نوري المالكي : لقد ظُلِمَ السيد فضل الله ظُلماً شديداً بسبب تصديهِ للفكر الخرافي




(شبكة الفجر الثقافية) - (2011-07-07م)





كان للعراق في قلب سماحة الفقيه المجدِّد السيِّد محمد حسين فضل الله، مكانة مميَّزة، ففيه كانت الولادة، وعلى مدارجه عاش مرحلة الصّبا والشَّباب، وفي مدينة النَّجف العريقة، كانت بداية مسيرته العلميَّة وحياته المعطاءة وعمله الجهاديّ.. ومن هنا، كانت شهادة واحد من أبناء العراق، ممّن عايشوا سماحته وعرفوه عن قرب، شهادة رئيس الوزراء العراقيّ نوري المالكي.

ففي مقابلةٍ في العاصمة العراقيّة بغداد، أجراها معه السيّد شفيق الموسوي، رأى السيّد نوري المالكي، أنّ "عمل سماحة السيِّد(ره) كان يرتكز على معالجة خللين؛ أحدهما داخليّ والآخر خارجيّ. أمّا الخلل الدّاخليّ، فيتمثَّل بالفكر الّذي لا نستطيع أن نعبّر عنه بأنّه فكر إسلاميّ بالمعنى الصَّحيح، وهو يمثّل حالة الفكر الخرافيّ المتراجع، وحالة الفكر اللاواعي، لذلك انصبّ جهده وعمله على إصلاح الكثير من القضايا الفكريَّة الّتي كنّا نعاني منها، ودفع ثمناً باهظاً جرّاء تصدّيه لهذا الفكر المتراجع، الأمر الّذي ولّد له عداوات كثيرة، وقد تحمَّل(ره) في هذا المضمار ظلماً شديداً من أجل الإسلام، ومن أجل الفكر الإسلاميّ".

وأكّد أنّ "هذه الظَّاهرة يشترك فيها مع سلفه من الرِّجال الّذين حملوا راية التَّغيير، من العلماء الّذين مرّوا على حوزاتنا العلميَّة، وفي مقدَّمهم الشَّهيد السيِّد محمد باقر الصَّدر(رض)، الّذي واجه المواجهات نفسها من الأجواء الرَّاكدة الّتي كانت تعترض فكره الحركيّ ومسؤوليَّاته".

وشدّد على أنّ ما "تميَّز به هذا الرَّجل العظيم، هو الميدانيَّة والحركيَّة، فهو لم يكن يعرف الهدوء والسَّكينة والاستقرار، ولم يكن ينام إلا أربع ساعات يوميّاً، كما كان(رضوان الله عليه) يقول لي، في حين كان يقضي باقي وقته بمقابلاتٍ ولقاءاتٍ ومؤتمراتٍ وندواتٍ ومحاضراتٍ في لبنان وفي سوريا، حيث لم يترك مناسبةً من المناسبات إلا واستثمرها واستغلّها استغلالاً طيّباً لخدمة الإسلام".

وعن سؤالٍ حول رؤيته لدور هذه الشخصيّة الإسلاميّة، أجاب: "حينما تتعرَّض الأمَّة لحالةٍ من الجدب الفكريّ والضّمور الفكريّ، تبرز الحاجة إلى العلماء والرّجال الّذين يحملون إلى جانب الفكر، همَّ التَّغيير وهمَّ البناء. والمعادلة بين الفكر والهمّ، هي الّتي تنتج الأجيال وتزخّم العطاء، وتشكّل التيّار الواعي والحركيّ والفكريّ في مواجهة التيَّارات الأخرى. لذلك، كان سماحة السيّد(رضوان الله عليه)، ومن خلال ما عشناه في كنفه وتحت منبره، وفي زياراتنا له، كان دائم القول إنّ الرّاحة في هذا الزّمن حرام، وهذه كلمة معبّرة جدّاً، فرغم سنّه ومتاعبه، كان يحمل همّ الأمّة كلّها".

وحين سئل عن استمراريّة الخطّ الّذي مثّله سماحة السيّد بعد رحيله، قال: "لقد ترك السيِّد(ره) فينا إرثاً ومدرسةً، وترك لنا مؤسَّسات، وترك لنا خطّاً، وعلينا أن نعرف كيف نحافظ على هذا الخطّ، فهذه مسؤوليَّة الواعين من أبناء مدرسة السيِّد فضل الله(ره)".

وفي الختام، عبّر عن ألمه لعدم تمكّن السيّد(رض) من زيارة العراق، الّذي عاش في قلبه وفي وعيه وفي فكره، والّذي استلهم منه وألهمه الكثير من عطاءاته.