النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    المشاركات
    6

    افتراضي وانك لعلى نهج علي

    أ‌.عبدا لله محمد
    وإنك لعلى نهجِ علي
    خواطر في الراحل الكبير السيد فضل الله (رض)

    يا أبانا استرح ْ!
    فحق لمثلك أن يستريح ، وهيهات أن تستريح، وأنت على نهج آبائك وأجدادك تقاسم الفقير قرص الشعير ك(علي)، وتعيش نكران الذات ك (فاطمة) وتجرع مرارة السم ك(الحسن)، ولو استطاعوا لعلقوا راسك على رمح خذلانهم ك(الحسين) الذبيح - وان تكالبوا عليك عندما صدعت بالحق، فرقة بالحجارةِ (الأكاذيب) وفرقٌة بالسيوفِ (التشويه) وفرقة بالرماح (التزوير) وفرقة بالسهام (الخذلان)، ولوحوا بقميص عثمان (ظُلامةُ أهل البيت) لكي يمعنوا في إطفاء نور الحق فما هادنت ولا سالمت ولا خنعت وكنت الذاب بالحق وبالحقيقة عن دين الله وعن خط أهل البيت، لأنك السائر على نهج جدك علي بن أبي طالب الذي صرخ في الدنيا "ما ترك لي الحق من صديق" والقائل " إنكم تريدونني لأنفسكم وإنا أريدكم لله".

    يا أبانا استرح ْ!
    وأطبق جفنيك كي لا تراهم، كي لا تجد تراثَ عليٍِ تتناهبه النفوس الهزيلة الخانعة، كي لا تستمع إليهم وهم يخيطون رداء الخرافة البالي بأصواتٍ مزكومةٍ بحب الدنيا، كي لا تبصر رايات الإحن والكراهية ترفرف على منائرٍ الدسائس، كي لا تتألم وأنت تقف على جثة الحقيقة وهم يتكاثرون عليها بخناجرِ الغيلةِ والغدر حتى يتفرق دمها بين المنزوين في غيابات الظلمة.

    يا أبانا استرح ْ!
    واعلم انك لن تستريح، وأنى لمثلك بالراحة؟ فروحك التي بين جنبيك عصية على أن تنالها نسمات الدعة، أو أن تسافر إلى شواطئ الاستجمام، فدون ذلك ودائع (محمد) التي تزدحم في مسامات المسافة، فمن يحملها غيرك ؟ ومن يوصلها غيرك، ومن يسال عنها غيرك، هكذا كنت كفيلا وكافلا، معيلا وعائلا ، تحتشدُ عندك اللحظات وتستطيل بلطف الخالق كي تحمل قارورة العطر وقناديل الهدى وبريد النقاء، ويعلم الناس أنها ذات الطرقات على أبواب الفقراء، والخطوات عينها تلك التي كانت تسمع في حواري المدينة والكوفة.

    يا أبانا استرح ْ!
    ولا تحزن، فأنت من علمنا أن الرسالات لا تموت بموت رجالاتها، وأنت من علمنا أن نقابل الشوك بالورد، والبغض بالحب ، والحقد بالصفح والأريحية، فيا لقلبك الواسع الشاسع ! ويا لعنفوانك الطامح الطافح ! ويا لسكونك الراعد العاصف ! ويا لصمتك الصارخ الناطق ! ويا لبياضك الذي ضاقت به الأرض بما رحبت حتى قوبل بالجحود ! ويا لنقائك العصي على أصابع التشويه! فهنيئا لك يا أبا علي، أشجارك التي استطالت أغصانها حتى أوصلتك إلى أبواب الجنة.

    يا أبانا استرح ْ!
    واترك لهم حجارة التعب، أولئك الذين رضوا الانزواء خلف متاريس الخرس، والاستماع إلى الصراخ النشاز، ويقينا أنهم ألان مستاءون، إذ برحيلك سلبتهم البضاعة التي يحسنون الترويج لها، ألا وهي النيل من النقاء، استرح واترك لهم خلوهم إلى شياطينهم فلا تزال كلماتك التي يجهدون في إطفاء نورها ويأبى الله ذلك

    يا أبانا استرح ْ!
    وحق لك ان تستريح لان عالميةُ فكرك بحجم عالمية القران والإسلام، انك ظاهرةُ استطاعت أن تكسر جبروت حاجز الزمان والمكان، وتخترق تنوع الأجيال، فامتد فكرك سابحا ومؤثرا شرقا وغربا حيث نهلت من معينه الصغار والكبار وتابعه المثقفون إسلاميين ومسيحيين وعلمانيين، وسيبقى معينك دفاقاًَ خالداًَ متجدداًَ كخلودِ القران الذي كان أنغاماًَ تترنمها أناء الليلِ ذكراًَ مع معشوقك الأول وأطراف النهار فكراًَ تؤصله لبني البشر هادياًَ لهم من غياهبِ الظلمات، فهنيئا لك الخلود يا صاحب القلب الكبير والخلق الرفيع.

    يا أبانا استرح ْ!
    فسنابلك الخضر دليل على عظم الحب الذي تحمله للناس، وما الدموع التي تتقاطر منها إلا دليل وحجة على الخلق أجمعين بصحة نهجك، فأين أنت الآن وأين هم؟ فقد آليت أن لا تخرج منها إلا وأنت باق في قلوب محبيك والسائرين في ذات الدرب الذي تسير فيه، والذي جاهدت حق الجهاد من اجل أن تسير الجموع فيه، انه درب الله ، درب الحب والسلام ، فهل هم مهتدون.

    ويقينا انه لرحيل صعب ، موغلٌ فينا مرارة وحسرة ، لأنك الرقم العصي في معادلة العمل الرسالي ، هكذا عودتنا ، كيما تكون متفرداً في كل شيء ، وها أنت متفردٌ حتى برحيلك ، فإلى أين يا أبا علي ؟ إلى أين تحث الخطى ؟ والزمان الذي اخترت الرحيل فيه لا يحتمل غيابك السريع ، ها أنت تقود سفينك الى شواطئ الرحمن ، تاركا مركب الإسلام الأصيل تتلاطمه أمواج التجاذبات والارهاصات ، فأنى له بمثلك ؟ كيما يقبض على مقوده ليكمل المسيرة بامان وسلام ، لعمري انه الفراغ الكبير في غياب الكبير.

    أي سدٍِ منيعٍِ كنت، وأي فراغٍِ تركت بانتقالك المفاجئ إلى ضفة الخلود ؟ بمن نلتجئ عند هبوب رياح الفتن والأهواء؟ وأي عاصم يعصمنا من أمواج الخرافة والغلو؟ بل كيف نحيا بدونِ اطلالتُك علينا مربياًَ ومعلماًَ وموجهاًَ وأباًَ حنوناًَ ، لقد صير رحيلك الحياة باهتة يا ابا علي ، لقد كنت ملحها وملهمها وصانعها ، يا أبا علي نسأل الله الذي جاد ومن بك علينا أن يمنا علينا بمثلك، فمنك الراية نحمل حتى تقبضها كف الحجة بن الحسن روحي فداه.

    أيها الراحل عنا ولست براحل، أيها الغائب الحاضر والحاضر الغائب، عندما زرتُ ضريحك المقدس أحسستُ بحضورك روحاً و بدناً، وحينما نظرتُ إلى تلك الزهور غطت مرقدك الشريف فكأن كل زهرة تحاكي فكرة من أفكارك وكل وردة تعكس نورا من أنوارك، عندها انتابني شعورٌ انك لم تمت يا أبا علي، فأنفاسك المطرزة بأي الكتاب ما زالت تتدافع في الهواء الطلق، ليلتقطها المؤمنون فتبعث فيهم الرسالة حياةًََ، والقران منهجاًَ، وحب الله منطلقاًَ. وكيف تموت وأنت تعطي الرسالة حياة، يا من كانت الرسالةً همك الأول والأخير.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    3,118

    Lightbulb

    احسنتم وبارك الله فيكم على النقل الموفق , ورحم الله مرجعنا الراحل السيد فضل الله قدس سره الشريف .


    شهداء بلادي إرث العراق





ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني