صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 35
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    3,118

    Lightbulb الذكرى السنوية الاولى لرحيل الفقيه المجدد العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله رض









    الذكرى السنوية الاولى لرحيل الفقيه المجدد العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله رضوان الله عليه, وسيقام بهذه المناسبة إحتفالات تأبينية عديدة في مختلف الدول والمناطق في لبنان إضافة لإحتفال مركزي كبير, ونشاطات متفرقة أخرى , وسوف يتمّ إطلاعكم عليها حين إكتمالها .

    الفاتحة الى روحهِ الطاهرة وأرواح جميع المؤمنين والمؤمنات .


    شهداء بلادي إرث العراق





  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    3,118


    شهداء بلادي إرث العراق





  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    3,118
    احتفالات في الذكرى السنوية الأولى لرحيل الفقيه المجدد السيد فضل الله في أستراليا











    يقيم مسجد الرحمن في أستراليا ، وهيئة إحياء الذكرى السنوية لرحيل الفقيه المجدد والمرجع الكبير السيد محمد حسين فضل الله (رض) ، احتفالاً تأبينياً عن روح سماحته.

    المكان : مسجد الرحمن – أستراليا 20
    Garema Circuit Kingsgrove NSW

    الزمان : يوم السبت ا شعبان 1432هـ الموافق 2تموز – يوليو 2011م


    شهداء بلادي إرث العراق





  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    3,118


    شهداء بلادي إرث العراق





  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    3,118
    على العهد يا فضل الله - الذكرى السنوية الأولى




    http://www.youtube.com/watch?v=uoOdaz_N7GY


    شهداء بلادي إرث العراق





  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    3,118
    صور التحضيرات ليوم الوفاء





















    شهداء بلادي إرث العراق





  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المشاركات
    21

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

    أبارك الله خطاكم وعملكم على فهم السيد لأهل البيت (ع) والإسلام.. وحقيقة قد جسد السيد فضل الله ما قاله الله تعالى وأهل البيت (ع) فكراً وحركة وجهاد..

    يقول السيد محمد باقر الصدر (رض): "نحن عالمون لكي نعمل وليس عالمون لكي نجمد العلم في رؤسنا"..

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    1,948

    افتراضي



    رحمة الله عليه

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    3,118

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    3,118
    مؤسسات المرجع السيد فضل الله(قده) تحيي الذكرى السنوية الأولى لرحيله









    بحضور شخصيات لبنانية وعربية وإسلامية
    مؤسسات المرجع السيد فضل الله(قده) تحيي الذكرى السنوية الأولى لرحيله

    بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لرحيل الفقيه المجدِّد، العلامة المرجع، السيد محمد حسين فضل الله(قده)، أقامت مؤسسات سماحته احتفالاً حاشداً في مجمع الكوثر ـ طريق المطار الجديد، وذلك بحضور حشدٍ كبير من الشخصيات السياسية والعلمائية والدينية والاجتماعية والأمنية، يتقدمهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، والوزير حسان دياب ممثلاً رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ونائب أمين عام حزب الله، الشيخ نعيم قاسم، الرئيس فؤاد السنيورة، الرئيس حسين الحسيني، المطران بولس مطر ممثلاً البطريرك الماروني مار بطرس بشارة الراعي، ممثل رئيس الوزراء العراقي الشيخ عبد الحليم الزهيري، وزير التعليم العالي العراقي علي الأديب..

    الوزراء: عدنان منصور، محمد فنيش، علي قانصو، علي حسن خليل، النائب أكرم شهيّب ممثلاً رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، النائب ناجي غاريوس ممثلاً رئيس التكتل الإصلاح والتغيير العماد ميشال عون.
    والسفراء: علي عبد الكريم السفير السوري، والإيراني غضنفر ركن آبادي، والسفير العراقي عمر البرزنجي، والمصري أحمد البديوي.
    والنواب: محمد رعد، حسين الموسوي، أيوب حميّد، نوار الساحلي، علي المقداد، عبد اللطيف الزين، غازي زعيتر، ياسين جابر، علي بزي، نهاد المشنوق، إميل رحمة، قاسم هاشم، وليد سكرية، بلال فرحات، علي عمار، عباس هاشم، حسن فضل الله..

    وفد من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ممثلاً آية الله السيد علي الخامنئي، يتقدّمه الشيخ محمد حسن أختري، مفتي طرابلس والشمال، الشيخ مالك الشعار، النائب السابق إميل إميل لحود، ممثلاً رئيس الجمهورية السابق إميل لحود، الأب قسطنطين نصار ممثلاً المطران الياس عودة، وفد من مؤسسة العرفان التوحيدية برئاسة الشيخ نجيب الصايغ، الأستاذ جمال أشمر ممثلاً حركة فتح، الأستاذ علي فيصل ممثلاً الجبهة الديمقراطية، السيد حازم الأعرجي ممثلاً السيد مقتدى الصدر، الوزير السابق محمد جواد خليفة،
    النواب السابقون: عصام نعمان، اسماعيل سكرية، محمد يوسف بيضون، زهير العبيدي، حسن يعقوب، الوزير السابق علي عبد الله، طلال الساحلي.

    * * * *

    بدايةً مع آيٍ من الذكر الحكيم، ثم كانت أوبريت، عن سماحة المرجع فضل الله، بعنوان (وميض صلاة)...

    بعدها كانت كلمة نجل الراحل، العلامة السيد علي فضل الله، جاء فيها:

    ما كُنّا ندْري أنَّ للغيابِ حضوراً، وحضوراً مُدويّاً كما شعرنا به بِفَقْدِنا للأبِ الوالدِ والمرجع المجدِّد..
    منذُ عامٍ، كان الفَقْدُ فجيعةً لنا جميعاً. ألمُ الفراقِ هزَّنا وصدَمَنا، وأشعَرَنا ببردٍ مُؤلمٍ وحزنٍ لا أظنُّ أنَّ الأيامَ القادمةَ ستحمِلُ لنا ما يُحزنُنا ويُؤلمُنا أكثرَ ممّا أحزنَنا وآلمَنا حَدَثُ غيابِه..
    ومنَ اللطفِ الإلهيِّ أنَّ حضورَهُ الطاغي خفَّفَ عنّا ألمَ الغيابْ، هذا الحضورُ الّذي شعرتُ أنّي شخصياً محاطٌ بهِ، وهو ما شعرَ ويشعرُ به الكثيرُ من جمهورِهِ ومحبّيه، القريبين والبعيدين، حتى اتُّهمْنا بأنّنا لسنا واقعيين ولم نتقبّلْ المُصاب...

    ـ غابَ السيدُ، لكنّنا ما زلنا نشعرُ بحيويّتِهِ، نشعرُ بفضائِهِ، نجدُهُ حاضراً في كلّ ما نفكِّر فيه، في أمالنا وطموحاتِنا.. يجيبُ عن أسئلتِنا إذا أعيتْنا المسائلُ.. نتسلّحُ بصبرِهِ إذا واجهتْنا المصاعبُ.. نستعيرُ من جرأتِهِ إذا ما واجهتْنا التحديات، نَتَسلَّحُ بفكرِهِ الوقّادِ لِدخول الساحاتِ العصيّةِ على الاخْتراق..
    ـ غاب السيّدُ وتركَ لنا زاداً معرفياً وفيراً، ورصيداً جهادياً حاراً، وإرثاً روحياً وإيمانياً لايَنْضَبُ..
    ـ غاب السيّدُ وتركَ لنا فيضاً مِنَ العاطفةِ دفّاقاً يملأُ قلوبَنا، يغمرُها دِفئاً وحناناً. والأهَمُّ من ذلكَ كلِّهِ أنَّهُ تركَ لنا نهجاً، وتركَ لنا أسلوباً. لم يفكِّرْ عنّا (وهو الذي كانَ يقولُ دوماً: فكِّروا معي) بل علّمنا كيف نُفكِّر.. وكيف نُحاور.. وكيف نَنْقُد.. وكيف نُواجِه.. وكيف نَصْمُد.. نَسْتحضِرُهُ كلما اسْتمعْنا إلى الآخرينَ، نسْتدعي عبارتهُ الشهيرة: «لاتُعْطواعقولَكمإجازةً.. لاتُؤجِّروها،لاتُلغوهالحسابِعواطفِكموعصبِياتكم،بلاحترموهاهيرأسُمالِكم»..
    ـ غادرَ السيدُ ولم يترُكْ محبّيهِ حائرينَ، عُزّلاً من أيِّ عُدَّةٍ معرفيةٍ وروحيةٍ واجْتماعيةٍ وسياسية..
    لهذا كلِّهِ، نشعرُ بحضورِه القويِّ رَغم غيابِهِ المؤلم...

    أيّها الأحبة..
    إسمحوا لي أنْ أُخاطبَهُ بِلغةِ الابْنِ، مَعِ اعتذاري مِنْ كلِّ الذين يَشعرونَ أنَّ السيدَ هو أبٌ للجميعِ دونَ اسْتثناءٍ، وهو كان كذلك.

    أُخاطبُهُ لأقولَ له:
    سيدي ووالدي الحبيبْ.. قد لا يتَّسِعُ المقامُ لِسردِ ذكرياتِ الرسالةِ والدربِ، الذي شرفني اللَّهُ بأن أكونَ البِكْرَ في مرافقتِكَ والنَّهْلَ من معينِ علمِكَ ورعايتِكَ وتربيتِك. فإذا سُئِلتُ عما كان يَشْغَلُ بالَك سأُخبرُهُمْ بأنَّ الأمةَ لم تُفارقْ وجدانَكَ، فمنذ أن كنتُ طفلاً وأنا أراك مهموماً، مغموماً من ضُعف الأمةِ وجهلِها و تمزُّقِها وانقسامِها. أراكَ وأنت لا تكِلُّ ولا تَمَلُّ، عبّرت عن ذلك كتابةً وشِعراً وحضوراً فاعلاً بين أقرانِكَ تتدارسُ سُبُلَ النهوضِ وحلِّ المشاكِلِ والمُعْضِلاتِ وتُقدِّمُ الأفكارَ وتُؤسِس، ونجحْتَ في بلْورةِ خطٍّ رساليٍّ حَرَكيٍّ ما زلنا ننعَمُ بنتائجِهِ حتى اليومْ على مستوى لبنان والعالم الإسلامي....
    لم تكْتَفِ بالتنظيرِ والتحليلِ.. نزلْتَ إلى أرضِ الواقعِ، تربّي وتوجّهُ وتُحاضرُ وتُجيبُ عَنِ التساؤلاتِ مهما كانت، أو من أينَ أتتْ..
    كنتُ أراكَ تنتقلُ من مناسبةٍ إلى مناسبةٍ مع بُعدِ المسافاتِ لا ترفضُ طلبَ المشاركةِ والمواساة من أحد ما دُمتَ قادراً، وتعودُ آخرَ الليل.. والليلُ لك فيه شُغْلٌ طويل: كتابةً وتحضيراً وصلاةٍ ودعاء.. يُتْعِبني تعبُك وسَهَرُك، فتبادلني بالابتسامة الواثقةِ: «ياصغيريالراحةُعليّحرام».
    تكرُّ الأيامُ والسنون، وأنتَ هو أنت، لم أعرفْكَ إلا مُتحدّياً للوقت.. تمكنتَ أن تثبّتَ معه معادلةً نادرةً ظللتَ تعملُ بها حتى لحظاتِ عُمُرِكَ الأخيرةِ.
    وحتى على فراشِ المرضِ كنتَ تسألُ عن تفاصيلِ العملِ هنا وهناك، وكانت نصيحتُك الدائمةُ: فليكُنْ عصيرُ عُمُرِكُمْ وفيراً..
    سيّدي.. لقد كان عصيرُ عُمُرِك وفيراً وغزيراً وعميقاً.. إنسابَ في الأعماق، وتفجّر ينابيعَ خيرٍ دفّاقة.. وبصماتُ روحِكَ وكلماتُكَ ما زالت هنا.. في الترابِ، وأبوابَ البيوتِ وبيادِرِ القرى، وهاماتِ الرِّجال.. أَتذْكُر يا سيدي، لم تهادنْ.. لم تُساومْ.. لم تتراجعْ رُغم كلّ التهديداتِ والتهويلاتِ، ومحاولاتِ الاغتيالِ وتشويه الصورةِ، لكنَّكَ بقيْتَ أنتَ وكما بدأْتَ انتهيْتَ لم تضيِّعِ الهدفَ ولم تُلْهِكَ التفاصيلُ الجانبيةُ، بقيتَ ثابتَ الخُطى، تتسلّحُ بوضوحِ الرؤيةِ وسلامةِ الهدف..

    سيّدي.. أيّها الأب المجاهدُ.. ها هي الأمة تقرأُ في كتابِ هذا التاريخِ الذي وهبْتَ له عُمُرَكَ وحياتك، تكتبُ عنك.. تُرتِّلُ دعاءَك، وتنشدك شعراً وأدباً..
    ها هي الأمةُ التي حَمَلْتَ همّها وفيّة لذكراكَ ولكلِّ إرثِكَ الغني.. ها هي حاضرةٌ في مسجدِكَ، وفي صروحِ الوعي الذي أنشأتْ، وفي كل أرض تَرَكْتَ فيها أثراً، تُنشدُ ما علّمْتَها وتحفظُ بعيونِها وقلوبِها.. تُورثُ محبتها لكَ لأولادِها وأحفادِها.
    لقد أوصيْتَ يا سيدي أن تُدرسَ تجربتُك بما فيها من همومٍ وآمالٍ، ومن غِنى وصدماتٍ، حتى أنّكَ خاطبْتَ الذين اخْتلفوا معكَ، أو الذين حالَتْ تعقيداتُهم وحساباتُهم دون وضوحِ الرؤيةِ عنكْ، فَجَهِلوك ولم يعرِفوك حقّ معرفتك..
    ها نحن يا سيدي، نشهدُ حَراكاً غزيراً، ينكبُّ على إعادةِ دراسةِ فكرِكَ ومنهجِكَ وحركتِكَ وفقهِكَ، ويُدهَشون عندما يكتشفون، كأنهمْ يقرؤنك لأولِ مرةٍ:
    كمْ كنتَ مُستقبلياً.. ورائداً ومُجدداً..
    ويُدهشُ شبابُ هذا الجيلِ وشاباتُهُ الذين لمْ يتسَنَّ لهم أن يعاصروكَ، ويُفاجاؤنَ أنك تُخاطبُهمْ بلغةِ عصرِهم وتسُدُّ لهم فراغَ حاجاتِهم للمعرفةِ الدينيةِ الرحبةِ الأصيلةِ وتنقُلُهم إلى الفضاءِ الإنساني الواسعِ من دونِ حواجزِ الرهبةِ والموقع..

    أيّها الأحبةُ، أيها الأوفياءُ..
    لقد تركَ السيدُ إرثاً كبيراً من الأمانةِ، تَوزَّعَ ثِقلُها على كل المحبين والمخلصين والعاملين والعلماء والمجاهدين، ممن نعرفُ وممن لا نعرفُ، وهنا تكمُنُ القيمةُ: عندما يشعرُ كلُّ إنسانٍ واعٍ أنهُ يَنْتمي إلى فكرِ السيّدِ ونهجهِ، يتبنّاهُ ويُدافعُ عنه في أيّ موقعٍ كانَ أو ضُمْنَ أي إطارٍ تموضَعَ وانتمى.
    لقد ترك لنا السيدُ هذا الإِرثَ وقال أكملوا المسيرةَ.. سنُكملُ المسيرةَ بإذنِ اللّه مع إدراكنا لحجمِ الصعوباتِ.. متسلّحينَ أولاً بثقتِنا باللّه والتي لا تعرفُ حدوداً، وبمحبةِ الناسِ وثقتهِم الغاليةِ التي نَعتبرُها رصيدَنا الأساسيَّ.
    وفي كلِّ خطوةٍ نخطوها، سنلتزمُ ثوابتَ السيد لإكمالِ مسيرتِهِ:
    ـ سنحرِصُ على الالْتزامِ بالفكرِ الإِسلامي الأصيلِ والمنفتحِ على الإِنسانِ وقضايا العصرِ، مبتعدينَ عن الثالوثِ الهدّام: «الغلوِّوالتعصّبِوالخرافة».
    ـ سننطلقُ لتأكيدِ شخصيتِنا الإسلاميةِ الجامعةِ قبلَ شخصيتِنا المذهبية، فنُؤكِّدُ نُقاطَ الالتقاءِ وهي كثيرةٌ وعميقةٌ ومتجذِّرةٌ.. ويحتّمُ هذا أن نعملَ مع كلِّ الحريصينَ لنكونَ صمّامَ أمانٍ للوحدةِ الإسلاميةِ قبل أن يفترسَنا جميعاً وحشُ الفتنةِ المذهبيةِ التي يُرادُ لها أن تطرقَ أبوابَ المسلمين في أكثر من مكان وبلد.
    ـ ومن ثوابتِنا أيضاً الارْتكازُ في عملنا على فكرةِ أن جوهرَ الأديانِ واحدٌ، وأنّ الرّسالاتِ تتكاملُ.. لهذا سنُساهم مع كلِّ العاملين في هذا المجالِ لإخراجِ الحوارِ الإِسلاميِّ المسيحيِّ من دائرةِ المراوحةِ إلى دائرةِ التطبيقِ العمليِّ، انطلاقاً من تأكيدِ القواسمِ المشتركةِ:

    تعزيزِ القيمِ الأخلاقيةِ في مواجهة الانحرافِ، ومعالجةِ الهمومِ الإِنسانيةِ في مواجهةِ الظلمِ والفسادِ، وتعزيزِ التربيةِ الروحيةِ والإيمانيةِ مقابلَ عصْفِ المادة ِوالتسليعِ والإِسفافِ..
    ـ وتبقى الوحدةُ الوطنيةُ من ثوابتِنا وهواجسِنا حتى نثبِّتَ الأرضَ ونواجهَ التحدياتِ معاً ونحفظَ إنسانَنا معاً.
    ـ وفي القضايا الكبرى، لن نكونَ حياديين أبداً بين الحقِ والباطلِ، وبينَ الظلمِ والعدلِ وسنكونُ إلى جانبِ حركاتِ التحررِ والمقاومةِ التي تواجِهُ الاستكبارَ والطغيانَ وسنردِّدُ ما كان يقولُهُ السيدُ: لن نجاملَ استكباراً ولو كان بحجمِ أميركا.. ولو كان بحجمِ العالمِ..
    ـ وستبقى فلسطينُ هي البوصلةَ، لن نَحيدَ عنها أو نتخلّى، مهما عَصَفَ الواقعُ الداخليُّ ليُلهيَنا أو لِيساوِمَنا، بل سنكونِ مع المجاهدين، والصابرين في فلسطين، ندعمُهُمْ ونشدُّ أزرَهُم بكل ما أوتينا من قوةٍ..
    ـ تعلّمنا مِنَ السيّد أنّ العالمَ لا يحترمُ إلاّ الأقوياءَ. ونحن سنسيرُ في هذا الأفق، نتحرّكُ ونتطلّعُ إلى نهضتِنا أفراداً ومؤسساتٍ على قاعدةِ صناعةِ القوّة ـ بكلِّ عناصِرِها العلميّةِ والفكريّةِ والاقتصاديّةِ والسياسيّةِ والاجتماعيّةِ والأمنيّةِ.
    ولهذا نحن نتمسكُ بكلِّ عناصرِ المقاومةِ التي تُساهم في تعزيزِ مناعةِ واقعِنا: المقاومةِ الفكريةِ والمقاومةِ السياسيةِ والمقاومةِ الأخلاقيةِ، مع حرصِنا على أولويةِ المقاومةِ الجهاديةِ في مُواجهةِ عدوٍّ صهيونيٍّ لا يَفْهَمُ إلاّ لغةَ القوةِ وعلينا أن نُعِدَّ لهُ ما استطعنا منها..
    ـ وفي آلياتِ العملِ سنؤكِّدُ انتهاجَ الفكرِ المؤسساتي متابعةً وتطويراً وإضافةً.. هذه رؤيتُنا التي سنسعى إلى تطبيقِها لنُخرِجَ العملَ من نطاقِ الفرديةِ إلى نطاقِ عملِ الفريقِ.
    وثابتُنا الأساس سيبقى المحبةَ.. سنظلُّ ننتهجُ المحبةَ رسالةً والانفتاحَ وسيلةً والحوارَ أسلوباً وشعارُنا هو شعارٌ رفعَهُ وطبَّقَهُ السيدُ (رض):

    القلبُ المفتوحُ والعقلُ المفتوحُ والبابُ المفتوحُ.

    أيّها الأحبة: هذا غيْضٌ من فيضِ مدرسةِ السيدِ، المدرسةِ التي أتعبَ نفسَهُ من أجلِها. عمِلَ على بنائِها وتثبيتِ قواعدِها..
    عامٌ على الفقد ويكبُرُ الحنينُ ويعظُمُ الشوق:
    حنينٌ المصلّين، وحنينٌ المجاهدين.
    حنينٌ العلماءِ والعاملين والرساليين.
    حنينُ الأيتامِ والفقراءِ والمعوَّقين.
    ويبقى أيّها الأب الحبيبُ، الحنينُ إلى إشراقةِ وجهِكَ وإلى احتضانِك السخيِّ الذي أجمعَ عليه كلُّ من التقاكَ: سلاماً وسؤالاً واطْمئناناً ونظراتِ دعمٍ وتشجيعٍ.. تُقوي ما انهزم بداخلِنا.. تُعزّزُ ثقتَنا بربِّنا، وتُزيلُ عنا احباطاتِ الحياةِ وتُلملمُ لنا نُقاطَ الضوءِ ليكبُرَ الأملُ فينا..
    أعطيتَنا الكثيرَ والآنَ جاء دورُنا لِنتابعَ المسيرةَ.. والله المستعانُ وهو نِعمَ المولى ونعمَ النصير..
    رحمَك اللَّهُ يا سيّدي، وألهمنا وألهَمَ كلَّ مُحبيكَ الصبرَ والثباتَ والقوّةَ..

    ثم كانت كلمة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ألقاها عنه المطران بولس مطر، ومما جاء فيها:
    لقد كان هذا الكبير آمناً مطمئناً إلى كلّ ما سعى إليه في حياته، وإلى ما أنجز في سبيل دينه وأمته ووطنه، وهو يترك في الساحة فراغاً تدعو روحه إلى أن يُملأ فتُكمَّل مسيرة إرساء المنطقة بأسرها على قواعد ثابتة من الإيمان والثقافة الدينية الحقّة والتكامل والوحدة والانفتاح، وربما كان الزمن الراهن أحوج ما يكون إلى الغوص في تراث هذا العلاّمة الفريد، وإلى اختبار ديني وروحي وإنساني قام به على مدى نصف قرن، فأضحى منارة تهدي إلى التفلّت من براثن الجهل والخطأ والضياع في غياهب المجهول.

    لقد دعا السيد العلاّمة بكل عقله وقلبه إلى وحدة المسلمين في بلادنا وفي بلدانهم جميعاً... أما مع المسيحيين، فلقد سلك السيد سبيل الحوار والمحبة والانفتاح تجاههم، وهم شركاؤه في الوطن وفي المصير.. وكان في ما عمل وعلّم، مقدِّراً للتجربة اللبنانية في العيش المشترك، مؤكداً في هذا المجال أنه يريد للبنان أن يعيش بمسلميه ومسيحييه في عملية تفاعل وتعاون وتكامل على أساس عمق الإسلام وعمق المسيحية، ولئن كان الحوار الذي أقامه السيد المرجع حول نظام لبنان السياسي بحاجة إلى مزيد من المواصلة، بلوغاً إلى صيغة حكم ترضي طموحات كل المواطنين، فإنه يعتبر في المقابل أن للبنان رسالةً حضاريةً روحيةً إنسانيةً تستطيع إغناء تجربة الشعب اللبناني وتفاعل كل الرسالات وتفاعل الحضارات، كما تستطيع أن تُغني المنطقة في ذلك كله..

    ثمّ كانت كلمة مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، ومما جاء فيها:
    في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي، برز الإمام الفقيه سماحة العلامة الشيخ محمد حسين فضل الله، في صورة الحدث اليومي، مرجعية رؤية دينية واجتماعية وسياسية في سائر المعايير...
    لقد خلّف الراحل الكبير تراثاً من الإبداع في كلمة الفقه والفتوى لما يستجد من الأحداث، فاجتهاده طرح مرتكزات تستوعب حركة الإنسان وتطور الحياة..
    إن مساحة المدى الفكري والروحي في ذكرى الإمام فضل الله، تحتل في صراعنا مع إسرائيل مكاناً يُدلف إلى عمق ما أفضنا من عمق دوره الإرشادي والفكري..

    كلمة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل ألقاها عنه أسامة حمدان، ومما جاء فيها:
    سماحة آية الله العظمى، السيد محمد حسين فضل الله ـ رحمه الله ـ قامة مديدة بين رجالات الأمة وكبارها، يأسرك بتواضعه وهو الكبير، يحدثك إن التقيته حديث القلب والروح والعقل، أشد ما يكون حضوراً في الحديث، رغم آلام الأمة وجراحها.
    كانت الوحدة الإسلامية أولوية أساسية لديه، لا يكتفي برفعها شعاراً، بل كانت في حياته سلوكاً دائماً..
    أما فلسطين، فقد كان لها النصيب الأوفر في كل ذلك، فلا تكتمل رساليتك ما لم تكن فلسطين قضيتك، كيف لا، وهي قضية الأمة المركزية، ولا تكون عاملاً للوحدة الإسلامية ما لم تكن فلسطين في مركز اهتمامك، إذ لم تجمع الأمة قضية كما جمعتها قضية فلسطين، والمقاومة ضد المحتل والباغي والمعتدى شرف عظيم، وأعلى مراتبه لدى السيد (رحمه الله)، مقاومة الكيان الصهيوني، وكثيراً ما ردد أنه لن يستريح حتى يزول الكيان الصهيوني...

    ثم كلمة رئيس المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب، الشيخ محمد علي التسخيري، ألقاها الدكتور محمد حسن تبرئيان، ومما جاء فيها:
    مرّ عام بكل غصصه وآلامه على رحيل رجل العلم والجهاد، وسيد المنبر والمحراب، ورائد الصحوة والتقريب، ومعلّم الفقه والتفسير، وفاتح آفاق المعرفة والحوار..
    ونحن إذ نذكر هذا الإمام المجدّد، والروح الهائمة فناءً في الله، وحباً لرسوله وأهل بيته(ع)، فإنما نتطلّع إلى اليوم الذي تتحقّق فيه آماله الكبار في مجال الصحوة الإسلامية، وانتصار الثورة الإسلامية على كل العقبات التي وضعت في طريقها..
    إننا في الذكرى الأولى للرحيل، نقف إجلالاً لهذه الشخصية الكبيرة، ونعلن أنها لن تغيب عنا وعن سماء الفكر والفقاهة والثورة...


    كلمة رئيس مجلس الوزراء العراقي، نوري المالكي، ألقاها الوزير علي الأديب، ومما جاء فيها:

    كان سماحة السيد فضل الله بحقّ مرجعاً دينياً منفتحاً، وقائداً جماهيرياً، ومفكراً مبدعاً، وسياسياً بارعاً، يقرأ الأحداث بواقعية وصدق، لينبّه على احتمالات متوقعة للأحداث، ليدفع بذلك الضرر عن الأمة ومواقفها المبدئية... كان تجسيداً للثقافة الإسلامية الأصيلة التي تدعو إلى الوسطية بعيداً عن التطرف والتشتت، وبعيداً عن الجمود، دعا إلى صناعة دولة الإنسان، تحت ظلال قيم الإسلام الخالد الذي لا يفرق بين قوم وقوم وطائفة وأخرى...
    أعطى الصورة الحقيقية الناصعة عن الإسلام كرسالة تحرير للإنسان من سيطرة الآخر، ونفى عنه التخلّف والتطرف والمغالاة والتعصّب.

    كلمة الأمين العام لحزب الله، ألقاها نائبه، الشيخ نعيم قاسم، ومما جاء فيها

    سنةٌ مرّت على عروج الروح الشامخة لسيدنا وأبينا وأستاذنا ومربينا، إلى الملكوت الأعلى، وما زال يغمر كل ساحاتنا ببسمة الحنان وصوت الحق وإشراقة الفكر وجرأة المواجهة وإرادة التحدي، ما زال حضوره فينا وبيننا شامخاً شموخ جهاده، راسخاً رسوخ كلماته، ثاتباً ثبات رؤاه ومواقفه.
    سيدي... ها هم تلامذتك ومريدوك ينتشرون في مواقع الإيمان والعمل والجهاد، فبصمات علمك وجهادك منطبعة في أرجاء الساحة باسم الله وفي سبيل الله تعالى، والحالة الإسلامية في لبنان مدينة للعلامة الكبير آية الله السيد محمد حسين فضل الله بنشأتها وقياداتها وفعاليتها...
    كان سماحته(قده) داعماً ومؤيداً وداعياً إلى المقاومة واستمراريتها لتحرير الأرض وإسقاط مشروع الاحتلال الإسرائيلي، وهو القائل: "لن أرتاح حتى تسقط إسرائيل"...
    وكان يؤكد دائماً أن الحل في مواجهة إسرائيل هو المقاومة، وكان يسأل عن أخبارها ووضع مجاهديها ويقدم الدعم لها ولهم...
    دعا سماحته إلى الوحدة الإسلامية وأكد عليها، واعتبر أنها فعلُ إيمان والتزام، هذه الوحدة هي التي تفوِّت مؤامرات الأعداء وتُسقط فتنهم المتنقلة، وهي التي تحصننا في مواجهة التحديات...
    لم تخلُ خطبة من خطب سماحة العلامة الكبير من انتقاد أمريكا وتسليط الضوء على جرائمها وارتكاباتها... تعرض سماحته لأضخم عملية اغتيال سنة 1985 من المخابرات المركزية الأمريكية بسبب مواقفه الجريئة وتعطيله لبعض خطط أمريكا في غزو بلداننا في الميادين المختلفة.
    موقفنا من المحكمة الخاصة بلبنان أنها مسارٌ أمريكي إسرائيلي عدواني، وهي مخصصة لطمس الحقيقة وإسقاط العدالة، وهي مسيسة بإجراءاتها واتهاماتها...


    شهداء بلادي إرث العراق





  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    3,118
    الشيخ السليم: فضل الله منارة شامخة بكل ما تحمله من ايمان وفكر ووعي



    (شبكة الفجر الثقافية) - (2011-07-05م)




    بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لرحيل المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله تحدثت «شبكة الفجر الثقافية» في مقابلة قصيرة الى الاستاذ في الحوزة العلمية الشيخ رياض السليم الذي اعتبر ان رحيل السيد كان فرصة لإنتشار فكره كالنور الذي ينتشر في كل مكان . معتبراً ان مدرسة السيد فضل الله قد ولدت بعد رحيله وأن النيل منه او من فكره غير ممكن بعد وفاته.

    وقال السليم أن السيد الراحل كان منارة شامخة بكل ما تحمله من ايمان وفكر ووعي وعمل.

    مضيفاً:عندما طرق مسامعنا خبر رحيل السيد قلقنا كثيرا على مصير هذه المنارة و تصورنا أن نورها قد انطفى مع وفاة السيد .

    وأستدرك قائلا: ولكن الأيام أثبتت لنا خلاف ذلك إذ رأينا النور قد اشتد وصار ينتشر أكثر من ذي قبل لأن السيد قد امتلأ علما وفكرا وكما قد قيل العلم نور و النور لا يموت بل بالموت يزداد قوة وتجردا و تحررا من براثن المادة ..

    وحول أثر غياب المرجع فضل الله على الساحة الإسلامية، قال السليم : غياب السيد كما أراه انتقال من عالم الفناء إلى عالم البقاء قد ودع هذه الدنيا بجسده و لكن فكره وعلمه لا زال معنا و سيبقى من بعدنا خالدا ودع هذه الدنيا الزائلة ليعيش بسلام في جنة الخلد.

    وتحدث الشيخ رياض السليم لـ«الفجر» عن ابرز الخصال والمزايا التي تمتع بها المرجع فضل الله ، قائلاً: قد استطاع أن يجمع عدة متناقضات قد عجز عن فعلها كثير من العلماء ،استطاع ان يجمع بين لغة القلوب الشاعرية الخيالية و بين لغة العقول الصارمة اليقينية ،استطاع أن يضرب لنا مثلا بأنه العلم المفكر المجدد الثائر على التراث و هو في الوقت نفسه العالم المحافظ المدافع عن التراث .

    مضيفاً: كان عالماً بصيراً بالسياسة و منظراً لها ،و في الوقت نفسه كان مبتعداً عن السياسة و مباشراً لها ،كان أصوليا في دراسته و إخباريا في ذوقة ،كان ورعا في تصرفاته و جريئا في طرح أفكاره ..وغيرها الكثير من مميزات هذا الرجل الرائع و لو أردت تتبع كل مميزات هذا الرجل العظيم لتعبنا و لم نعطه حقه.

    وحول مدرسة الوعي التي اسسها الراحل فضل الله ورعاها ، قال السليم: أما بالنسبة إلى مستقبل هذا المدرسة فهي لم تولد إلا بعد وفاة السيد ، ففي حياة السيد كانت هذا المدرسة في طور المخاض و التكامل بالإضافة إلى ما عانته من تظليل وتجهيل وتشويه الذي كان يصب جام حقده وغضبه على شخص السيد و بوفاته لا يعرفون كيف ينالون منه و لا من فكره .

    مضيفاً: وبالتالي سوف يبين الوجه الجميل و الرائع لهذا المدرسة التي تجذب الناس بالصدق و العلم الحقيقي الذي يتشعشع نورا لأن الظلام و الجهل مهما قوي و استفحل لن يكون أقوى من النور .

    وفي نهاية اللقاء تمنى الشيخ السليم من كل العلماء المفكرين أن يجدّوا في المسير أكثر وأن يقدموا تضحيات أكبر من أجل مواصلة المسيرة العلمية التي اختطها علمائنا و أن ينطلقوا من حيث توقفوا لنواصل المسيرة لا أن نتوقف حيث توقفوا و نتغنى بأمجادهم من دون أن نقدم شيئا .

    والشيخ رياض السليم من علماء الأحساء ويعمل استاذاً في الحوزة العلمية ،وحائز على درجة البكالوريس في الفقه و المعارف الإسلامية ، له عدة مؤلفات منها: الأنصار بين ثنايا التاريخ ، عام الوفود، مقالات فلسفية ، مهارات الإعراب ، مسيرة التجديد في علم الأصول الفضلي نموذجا ، بالإضافة الى العديد من المقالات الصحفية والعلمية .



    http://www.alfajer.org/index.php?act=artc&id=3126


    شهداء بلادي إرث العراق





  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    3,118

    Lightbulb

    السيد فضل الله... النموذج الإسلامي الوحدوي





    (طارق النزر) - (2011-07-02م)




    في هذه الأيام نعيش الذكرى السنوية الأولى لرحيل سماحة المرجع الإسلامي السيد محمد حسين فضل الله رضوان الله عليه، وتحديدا باليوم الرابع من الشهر الميلادي السابع، وبالوقت الذي اعتقد فيه بأن رحيل سماحته شكل فراغا فقهيا وفكريا وتربويا وتوجيهيا كبيرا، شعر به الكثيرون خلال هذه السنة الحافلة بالأحداث المصيرية، حتى أننا كنا نلجأ لأقواله ونصائحه وإرشادته المحفوظة ببعض المواقع الإلكترونية أو من خلال كتبه لنجد ضالتنا ونستنير منها، إلا أني أحببت أن أركز في حديثي هذا عن السيد الوحدوي، الذي كان يستشعر مسؤولية الأمة في وحدتها، ويعيش هذا الهم الإسلامي الكبير، وذلك من خلال استحضار بعضا من كلماته وارشاداته في هذا المجال. فما شهدناه خلال هذا العام من استحضار طائفي وإثارات مذهبية، لا سيما في منطقة الخليج العربي، يجعلنا نشعر بحجم الحاجة لفكر سماحة السيد فضل الله الوحدوي والإسلامي، والذي بتصوري لم يبرز أحد سواه في هذا المجال مؤخرا كفكر وحدوي متكامل يعالج الأساسيات ويناقش الواقع ويتطرق للنظريات ويطرح العمليات بشكل موضوعي وشامل، وذلك ليس على المستوى الشيعي فحسب، بل على المستوى الإسلامي عامة.

    وقد واجه سماحته ما واجه في سبيل هذا الخط الإسلامي الأصيل، فلم يرضى عنه المتطرفون لا من السنة ولا من الشيعة، حتى اتهم بتشيعه وحبه للإمام علي عليه السلام، فأجاب ذات مرة على سؤال وجه إليه بهذا الخصوص:

    السؤال: يقول البعض أنكم أقرب إلى أهل السنة من الشيعة، ما رأيكم؟

    الجواب: هؤلاء لم يقرأوني جيدا، مشكلتي أنني كنت ولا أزال مع الأمة الواحدة، {إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون} <الأنبياء/92>، لذلك، فإني مسلم، لست سنيا بالمعنى العصبي، ولست شيعيا بالمعنى العصبي، أنا مسلم في خط أهل البيت عليهم السلام، الذي يمثل الخط الإسلامي الأصيل البعيد عن الخرافيين والمتخلفين الذين يحاولون إقحام الخرافة والغلو في منهج أهل البيت عليهم السلام، ومنهج أهل البيت بريء من ذلك.

    فقد كان سماحته يرفض تجزيء الإسلام إلى أجزاء، كإسلام شيعي وإسلام سني، بمعنى أنه كان ينظر للإسلام كصورة واحدة، والمذاهب تشكل هذه الصورة الواحدة، وليس بالشكل الذي يطرح فيه الإسلام كمجموعة صور، وكل صورة هي جزء من الإسلام، وقد بدت هذه الفكرة واضحة من خلال حديثه : (انني أتصور أنه ليس عندنا إسلامان، هو إسلام واحد ولكن المسلمين اختلفوا في فهم كثير من جزئياته وتفاصيله. ولذا فإننا عندما نواجه الواقع الإسلامي الذي يختزن هذه الخلافات فإننا لا نجد هناك إختلافا في الصورة العامة، فالمسلمون كلهم يؤدون الصلاة، ويصومون شهر رمضان ويحجون إلى بيت الله الحرام ويدفعون الزكاة، ويتعبدون لله سبحانه وتعالى ويعلنون وحدانيته ويؤمنون برسالة رسول الله <ص>. لن تجد أي مسلم من المسلمين يمكن أن يتحفظ في الجواب عن أي سؤال يتصل بالمبادئ، اذاً، هناك إسلام واحد نختلف في بعض تفاصيله، وما نتفق فيه في هذا الاسلام أكثر مما نختلف فيه، وما يختلف فيه المسلمون ليس حالة مذهبية بل قد تراها متناثرة في المذهب الواحد، وقد ترى مذهبا اسلاميا منفصلا عن مذهب إسلامي آخر يلتقي من خلال وجهات نظر بعض علمائه بالمذهب الآخر وببعض وجهات نظر بعض علماء هذا المذهب. في تصوري أن مسألة وجود إسلام سني، أو وجود إسلام شيعي هي من الأمور التي أريد لها أن تخلق حالة نفسية بين المسلمين يخيل فيها للمسلمين بأن اختلاف المذهب يشبه اختلاف الدين.)

    كما كان سماحته يطرح وبشكل دائم مفهوم الوحدة الإسلامية بالشكل الموضوعي المطلوب موضحا ذلك في حديثه: (فقد يخيل لبعض المسلمين الشيعة، أن دعاة الوحدة الإسلامية يريدون للشيعة أن يهملوا مسألة الإلتزام بخط الولاية لأهل البيت <ع>، أو قد يتخيل بعض المسلمين السنة أن الدعوة إلى الوحدة الإسلامية تفرض عليهم أن يتشيعوا... ولكن المسألة ليست كذلك، فإن معنى الوحدة الإسلامية هي أن يلتقي الشيعة والسنة على كل ما اتفقوا عليه في العقيدة والشريعة.)

    لذلك كان سماحة السيد لا يجد مشكلة بالاعتراف بالاختلاف بين المسلمين ومناقشة هذا الاختلاف وبحثه، بدلا من السكوت عنه بحجة الوحدة والتقريب، لكن لا بد أن يكون هذا البحث بالطريقة الموضوعية والعلمية، فالجدل المبني على تسجيل النقاط والبحث عن الاهداف ضد هذا الفريق أو ذاك، سيزرع المزيد من البعد والطائفية، كما أن اللجوء للمجاملات بهذا المجال بدلا من البحث الموضوعي والعلمي، يصفه السيد بالتخدير المؤقت للمشكلة بعيدا عن حلها: (برزت المجاملات التي قد يفرضها الواقع الاجتماعي في حديث الناس عن لقاء بعضهم مع بعض، أو عن وحدة بعضهم مع بعض، بحيث أصبح الأسلوب المتبع هو أن علينا أن لا نبحث هذا أو أن لا نبحث ذلك لأن بحث هذا أو بحث ذاك ينكأ الجروح ويسيء الى روحية الوحدة. ولكن ذلك قد يصح أن يكون مخدرا للمشكلة لكنه لا يستطيع أن ينهي المشكلة، لأن هناك واقعا موضوعيا تاريخيا يرتبط بالواقع الموضوعي المعاصر مما يفرض علينا أن نقوم في الدوائر العلمية بتصفية هذه المواقع التاريخية من كثير من الشوائب التي نختلف في وجودها هنا أو عدم وجودها هناك. لذلك فإننا نتصور أن هذا الخلاف بين الخطاب الرسمي للعلماء وبين الواقع المعاش للناس قد ينطلق في بعض الحالات من:

    النقطة الأولى، أن العلماء من الطرفين لا يحاولون تصفية الأمور بحيث تتبلور في نظرية متوازنة في نظرتها إلى مفردات هذا الخط ومفردات ذاك الخط، بحيث أن هذا الفريق يرى أن الفريق الآخر شر كله ويرى في ذاته خيرا كله، بينما تستطيع أن تجد بعض الشر وبعض الخير مما يجعلك تقف مع الإيجابيات لتتفادى السلبيات، لا سيما بالنسبة للشخص الذي تؤمن وجدانيا أنه لا يملك شيئا من العصمة في طبيعة تكوينه الذاتي.

    النقطة الثانية، هي أن العامة من الناس في طبيعة تراكمات التخلف وفي طبيعة التعقيدات التي عاشوها في الفجوات التاريخية التي حولت الخلاف المذهبي إلى أنهار من الدماء، وإلى جبال من الحقد، فإنه من الطبيعي أنهم يختزنون كل ذلك التاريخ في وعيهم فيسيئون لها لا على أساس الحقيقة الموضوعية التي تؤكد مضمون هذه الإساءة في الواقع ولكن على أساس النزعة الذاتية التي تجعل الإنسان يتحرك ذاتيا في نظرته إلى الأشخاص أو إلى المواقف.

    لذلك فإننا نتصور أنه من الضروري أن ينطلق العلماء في حوار موضوعي لا يتحرك من موقع القداسة المسبقة لهذا الشخص أو ذاك لنستطيع أن نفهمه فهما موضوعيا ثم نتعاون على أساس تصفية ما يعيشه العامة من الشوائب تجاه التزاماتهم الدينية أو المذهبية تجاه هذه الشخصيات أو المواقف.)

    لذلك كان السيد يدعوا دائما الى اتباع الأسلوب القرآني في إدارة الخلاف، ولا أتصور بأن هناك منصف قد يخالفني من ناحية أن واقعنا بعيد كل البعد عن الأسلوب القرآني، خاصة في المواقف الصعبة والأزمات، لذلك كان سماحة السيد أثناء حديثه يدعو دائما إلى الأسلوب القرآني: (وعندما نأتي للأساليب التي نواجهها في كل خلافاتنا، فإننا نجد القرآن يقول ﴿ ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم يالتي هي أحسن <النحل/125>، بحيث أنك إذا كنت تريد أن تدعو الى عقيدتك الإسلامية، أو الى مذهبك، أو الى رأيك فعليك أن تراعي الحكمة في دعوتك، وأن تنطلق بالموعظة الحسنة، التي تلين قلوب الناس وترققها، وعليك أن تجادل عندما تدخل الجدال بالتي هي أحسن، وبالأسلوب الأحسن، الذي يمكن أن يجلب قناعات الآخرين إلى قناعاتك، والله أوصانا مع أهل الكتاب أن نجادلهم بالتي هي أحسن، فكيف بالمسلمين؟!

    والله يقول: ﴿ وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن <الإسراء/53>، بأن تكون كلماتك الأفضل التي تفتح العقل والقلب.. ﴿ ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم <فصلت/34>، هذه هي تعليمات القرآن، فأين نحن منها عندما نختلف شيعة وسنة؟ أو نختلف شيعة فيما بيننا؟ أو سنة مع بعضنا البعض؟ في القضايا السياسية، أو في الأمور الأخرى؟ هل نتحرك بأسلوب القرآن؟ هل نجادل بالتي هي أحسن؟ هل ندفع بالتي هي أحسن؟ هل نقول الكلمة التي هي أحسن؟ هل ندعو إلى رأينا بالحكمة والموعظة الحسنة؟

    الإسلام ليس صلاة وصوما وحجا فقط.. الإسلام منهج للحياة، وأسلوب في الحركة والحوار، وفي مواجهة الواقع كله. والله سبحانه وتعالى لم يتحدث في القرآن إلا عن أخلاق النبي (ص) في شخصيته، فقال: ﴿ وإنك لعلى خلق عظيم <القلم/4>، ﴿ فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك <آل عمران/159>، ﴿ لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا <الأحزاب/21>…)

    لقد كان سماحة السيد الراحل محمد حسين فضل الله نموذجا للعالِم الإسلامي الوحدوي فكرا ومنهجا ورسالة، كلماته ومواقفه عبارة عن دروس يستفاد منها في مجال الخط الإسلامي الواحد الأصيل، لم يكن حكرا لطائفة دون أخرى، بل كان الإنسان الإسلامي العالِم المنفتح قلبا وعقلا على الجميع، ففي ذكرى رحيله يصعب أن نتكلم عنه بأسطر قليلة، لا سيما وأنه شخصية فريدة وغنية، في كل جانب من جوانبها نجد مجالا للإبحار بالحديث واستخلاص الحكم والفوائد، وفي ظل ما نشهده من ظروف صعبة، قد لا نحتاج للحديث عنه بقدر حاجتنا لدراسة حديثه واستحضار نصائحه ومواقفه، وأختم مجددا مع الجزء الأخير من النداء الذي وجهه سماحته للعالم الإسلامي بذكرى المولد النبوي الشريف واسبوع الوحدة الإسلامية الأخير الذي عاشه، كنت قد ختمت به أحد مقالاتي السابقة، فهذا النداء في حال تأملناه هو نداء عميق فيه الكثير من الوصايا الكفيلة بازدهار الإسلام والمسلمين وتخلصهم من المرض الطائفي الذي نعاني منه، ويعكس الهم الإسلامي الذي كان يعيشه السيد من خلال استيعابه وفهمه للواقع الإسلامي ومشاكله وسلبياته، فقد ختم نداءه الأخير بقوله : (إنّنا نتوجّه إلى المسلمين جميعاً لنقول لهم: اللهَ اللهَ في الإسلام! لا تحبسوه في مذهبيّاتكم، ولا تسجنوه في عصبيّاتكم، ولا تدمّروه بأحقادكم ونزاعاتكم، ولا تشوّهوه بالجهل والتخلّف، ولا تضعفوه بنزاعاتكم، ولا تضيّعوه في غمرة مصالحكم الذاتيّة، ولا تسفكوا دماء أبنائه بوحشيّتكم التّكفيريّة… أغنوه بطاقاتكم، وانشروه إلى العالم بإبداعاتكم، وارفعوه بسماحة نفوسكم، وأعزّوه بحرّية إراداتكم، وقوّوه بوحدتكم، ولا تجعلوه عرضةً لمؤامرات الأعداء وخطط المستكبرين… اللّهمّ هل بلّغت؟ اللّهمّ اشهد).


    شهداء بلادي إرث العراق





  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    3,118
    الرئيس برّي : الشخصية الانسانية لسماحة المرجع آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله رحمه الله تستحق مؤتمرا لا بل مؤتمرات للإحاطة بشخصيته الفكرية والفقهية والادبية"









    القى رئيس مجلس النواب نبيه بري الكلمة الختامية في الذكرى السنوية الأولى لوفاة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله قال فيها:

    "ها نحن لا نغادر محيط معارف الشهيدين ال...ى بحار علوم الاعلام ومنها بحرك الخصب وزرع كلامك الاخضر، ايها السيد الا ونحن يحملنا هنا وهناك وهنالك مركب الامل ويسلك بنا اللجج قبطان يعرف علوم الكلام وعلوم الانسان الذي هو على صورة الله.

    ها نحن نجد انفسنا ونحن نتنقل بين الافذاذ المجددين وكأننا امام شخص واحد وإمام واحد ومنهج واحد يمتد منذ فجر الرسالة الى اليوم .
    ها نحن وفي اعقد المراحل واصعب الظروف وواقع الحال المفكك والمصير المهدد للاقطار وللانسان نتلمس الدرب بعصا موسى الصدر ونتبصر الدرب بعينيك لعلنا نصل الى بر الامان بفضل الله.

    ها نحن وها انت ايها العلامة العلم وسيد المواقف، والفقيه المجدد والمفسر والكاتب والاديب والشاعر والمثقف والمثقف والسياسي الذي اجتمعت اليك العلوم مضافة الى انسانية متقدة - ها انت - كما المنارات التي ازدهرت من جبل عامل لا تغادرنا الا لتأخذنا من "فقه الشريعة"الى احكامها الى "دليل الحج" "وكتاب الصوم" " وتحديات المهاجر " " وفقه الحياة " .
    وها انت كلما اغلقوا امامنا مسرح الحياة وكلما قتلوا منبرا او احرقوا مكتبة ليوقدوا كما الجزار افران عكا، او كما جنود الانتداب حين رمدوا مكتبة المقدس السيد عبد الحسين شرف الدين - ها انت تفتح امامنا كتاب " الاسلام ومنطق القوة " و"الحكمة في خط الاسلام "وقضايانا على ضوء الاسلام" وتأخذ خطواتنا لنسلك "طريق الاسلام".
    وها انت تضع الاسلاميين امام التحديات المعاصرة وتفتح كتاب الاحاديث على "قضايا الاختلاف والوحدة" وعلى الحوارات في الفكر والسياسة والاجتماع.
    وها انت تفتح كتاب "الاختلاف " وصولا الى "الوحدة" بين المسلمين وترسم "افاق الحوار الاسلامي المسيحي" ولا تهدأ فتأخذنا الى "الاسلام وقدرته على التنافس الحضاري" والى "الاسلام والمسيحية في مساحة حركية اللقاء".
    ها انت تفتح حوارا لا ينتهي وتمضي بنا الى "الدعاء"الفن المنفي وصولا الى "آفاق الروح" وتجول بنا "دنيا الطفل والشباب والمرأة " حيث الزهراء (ع)القدوة والانموذج للمرأة العالمية.

    ثم ها انت لا تتعب وانت تفتح في بحوثك الفقهية "كتاب الجهاد" واليمين والعهد وتفتح "كتاب الوصية"، ثم ها نحن نستريح اليك على شاطىء الوجدان حيث "القصائد للاسلام والحياة" وحيث نسكن الى الشفافية في "ظلال الاسلام".
    ثم اذا نحن استرحنا فإنك لا تستريح فتؤسس على اسماء الائمة الاطهار صروح علم وثقافة ومؤسسات وجمعيات هنا ومستشفى هناك ومراكز صحية هنالك وثانويات ومدارس الاحتياجات الخاصة والمعوقين".

    اضاف "تحية اليك ايها السيد العزيز حيث انت في جوار ربك لا زالت عيونك مفتوحة على الناس الذين احببتهم وبنيت لهم بيت صمودهم ومقاومتهم على امتداد الحدود، وحيث بذار كلماتك الطيبة الاولى في حواكير بنت جبيل وعيناتا وعيتا الشعب والطيري وحيث علمت الناس المحرومين والمستضعفين على حقوقهم من بيت "اسرة التأخي"الاولى في النبعة الى المسجد في بئر العبد حيث زرعت المحبة وزرع لك الاعداء الموت المتفجر، لولا عناية الله.

    وبداية نسجل ان نفس الايادي الآثمة التي حاولت اغتيال السيد في التفجير المجزرة في بئر العبد والتي حاولت وبكل السبل اغتيال لبنان وتجربة التعايش عبر فتنة حروب الاستتباع الاهلية وعبر الاجتياحات والاحتلال الاسرائيليين لا زالت تلك الايدي نفسها تستهدف لبنان.

    إننا مقابل ما يرسم للبنان ومقابل محاولات تصعيد التوترات السياسية والطائفية والمذهبية نرى بعيون سماحته التي رنت الى البعيد ان اللحظة السياسية تستدعي من الجميع تنازلات من اجل الوحدة وتنازلات، من اجل الدخول في مشروع الدولة وتنازلات من اجل بناء ادوار الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية والثقافية دون ان يعني ذلك تنازلا عن حق الشعب اللبناني في معرفة الحقيقة، في ما يتعلق بجرائم الاغتيال والتفجير وفي الطليعة الجريمة الزلزال التي استهدفت الرئيس الشهيد رفيق الحريري وما سبقها وما تلاها.

    نقول ذلك لأن مصداقية اي تحقيق وأي قرار اتهامي وطني او اقليمي او دولي يجب ان يسلك الطريق القويم دستوريا وقانونيا من اجل منحه الشرعية، ونحن وقد قدنا الحوار الوطني الذي إلتزم المحكمة الدولية، نرى ان الخطوات الحكومية اللاحقة باتجاه المحكمة لم تكن دستورية ولا ميثاقية ولا قانونية، بل كانت سياسية ومن هنا بدأ التسييس.

    لقد حذرنا على الدوام من الطريق الملتوية التي سلكها التحقيق والمحققون الدوليون والتي اعتمدت روايات شهود الزور الذين طالبنا ولا نزال بمثولهم امام العدالة.

    اننا نرى ان هناك ابعادا سياسة واضحة من وراء القرار الظني الذي لم يشكل في اللحظة السياسية لاعلانه اداة من ادوات العدالة بل اداة من ادوات ما يسمى "الفوضى الخلاقة" او "الفوضى البناءة" التي تهدف لزيادة التوترات الطائفية والمذهبية والسياسية".

    وتابع "اننا من موقعنا التشريعي وعلى رأس كتلة التنمية والتحرير النيابية وكرئيس لحركة امل نعلن اننا سنساند موقف الحكومة في التعاطي مع القرار الظني ومع المحكمة الدولية وفقا للنص الذي اعتمده بيانها الوزاري.

    وفي كل الحالات فإننا نطالب الحكومة بأن يكون على أعلى جدول اولوياتها إعادة بناء الثقة بالقضاء اللبناني، الذي يجب ان يأخذ دوره، خصوصا في القضايا التي تمس الأمن الوطني.

    إننا ندعو الجميع للخروج من حالات المراهقة السياسية ووقف ممارسة ضغوط على الحكومة حتى قبل نيلها الثقة وتحويل الانتباه الوطني نحو التناقضات الثانوية، فيما التناقض الرئيسي الذي تمثله اسرائيل يواصل استعداداته عبر مناوراته القومية واختبار منظوماته القتالية واعداد جبهته الداخلية مستفيدا من تجربته في خسارته عام 2006.

    بينما كان الاجدر بنا نحن ان نأخذ الدروس والعبر من تلك الحرب في سبيل تقوية عناصر جبهتنا الداخلية وتعميق وحدتنا، فإذ بنا نتفرق ايدي سبأ وينحاز بعضنا ضد سلاح المقاومة ويعتبره سلاحا" للاستقواء في الداخل.

    اننا نؤكد جميعا رفضنا للاستقواء بالسلاح الرسمي والاجهزة الرسمية في الداخل، على اعتبار ان للدولة حق احتكار وسائل القوة واستخدامها وفق سياسة الاكثرية كما كان يجري فإننا من جهتنا نقول ان شرف سلاح المقاومة هو في وجوده في مواقع المقاومة وتلبيته لنداء الوطن الى جانب الجيش في ساعة الشدة لا اكثر ولا اقل.

    اننا على مستوى التحديات المطروحة وطنيا وعربيا واسلاميا واستنادا الى ادبياتنا والتزاماتنا السياسية ورؤية سماحة العلامة الراحل نرى :

    اولا: اننا اذ نلمس يوما بعد آخر المحاولات الجارية لنقل الاهتمام اللبناني شمالا بدل الجنوب وجعل لبنان منصة لاستهداف النظام في سورية، بل استهداف سورية موقعا ودورا وارباك وخلخلة قاعدة الارتكاز التي تمثلها سورية لحركة المقاومة واهدافها في تحقيق اماني الشعب الفلسطيني وتحرير الاراضي العربية المحتلة، وضمنا اللبنانية في مزارع شبعا وتلال كفر شوبا.

    إننا وبكل صراحة سنحفظ تضحيات سورية في سبيل استعادة لبنان لعافيته وخروجه من الفتنة والحرب الاهلية ودعمها المستمر لمقاومتنا.

    ثانيا:اننا اذ نؤكد وفاء لبنان لالتزاماته بموجب القرار الدولي رقم 1701 فإننا لا بد وان نذكر ان جبهتنا مع اسرائيل التي تواصل خروقاتها العسكرية قد اتسعت وان البحر الابيض المتوسط بات يشكل فعليا خط تماس اقتصاديا مع اسرائيل ولا بد لنا من اتباع كل السبل لتحرير مواردنا الطبيعية في البحر من غاز ونفط ومياه حلوة انطلاقا من دعوة الامم المتحدة الى ترسيم حدودنا بمساعدة قوات اليونيفيل.

    ان على لبنان فورا رسم حدوده الاقتصادية البحرية وإعلانها وإبلاغها للامم المتحدة وإعتبار المس بها بمثابة اعتداء تماماً كما على اراضيه.

    ثالثا: نؤكد التزامنا بالقيم التي تحفظ لبنان سياسيا، وفي طليعتها التزامنا لبنان الواحد الموحد ورفضنا للعنف في لبنان ورفضنا للطائفية والحماية والاحترام دائما للطوائف والفرق كبير بين الطائفية والطائفة.

    رابعا:تأكيدنا على الحوار كحالة فكرية واسلوب بناء وصنع تفاهمات على القضايا الخلافية في اطار عقد اجتماعي لايزال يتمثل بالطائف.

    ونجدد التأكيد لما سبق واعلناه في جامعة الكسليك من استعداد للحوار والسير الى اكثر من منتصف الطريق لملاقاة غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بطريرك انطاكية وسائر المشرق للموارنة في رفعه لعنوان "شركة ومحبة" لأننا نرى ان هذا العنوان يتسع لجميع اللبنانيين وليس فقط للمسيحيين او للموارنة.

    إننا كذلك على صعيد ما يستهدف النظام العربي نرحب بالانموذج الذي يسعى سماحة شيخ الازهر الشيخ احمد الطيب لرسمه عبر "وثيقة الازهر" بشأن مستقبل مصر في الفترة القادمة وندعو لجعل هذه الوثيقة ورقة حوار حول مستقبل النظام العربي خصوصا وانها تتضمن التوافق على مبادىء عدة، من بينها قيام الدولة الوطنية الديموقراطية على اساس دستوري يرتضيه المواطنون.

    خامسا:إننا نؤكد مع سماحة السيد فضل الله ان الحوار الاسلامي - الاسلامي الذي هو قائم ومستمر يجب ان يؤكد على قيمة هذا الحوار ومنهجه القرآني وهويته الاسلامية وروحيته وموضوعيته وصولا الى المستقبل الذي نريد".

    وقال "ان الخلافات القائمة هي في عمقها نفسية لا فكرية وانها سياسية وليست اسلامية وان المشكلة صدقوني هي في التعصب وان الاستعمار او الاستكبار يستعمل الانفعالات لتمرير مخططاته وان الوحدة الاسلامية ممنوعة استكباريا.

    فالاستكبار يحاول تحويل الانتباه عن اسرائيل الى الجمهورية الاسلامية في ايران عبر محاولة ايقاع فتنة بين المسلمين ترتكز على استخدام المذهبية كعنصر ضاغط على ساحة الصراع بالمستوى الذي تحولت فيه الحرب اعلاميا وسياسيا كحرب بين مذهبين من مذاهب المسلمين.

    اننا في هذا الامر نؤكد على ما اكد عليه مراجعنا من ان مسألة التقريب بين المذاهب والعمل في حركة الوحدة الاسلامية، لا بد ان ينطلق في ساحة الحركة ضد الاستعمار والصهيونية لأنها هي الساحة الكبيرة التي يلتقي فيها المسلمون فيما يشبه الصدمة اليومية لكل قضاياهم الحيوية.

    سادسا: على الصعيد العربي فإننا اذ نلتزم فتوى ادبيات سماحة الامام القائد السيد موسى الصدر في اعتبار اسرائيل شرا مطلقا فإننا نلتزم مفهوم سماحة السيد محمد حسين فضل الله في اعتبار ان المخطط الجاري تنفيذه اليوم بعنوان التهويد يهدف الى تفريغ الوجدان الفلسطيني العربي الاسلامي المسيحي من شيء اسمه القدس وتصفية الاراضي الفلسطينية، وبالتالي يجب منع هزيمة القضية الفلسطينية في افكارنا اولاً.

    اخيرا وليس آخرا اقول ان الشخصية الانسانية لسماحة المرجع آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله رحمه الله تستحق مؤتمرا لا بل مؤتمرات للإحاطة بشخصيته الفكرية والفقهية والادبية".

    واقول "ما اجمل ان تأتلف وتتفق مع السيد وما اجمل ايضاً ان تختلف معه وان نكون في موقع الضد من فكرته لأننا كنا نتأكد ان ذلك يزيد من تقديرنا واحترامنا عنده وهو دائما كان محل التقدير والاحترام عندنا".

    اخيرا وانا واحد من الذين عاشوا ودرسوا تجربة سماحة السيد اقول انه سيبقى موجودا في فكر واجيال المجاهدين والمقاومين في لبنان والعراق ومختلف الساحات وسيكون موجودا في حركة كل شهيد وفي انفتاح كل جيل اسلامي على حركة الحياة وفي صناعة المستقبل وفي السير من خلال وضوح الرؤيا.

    لذلك فإننا ندعو الى التزام وصايا سماحته في الحفاظ على معنى الاسلام في عالميته وبأن نحمل المحبة الاسلامية الى الانسان وان نخفف من كل اثقال التخلف، وبأن لا نجعل من الاختلاف المذهبي وسيلة من وسائل اسقاط الاخوة الاسلامية، بل ان نواجه الاختلاف المذهبي كحالة ثقافية تتنوع فيها الافكار وتختلف فيها وجهات النظر ليكون الحوار هو الاساس في حل المشاكل".

    وختم "يبقى ان نردد مع سماحته ان الدين يمثل القيم الروحية والاخلاقية والانسانية عامة فليس هناك قيمة مسيحية لا ينفتح عليها المسلم وليس هناك قيمة اسلامية لا ينفتح عليها المسيحي والقدس هي الانسان، وان قيمة المسجد الاقصى بإنسانه وان قيمة كنيسة القيامة بإنسانها والمسجد والكنيسة كلاهما للانسان".


    شهداء بلادي إرث العراق





  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    3,118
    الواقعية الرسالية في منهج العلامة المرجع فضل الله









    (الشيخ حسين المصطفى) - (2011-06-23م)

    في صباح يوم الأحد 22 رجب 1431هـ/ الموافق 4- 7-2010م، فقدت الأمّتان العربيّة والإسلاميّة، الإمام المجدّد والمرجع الدينيّ الكبير، المجاهد السيّد محمد حسين فضل الله، عن عمرٍ يناهز الخمسة وسبعين عاماً.

    وفقدت بموته علماً طالما تعوّدت السّاحة الإسلاميّة أن تستنير من حركة اجتهاده المستنير وجهاده الكبير الذي سخّره في سبيل إعلاء كلمة الله؛ ليتحمّل أخطار السّاحة وتحدّياتها وكلّ سلبيّاتها..

    التّأسيس للمنهج الفكريّ

    ولقد ترك المرجع المجدِّد السيِّد محمّد حسين فضل الله(ره) كتبه التي ألّفها، والّتي تزيد على المائة وعشرين كتاباً؛ لتمثّل معالم المنهج الفكريّ والمشروع الحضاريّ للإسلام، كما يراه السيّد فضل الله.

    ولم يكن هَمُّ السيّد فضل الله في ما كتب هو التّرف الفكريّ، بل كان همَّه وضع لَبِنَات في البناء الفكريّ والحضاريّ للأمّة؛ ما جعل تلك المؤلّفات بمثابة المدماك الفكريّ للسيّد فضل الله؛ فقد أتت متنوّعةً لتشمل ما يشغل الأمّة في الدّاخل والخارج، حاضراً ومستقبلاً.

    وتوزّعت إسهاماته الفكريّة على العديد من أبواب المعرفة، وكان له فيها إضافات ومبادرات، استطاع أن يفتح من خلالها أبواباً جديدة؛ فهماً وصياغةً ومراجعةً، وحاول(ره) أن يثير الاهتمام والسّؤال عن المتوارث والمنقول، وأن يؤكّد ضرورة تقييم كلّ ذلك بميزان العقل.

    لقد كان المرجع الكبير السيّد محمّد حسين فضل الله(ره) مدرسةً متميزةً حاولت أن تشقّ لها طريقاً مغايراً خارج المألوف، ولم يكن ذلك أمراً يسيراً، بل واجه حملات مضادّة، ومعارك امتدت إلى أكثر من ساحة لمجرّد رأي أو إثارة سؤال في حدث ما.

    الواقعيّة الرّساليّة

    الواقعيّة لغةً: لفظ مشتقّ من الواقع، والواقع نعني به: حقيقة الشّيء كما هو، كحقيقة الإنسان -مثلاً-، أو هو ظرفٌ محيط اجتماعيّاً وفكريّاً بالإنسان أو المجتمع أو الدّولة أو الموقف وما إلى ذلك، أي سواء كانت هذه الحقيقة موضوعاً خارجيّاً أو ذاتيّاً ذا علاقة بملكات الإنسان وطبيعته الوجوديّة.

    ونحن هنا لا نريد أن نخوض في دراسة حقائق الأشياء، فالمجال لا يتّسع لها، بل نقتصر في كلمتنا هذه على الواقعيّة بمعناها الاجتماعي، وهي المحيط والظّروف الاجتماعيّة والثقافيّة في إطار الزّمان والمكان.

    وكثيراً ما تصبح الواقعيّة - بمعناها الاجتماعيّ - أثناء الانحسارات أو الإحباطات الاجتماعيّة والثقافيّة لفظة دعائية ولافتة تمويه، يحملها المتصدّون الّذين يدّعون أنّ آراءهم ومناهجهم قريبة من الواقع، بل من صلب الواقع، بينما يتّهمون الآخر بأنه بعيد عن الواقع.

    والواقع الرّسالي بالنّسبة إلى السيد فضل الله(ره) هو: الوسط الذي يتفاعل معه بحيث يأخذ منه ويعطيه. فلم يكن(ره) يأخذ في معالجاته الفكريّة والمعرفيّة الشّكل التجريديّ الحالم كطريقة بعض المفكّرين والفلاسفة، بل كان واقعيّاً وموضوعيّاً في المعالجة والفهم والتّصور.

    ولم تختلف هذه الرّؤية الواقعيّة حتى في تفسيره القيّم للقرآن الكريم (من وحي القرآن)، وهو -كما يقول الخبير القرآني الشيخ محمّد هادي معرفة(ره)-: "تفسير تربويّ اجتماعيّ شامل، ويعدّ من أروع التّفاسير الجامعة، النّابعة من روحٍ حركيّةٍ نابضةٍ بالحيويّة الإسلاميّة العريقة، انطلق فيه المؤلّف في إحياء الجوِّ القرآنيّ في كلّ مجالات الحياة الماديّة والمعنويّة..."([1]).. هذا على مستوى تعامله مع القرآن، تفسيراً وحركةً ودعوةً وحواراً.

    وكذلك هو الحال على مستوى تعامله مع قراءته لشخصيَّة الرَّسول(ص) في خطِّ رسالته، حيث لا مجال لمعرفته إلا من خلال ما يوحي به الله في كتابه، وما يلهمه أو يبيّنه لرسوله الذي يعبّر عنه في سنّته. ومن هنا، لا بدّ للمسلمين من أن يستغرقوا في دراسة هذه القضيّة من خلال القرآن في ظواهره، من حيث يريد الله للنّاس أن يفهموه ويعتقدوه ويعيشوه، ولا سيّما في عهد الرّسالة الأوّل؛ حيث كان النبيّ(ص) يعيش مع أتباعه (المسلمين) وخصومه (المشركين) في آنٍ واحد، الأمر الذي كان يثير الكثير من المشاكل والتعقيدات وعلامات الاستفهام، باعتبار أنّ الوحي كان ينطلق من الفكرة العامّة على مستوى النظريّة، ومن حركة التّجربة الواقعيّة على مستوى التّطبيق، فكان النّاس يرون النبي(ص) في مضمون الآيات، ويحدّقون به في حركة الواقع، فيجدون وحدة الخطّ الفكريّ مع التّجسيد الإنسانيّ الواقعيّ وفي سلوكه العمليّ مع النّاس؛ لأنّه ليس من الطبيعيّ أن تكون الصّورة النّبويّة في الوجدان الإسلاميّ في تلك المرحلة - التي تؤسّس للمراحل القادمة - بعيدة عن الصّورة الواقعيّة([2]).

    النّقد الموضوعيّ لدراسة التّاريخ

    وكان(ره) ينتقد مَنْ تناول في دراسته تاريخ الرّسول(ص) كشخصٍ لا كرسالةٍ؛ وتحت عنوان (السّيرة النبويّة: إشكاليّة النّص ومنهج الدّراسة) يقول(ره):

    "إنّنا ندرس التّاريخ بشكل تقريريّ جامد، ينقل القصّة من خلال استيحاء قداسة الرّسول لا قداسة الرّسالة، أو بالأحرى من خلال شخصيّة صاحب الدّعوة، دون التفات إلى حركة الرّسالة في حركته وشخصيّته؛ ومن هذا المنطلق، تبدأ دراسة تاريخ الرّسول(ص) كسيرةٍ ذاتيةٍ للرجل لا للرّسول، تصل إلى حدّ تمثّل فيه الرّسالة عن طريق العرض حدثاً من أحداث حياته الخاصّة، أمّا أخلاقه وأساليبه في العمل، فهي من مميّزاته الفريدة الّتي لا يمكن لأحدٍ أن يبلغ شأوها أو يقترب من مستواها، فلذا لا مجال لدى هذا الاتجاه للاحتجاج على تأسّي المسلمين بأخلاق النبيّ وأعماله، لأنَّ تلك المميّزات من خصائصه الذّاتيّة وليست ميزةً إسلاميّةً يمكن للمسلمين أن يقتدوا بها في حياتهم العامّة للتدرّج في مدارج الكمال.

    وقد شارك هذا الاتجاه في تركيز العلاقة بين الأنبياء وأتباعهم على أساس شخصيّ، ما جعل التّقديس الروحيّ يتّجه إلى الأشخاص أكثر ممّا يتجه إلى الرّسالة.. فنراهم ينصرفون إلى ممارسة الطّقوس التي تمثّل الإخلاص للنبيّ، والاحتفال بذكراه وزيارة قبره، بينما لا نجد مثل هذا الاهتمام بممارساتهم لواجبات الرّسالة وطقوسها والتزاماتها.. وقد تدرّج هذا الوضع إلى مرحلة إنشاء نوع من أنواع المدح النبويّ الذي يتغزّل فيه المادح بحسن النبيّ وجماله، ويقف ليبثّ فيه وجده ولوعته وشوقه، تماماً كما يتغزّل أيّ حبيب بحبيبه".

    القيمة الرّساليَّة هي الأساس

    وعندما يتأمّل(ره) تجربة الإمام عليّ(ع)، فإنّه يتأمّلها من حيث النّصّ والواقع أيضاً([3]). ولا تغيب هذه الواقعيّة الرّساليّة في تناوله بالدراسة والتّحليل أدوار أئمة أهل البيت(ع)؛ بل وفي كلّ دراساته للتّاريخ الإسلاميّ وأحداثه([4]).

    وفي ندوة قرآنية مؤرّخة بتاريخ (الثلاثاء 15/3/2005م) قال(ره):

    "الفكرة الأساسيّة هي في القيمة الرّساليّة التي يمتلكها الإنسان بعيداً عن الاعتبارات الماديّة والنَّسَبيّة، وإنّما من خلال ما يملكه من علمٍ ومن روحيةٍ ومن أخلاقية وما إلى ذلك؛ لأنّ قيمة الإنسان إنما في ما يملكه في الداخل، لأنّ كلّ الأمور الأخرى التي يتفاضل فيها النّاس في ما بينهم، هي خارجة عن ذات الإنسان، فالمال الذي يملكه الإنسان ليس شيئاً في داخل الكيان الإنسانيّ، بل هو شيء خارج وجوده الإنسانيّ.

    أيضاً بالنسبة إلى مسألة النَّسَب، فهو ليس الإنسان، بل هو ما ينتمي إليه الإنسان بلحاظ النّاس الآخرين، إنّ أباك ليس أنت، عندما يكون أبوك كبيراً فإنّ ذلك لا يكبّرك، أو عندما يكون صغيراً فإنّ ذلك لا يصغّرك، فأنت تنتمي إليه من خلال أنّ جسدك ينتمي إلى جسده، أما أنت، فلست هو وهو ليس أنت.

    ولذلك، كان الإمام عليّ(ع) يتحدّث عن القربى بالنبيّ(ص)، فيقول: "إنّ وليّ محمّد من أطاع الله وإن بعُدت لحمته - أي بعُد نسبه - وإن عدوَّ محمّد من عصى الله وإن قربت قرابته"، ثم تلا قوله تعالى: ﴿ إنّ أولى النّاس بإبراهيم للّذين اتّبعوه [آل عمران: 68]، لا أولاده، فنسبك ليس أنت، مالك ليس أنت، إنما أنت عقلك، قيمتك.

    ولذا يقول الإمام علي(ع): "قيمة كلِّ امرئٍ ما يحسنه". قل لي ما هو علمك؟ ما هي خبرتك؟ ما هي إمكاناتك العقليّة والفكريّة؟ أقل لك ما هي قيمتك، خلافاً لما هو موجود عند النّاس، الذين يقدّرون الإنسان بما يملكه من مال. كلا، فمالك ليس أنت. لذلك ركّز الإسلام على القيمة الأخلاقيّة والروحيّة، والإمكانات العقليّة، والنّشاطات التي يبذلها الإنسان من داخل ما يملكه من طاقة ليفجّرها في النّاس الآخرين، ولذا فإنّ الله سبحانه وتعالى قال: ﴿ إنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم [الحجرات: 13].

    حركيّة الإسلام

    إنّ تلك الواقعيّة الرساليّة الراسخة في منهج سماحة السيد فضل الله، نابعةٌ من إيمانه العميق بمبدأ (حركيّة الإسلام) وعدم جموده، والحركيّة - عنده - تعني (القدرة) على التّطبيق، و(القابليّة) على التّنفيذ، و(المرونة) في التّعاطي مع الأحداث والوقائع، و(الاستيعاب) للمتغيّرات.. باعتبار أنّه يختزن في داخله عمليّة تطوير حاجات الإنسان، من خلال دعوته الإنسان إلى أن يبحث عن سنن الله في الكون، وإلى أن يستخدم كلّ الظّواهر الكونيّة التي يمكن أن يجد إليها سبيلاً، باعتبار أنّه سخّر له الكون كلّه، وجعل عقله وسيلةً من وسائل اكتشاف الكون، إضافةً إلى ما زوّده به من وسائل التّجربة الحيَّة.

    فالإسلام يختزن في داخله الدعوة إلى تطوير الواقع، على أساس اعتبار العقل مسؤولية الإنسان العاقل، واعتبار الحواس مسؤوليّة الإنسان الذي يملكها ليستخدمها في خط التّجربة، ويحثّ الإنسان على أن يدخل في كل يوم جديد في مواقع جديدة فيما تكشفه من أسرار الكون.. وعلى هذا الأساس، فإنّ الإسلام يدعو الإنسان دائماً إلى أن يتجدّد، ويدعو العقل دائماً إلى أن يتحرّك، ويدعو التجربة دائماً إلى أن تدخل في كلّ الواقع([5]).

    فالإسلام الحركيّ هو أن يكون الإنسان مسلماً في كلّ أحواله؛ في السّلم وفي الحرب، في حالي الشّدة والرخاء، في الفقه وفي الفلسفة وفي السّياسة... هو أن يكون مسلماً في الاستراتيجيات وفي التّكتيك، بخلاف بعض النّاس الذين انطلقوا بالتّكتيك وابتعدوا عن الإسلام، أو حاولوا أن يجدوا في الضّربة الاستراتيجيّة، ما يعفيهم من الالتزام بها فكراً وحركةً.

    لقد انطلق السيّد محمّد حسين فضل الله بالإسلام كقاعدةٍ للفكر وللعاطفة وللحياة؛ فهو يقول: "إنّ الإسلام انطلق حركيّاً، ولا يمكن له أن يجد أي موقع في الفكر أو في الواقع إلاّ إذا عاد حركيّاً". ولذلك يؤكّد أنّ "القرآن لا يفهمه إلا الحركيون الذين عاشوا معنى الحركيّة الإسلاميّة في حيويّة الإسلام في انطلاقه مع الإنسان والعالم"([6]).

    الانفتاح بالإسلام على العصر

    وبفضل عناصر حركيّته، تحوّل منـزل سماحة السيّد فضل الله إلى محجّةٍ لدراسة الإسلام الحركيّ، وكان(ره) مصدراً أساسيّاً للتّعرف إلى الإسلام الحركيّ الذي بدأت أصداؤه تتردّد في طول العالم الإنسانيّ وعرضه..

    ولذا انفتحت خطوط التّواصل بين سماحة السيّد وكبريات الحركات الإسلاميّة العالميّة، سنيّها وشيعيّها، وبات فكر السيّد وتوجّهاته وإرشاداته السياسيّة والاستراتيجيّة، مناهج تتداولها قيادات وكوادر التيارات الإسلاميّة في العالم، وخصوصاً بعد أن حالت الهجمة الاستكباريّة والاستخباراتيّة على سماحة السيّد دون سفره إلى دول العالم الإسلاميّ والغربيّ، فأصبح هذا التّواصل يتمّ عبر الزيارات المباشرة إلى سماحته من شتّى أقطار العالم، وعبر متابعة أخباره وأفكاره ومقابلاته في الصحف والمجلات ومختلف الوسائل الإعلاميّة الأخرى.

    لقد عاش المرجع السيّد محمّد حسين فضل الله منفتحاً على الإسلام، ومقبلاً إليه، ومنسجماً معه، وفي الوقت نفسه، استفاد أيضاً من النّتاج الإنسانيّ، انطلاقاً من أهمية (التجربة) الإنسانيّة المختلفة، وأراد أن يفتح الإسلام على العصر، ويفتح العصر على الإسلام.

    ولا يكون الإنسان معاصراً إلا إذا كان محيطاً بوعي الاختلاف عند البشر وما يحملونه من علوم؛ ولقد سُئِل الإمام أبو حنيفة عن أفقه النّاس في زمانه؟ فأجاب: جعفر بن محمّد.. والسّبب في ذلك -كما يقول أبو حنيفة نفسه-: "أليس قد روينا أنَّ أعلم النّاس أعلمهم باختلاف النّاس"([7]).

    وقد جاء عن الصّادق(ع) في كلمة آل داود: "قال في حكمة آل داود: ينبغي للعاقل أن يكون مقبلاً على شأنه حافظاً للسانه عارفاً بأهل زمانه"([8]).

    والسَّبب في ذلك - كما يقول السيِّد فضل الله -: "لأنَّ الكلام ينطلق من العلم والمعرفة والعقل، فلا بدَّ للإنسان من أن يعرف عصره وأهل عصره، كيف يفكّرون ويتحرّكون ويركّزون علاقاتهم، وكيف يفهمون الحرب والسّلم والوعي والتّخلّف. فالإنسان الذي يعيش عصره وهو لا يفهمه، هو إنسان يعيش العمى العقليّ والعمى الروحيّ والعمى الحركيّ في حياته. ولعلّ مشكلة الكثير من العلماء والمصلحين -وهم المخلصون لعملهم ولرسالتهم- أنّهم يعيشون خارج عصرهم، بين من يعيش في زمن ما قبل الألف عام، ويقرأ الكتب التي ألّفت آنذاك مما يمثّل تجربة العالم أو المفكّر في ذلك المجتمع، ولكنّه لا يدرس الواقع الّذي يعيشه مجتمعه الآن. ونحن نعرف أنّ الذّهنيّة لغة، فكما أنّك لا تستطيع أن تكلّم من يعرف العربيّة بالإنجليزيّة، لا يمكن أيضاً أن تكلّم من يعيش ذهنيّة القرون الوسطى في طريقة تفكيره ومواجهته للأشياء بذهنية معاصرة، والعكس صحيح. لذلك جاء التأكيد في أكثر من حديث، أن يكون العاقل عارفاً بأهل زمانه، والربط بالعقل يوحي بأنّ من العقل ذلك؛ لأنّ العقل يريد منك أن تندمج في مجتمعك وتحقّق رسالتك فيه، وأن تدخل فكرك إلى عقول المجتمع الذي يعيش معك، وأن تتحرّك معهم للتّكامل معهم"([9]).

    لقد أراد(ره) أن يعيش عصره بالإسلام من غير تردّد أو انفصام، وأن لا يكون غريباً عن عصره، أو متبرماً منه أو كافراً به أو مهاجراً عنه.. بل أراد أن يحاور عصره، ويأخذ منه ويعطيه، في انسجام وتكامل في إطار الإسلام، حيث لا تتحقّق المعاصرة إلا من خلال: التّفاعل والمواكبة والقدرة على التواصل والتّوليد.

    الهامش

    ([1]) التفسير والمفسرون: الشيخ محمد هادي معرفة، الجامعة الرضوية للعلوم الإسلامية، إيران، ط 2، 1425هـ، ص 1029-1030.

    ([2]) خطوات على طريق الإسلام: محمد حسين فضل الله، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، ط 4، 1405هـ، ص 407-530.

    ([3]) مداخلة ألقيت في "المؤتمر الثامن للفكر الإسلامي" الذي عقد في طهران بين 1 و 4 رجب 1410 هـ/ الموافق 27 و 31 / 1 /1990م.

    ([4]) أنظر له: حركة النبوّة في مواجهة الانحراف، وعليّ ميزان الحق، والزّهراء القدوة، وفي رحاب أهل البيت، وحديث عاشوراء.

    ([5]) المشروع الحضاري الإسلامي في حوار مع العلامة السيد محمد حسين فضل الله: محمد عبد الجبار، مؤسسة العارف، بيروت، ط 1، 1411هـ، ص 30.

    ([6]) أنظر: مفاهيم حركية من وحي القرآن: الشيخ علي حسن غلوم، دار الملاك، بيروت، ط 1، 1429هـ، جزآن.

    ([7]) سير أعلام النبلاء، للذهبي محمد بن أحمد، أشرف على تحقيقه: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، بدون ط، بدون ت، ج 6 ص 257، وتهذيب الكمال في أسماء الرجال: للمزي جمال الدين يوسف، دار الكتب العلمية، تحقيق: عمرو سيد شوكت، بيروت، ط 1، 1424هـ، ج 5 ص 79.

    ([8]) الكافي: للكليني محمد بن يعقوب، صحّحه وعلق عليه: علي أكبر الغفاري، دار الأضواء، بيروت، بدون ط، 1405هـ، ج 1 ص 27 و 39.

    ([9]) جريدة بينات، السنة الرابعة، 18/4/1420 هـ، 31/7/1999م، عدد 137.




    http://www.alfajer.org/index.php?act=artc&id=3109


    شهداء بلادي إرث العراق





  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Sep 2008
    المشاركات
    3,118

    Lightbulb

    احتفال تأبيني للفقيه المجدد السيد محمد حسين فضل الله - طهران - ايران





    بمناسبة الذّكرى السنويّة الأولى لرحيل الفقيه المجدِّد، العلامة السيِّد محمّد حسين فضل الله(رض)، يقيم المجمع العالمي لأهل البيت(ع)، والمجمع العالمي للتّقريب بين المذاهب الإسلاميّة، احتفالاً تأبينياً، وذلك نهار الأربعاء: 5 شعبان 1432هـ/ الموافق: 6 تموز - يوليو 2011م، السّاعة الثّانية بعد الظّهر، في مسجد نور ـ طهران


    شهداء بلادي إرث العراق





صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
 
شبكة المحسن عليه السلام لخدمات التصميم   شبكة حنة الحسين عليه السلام للانتاج الفني