الثقافة والوعي
أداة التغيير عند الأمام الشهيد محمد باقر الصدر(قدس)

عزيز السوداني

احتل المفكر الإسلامي الكبير محمد باقر الصدر(قدس)صدارة الفقه الشيعي بجدارة في سنين مبكرة من عمره الشريف.فهو ذو عقلية غير اعتيادية...يتسم بالنبوغ كموهبة ضمن تركيبته.
ألف(غاية الفكر) في شبابه وهو من البحوث الأصولية التي تثير الإعجاب..وظلت هذه البحوث متطابقة مع آرائه العلمية في بحوثه الأصولية فيما بعد الاالشيء القليل.
ساهم الشهيد بنبوغه إلى استطلاع الحاجة ألماسة إلى الفكر الإسلامي بمختلف اتجاهاته...وأهتم كثيرا بتنويع ثقافته.
كان يقف على محنة الأخر ويفهمه لذلك جعل من الثقافة والوعي أداة للتغيير وليس أداة للترف الفكري أو التفوق والابتزاز...كان يعرف اهتمامات الناس والعوامل التي تضغط عليهم مما جعلهم يبحثون عن المنقذ،وهذا الذي يتطلعون إليه هو الذي يمتلك القدرة على التشخيص والكفاءة في وصف وأجراء الحلول.
لذا نراه يكتب فلسفتنا واقتصادنا في مرحلة حاجة الأمة الماسة حيث تميزت بقوة الدليل وأحكام الصياغة وأمانة النقل. كذلك كتاب (الأسس المنطقية للاستقراء) والذي يعالج قضايا مهمة في قواعد الفكر الفلسفي طرحها بأفق واسع وجديد.
وكتابه (البنك اللاربوي في الإسلام )..هذا الجهد الفقهي المقارن أتصف بالعمق والخبرة والأصالة والصياغة والتعبير.
عبقرية الصدر طرحت الإسلام كمفهوم عملي في الميدان وسلوك متميز عند الفرد يحمل الهدف الأسمى في نتاجا ته..تميز بالوضوح والصراحة ليس بالمباغتة حيث انه يجعل القارئ يحس بأنه هادف وليس في موضع المبادرة واللعب والضوضائية وابتعد عن الاستدراج لكنه يشعر الآخر بالخلاف العلمي.
تنزه عن البتر والتشويه حيث كان ينقل نصوص الآخرين كالنصوص الماركسية دون حذف أوتغيير بل بكل دقة وأمانة.
كان الأمام الشهيد الصدر مؤمناً بالطاقة الإنسانية والقدرة على الاستمرار بإلابداع ولم يدعي بأنه أوقف حركة الفكر واستيعاب التاريخ.
محمد باقر الصدر أطروحة عالمية وظاهرة فريدة فهو بحد ذاته مدرسة تميزت عن باقي المدارس بالشمول والأصالة...متنوع المعرفة شملت معرفته الإسلامية و الإنسانية واستطاع أن يسبر أغوار العلوم والمعارف الإنسانية والإسلامية كالفقه والأصول والفلسفة والاقتصاد والتاريخ والقانون ومناهج التعليم والتربية والعمل الاجتماعي والسياسي.
وهو كذلك موسوعة علمية عملاقة..عالم مفكرلايطرح الاالجديد من الأفكار والنظريات بأسلوب منهجي علمي جعل الجميع يدهشون وحملهم على الإعجاب به والتقدير وما زال موضع اهتمام الباحثين لم ينتهي بانتهاء عمره الشريف الذي رغم قصره قدم الكثيرللانسانية لم يحده جور الطغاة ولم يطمس فكره ظلم الظالمين.
هو أمة تحمل مقومات نهضتها ووتر قاتل الطغاة سائرا على نهج الأمام العظيم سيد الشهداء الحسين (ع)..أراد للأمة أن تتثقف بأخلاقية الأصالة وإرجاع الإرادة المنكسرة بعد أن أصبحت أخلاقية الهزيمة هي السائدة في أوصال الأمة فرغم كل المؤامرات والضغوط ظل يفيض عطاءاً ورغم الظلم الذي ناله من السلطات الجائرة أستطاع الأمام الشهيد أن يبقى صرحاً إسلاميا شامخاً لم تستطع معاول الطغيان أن تثلمه وتثني عزيمته.
ظل نابضاً بالحياة إلى أخر لحظة يتألم لما أصاب الأمة من ظلم وفقدان للإرادة حتى مضى شهيداً على يد طاغية العراق المجرم صدام.
مات الطغاة وأفناهم الردى وأصبحوا عاراً على الأمة وصفحة سوداء في أحشاء التاريخ..سقطوا في يوم استشهاده كما تنبأ لهم مشردين في البلدان تهول أهوالهم وتتقلب أحوالهم خاسئين تلعنهم الأجيال.
وها هو الأمام الشهيد رمز للإنسانية والعطاء وصرح أسلامي كبير ينهل منه الناهلون وما أحوجنا اليوم إلى علومه وتراثه العبقري الذي استفاد منه الغرب قبل الشرق وما زال تراثه العلمي الكبير موضع اهتمام ودراسة العلماء والباحثين .
أراد هذا الرجل العظيم من الأمة أن تكون بمستوى يؤهلها لحمل الرسالة الإنسانية التي كلفها بها الله وإيصالها إلى العالم بطريقة علمية وحضارية تليق بالرسالة نفسها كذلك أراد أن تكون عاطفتها ممزوجة بمبادئ وقيم وأخلاقيات الرسالة وأهدافها وعدالتها وهذا النهج هو نهج القران الكريم .