هل يسود العراقيون العالم

نشرت إحدى الوكالات العالمية أنباء فلكية تتوقع حصول انفجارات بركانية في الشمس عام 2012 والتي ستؤثر سلباً على الكرة الأرضية وسكانها واستقرار حالتهم المعاشية، وقد ذكرت الأنباء آن حركة الشلل التام ستسود الأرض، حيث تتوقف وسائط النقل كلياً ووسائل الاتصالات كذلك وقد يتسبب التأثير الشمسي بشحة المياه، وانهيار شبكات الصرف الصحي والمياه، وتذكر تفاصيل متوقعة أخرى.

والسؤال الذي نطرحه هو هل حسب العالم لمثل هذه الكوارث وكيفية مواجهتها؟ وهل وفر استعدادات نفسية وبدنية واجتماعية لمواجهتها أو انه ترك الأمور تمشي على منوالها دون حساب لطارئ مثل هذا القبيل؟

الجواب بالنفي عن كل ذلك، لأن هذا العالم مغرور بما وصل إليه من العلم دفعه إلى توقع ما يهيئ به نفسه لكوارث من هذا القبيل، ولم يكيف نفسه لممارسات شعائرية تنقذه وقت الشدة.

وأما العراقيون فقد أكلتهم التجارب الحياتية بكل قساوتها ومرارتها فتحملوا ما لم يتحمله شعب في الأرض، من الضغط النفسي، والضغط المعاشي، وقاموا بممارسات أظهرت قوة إرادتهم وشدة تحملهم، وتكيفهم مع مختلف الظروف، وما الشعائر الحسينية التي يمارسها هذا الشعب في أربعينية الإمام الحسين عليه السلام، وهو يقطع آلاف الأمتار مشياً على الأقدام إلا ترويضاً للنفس وتمتيناً للإرادة لتواجه ظروفاً مهما كانت قاسية، وفي كل ذلك هم يستأنسون بممارساتهم الشعائرية، واستمرارية حياتهم مع ما فيها من قسوة وحرمان وخوف وعازة وتشريد وتقتيل و.. و..

فقد اعتادوا الشدة والقسوة ونسوا الراحة والدعة، وإذا صدقت هذه التنبؤات الفلكية، فسيكون للفريقين كلام حينها، حيث سيسود العراقيون العالم لأنهم تدربوا جيداً على ظروف مثل ما سيحصل في الأرض، والفريق الآخر سيقع في شر بطره وغروره حينما يجد نفسه خالياً من مقومات مواجهة الأزمة، وغير مهيأ لديمومة حياته في مثل ظروفها، وقد تلجئه الحاجة إلى كسب الخبرة من العراقيين واستيراد الآلية المناسبة لمواجهة تقلبات الحال، وسيصبح العراق محل حاجة كل الشعوب بعد أن كانت هي محل حاجته حيث البضائع والأغراض والسياسات تورد إليه من كل حدب وصوب، فلا انقطاع التيار الكهربائي بمؤثر عليه وقد عوّد نفسه على انقطاعها واكتوى بنارها وانقادت نفوسهم لألفة ظروفها، ولا تعطيل المواصلات واليات النقل تعرقل حركتهم وسعيهم الدؤوب نحو اختراق مناكب الحياة، وتحصيل أرزاقهم ومعاشهم، وقد سيرت أنفسهم وآنست بالمشي طويلاً ولمسافات كبيرة وهي لا تشعر إلا بالبهجة والسرور، وأين هذه الصفات التي يملكها العراقيون؟ من تلك التي يقصدها الآخرون وإذا أصبح العراق محل الحاجة للآخرين، كان سيدهم لا محالة طبقاً لقانون سياسي واجتماعي أطلقناه مراراً وفي مناسبات عديدة بأن نظرية الحاجة هي من سيسوق الأمور إلى مقاصدها.. ولله عاقبة الأمور.
النهج العدد 69