رسائل عاشوراء، الرسالة الثالثة
مركزية المنبر الحسيني بين النخبة والعامة
أثير محمد الشمسي

تعريف!
قد تحتمل الأفكار أكثر من تعليل وتحليل وتفسير في المواضيع شتى وإن تحدثنا عن المنبر الإسلامي الذي أسس دعائمه ُ النبي الخاتم (ص) نجدهُ هو الوسيلة التي غيرت مجتمع كامل على ضوء الإرتباط المعنوي الروحي مع هذا المِنبر، وبعد وفاة النبي الأكرم محمد (ص) عاش هذا المنبر حالة من التقهقر والتردي الفكري ودخل حقبات زمنية فيها انتكاسة حقيقية لهُ، الى إن وصل الإمام الحسين (ع) عن طريق تمهيدي ابتداءً من أسالوني قبل أن تفقدوني، لتشكيل قاعدة الإمكانية لتفكير في هوية الإسلام الإنسانية المتعددة في تحويل الصورة الضعيفة التي لازمت هذا المنبر بفترة وفاة النبي الخاتم وتحويله ُ الى جدلٌ كلامي أصبح أفة لعلم الكلام الذي عمد وتعمد وأصر بعض المتطرفين الى شخصنة الخلاف .

المنبر يتكلم نيابة عن الفكر الإنساني!
إن المنبر الحسيني هو من أعمق الفعاليات التي تأخذ تأثيرها في المجتمع في ترسيخ مبادئ الدين والتعريف بهوية الإنسان المسلم المتعددة، مع اختلاف تصوراتهم وإنطباعتهم للإسلام، والمنبر أداة تربوية لكثير من شرائح المجتمع وخصوصاً الذين يكون ارتباطهم بقراءة الكتب ضعيفة او معدومة، وقد استفاد من استخدم المنبر كوسيلة على مستوى الثورات والإنتفاضات في شتى أنحاء هذه البسيطة لإستنهاض همم المقاتلين الثوار على المستبدين والظلمة وتأكيد مبادئ الثورة على الظالم والحكومات الجائرة مما جعل من الحكومات تضع المنبر الحسيني نداً لها وتخطط لأخمادهُ لكي يجعل من مضمونهُ صورة ضعيفة من خلال المضامين والصور المقحومة بالكساح العقلي والتسطيح الفكري لوعي الناس. وهنا وبعد ما أصبح المنبر الحسيني بشعارهُ الأساس المعمق في تجسيد قيم الإنسان الروحية التي أستمدها من الشريعة السمحاء وترسيخها عند الأجيال بتحول هذا المنبر الى أداة مهمه وأساسية في تثبيت العقائد وشجاعة إرتباط الموقف بالإرادة التي يمتلكها صاحب الحالة وجعلها محطة لتغير واقعنا ونفوسنا، وهنا يجب على الباحثين عدم المساس بالمِنبر والتعامل معهُ بكل دراية ً لانه يحمل في طياته ُ جميع أسس الظاهرة البعيدة عن مفهوم الأسطورةِ التي تنحصر بمنضور ضيق يحصر في أمة او جماعة والتي من غير الممكن التعامل معها الا بطريقة الإحساس والتفكير العميق من ضروب الذكاء الأكاديمي إذا صح التعاطي مع المقدسات او الممنوعات او الخطوط الحمراء وغيرها. فقد أصبح المنبر الحسيني المهذَّبُ الأول لجميع الشعائر الدينية وخصوصاً الشعائر الحسينية والحفاظ على روحانيتها التي تعطي للإنسان أسمى ايات القوة وترسيخ المبدأ وتبعث به الروح الثوريةِ النبيلةِ التي من خلالها يحافظ المجتمع الإنساني على قيمهُ واصالة معتقداتهُ والصرخ بوجه الطغاة والغزاة والظلمة الذين أستعبدو الإنسان بعدة مسميات، فعلى من يعتبر نفسه ُ شريكً او مسؤولا ً على هذا المِنبر الذي كان ولا زال له الأثر البليغ في المعاملة مع قضايا العقل والإستدلال المعرفي من خلال الخطاب المهذب الذي يرطب الروح ويجعل منها عقل بشرية ناضجة تسمح لنفسها التعاطي مع الأخرين، ان يجتهد ويدرس ظاهرة المِنبر الحسيني دراسة موضوعية لكي يهذب الطالح والبعيد عن العقلائية المنطقية ويعمق كل ماهو أصلٌ نابع من جذر الحقيقة التي يعيشها الواقع الإنساني من خلال هذا المِنبر والإستفادة من معاني الإستدلال التأريخي ومقارنته مع الإستدلال الخطابي في أكثر من حقبة زمنيه لتجهيز خطاب صالح يبعدنا عن التشويه والانتقاص من العقل والإبتعاد عن تسطيح وعي الناس. وهنا يجب على جميع من يريد ان يدقق في مسألة الطرح الفكري لخاصية المنبر الحسيني والشعائر الحسينية ان يكون منصفاً وليس من الإنصاف أن يتحول النقد الموضوعي الى إستهزاء بالبسطاء والمحبين وخدمة هذه الشعائر وإتهامهم على إنهم سذج او يجعلون من العاطفة بوصلة إنطلاقهم نحو الشعائر الحسينية والحسين (ع) ويتصرفون من خلال السلوك الذي يتمثل في الإستجابة التي تصدر من الظواهر السلوكية وإفرازات الثورة الداخلية لنفس البشرية وترجمتها على شكل سلوكيات لاتنضبط مع ايقاع المنبهات العقلية باللطم على الصدور او غيرها من الشعائر ومن المخجل إن تتهم هذه الشريحة من الناس على أساس الشعور والعاطفة مهما كانت دوافعهم.
وتتهم الشريحة الثانية من الناس الذين يتواجدون في المجالس الحسينية وهم الذين لايتمتعون ببرمجة مشاعرهم التعبوية ووظائفهم النفسية ولايشاركون بالعزاء باللطم وغيرها من الأمور على إنهم من النخب والمفكرين الذين يعتمدون التنظير والطرح الأيدلوجي بقضية العزاء ومجلس العزاء الحسيني ولا يليق بحالهم أن يشاركوا مع العامة بهذه الأمور .
وهنا نقول أن الأول هذا الإنسان البسيط الذي يعرف الحسين من خلال النعي (وابيات جسام يا مهجتي) ولا يستطيع أن يصارع المشاكل الحيوية لتلبية نشوء السيطرة على برمجت سلوكهُ ومهما كانت المحاضرة التي تلقى على مسامعه غنية بالمعلومات هو ينتظر ما يتفاعل مع روحيته التي يمتلكها وهذا ليس نقصاً لا سامح الله بل حقيقة ً لابد التعايش معها بدون شوائب وبجدية عالية المستوى.
وشريحة أخرى يُتهمون لاسامح الله إنهم لا يعرفون عن الحسين شئ لا بل هم يشاركون أعداء المِنبر والشعائر الحسينية في هدم ومحاربة هذه الشعائر من خلال عدم تقبلهم اللطم على الصدور بقصد تحطيم معنويات المحبين والمعزين وهم من يعيشون حالة قلق وإنقباض نفسي شديد من هذه الحالة التي تعتبر إنغلاق وعقد وإختناقات إجتماعية.
وهم أنفسهم أي أعني الطرفان أو الطرفين يعيشون حالة أحادية ليس بالضرورة الأخلاقية أو الدينية تكون على صواب أو إنها الصواب بدلالة الشعور بالحالة التي يدركها الإنسان نفسه فمنا من تحركه النقاشات والطرح المضاد والبحث عن كل ما هو عميق وجديد ولايعيش حالة الشعور المنسجمة مع فكرة الوصول الى مرضاة الله الإ عن هذا الطريق ولايستطيع مجاراة حالة اللطم على الصدور أو غيرها من الشعائر الحسينية، ويجب عليهم أن لايتهموا الأخر إنه ساذج وهستيري ولديه فكر متحجر والحسين (ع) لايريد منه هذه الأعمال.
وهم أنفسهم من يتعبد من خلال اللطم على الصدور والضرب على الرؤوس وغيرها من الشعائر العقلائية المستحبة لعقل البشري وان لايتهموا الأخرين بالجبن والبلادة وعدم الشعور بالمسؤلية إتجاه ماأصاب الحسين (ع).
إعداد خطاب المنبر الحسيني وفائدته!
وأنا وانت ايها القارئ وهم جميعاً نشترك بنقطة مركزية واحدة هي المنبر الحسيني.
إذن نستطيع جميعنا أن نشارك بإعداد خطاب شعري نثري متناسق كلاما ً ولحناً وأداءاً مدروس من خلال الحركات والأهازيج واللطم فيصبح لدينا حالة من التوازن التي يحتاجها الجميع وهنا يأتي مقام هذا الحديث (الحسين عِبرة وعَبرة).
وقد يقول البعض إن هذا الكلام تنظير أو ضرب بالخيال وأنا أرد عليه قائلا ً قد فعلناها عندما كنا كل شخص يعرف قيمته ومسؤليته إتجاه نفسه وإتجاه الاخرين.
أن المنبر الحسيني خزين ستراتيجي هائل لاينفذ من جميع عناصر الطاقة والقوة الفكرية والثقافية والسياسية والإجتماعية التي تبعث الحياة بالمجتمعات لتكون لديهم مناعة كبرى من جميع الأمراض النفسية والثقافية والثورية وتوجه الأمة الى الهدف الحقيقي لقضية الإنسانية الحقه التي عاشها الكثيرين مع الحسين وبعد الحسين بعدة جوانب من علوم دراسة السلوك البشري على مدى تاريخ المنبر الحسيني.

الرسالة الثالثة: مركزية المنبر الحسيني بين النخبة والعامة