صفحة 15 من 23 الأولىالأولى ... 51314151617 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 211 إلى 225 من 339
  1. #211
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,595

    افتراضي



    علي لاريجاني - رئيس مجلس الشورى الإسلامي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية

    بسم الله الرحمن الرحيم
    إنا لله وإنا إليه راجعون
    {إذا مات العالم ثُلِم في الإسلام ثلمة لا يسدّها شيء}
    عائلة سماحة آية الله سيد محمد حسين فضل الله الموقّرة
    لقد فقد لبنان وعالم التشيع والعالم الإسلام رجلاً كبيراً وعالماً جليلاً ومفكراً حصيفاً، كان آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله، علاّمةً مجاهداً وعالماً ورعاً، قضى عقوداً من عمره الشريف المفعم بالخير والبركة في مقارعة أعداء الإسلام على الأخص الكيان الصهيوني وأمريكا، فكان ملجأً يلوذ به المحرومون والمستضعفون في لبنان في أحلك الظروف التي عاشها هذا البلد. إن المقاومة الإسلامية في لبنان لن تنسى خطب صلاة الجمعة الحماسية التي كان يلقيها هذا الرجل الكبير لدعم المقاومة.
    كان الفقيد دائماً وفي كل الظروف مؤيداً لنهج الإمام الخميني(قدس سره الشريف) مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومتابعاً للنهج الذي يرسمه سماحة الإمام الخامنئي قائد الثورة الإسلامية. ويذرك الشعب الإيراني الأبي ونوّابه في البرلمان هذا العالم الجليل بكل احترام وتقدير وهم اليوم شركاء في هذا العزاء الكبير إلى جانب الشعب اللبناني العزيز. ولهذا الغرض أرسل مجلس الشورى الإسلامي وفداً إلى بيروت برئاسة رئيس لجنة الأمن القومي والسياسية الخارجية للمشاركة في مراسم التشييع.
    وأصالةً عن نفسي وبالنيابة عن نواب الشعب الإيراني الأبي أعبر عن أسمى آيات العزاء لأسرة الفقيد ولبنان حكومةً وشعباً، معرباً عن الأمل بأن يواصل ذوي الراحل الكبير نهجه النضالي الدؤوب.





  2. #212
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,595

    افتراضي

    مؤسسة أهل البيت عليهم السلام - مدينة هاملتون الكندية
    بسم الله الرحمن الرحيم
    يوم على آل الرسول عظيم
    ببالغ الحزن والأسى والمرارة، تنعى مؤسسة أهل البيت عليهم السلام في مدينة هاملتون الكندية، الفقيد الراحل آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله، الذي رحل عنا بعيداً، حيث مثاوي الطاهري الذين قضوا أعمارهم في خدمة ورعاية الفكر الإنساني، والمستضعفين وقضايا الأمة، فكان جريئاً في طرح أفكاره لأنها قناعات آمن بها، وكان شجاعاً لا ترهبه جعجعة الخواء، فدفع ضرائب الوعي والانفتاح باهظة، حتى رحل إلى ربه الكريم، بقلوب مفجوعة نودع سيدنا الراحل، سائلين المولى تعالى أن يحشره مع أجداده الطاهرين، محمد وآل محمد، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.





  3. #213
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,595

    افتراضي




    السيد علوي السيد أحمد الموسوي الغريفي - البحرين

    بسم الله الرّحمن الرّحيمبمزيد من الأسى والحزن تلقينا نبأ رحيل
    المرجع المجاهد أية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (طاب ثراه)
    كان عالماً ربانياً ومربياً ومقاوماً لقوى الهيمنة والاستكبار
    وداعياً لوحدة الأمة ومجدداً لمعالم الدين وعلوم أهل البيت(عليهم السلام)
    رحمك الله أبا علي وجعفر
    وأسكنك الله مع النبيين والشهداء
    والصالحين وحسن أولئك رفيقاً
    وإنا الله وإنا إليه راجعون
    السيد علوي السيد أحمد الموسوي الغريفي





  4. #214
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,595

    افتراضي


    سفارة دولة الكويت - السفير عبد العال سليمان القناعي
    بسم الله الرّحمن الرّحيم
    السادة /عائلة المرحوم العلامة السيد محمد حسين فضل الله المحترمين
    تحية طيبة وبعد،
    مرفق لسعادتكم برقية التعزية الموجهة من رئيس مجلس وزراء دولة الكويت سمو الشيخ / ناصر المحمد الأحمد الصباح حفظه الله/ بوفاة المرحوم سماحة العلامة محمد حسين فضل الله.
    إنا لله وإنا إليه راجعون
    أخوكم السفير عبد العال سليمان القناعي


    بسم الله الرّحمن الرّحيم
    الإخوة الكرام عائلة المغفور بإذن الله تعالى العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رحمه الله)
    ببالغ الحزن والأسى تلقينا النبأ الأليم بوفاة المغفور له بإذن الله تعالى العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله، رحمه الله برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جنانه.
    لقد كان الفقيد رحمه الله علماً من أعلام الخير، ومثالاً راقياً يحتذى به في التسامح والرحمة، وكان إلى جانب فضله وسعة علمه، مرشداً حكيماً، عرفناه بمواقفه الشجاعة والصلبة لنصرة الحق، وأياديه البيضاء في نشر الخير ومساعدة الضعفاء والمساكين.
    وإننا إن نشاطركم الأحزان بوفاة الفقيد الكبير، فإننا نتقدم لكم بخالص تعازينا وصادق مواساتنا، سائلين الله عز وجل أن يتغمده بواسع عفوه ورضوانه، وأن يسكنه فسيح جناته، وان يلهمكم والأسرة الكريمة جميل الصبر والسلوان.
    إنا لله وإنا إليه راجعون

    المحمد الأحمد الجابر الصباح - رئيس مجلس الوزراء





  5. #215
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,595

  6. #216
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,595

    افتراضي

























  7. #217
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    الدولة
    هناك
    المشاركات
    28,205

    افتراضي

    يا محوّل الحول والاحوال ، حوّل حالنا إلى أحسن الحال......








  8. #218
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    الدولة
    هناك
    المشاركات
    28,205

    افتراضي

    يا محوّل الحول والاحوال ، حوّل حالنا إلى أحسن الحال......








  9. #219
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    الدولة
    هناك
    المشاركات
    28,205

    افتراضي

    [web]http://www.youtube.com/user/alimantv[/web]
    يا محوّل الحول والاحوال ، حوّل حالنا إلى أحسن الحال......








  10. #220
    تاريخ التسجيل
    Jul 2004
    الدولة
    هناك
    المشاركات
    28,205

    افتراضي

    لأنني مسيحية... قلبي حزين لرحيلك...













    زينة خليل-

    لأنني مسيحية قلبي حزين لرحيلك...
    لأنني أؤمن بالفكر وبالخير والجمال ...
    لأنني أؤمن برسالة السيد المسيح وبنشر المحبة
    لأنني أحترم أقوالك... قلبي اليوم حزين...

    رحل السيّد لكن فكره سيستمر ... هو الذي زرع في قلوب المؤمنين معرفة ونهضة ملتزمة فرفض الفتنة بين الأديان وحرص على أن تكون العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في لبنان والعالم قائمةً على التفاهم حول القضايا المشتركة، وتطويرِ العلاقاتِ بينهم انطلاقاً من المفاهيم الأخلاقية التي تساهم في رَفْع مستوى الإنسان...

    رحل أبو الأيتام الذي ترك مؤسّسات شكلت المدماك الحضاريّ الأساسيّ لنهضة كلِّ أمّة ومجتمع..
    . فأقام منارات للعلم والرّعاية، إلتجأ إليها اليتيم والمحتاج كما وجد المتعلّم فيها طريقاً ليتسلح بالثقافة...

    رحل بشهر الإنتصار... شهر الشهادة ... وكان همُّه الكبير فلسطين وترابها المقدس ... قبالمقاومة ينتصر لبنان ...
    فحذر من "شعب الله المختار" قائلاً:" لن أرتاح إلاّ عندما يَسقط الكِيانُ الصهيوني".

    رحل خادم الله وفقيه الإعتدال قائلاً:""أحبّوا بعضَكُم بعضاً، لأن المحبّة هي التي تُبدع وتنتج...
    تعالوا كي نلتقي على الله بدلاً من أن نختلف باسم الله... فالحياةَ لا تتحمّلُ الحقدَ فالحقدُ موتٌ والمحبّةُ حياة"...
    يا محوّل الحول والاحوال ، حوّل حالنا إلى أحسن الحال......








  11. #221
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,595

    افتراضي

    ذلك فضلُ الله
    الشّيخ علي حسن غلّوم
    نفحاتٌ من رَوْحِ الجِنان تلفُّ المكان.. وعِطرٌ من أريج رياضِها يملأ الأنفاس.. وخشوعٌ قدسيّ يُلقي بظلالِه حيثُ امتدّ.. وهمَساتٌ غيبيّة تتهادى في الأرجاء.. وفي ركنٍ من الحُجرة البيضاء نورٌ يتلألأ.. ويشدُّ القلوبَ إلى حيث يرقد ذلك الجبلُ الأشمّ.. وهو يشقّ بعليائه عِنانَ السّماء.. شموخٌ لم يعرف معنى الانحناء إلا حين يختلي بخالقه.. وعزٌّ لم يعرف الهوانَ إلا في سجود الصّلاة.. وسموٌّ لم يعرف دموع التذلّل إلا في حروف الدّعاء.. وتراتيل السَّـحَر..
    وفوق ذلك الطُّورِ الشّامخ، روحٌ تُطِـلّ على أحبابِها وهم يُفيضون مشاعرَ الفِراق المستحيل على (السيّد) الذي طالما احتضنهم بقلبه الكبيرِ الكبير.. فلم يشعروا معه بغُربةٍ قد تأتي بها هذه اللّحظات الموحشة..
    روحٌ مازالت تُفيض عليهم دفءَ الأبوّة.. وسكينةَ النَّفس.. وطمأنينةَ الإيمانِ بقدر الله.. وعذوبةَ الكلمات الحانية التي ما انفكّ يكرّرها: إني أحبّكم.. في الله.. وفي الإسلام.. أنتم أهلي.. وأنتم أحبّتي.. روحٌ أحبّت الإنسان الّذي يختلف معها.. كما أحبّت الإنسان الذي يتّفق معها.. لأنّكم ـ هكذا كان يؤكّد ـ لا تملكون أن تدخلوا قلوب الآخرين إلا إذا فتحتم قلوبَكم لهم..
    روحٌ ما زالت تمسحُ بأناملها على رؤوس الأيتام في مبرّات الخير.. وتملأ فراغَ نظراتِهم بعطاءٍ تجاوز ما فقدوه بموتِ الآباء.. ونظَّرَ زهرةَ حياتِهم الّتي أوشكت على أن تذبُـلَ في زحمة الأثَرة.. فرسمَ على شفاههم ابتسامةَ الأملِ في الحياة.. والتطلّعَ إلى مستقبلٍ مشرق.. ودفعَ كلَّ إنسانٍ يحمل بذرةَ الخيرِ في نفسه إلى العطاء في هذا الطّريق.. كان يقول: (مؤسّسات جمعية المبرات الخيرية لكم جميعاً، لسنا وحدنا الذين نتحمّل مسؤوليّتَها، هي أمانة الله التي حمَّـلَناها لنحملَها إليكم. قد لا يستطيع أحدُكم أن يعطي، ولكنّه يستطيعُ أن يَـدُلَّ على العطاء، ويستطيعُ أن يجعل النّاس يعيشون العطاء).. هكذا قال أبو الأيتام.. وبهذا العنوان عرفوه.. وبمشاعر الانتماء إليه أحبُّوه..
    روحٌ ما زالت تتسمّع وقْعَ أقدام المستضعفين والمحتاجين.. وهم يفدون على صاحب القلب الكبير ليبثّوا إليه همومَهم.. ويشكوا إليه صنيعةَ الزّمان.. فقد كانوا يؤمنون أنهم الأقربُ إلى قلبه.. فيسبقَهم برأفته.. ويلملمُ لهم كبرياءهم الذي حطَّمه عِـوَزُ الحاجة..
    روحٌ ما زالت تتطلّع إلى سلاحِ المقاومين.. وأزيزِ رصاصاتِهم وهي تمزّقُ صدورَ الصّهاينة الّذين أرادوا أن يحطّموا كبرياءَ جبلِ الصّمود والشّهداء.. جبلَ عامِل.. وضاحيةِ البطولةِ والفِداء.. فرجعوا صاغرين يجبِّن بعضُهم بعضاً.. ويلعنُ آخرُهم أوّلَهم.. روحٌ بَنَت أجيال الإباء.. وعلّمتها كيف تقول (لا) للمحتلّين.. و (لا) للمستكبرين.. و (لا) للظّالمين.. و (لا) للمعتدين.. فنهَلَت من مدرستِه معالمَ ثورةِ أبي الأحرار.. وانطلقت في ميادين الصّراع تحطّمُ الأصنام.. وتحقّق الانتصارات.. وتقدِّمُ القرابين.. إنها الرّوح التي عشِـقَت وقْعَ أقدامِ المقاومين الرّاسخةِ في الدّفاع عن الكرامة والعزّة والشّرف.. روحٌ حسينيّة شحذَت هِممَهم.. وقَوّت عزائمَهم.. (أيّها البدريّون).. هكذا خاطبهم: (أيّها البدريّون.. أيّها المجاهدون في خيبرَ الجديدة، الّذين حملوا الرّاية، فكانوا ممن أحبوا الله ورسولَه، الذين يكِرُّون ولا يفِرُّون.. إنّ جهادكم سوف يصنع للعرب والمسلمين والمستضعفين المستقبلَ الجديد).. فكان من آخر كلماته أن قال: (لن أرتاح قبل أن تسقط إسرائيل)..
    روحٌ مازالت تأمَـلُ في يومٍ تجد فيه الوحدةُ بين المسلمين ـ على اختلاف مذاهبهم ـ طريقاً سالكةً.. ومورداً معبَّداً.. لأنها ـ حسبَ (السيد) ـ المسألةُ التي تتقدّم على ما عداها من أولويّات.. ولأنّ الفُرقةَ لا تخدم إلا العدوَّ المشترك.. ولأنّ الإساءةَ إلى مسار الوحدة تمثِّلُ إساءةً إلى الإسلامِ نفسِه.. وعلى المسلمين أن يعملوا من أجل القيام بمشاريعَ وحدويّة حقيقيّة.. فكراً وسياسةً واقتصاداً واجتماعاً..
    روحٌ ما زالت تفتح للعطشى مناهل العلم الغزير.. والفكر النيِّر.. والأدب الجمّ.. من أصالةِ الإسلام.. وحركة العقل.. وفيوضات الوجدان الإنسانيّ.. في عمقِها القرآنيّ.. ومنهجِها النّبويّ.. وبلاغتِها العلويّة.. وواقعيّتِها المتجدّدة..
    فقد كان (السيّدُ المرجعُ الفقيه).. الذي لم يرَ المرجعيّةَ عُنواناً يضادُّ حركتَه بين النّاس ليعزلَه عنهم.. أو يعرقلُ مسيرةَ العطاء العلميّ والرّوحيّ في الآفاق الرّحبة.. أو يؤطّرُه في إطارٍ فقهيّ محدود.. أو يحرِّمُ عليه تعاطي السياسةَ في عناوينها الكبرى.. أو يحصرُه فيما قدَّمه الماضون وفق ما فرضته عليهم الظّروفُ التي عاشوها.. والبيئةُ التي أحاطت بهم.. بل كانت المرجعيّةُ العنوانَ الذي انطلق من خلاله ليقدِّم للنّاس.. كلّ النّاس.. فقهَ الحياة.. من المنبع الأصيل.. وفي إطارها المتغيّر بتغيّر الزّمن والظّروف.. فقد كان يرى أنّه قد (تحرّكت ذهنيّة التنمية في المسائل الفقهيّة في مواجهة كلِّ المتغيّرات على صعيد المشاكل الإنسانيّة في الواقع المعاصر المتطوّر.. إنّنا نجد في مفردات الشّريعة الكثيرَ من التّشريعات التي تدعو إلى العمل المنفتح على كلّ حاجات الحياة)..
    وكان (السيّدُ المرجعُ السياسي) الذي تلجأ إليه أعلامُ السياسة، ليرسم لهم المشهد الحاضر.. والمشهد المستقبل.. وليقدِّم لهم النّصح من موقع المسؤولية.. وبالروح الأبوية التي تريد للجميع أن يدركوا أن السياسة تعني إقامة العدل.. والموازينَ القسط بين الناس.. والتي تريد للجميع أن يوظّفوا مواقعهم والعناوين التي يحملونها لرفع الظلامات عن المحرومين.. وتأمينِ الحياة الكريمة للناس..
    وكان (السيّدُ المرجعُ الإنسان).. صاحبَ التواصلِ الدائمِ مع الجميع.. والحوار المنفتحِ على الكلّ.. إذ لم تمثِّل الانتماءاتُ المتباينةُ بالنّسبة إليه أيَّ عُقدةٍ أو عائقٍ عن الانفتاح على الآخر.. بل كان هو المبادر لدعوة الجميع إليه بكلّ محبَّة وأريحيَّة.. ليستمعوا إلى خطابِ العقل.. خطابِ القرآن.. خطابِ الإسلام.. وليحاوروه فيما شاؤوا.. فليس في السؤال شيء محرّم.. وليس في المعرفة شيء تافه..
    روحٌ ما زالت تشتاق إلى القلم الذي عشِق أنامل (السيد) الذي أعطى للكلمة عمقاً في المعنى.. وامتداداً في الحياة.. وحركةً في الواقع.. القلم الذي لم يهدأ.. حتى حين احتضنه فِراشُ المرض.. قلمٌ خطّ أسفارَ (السيد): من وحي القرآن.. وعرفانُ القرآن.. والحوارُ في القرآن.. وخطواتٌ على طريق الإسلام.. وآفاقُ الرّوح.. وفقه الشّريعة.. وفقهُ الحياة.. وتأمّلاتٌ إسلاميّةٌ حول المرأة.. ودنيا الشّباب.. والحوارُ الإسلاميّ المسيحيّ.. وحركةُ الأنبياء.. وعليٌّ ميزان الحقّ.. والزهراءُ القدوة.. ومن وحي عاشوراء.. وفي رحاب أهل البيت.. والسلسلة تطول وتطول.. لتقدّم للبشريّة رسائل المعرفة.. ونبضَ الحياة..
    إنها الروحُ الخالدة التي احتضَنَت كلَّ ذلك الواقع بحلاوته ومرارته.. بعنفوانه وتردّيه.. بإيجابيّاته وسلبيّاتِه.. بانفتاحه وبعُـقَدِه.. فقدّمَـت له الكثير دون أن تعرف معنى الراحةَ إلا في العمل والإخلاص.. ومعنى الغِنى إلا في التّقوى والعلمِ والقِـيَم.. فكانت النفسَ المطمئنّةَ التي أذِنَ لها الرّحمنُ أن ترجعَ إليه.. فأسلمت أمْرَها إلى الله.. وفاضَت إلى بارئها وهي تردِّدَ آخر كلماتِ (السيّد).. الله أكبر.. الله أكبر..
    فذلك فضل الله..
    التاريخ: 26 رجب 1431 ه الموافق: 08/07/2010 م





  12. #222
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,595

    افتراضي

    فقيه الحريّة... وشجرة العائلة!
    زاهي وهبي
    ليست السماحة مجرّد صفةٍ من صفات السيّد محمد حسين فضل الله، ولا مجرّد لقبٍ تقليديّ يسبق اسم «رجل الدّين» كما جرت العادة؛ إنها ذاك النّور البهيّ المشعّ في المحيّا انطلاقاً من القلب العاشق والعقل المتنوّر المنير، وهي أيضاً السّلوك السّمح والفكر الرّحب المنفتح على الآخر، المتقبّل له كما هو، لا كما نريده على صورتنا ومثالنا!
    كذلك حال المرجعيّة مع العلامة العلم؛ ليست تشريفاً بمقدار ما هي تكليف. استحقّها «السيّد» بالعلم والثقافة والمعرفة وسعة الإدراك وشجاعة الخروج على السّائد و«الإجماع»، وطرح الجديد المجدّد بلا خوفٍ أو وجلٍ، مهما تكاثرت السهام وتكسّرت النّصال على النّصال.
    عاشَ السيِّد فضل الله حياته بين حدَّي النّضال والنّصال؛ النّضال النّاصع النّبيل ضدّ الاحتلال الإسرائيليّ وكلّ من يقف خلفه، فكان بحقّ رائداً لمقاومةٍ جادّةٍ وجدّيّةٍ أثمرت تضحياتها تحريراً ونصراً وإسقاطاً لاتّفاقيّات ذلّ وعار، وطرداً لاحتلالٍ متعدّد الجنسيّات في مطلع الثّمانينات من القرن الماضي. أمّا النّصال، فكانت أحياناً أشدّ مضاضةً لأنها من «ذوي القربى»، لكنّ سماحته لم يكن يخشى في الفقه والتّجديد لومة لائمٍ، حتى لو كان من «أهل البيت»، ولعلّ المتابعين لمسيرته منذ البدايات الأولى، يذكرون مناقشاته ومعارضاته الفقهيّة حتى لبعض آراء والده العلامة السيّد عبد الرّؤوف فضل الله، أو لآخرين من الأرومة نفسها.
    كثيرة هي الرّوافد التي تتفرّع من نهره، وكلّ منها تحتاج السّباحة فيه مهارةً ولياقةً فكريّةً ونقديّةً. فما أحدثه من تجدّد وتجديد في الفقه الإسلاميّ المعاصر واضح وجليّ، وهل من داعٍ للتّذكير بكثيرٍ من فتاويه المتّصلة بالواقع المذهبيّ في السّاحة الإسلاميّة، أو بالنّظرة إلى الآخر غير المسلم، أو بعلاقة المرأة والرّجل، أو تلك المتّصلة بحياة النّاس اليوميّة، مثل مخالفات السّير وسواها، بحيث كان يكشف عن رؤيةٍ موسوعيّةٍ شاملةٍ لا تترفّع عن الاهتمام بأدقّ الأمور وأقلّها شأناً في نظر بعض النّخبويّين، ولا يغيب عن البال انفتاحه الحرّ على الآداب والفنون، ونأيه عن ذهنيّة التّحريم في مقاربة الكثير من أشكال التّعبير الفنّي، حتى باتت آراؤه الفقهيّة مرجعاً وسنداً لجيلٍ شابٍّ جديدٍ باحثٍ عن «إيمانٍ» لا يضعه في مواجهة الحياة، بل يُسعفه على هذه الحياة ويحثّه على الانخراط فيها بلا عقدٍ ولا أفكارٍ متحجّرةٍ منغلقةٍ توصد الأبواب على نفسها وعلى الباحثين ـ في الإيمان ـ عن مساحة حريّةٍ لا عن قيدٍ آخر يضاف إلى سلسلة القيود التي تكبّل أعمارنا وحياتنا. إنّه بلا مبالغة، المثال الحيّ، والنّموذج الأمثل لمعاصرةٍ مؤمنةٍ تجد لنفسها موقعاً في صلب العصر حتى وهي تناضل وتقاوم الكثير من إفرازاته وشوائبه.
    ... إلى الإرث المؤسّساتي الكبير الذي تحوّل مع فضل الله من صدقات وحسنات إلى صروح تعليميّة وتربويّة شاهقة، يظلّ إرثه الفقهيّ السند المتين والحجّة الدامغة لكلّ متطلّع نحو رحابة واسعة اتّساع الله نفسه، وحريّة هي حقّ كلّ مؤمن من الشّكّ والسّؤال ومنازلة اليقين ولو من باب اليقين نفسه وبعدّته وأدواته. فهذا العارف العرفاني، لم يرَ في الله صنماً جديداً، ولم يرض أن يكون واحداً من فقهاء الظّلام والتّكفير، بل رفع لواء التّفكير في زمن التّكفير، ورأى الله نوراً على نور، وحريّة تتمادى في الحريّة. وهل من فضاء للنّور أرحب وأوسع من الحريّة نفسها؟ فهل كثير عليه أن نصفه أيضاً بأنّه فقيه نور وحرية؟!
    الآن، إذ يرحل السيّد الجسد، ويظلّ السيّد الفكر والفقه والمواقف الإنسانيّة المخضرّة اخضرار النّسب الشّريف، يغدو التّعاطي مع تركته الفقهيّة والفكريّة أكثر نزاهةً وموضوعيّةً، إذ لا يعود مرتبطاً بحضوره «المادّيّ»، بل يمسي هذا الحضور مجرّداً مطلقاً متحرّراً من اعتباراتٍ كثيرة، فيسهل حينها التّعامل مع الفقه لا مع الفقيه، مع الفكر لا مع المفكّر، مع الجديد لا مع المجدّد. إنها التركة النفسيّة وحيدة عارية الآن بلا صراعات المراجع والمرجعيّات. فهل نغرف منها ما يسعفنا على مصالحة إسلامنا مع العصر، من دون التخلّي عن حقّنا في نقد هذا «العصر» ومشاكسته والاعتراض عليه حين تقتضي الضّرورة؛ نقد العصر من داخل العصر، لا من كهوف عصور سالفة؟!
    العرفاني العارف الحامل اسم الله في شجرة عائلته، يصلح شعره مثل فكره، معراجاً إلى الله. ففي قصائد السيّد فضل الله، فيض حبٍّ وعشقٍ وسفرٍ نحو تجلّياتٍ نورانيّة، وشجاعة مضمونيّة في قالبٍ كلاسيكيّ لم يجعل صاحبه رافضاً أو شاجباً لقوالب شعريّة جديدة ومحدثة، بل على العكس تماماً، ظلّ منفتحاً متابعاً ومعجباً أحياناً، ولطالما أتى في حواراتي معه على ذكرٍ مصحوبٍ بالمودّة لشعراء مثل: محمود درويش، شوقي أبي شقرا، أنسي الحاج، أدونيس... ناظراً إلى تجاربهم بعين القارئ والشّاعر في آن، وبعقل العالم العارف أنّ سُنّة الحياة دائماً إلى أمام.
    تدخل إلى عالم السيّد فضل الله مسبوقاً بالحبّ والفضول والنّهم المعرفيّ، فتقودك أفكاره بيسرٍ وسلاسةٍ من دوحةٍ إلى دوحة، تجول معه وتصول من دون أن تصاب بدوّار أو دوخة، رغم كثرة الأبواب المؤدّية إلى أبواب، والعوالم المنفتحة على عوالم، وطبقات المعرفة المتراكمة فوق طبقات، ذلك أنّ متعة الكشف تزيح عنك التّعب والمشقّة، وترفعك إلى مصافّ من الأنس والذّوبان معاً.
    تشاء مصادفات النّسب الجميلة أن يكون لي غصنٌ أخضر من شجرة العائلة «الفضل إلهيّة»، غصن حطّت عليه في أحاديث أمّي وذكرياتها وأشواقها طيور الوجد والأشواق والمعرفة، فكان سماحته دائم الحضور في كلّ مفاصل حياتي، طفلاً وفتى مراهقاً وشابّاً ورجلاً وإعلاميّاً وشاعراً، وحتى في لحظة القران بالحبيبة.
    هو صديق والدي زمن البدايات الشيّقة الشاقّة في النّبعة وأخواتها من أحياء الإهمال والحرمان، وسند والدتي وهي تغالب دهرها ومن معه عليها، شأنه في ذلك دائم الانحياز إلى المرأة ومظلوميّتها في مجتمعٍ ذكــوريّ حتى لدى «أهل البيت» الواحد. وهل يمكن نسيان فتواه الشّهيرة المثيرة للجدل بحقّ المرأة في ضرب زوجها إذا ضربها؟ ولا أغالي حين أقول إنّه لولا فضل الله، لما كان البيت المرجعيّ على ما هو عليه الآن من ضياءٍ ورحابةٍ تتّسع لما، ولمن هو أبعد من المذهب والطّائفة والدّين والفكر والعقيدة، لتكون رحابة إنسانيّة حقيقيّة وحقّة.
    يبحث المثقّف عن علاقةٍ حرّةٍ بربّه ودينه ودنياه، وبفكره وحبره وشعره ونثره، إذ تغدو المرجعيّات في مثل هذه الحالات حاجباً وحجاباً لا يمكن لإبداعٍ أن يستقيم معهما، إلا أنّها في حالة فضل الله تهدم الحاجب وترفع الحجاب وتمسي باباً من أبواب الحرّيّة المفضي إلى مزيدٍ من الإبداع والنّور.
    ختاماً، ليأذن لي قارئي بعبارة جدّ شخصيّة: أن تحبّ فضل الله تلك مسألة عاديّة إن لم أقل بديهيّة، أمّا أن يحبّك فضل الله بشهادة أهله وتلامذته وعارفيه الأقربين، فتلك نعمة أُعطيتها وعساني أستحقّها.
    التاريخ: 26 رجب 1431 ه الموافق: 08/07/2010 م





  13. #223
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,595

    افتراضي



    المـحـبّ
    الشيخ ماهر حمود
    هي الصّفة التي لازمته منذ أن عرفناه حتى غادر إلى جوار ربّه. قالوا مرجع الانفتاح والتنوير والعقل والمستقبل، قالوا أموراً كثيرةً وكلّها صحيحة، ولكن ما كان ذلك كلّه ليأخذ طريقه إلى الواقع لولا النّفس التي تحتضن ذلك العلم وذلك العقل وتلك التّجربة. الأصل في الصّلاح هو النّفس: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}، {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، وإلى آخر ما هنالك من آياتٍ في المعنى نفسه. فالنّفس هي الوعاء الّذي يستوعب العلم والتّجربة، وكلّ الطاقات البشريّة. فإن لم يكن الوعاء مناسباً لاستقبال المنح الربّانيّة، فلن يصلح شيء منها.
    لقد صلحت نفس هذا الرّاحل الكبير، وعلامة صلاح النّفس أنّه كان محبّاً. تشعر بالمحبّة تتسرّب إليك من كلماته التي ينتقيها، وما بينها من نصائحه الرّقيقة، من قبوله للآخر، من الحوار الّذي اشتهر به، من صبره على أذى أولي القربى والأبعدين، أصحاب الأعذار أو الشّبهات كما الّذين يعلمون. صبر عليهم جميعاً، ورفض بشكلٍ مستمرٍّ أن يردّ على الإساءة بإساءة، بل كان يحتسب الأمر عند الله، ويبتسم راضياً بما حصل، واثقاً من المستقبل الذي سيأتي بهم إلى جادة الصّواب أو يعيدهم إليها.
    في رأينا، لا يزال جوهرةً مكنونة، ولا تزال أهميّته الحقيقيّة مخبوءةً كالدرّ العظيم الّذي لا يعلم قيمته حيث هو. ولا يزال الّذي لم يُقَلْ بعدُ أعظم من الّذي قيل، وفي رأينا، لم يقدّره أحدٌ حتى الآن كما يستحقّ. وذلك كلّه لأنّه محبّ، نستشعر من كلماته وفلتات لسانه الحديث الشّريف: «لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه». وهذه الصّفة التي جعلت أفكاره تتسرّب إلى النّفوس بسلاسةٍ وهدوء، ومن دون ضجيجٍ وجلبة، وكأني به كما وصف الشّاعر:
    تمرّ بك الأبطال كلمى هزيمةً ووجهك وضّاحٌ وثغرك باسم
    هو تماماً كذلك. هل رأيتموه بعد محاولة الاغتيال الشّهيرة، وغيرها؟ هل رأيتموه والقصف ينهمر على المنطقة التي هو فيها؟ هل عاشرتموه في فترات الأخطار المتعدّدة الوجوه والأشكال؟ هل سمعتموه والنّاس يختصمون على أمورٍ كبيرةٍ وصغيرةٍ، ويتّهم بعضهم بعضاً ويتشاتمون، وهو يعطي رأيه بهدوءٍ بلا تشنّج أو خوفٍ من أحد. لماذا ذلك كلّه؟ لأنّه محبّ، محبّ للخير.. أحسب أنّه كان في اللّحظة التي تسقط قربه متفجّرة، لا يحقد على مطلقها، ولا على الّذي كان حريصاً على قتله، ولا على الّذي يفتري عليه ويتأوّل عليه بهتاناً وجحوداً.
    نعم، شحَّ العلم أو كثر، كبر المقام أو صغر، نُظِرَ الإنسان أو غُمِر، انطلق في الآفاق أو حشر... أصل الصّلاح هو النّفس، وليس كثيراً عليه إن سماه البعض لفترةٍ طويلةٍ النّفس الزّكيّة، سواء كان الهدف من تسميته تأكيد صفاته، أو ربط ذلك بموضوعٍ آخر. إنما ليس كثيراً عليه أن يكون النّفس الزّكيّة التي لا تنطوي إلا على خيرٍ ومحبّةٍ وحرصٍ على المؤمنين ورأفةٍ بهم، ورضى بما قسم الله، وخير يراه في العدوّ والصّديق على حدّ سواء، يبحث عنه فيلاقيه، لينشر من خلال ذلك الخير المخبوء عند الآخرين، ليبني على ذلك الخير المخبوء خيراً، فيزداد الخير على الخير.. خيراً.
    هذا ما نستطيع أن نقوله باطمئنانٍ ويستوعبه الجميع، إلا أنّ أهميّة هذا العالم الجليل في ما لا نستطيع قوله على الملأ، بل ما لم يكن يستطيعه هو بنفسه، ولنا أسوة في العلماء والعظام الذين أسّسوا لفقه الإسلام العظيم. ألا يكفينا مثلاً الإمام الشّافعي الذي قال:
    إن كان رفضٌ حبّ آل محمّدٍ فليشهد الثّقلان أنّي رافضي
    هذا إمام أسّس لواحدٍ من أكبر المذاهب في التّاريخ الإسلاميّ، وجمع في شخصه مواهب متعدّدة، وتميّز بصغر سنّه عندما كان يفتي للنّاس، فها هو يدافع عن نفسه أمام العامّة ورعاع النّاس. ليس كثيراً عليك يا سيّد أن تقضي قسطاً عظيماً من حياتك الشّريفة تدافع عن نفسك ولا يفهمك النّاس أو كثير منهم، ونكرّر أيضاً ما قاله الإمام أحمد بن حنبل عندما اختلف مع من لا يستطيعون فهمه، قال: بيننا وبينكم الجنائز.
    هل رأيتم جنازة السيّد؟
    إنّه المحبّ.
    التاريخ: 26 رجب 1431 ه الموافق: 08/07/2010 م





  14. #224
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,595

    افتراضي

    وأنا ابنتك
    فاتن قبيسي
    «الله يبارك فيكِ، أنتِ بنت من بناتي.. أنتِ تربيتي». هكذا كان يبادرني الرّجل الكبير في كلّ مرّةٍ أقصده فيها.
    بدايةً، كنت أعزو قوله هذا إلى دواعي المجاملة والكياسة، ولكنّني سريعاً ما اكتشفت أنّه لا يتكلّم بلسانه، بل بما يفيض به قلبه. تلك الخفقة التي تضخّ محبّةً، وتطفح بالرّحمة لكلّ عباد الله.
    اليوم، رحل السيّد محمد حسين فضل الله، أبو الجميع، والأب الذي منحني شرف تربيته لي. سبقه والدي إلى رحاب الخالق قبل حوالى ثلاثة أشهر، وكأنّ ثمة تواطؤاً قدريّاً لاغتيال الأبوّة في حياتي.
    في مقابلتي الأخيرة معه، لاستطلاع رأي الدّين حول ظاهرة إفلاس رجال الأعمال، لم يتخلّ «السيّد» الّذي كان قد أضناه المرض، عن ابتسامته وترحيبه بالضّيف وكلماته الدّافئة. هالني اهتمامه بالحديث عن الجانب الشخصيّ من حياتي، في وقتٍ يُحسب لوقته وصحّته ألف حساب. «بحبّ أسألك عن حياتك»، بادرني ثم أردف: «أتمنى أن تكون هواجسك قد انتهت».
    وكنعمةٍ تهبط عليّ من السّماء، كان يدعو بأن «يفتح الله عليكِ أبواب الحياة السّعيدة والمنتجة». كانت روحه الدّافقة تملأني بالرّهبة، وهي الرّهبة التي تجعلني أقترب منه أكثر مما أهابه، فأحمل إليه مشكلاتي، على هامش الصّفة المهنيّة، ويسلّمني بيدي مفاتيح لا تدور في الأقفال إلا عبر كلمته السّحريّة: «الصّبر».
    عظيم جداً ذاك الرّجل، الذي برغم انشغالاته في الفكر والسياسة والدّين والأدب، وهمومه التي تمتدّ على امتداد العالمين العربي والإسلامي، كان يسرق الوقت ويقتنص نعمة رحابة الصّدر، من أجل إرضاء الجميع. كان يقول لمستشاره هاني عبد الله: «ما تزعّل صحافي». ولم يتأخّر يوماً في إعطائي حديثاً، وإلا.. فكان يجيب عن أسئلتي هاتفيّاً، لدواعي الإسراع في النشر.
    لـ«السيد» فضل كبير... أذكر كيف وقفت أمامه للمرّة الأولى بكلّ ارتباكي ولهاثي لأنّي حظيت بمقابلته، وأنا بعدُ طالبة جامعيّة على شفير التخرّج، وصحافيّة متمرّنة في «السفير». وكوني مبتدئةً، لم يعاملني يومها كناقصة خبرة، بل أفاض عليّ من شروحاته ورحابته، كمن يأخذ بيدي نحو درب المهنة. وهكذا كان، فقد نقلني ذاك الحديث للتوّ من كوني متدرّبة إلى موظّفة، تلجأ إليه في كلّ قضيّة جدليّة للاحتكام إلى رأي الشّريعة.
    لـ«السيد» أفق واسع. كنت أقف مأخوذةً أمام كلّ جانبٍ أكتشفه فيه. وقد لمست بُعده المقاوم - فعلاً وليس قولاً - عندما أصرّ على أداء صلاة الجمعة، في اليوم الثاني الذي استهدفت فيه المقاتلات الإسرائيليّة بئر العبد بصاروخٍ تفجيريّ، خلال عدوان نيسان 1996. وعلى الرّغم من التحذيرات يومها، اعتلى منبر مسجد «الإمام الرّضا» لإيصال رسالته بحماسة الشّباب وإصرار المجاهدين، فضخّ الدّم في عروق النّاس، عبر شجبه لمعادلة: «الضّاحية مقابل كريات شمونة»، وأكّد أنّ قصف الضّاحية ليس نزهةً ولن يجرّ استسلاماً، داعياً المقاومة إلى قصف مستعمرات العدوّ ومستوطناتهم، انطلاقاً من مبدأ «الحرب بالحرب».
    وكمشهدٍ تتشبّث به الذّاكرة، لا يزال مسجد «الإمامين الحسنين» يستعيد يوم افتتاحه في 18 أيار 1996، وقد جمع الحاضن الكبير آلافاً من مختلف التيّارات والاتجاهات، ليؤمّ بهم صلاة الجمعة، وعلى رأسهم السيّد حسن نصر الله، في مشهدٍ مهيبٍ شُبّه يومها بكونه: «مشهدٌ من مشاهد الأقصى».
    لـ«السيد» حكمة الأنبياء. لطالما هوجم لدى إصداره فتاوى ترفع النّاس من المسلّمات والاستسلام للتّقليد، إلى مكانٍ يليق بالإنسانيّة. ولعلّ مقابلته مع «السفير» التي انتقد خلالها للمرّة الأولى مراسم إحياء مجالس عاشوراء في 27 أيار 1996، شكّلت الباب الواسع لانتقاداتٍ بحقّه لا تنتهي.
    ومع ذلك، صبر وتحمّل وتفهّم هواجس البعض، و«جاهد» غير مرّةٍ لإيصال صوته الراجح في جوّ يخلو من العداء.
    لـ«السيد» كِبر ورفعة. يلحّ عليّ اليوم ذاك اللّقاء، عندما نقلتُ إليه فيه شاكيةً ومستنكرةً، ما قاله عنه أحد رجال الدّين في لبنان. فكانت ابتسامة صافية وتعليق رصين: «الله يشفيه». لا يعرف الحقد من يعرف الله. ببساطة، هذه هي قناعته.
    لـ«السيد» باع طويل في مكافحة الظّلم والفساد. وهو المعروف عنه رفضه لمبلغ ضخم، عرضه عليه أحد كبار السياسيّين المتموّلين في لبنان، واضعاً أيّ مالٍ لا يكون مصرّحاً عنه، ولا يكون في خدمة مشروع محدّد، في خانة الرّشى.
    اليوم نفتقدك، وقد تتعاظم هموم الوطن في غيابك. نحتاج إلى تلك الحكمة والحماسة، وذاك السند للاستقواء على غدرات الزّمن.
    لم نسلّم بعد برحيلك، فإنّك لم تبارح الأمكنة، ولم ينطفئ ظلّك، ولم يخفت صوتك.
    أنظرُ اليوم في وجهي ولديك السيد علي والسيد جعفر، لأبحث عنك، لأراك من خلالهما. أبحث عمّا يطمئنني إلى أنّك باق وحيّ.
    حزني عليك مؤجّل، لم أبكك بعد، وقد تجمّد دمعي لفرط الذّهول. أمس، كان تشييعك المهيب إلى مثواك الأخير... فهل ستبدأ اليوم رحلة الوجع؟
    أنا «ابنتك».. فمن سيعزّيني بك؟
    أنت «أبي» ومرجعي الفقهيّ... فماذا سيعوّضني عنك؟
    التاريخ: 26 رجب 1431 ه الموافق: 08/07/2010 م





  15. #225
    تاريخ التسجيل
    Feb 2003
    المشاركات
    29,595

    افتراضي

    العلامة فضل الله بنظر متشيّع أصبح يساريّاً
    معمّر عطوي
    من الصَّعب تخيّل السّاحة اللّبنانيّة المفتوحة دوماً على الصّراعات المذهبيَّة والطائفيّة، وعلى حروبٍ مدمّرةٍ مع العدوّ الإسرائيليّ، من دون رجل دينٍ حواريّ منفتح ومعتدل بوزن السيّد محمّد حسين فضل الله، الّذي غادرنا باكراً. غادرنا في وقتٍ لا تزال نار الحقد تحت رماد هذا التنوّع القائم على خدعة التّكاذب بين اللّبنانيّين. وقد أكون مبالغاً إن قلت إنّ أهميّة وجود رجلٍ في لبنان بوزن السيّد فضل الله ،تعادل أهمية الأمن في منطقة ملتهبة.
    منذ مراهقتي، تعلّقت بشخصيّة السيّد، ونهلت من معين خطبه ودروسه ومحاضراته، وخشعت معه في أدعيته وابتهالاته، كما أني كنت ألتهم كلّ ما يصدر من كتبه ومنشوراته الفقهيّة والفكريّة والسياسيّة وحتى الأدبيّة.
    حفظته عن ظهر قلبٍ منذ كنت ذلك السنّي المتشيّع، أتابع صلاة الجمعة خلفه في مسجد بئر العبد، حيث كان المسجد رمزاً للمقاومة وللحياة السياسيّة الكريمة. لم يكن السيّد فقيه حيضٍ ونفاسٍ، ولا مفتياً في قضايا سخيفةٍ كتلك التي نشاهدها في بعض المحطّات الدّعوية، بل كان دائماً يحثّ أتباعه على الخوض في مسائل أعمق وأكثر أهميّةً من حكم المستنجي وطريقة الدّخول إلى بيت الخلاء.
    لذلك، لم يكن السيّد تقليديّاً في معالجته قضايا المجتمع ومشاكل السياسة، بل كان دائماً ذلك الباحث عن مخرجٍ لمقلّديه، على أساس أنّ «الإسلام دين يسرٍ وليس دين عسر»، وأنّ «الأصل في الأحكام الإباحة»، وأنّ القاعدة الأساسيّة هي حفظ الإنسان وتطويره وتنميته، فكان فقيهاً من أجل الإنسان.
    هو العالم الجريء الّذي لا يمكنه إخفاء رأيه حتى لو خرج عن إجماع الفقهاء، فكان العالم الشيعيّ الّذي قد يؤيّد رواياتٍ وأحاديث موجودة لدى أهل السنّة، ويرفض أخرى موجودةً لدى أهل الشّيعة، بدعوى عدم وجود سندٍ قويّ لها...
    ولعلّ أكثر ما أتذكّره من السيّد، مقولة كان يردّدها دائماً: «لنقتل هذا البدويّ فينا»، انطلاقاً من هذا البدويّ الّذي يقفز بين حينٍ وآخر في فكرنا وسلوكنا، كان السيّد يحارب التخلف.
    وكان العلامة فضل الله قادراً على مخاطبة الآخرين بلغةٍ فلسفيّةٍ سهلةٍ ممتنعة، تصل إلى الكبير والصّغير، المتعلّم والأمّيّ، وكان كل ّهمّه أن تتطوّر الأمّة في محيطها المتنوّع من دون أيّ ظهورٍ لجدالاتٍ بيزنطيّةٍ لا حاجة إلى ظهورها أصلاً. لذلك كان فضل الله يحوّل الاجتهاد إلى مصلحة تضييق هوّة التّناقضات بين السنّة والشّيعة، وبين المسلمين والمسيحيّين، وبين الشّرق والغرب.
    ففي محاضرةٍ ألقاها في الجامعة الأميركيَّة أواخر التّسعينات، تحدّث عن السيّد المسيح ورؤية الإسلام له. أذكر يومها عبارةً شهيرةً قالها بما معناه: «إذا كان المسيح في نظر المسيحيّين قد صلب وطلع إلى السّماء، وإذا كان المسلمون يؤمنون بوجوده حيّاً في السّماء، فلنّتفق على أنّه طلع إلى السّماء، ولنترك جانباً خلافنا على صلبه».
    هكذا كانت ذهنيّته الحواريّة المنفتحة تبحث عن مواطن اللّقاء وتترك الخلافات جانباً. انطلاقاً من هذه الذّهنيّة، برزت فتاواه الجريئة التي أدهشت الآخر وأزعجت أهل المذهب الّذين ما كانوا ليتنازلوا عن الكثير من المقولات، «حفاظاً على هويّة المذهب وخصوصيّته وعدم ذوبانه بالمذاهب الأخرى».
    لعلّ أهمّ فتوى برزت لدى السيّد، كانت حول الرّجوع إلى علم الفلك في تحديد بداية الشّهر الهجريّ ونهايته، وحين أفتى بجواز الإفطار حسب توقيت أهل السنّة، كأنه كان يريد لهذه المجموعات البشريّة المتناحرة في لبنان أن تلتقي على كلمةٍ سواء، فكان ذلك العالم الّذي يسعى إلى جلب المصلحة، ليس فقط للمسلمين، بل لكلّ اللّبنانيّين، ويدرأ عنهم المفاسد الطائفية التي كسرت ظهر بعيرهم.
    غالباً ما كنت أقصده في منزله بحارة حريك، حين كنت أواجه معضلةً فقهيّةً أو فكريّة. وخلال الوقت المخصّص للمواطنين، كان يستقبلني في صالونه المتواضع، حيث كان المضيف يقدّم الشّاي اللّذيذ لضيوفه ومريديه. كان يجيبني بكلّ رحابة صدرٍ عن أيّ سؤالٍ مهما كان محرجاً أو جريئاً أو ذا طابع نقديّ للدّين، ويستمع إلى وجهة نظري برحابة صدر.
    لم يكن السيّد حزبيّاً، لأنّه كان يعتقد أنّ الحزب وسيلة للوصول إلى تحقيق العدالة، وكان يرفض تحوّل الحزب إلى غايةٍ كما حصل مع الكثير من الأحزاب الإسلاميّة. ولم يكن ديماغوجيّاً يطرح أفكاره من دون أن ينظر إلى إمكان تحقّقها في الواقع؛ كان ذلك الواقعيّ والمبدئيّ في آن، الشّخص المرشد المتجاوز حدود الحزب ودوغمائيَّته. من هنا، كان طرحه دولة الإنسان في لبنان، معتقداً أنّ القيم لدى المسيحيّين والمسلمين كفيلة بتشكيل منظومةٍ تضمن إقامة دولةٍ رائدةٍ قائمةٍ على الأخلاق.
    هو العالم الشّيعيّ الّذي حمل همّ اللبنانيين جميعاً، والجنوبيّ الّذي حلم بفلسطين محرّرةً من كلّ قيد، واللّبنانيّ الّذي تمنّى للعرب أن يكونوا بالفعل خير أمّة. لذلك، كان تمسّكه بقضايا الأمّة أكبر من خلافاته السياسيّة مع التيّارات المقاومة، فبقي على دعمه القويّ للمقاومة الإسلاميّة في لبنان رغم خلافه العقائديّ مع قيادتها، وتميّز بدعمه للمقاومة العراقيّة رغم تقاربه مع بعض التيّارات التي وقعت أسيرة الاحتلال الأميركيّ هناك، محرّماً خدمة هذا الاحتلال بأيّ شكلٍ من الأشكال.
    كان فضل الله، كما عرفته وعرفه الكثيرون، ذلك الشّاعر الّذي طبع فكره بنداوة الأدب، وأعطى لآرائه السياسيّة طراوة الشّعر، لتصبح أكثر سلاسةً وقدرةً على اقتحام العقول حتى المتحجّرة منها. لذلك، كان كلّ من يلتقيه من عربٍ أو عجمٍ، ومن مفكّرين أو سياسيّين أو شخصيّاتٍ على تنوّعها، يخرج من عنده مشدوهاً بقدرته على التّعبير وسعة أفقه وجدّيّته في خوض الحوار؛ هو الّذي كان يقول دائماً: «لا مقدّسات في الحوار».
    هذا هو السيّد فضل الله الّذي غادرنا بالأمس، في نظر شابٍّ عرفه عن قرب وتابعه، رغم اختلاف المشارب والخلفيّة المذهبيّة والرّؤى الفلسفيّة. هو السيّد العاقل في نظر متشيّعٍ سابقٍ خارجٍ إلى رحاب العقل وقيم اليسار والعدالة الاجتماعيّة.
    لا مجال لإخفاء حجم الخلاف الجذريّ مع السيّد في مواضيع عديدة، ولا سيما اختلاف النظرة إلى البعد الماورائي للدّين والجانب الأسطوريّ من اللاهوت، بيد أنّ هذه الذّهنيّة المتّقدة بالحوار، والمتميّزة بالقدرة على الانفتاح على الآخر، هي حاجة يساريّة أيضاً، حتى لا يتحوّل اليسار إلى الوقوع في تهويمات الأيديولوجيا ودوغمائيّتها.
    جريدة الأخبار اللبنانية

    التاريخ: 27 رجب 1431 ه الموافق: 09/07/2010 م





صفحة 15 من 23 الأولىالأولى ... 51314151617 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. انا لله وانا اليه راجعون
    بواسطة حسين سعيد في المنتدى واحة المناسبات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 15-06-2010, 12:28
  2. انا لله وانا اليه راجعون ....... الارهاب من جديد
    بواسطة محمد من الكوفة في المنتدى واحة الحوار العام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 11-04-2008, 18:43
  3. مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 28-01-2007, 15:15
  4. مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 22-11-2006, 09:44
  5. انا لله وانا اليه راجعون
    بواسطة منتصر في المنتدى واحة الحوار العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 12-02-2005, 22:16

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني