شخصية مثلت رمز ومرجع من مراجع المسلمين لها فكرها الخاص المنطلق من مدرسة الرسول واهل البيت عليهم السلام.. اثار الكثير والكثير وكان محط الانظار في اكثر من موقف وعادة الرجال تعرف بمواقفها.. فهو ليس بعالم صنعته الفضائيات او الصحف اوالاعلام..وانما افكاره ورؤيته الاسلامية وطيبته ورقته جعلت منه رجل يحسب له الف حساب... انه المرجع الراحل سماحة اية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله ..

شخصية فضل الله...

فضل الله وحسب ماينقله المقربون منه ومن عائلته رجل متواضع جدا فوق العادة وكان عنصراً موحداً في كل لحظات حياته ظل يدعو للتسامح والحوار ويحث على احترام المرأة والأخذ بأسباب العلم والتقدّم العلمي حتى سكن قلبه الثائر الذي آمن بالمقاومة وظل جزءاً منها حتى آخر رمق من حياته. فقد كان منشغلا بمؤسساته الخيرية المتعددة التي "ظنتها" إسرائيل مراكز صاروخية لـ"حزب الله" فدمرتها مثلما دمّرت الجسور والمنشآت المدنية ومنازل الناس الآمنين في أكثر من منطقة لبنانية... وبرغم الخراب اصر على البناء من جديد ليس لشيء وانما لنصرة احباء الله في الارض الا وهم طائفة الايتام... ومن مواصفات شخصية فضل الله انفتاحه التام على جميع الناس واستقباله لجميع الشرائح في مكتبه المتواضع من سياسين وطلبة علم ومثقفين وحتى اناس عادين... ومن المفارقة انه بنفسه في بعض الاحيان يقوم بعقد القران لشباب متزوجين حديثا بنفسه وبمكتبه ويهيدهم بعض الهدايا ايضا حقيقة لم ارى مرجعا يفعل هذا مطلقا... عندما تطلب لقائه وتدخل مكتبه لايتاخر عليك اكثر من عشر دقائق وان كان عنده ضيوف...حتى في ايامه الاخيرة وهو على فراش المرض كان الناس يطلبون رؤيته والاطباء يمنعون زيارته ولكنه كان يطلب بادخالهم لكي يستانس بوجودهم رغم ان هذا الفعل له مخاطر صحية عليه... وكان يوصي دائما برعاية الايتام وكان الايتام اكثر محط اهتمامه في المناسبات كايام العيد والمناسبات الدينية... وكانت احب الاوقات اليه التي يقضيها معهم تحديدا...اما استقباله لمعارضيه في الفكر فله حديث اخر فهو لطالما استقبل رجال دين مختلفين ومن شتى المذاهب وحتى من مذهبه نفسه مخالفا له في الراي وكانت بعض الامور تصل من هؤلاء الى التعنت والتزام الراي الخاطيء وكان هو يكتم غضبه نتيجة للتجاوز ويبتسم في وجوهم ويخطابهم بكلمات رائعة ولكن تبقى النفس الامارة بالسوء بتعنتها وجبروتها تابى ان تفهم هذه التصرفات ويظنون انه ضعفا ولكن في الحقيقةهو كان صاحب حجة وبرهان قوي جدا وفي احد المقاطع الفديوية شاهدته يحاور بعض الشيوخ المعممين وهو غاضب من حوارهم فيقوم يستغفر ثم يجلس ليكمل الحوار... هذه بعض من معالم شخصيته....

فكر فضل الله...

فكر فضل الله لطالما كان مثيرا للجدل في الشارع الفقهي الشيعي وحتى الاسلامي... فهو كان يركز جله تفكيره واهتمامه على طلب العلم واهميته في الحياة والدين ودائما ماكان يحث من المقربين عليه وطلابه على طلب العلم والانفتاح الكامل على جميع انواع العلوم لانه كان يرى ان في المستقبل سيكون الاسلام بحاجة الى اناس واعين ومدركين لحقيقة الاوضاع ولكي لايكونوا في غفلة ويكونوا اداة في يد هذا وذاك من وعاظ السلاطين ... وطالما كان يؤكد ان المرجع هو انسان طبيعي يمكن ان يخطيء ويصيب وهذه كانت نقطة اثارت ايضا الجدل الكبير في الوسط الشيعي الذي كان يعطي للمرجع مكانة عليا وهي وكالة للامام المعصوم... واما عن موضوع الوحدة الاسلامية لطالما كان يحلم بتحقيقها من خلال خطبه وكلماته وزياراته المستمرة لبقية الطوائف وتواصله المستمر مع علماء المسلمين من كافة البلدان العربية والاسلامية في العالم ولطالما كان يرفض الخطاب المتشنج في طرح القضية الاسلامية وكان يدعو دائما للصلاة في جميع المساجد التي تخص السنة والحنبلية والشافعية والصوفية حيث كان يردد ان المساجد لله وليست لطائفة او مذهب معين...اما مسالة المقاومة فكان يدعمها معنويا وروحيا وكان يحث الناس على الايمان بمبدا المقاومة لان العدو (اسرائيل وامريكا)كانت لاتفهم لغة الحوار او العيش بسلام مطلقا وانما تعرف لغة الحرب والخديعة والالتفاف على القوانين الدولية والانسانية وكان دائما مايدعو للمقاومة في البلدان العربية كلبنان وفلسطين والعراق وكان مشروع للشعوب المضطهدة من قبل حكامها وانظمتها القمعية.. اما عن موضوع المراة فكان هو نصيرها الاول في العالم العربي والاسلامي فقد حارب الجاهلية الحديثة المعتمدة لحد الان في بعض البلدان العربية كاليمن والسعودية واعطاءها حريتها في تحديد المستقبل والعمل وادارة جوانب كثيرة من الحياة وكان يدعو في بعض الاحيان الى اعطاء دور بارز لها كرئاسة حكومة في بعض البلدان وكان يرى ان تجربة حكمها ستكون افضل بكثير من الرجل...اما عن موضوع العراق فقد كان فضل الله يتابع وباهتمام شديد مايجري في العراق لاسباب منها ارتباطه في الروحي ببلده الذي ولد فيه وكذلك لما يمثل العراق من اهمية كبيرة في العالم الاسلامي وكان يتالم بشدة واصدر كثير من البيانات بخصوص بعض الاحداث التي حدثت في هذا البلد..وايضا كان يستقبل الكثير من العوائل العراقية في بيروت وكذلك سياسين ورجال علم ودين وطلاب ايضا وكان يخصهم بعناية مميزة لانه كان يرى فيهم ماكان يفتقده دوما...


مواقف فضل الله....

كثير من الاحداث هي الكبيرة التي سجل فيها فضل الله اسبقيته وتميزه في ادارة بعض الازمات وحلها بالصورة الاسلامية الصحيحة ومنها على سبيل المثال للحصر موقف بابا الفاتيكان الذي هاجم الدين الاسلامي في فترة سابقة وقد رد عليه فضل الله برد منطقي وعقلي واسلامي تام مئة بالمئة وكذلك تخرصات القرضاوي حول محاربة انتشار مذهب التشيع في مصر وقد سجل فضل الله كونه ذي المرجع الوحيد الذي رد عليه فاجابه بسؤال عجز عن اجابته القرضاوي وهو " لو كان مذهب اهل السنة ينتشر في بعض المناطق الشيعية فهل هذا تبشير سني ويجب محاربته؟؟؟؟ الحرية للانسان في اختيار معتقده ودينه وقد كفلها الله له" اما عن بعض المواقف التي كلفته الكثير والكثير منها قضية كسر ضلع الزهراء كانت تمثل انتفاضة كبرى قدسبقها اليه بعض اليه بعض المراجع وقد اثيرت عليه عاصفة هوجاء من الانتقادات لبعض اراءه في هذا الخصوص .. اما عن الغلو في مواضيع كالخلافة وعمر بن الخطاب وعلي ابن ابي طالب وابي بكر الصديق وعثمان وزوجة النبي فكان يعتبرها من الغلو والبطلان ولطالما كان يترضى ويترحم عن الخلفاء علنا ومن على الشاشات وكان اول دعا عن الامتناع عن السب والشتم لرموز الامة الاسلامية وغيرهم..وكذلك كان له موقف واضح هو وسماحة السيد علي الخامنائي بخصوص موضوع اللطم والتطبير واعتبره تعذيب للنفس البشرية وقد اصدر فتاوي عديدة بهذا الخصوص التي تدعو الى تطبيق اصول ومنهج اهل البيت بالاسلوب الصحيح بعيدا عن هذه الافعال.. وقد كان رضوان الله عليه يحارب وبصورة مستمرة الروايات المحرفة وكذلك بعض العادات والممارسات الاجتماعية والدينية المنتشرة في المجتمع العربي والاسلامي عبر خطبه والبيانات والفتاوي التي تصدر عن مكتبه او عن طريق الدعاة الذين كان يرسلهم لمختلف بلدان العالم..

استهداف فضل الله...

لم يكن فضل الله المرجع الوحيد الذي عاني ماعاناه من الاستهداف المعنوي والروحي والعقائدي من قبل بعض المتعصبين.. وكان امتداد واضح لايدلوجية جديدة طغت على الساحة الاسلاميةتحمل فكر التجدد ومحاربة بعض الاحكام التي غالبا ماكن تسخر لخدمة اغراض معينة.. فضل الله استهدف جسديا من قبل المخابرات الامريكية في محاولة الاغتيال الشهيرة التي انجاه منها الله والتي راح ضحيتها اكثر من ثمانين شهيد وشهيدة... فكان فكر فضل الله وتاثيره في حركة المقاومة الاسلامية والتي لم تجد لها راعيا او منظما او كما يصفه البعض بالزعيم الروحي لهااخذت منحى في حياته وغيرت حاله الى حال اخر.. فكان فكر المقاومة وتحرير الارادة الاسلامية المكبلة منذ مئات السنين بمختلف القيود المفروضة من قبل الاستعمار واداوته جعلت منه اخطر اهداف الكيان الصهيوني بل ابرزها في المنطقة وفي حرب تموز طلب منه ان يغادر لبنان الى اي بلد او الى سوريا لكنه رفض الا ان يكون مع الشعب الذي واكب كل لحضاته والالامه وافراحه وفعلا استهدف منزل فضل الله في الضاحية الجنوبية كما استهدفت المؤسسات الخيرية التي كانت ترعى الطبقات المنسية في المجتمع وكان تبرير الكيان الصهيوني لاستهدافهاهو ليس انها منطلق الصواريخ التي كانت تدك اوكار اسرائيل وانما بحجة انها تقدم الدعم المالي لحزب الله... وجانب اخر من استهداف فضل الله هو اطلاق بعض الكتب وبعض الفتاوي من قبل بعض العلماء ومن نفس المذهب وبعضها ذهب الى انه ضال مضل ولاتجوز الصلاة خلفه نتيجة لافكاره التجديدية ومحاربه اساليب التخلف وتنقية المذهب من جذور الروايات المدسوسة والعادات والتقاليد المتبعة من قبل بعض عامة الناس وتفسيرها وايضاح معالمها بصيغة علمية وعقلية تنطبق مع قاعدة المفيد والضار ولعل ابرزها رواية كسر ضلع الزهراء وبعض العادات في الشعائر الحسينية ولعل خطبته الشهيرة في مدينة قم والتي اثارت حفيظة الكثيرين كانت قد فتحت ابواب الهجوم والانتقاد عليه رحمه الله.. اما الاستهداف الاخر فكان باسلوب تشويه سمعة السيد وذلك بنشر بعض الكتب المنسوبة اليه وبعض التسجيلات وحذف مقاطع اخرى من كلماته ليظهر ان المعنى غير المقصود. وكان ترد عليه بعض الاستفسارات بخصوص هذه الامور فيفندها جملة وتفصيلا..
هذه بعض من مقتطفات حياة رجل صنعته امة بالمها وحزنها وقضاياها فتحمل ماتحمل وصبر والتزم جانب الحلم والمنطق وهي حياة ليس بالسهلة ابدا ومايلقاها الا ذو حظ عظيم.