ربما تكون ظاهرة الاهتمام المتزايد وغير الاعتيادي بمباريات الدوري الاسباني بكرة القدم وفريقي ريال مدريد الملقب بالملكي وبرشلونة المكنى بالكتلوني على وجه الخصوص من الظواهر الغريبة حقا والتي تجتاح الشارع العراقي بشكل متصاعد لما يرافقها من أحداث ومواقف الأغلب منها طريفة حتى باتت متابعة مباريات ونتائج الفريقين تفوق بشكل واضح اهتمام الجمهور العراقي بمنتخبه الوطني أو أنديته الجماهيرية المعروفة والأدهى من ذلك كله أن متابعة وتشجيع الفريقين الاسبانيين العريقين واللدودين قد امتدت حتى خارج الوسط الرياضي ولأناس ربما ليست لهم أية علاقة بالرياضة وعندما يتقابل الفريقان سواء في مباريات الليغا الاسبانية أو كاس الملك وحتى البطولات الأوربية فان اغلب المحال التجارية في بغداد أو المحافظات تقفل أبوابها قبل وقت ليس بالقصير ليكون أصحابها على استعداد لمتابعة المباراة سواء في المقاهي والكازينوهات و البيوت وكثيرا ما تصل السجالات الكلامية أو النقاشات بين أنصار الفريقين إلى حد الاشتباك بالأيدي بينهم وقد تتطور الأمور إلى أكثر من ذلك في بعض الحالات وكأننا نعيش في إقليم ألباسك الاسباني ..

الكثير يعزون أسباب هذا الاهتمام الجماهيري المتفرد في العراق و الوطن العربي على حد سواء بمباريات الليغا الاسبانية إلى دهاء القائمين على قناة الجزيرة الفضائية القطرية التي استحوذت على حقوق النقل التلفزيوني لمباريات الدوري الاسباني منذ أكثر من ثلاثة مواسم تقريبا حيث قامت المحطة المذكورة بداية الأمر ببث المباريات إلى الجمهور العربي مجانا وبدون تشفير لإغراء وإغواء مشاهديها لمباريات هذا الدوري وعندما أقدمت هذه القنوات على تشفير بثها بعد موسم واحد فقط وضعت أسعارا تنافسية معتدلة لتكون في متناول معظم أبناء الوطن العربي وعلى عكس القنوات الأخرى التي استلمت حقوق بث مباريات الدوري الانكليزي مثلا لتكون أسعار بطاقات فتح شفرات هذا الدوري تفوق أسعار بث الدوري الاسباني بعدة إضعاف رغم أن البر يمر ليغ الانكليزي يضم فرقا عريقة ومعروفة جدا في وطننا العربي وتفوق بعراقتها وتاريخها جميع الأندية الاسبانية حتى أن الدوري الانكليزي يصنف من قبل الفيفا حتى هذه الساعة بالدوري الأقوى على مستوى العالم لكن متابعته لا ترقى إلى جزء يسير مما يحظى به الاسباني الذي استشرى حتى بين الأطفال الذين أصبحوا مولعين به تماما ويرتبطون مع الناديين الكبيرين الملكي والكتلوني بشكل روحي إن صح التعبير ويجبرون ذويهم على أن تتضمن ملابسهم أو أي احتياجات أخرى في حياتهم اليومية شعار الناديين وربما تصاب بالذهول وأنت تستمع لطفل عراقي لا يتعدى عمره العشر سنوات وهو يتحدث عن أدق التفاصيل التي تخص فريقه سواء عدد نقاطه في الدوري أو أسماء لاعبيه وأرقامهم .. ولا ندري إلى متى ستسير هذه الظاهرة الغريبة والعجيبة.