أيتام فضل الله




(قاسم حسين) - (2010-09-08م)



[align=justify]
قبل منتصف الليل، وفي نشرتها الإخبارية الأخيرة يوم الثلثاء الماضي، بثت «المنار» تقريراً عن «أيتام فضل الله». وفي اليوم التالي نشرت «السفير» اللبنانية موضوعاً عن الضاحية الجنوبية يوم دفنه... حيث توقف الباعة عن البيع، واليتيم يختبر معنى اليتم مرةً أخرى.

من مفاخر حضارتنا الإسلامية اهتمامها البالغ باليتيم، ربما لأن نبينا الأكرم (ص) كان يتيماً، فقد تجرّع اليتم منذ عامه الأول بفقد أبيه، وفُجع في السادسة بوفاة أمه، ولم يكمل العاشرة حتى فقد جدّه الحامي أيضاً. فكانت تعاليمه تحثّ كثيراً على رعاية اليتيم، وضمن (ص) لكافل اليتيم الجنّة ما لم يرتكب ذنباً لا يغتفر.

في آخر صفحةٍ من حياة تلميذه عليٍّ (ع)، نراه يوصي أهله ومن بلغه كتابه من الأجيال التالية بقوله: «الله الله في الأيتام، فلا تغبوا أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم»... وفي روايةٍ أخرى: «فلا يجوعن بحضرتكم». وما أصعب الجوع... فكيف إذا أصاب اليتيم؟

في أية مدرسةٍ حضاريةٍ أخرى غير المدرسة القرآنية، نجد حاكماً يُرسل والياً ليحكم بلداً كبيراً مثل مصر، فيوصيه بقوله: «وتعهّد أهل اليُتم وذوي الرقّة في السن ممّن لا حيلة له ولا ينصب للمسألة نفسه»... كما في عهد الإمام لمالكٍ الأشتر؟

إجابات أيتام فضل الله في تغطية «المنار» و»السفير» ليوم رحيله، كانت متشابهةً إلى حدّ التطابق: «اليوم... فقدت والدي. والآن عرفت معنى اليتم مرةً أخرى»... وتغرورق عيونهم بالدموع.

هؤلاء الأطفال والشبان الذين يزيد عددهم على ثلاثة آلاف، ترعرعوا في دور الأيتام التي أنشاها السيد فضل الله، فلم يعرفوا لهم أباً سواه. كانوا يرون في وجهه روح الأبوة وسماحتها، ويقول أحدهم أن النور أصبح ظلاماً. وحين زاره أحد تلامذته في مرضه الأخير، بادره السيد (رحمه الله) بالسؤال عن الشباب، قبل أن يسأله هو عن صحته.

البداية كانت مع تفجّر الحرب الأهلية، فاتفق مع السيد موسى الصدر والشيخ محمد مهدي شمس الدين على إنشاء مؤسسات للأيتام الذين تفرزهم الحرب، بدل تركهم طعمةً للمؤسسات التبشيرية. وبعد اتصالهم بالمرجع الأعلى السيد الخوئي أجاز لهم صرف الحقوق الشرعية فانطلقت تجربة المبرات الخيرية، التي اهتمت بتعليمهم حتى المرحلة الجامعية. وكانت مدارسه التي يصرف عليها من أموال الخمس تحتضن طلاباً من الشيعة والسنة والمسيحيين... أمّا المبرات فكانت تحتضن الأيتام المسلمين فقط لعدم دخول المسيحيين.

من أهم ما خلّف السيد فضل الله تجربته الرائدة في رعاية الأيتام. وهم أكثر الناس تأثراً وهم يرون صورته وتحتها عبارة «أستودعكم الله»، فيشعرون أنه يلوّح لهم بيديه... فتترقرق في أعينهم الدموع.


*جريدة الوسط البحرينية
[/align]