقوق الشرعية اضافة الى تحريك الوضع الثقافي والأجتماعي. أحد المآخذ على مرجعية فضل الله انها لم تستفد من تجارب غيرها ودخل بعض الوكلاء على خط فضل الله ممن لا يمتلكون مؤهلات علمية واضحة او حدا ادنى من المؤهلات التي يجب توافرها في الوكيل وهذا مما لا شك فيه من العوامل التي تؤدي الى اضعاف المرجع ودوره وسمعته في تلك المنطقة او تلك.

الجانب قبل الأخير هو مظاهر البذخ والهيئة الغير اعتيادية في ابراز مظاهر الغنى والتي يمارسها بعض من هو محسوب وبشكل مباشر على فضل الله سواء في الشام او لبنان او اوربا.

ويبقى اخيرا ان ننوه بانحسار مشاركة فضل الله في ابداء الراي والنقاش في القضية العراقية لدواع غير معروفة. حيث اننا لم نسمع تعليقا او نصيحة او رايا فيما يخص النظام العراقي والشعب العراقي سوى تلميحاته بمعارضة الضربة الأميركية ولكن في هذه الأوضاع فان راي فضل بما انه- اكثر عراقية من كثيرين ممن دخلوا على الخط العراقي- مطلوب في استشراف ما يحدث حاليا وما ستؤل اليه الأوضاع فيما بعد بما يتعلق بالمعارضة العراقية واسقاط النظام ومظلومية الشعب العراقي. واظن ان مظلومية العراقيين ليست نسبية مقارنة بالفلسطينيين. ننتظر ردا والله ولي السداد.