بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة الى خطباء المنبر الحسيني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
أنتم سفراء الحسين ورسالته الى محبيه ومواليه، فكونوا على مستوى السفارة لمن أرسلكم، في إحياء مبادئ ومثل نهضته التي من أجلها أسترخص كل شيء حتى نفسه الشريفة، ذلك هو دين الله سبحانه وتعالى، لتعلو كلمة الله وتظهر على الدين كله، وقد استعان بسيرة جده وأبيه، آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر لا تأخذه في الله لومه لائم.
سفارتكم هي لبيان أهمية هذا الفرض وعرضه بشكل موضوعي ومقنع لتتفاعل معه النفوس وتنقاد له الإرادات، وتنتعش به معالم الدين التي أخذت بالأفول والذبول حتى غدا التكليف الأخطر عند الشارع ألا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أثراً بعد عين، لا ناصر له ولا معين، خوفاً من لومه لائم لئيم أو فكرة شيطان مريد، أو إرادة ظالم عتيد.
عليكم البيان وقبله الامتثال لتكون كلمتكم مسموعة وإرشادكم مقبول، والإصغاء إليكم مطلوب، ((وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً)) .
تعرّضوا لإمراض المجتمع المستشرية كآفة السرطان من التحلل الخلقي وانحلال الأخلاق وميوعة الشباب وربوية المعاملات وانتشار الخمور وأماكن اللهو والطرب، وأفلام الخلاعة والفجور، وارشدوا الناس لمن هو قريب المشرب منهم وفيهم ومعهم.
أمانتكم ثقيلة، أما أن تكونوا أهلاً لحملها، ونعم الأمانة أمانتكم إذا صنتموها وحفظتموها، وأعلموا إن الله مع الذين اتقوا ومن ينصر الله ينصره، ومن يطلب الخير فها هو بين أيديكم، لا تجعلوا منبر الخطابة استدراراً لدمعة وقصة محزنة، بل أجعلوه مناراً للتضحية ونبراساً للشهادة تتمثل فيها نفس الحسين الأبية التي رفضت الذل، ورفعت شعار هيهات هيهات منا الذلة، شعاراً نتفاعل جميعاً لرفعه عملاً وقولاً لا استعراضاً واستخفافاً بمضمون الشعار كما نرى لافتات مرفوعة مطرزة بهذه الكلمات وأصحابها راكزون في الذلة.
وأبكوا على الحسين حرقة وأسفاً لفوات فرصة نصرته بعد سماع واعيته.
أعرفوا الحسين مسروراً بالشهادة والتضحية ومنتصراً وفاتحاً عظيماً لم يفتح الله لأحد كما فتح له، عندما أنتصر وفتح وهو مقتول مذبوح، منازلكم وتقديركم على قدر معرفتكم بحقيقة الحسين.
مسؤوليتكم عظيمة فكونوا أهلاً لحملها ولا تكونوا ثقلاً لضياعها حينما يكون هدفكم إبكاء المستمعين دون شحذ هممهم لنصرة دين الله وامتثال أوامره ونواهيه، مدافعين عن حياضه، ومرابطين في ثغوره تنتظرون الفرصة لتشترك دمائكم مع الدماء الزكية للحسين وصحبه، كما ارجوها لنفسي وارجوها لخاتمتي،
وفقكم الله لإرضاء الحسين فأن فيه رضاه سبحانه، ولكم مني دعاء خالصاً بالسداد والثبات لنصرة وسيلة الحسين، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وكونوا على علم بأن الله سبحانه قد ولى عبيده لنصرة دينه من خلال هذا التكليف الخطير, فلا تكسروا قلب الحسين بتراجعكم عن وظيفتكم وسفارتكم والله من وراء القصد.
قاسم الطائي
النجف الاشرف