تعتبر حالة التّوأم المتلاصق من الحالات النّادرة. وعلى الرّغم من تلاصقهما، إلا أنّ لكلّ فرد منهما رغبات وحاجات حياتيّة. ولما كانت فطرة الله تعالى أن يستقلّ كلّ مخلوق بالحياة عن غيره، كان من حقوق التّوأم المتلاصق أن يفصل بينهما إن كان ذلك ممكناً...
وعرّفت بعض المذاهب الإسلاميّة التّوأم بالنّظر إلى وجود أكثر من طفل في رحم واحد، حملاً ووضعاً، وسواء نزلا معاً أو تأخَّر نزول أحدهما عن الآخر، بقطع النَّظر عن المدَّة بينهما.. ولم تلحظ في ذلك التَّوأم المتلاصق، حيث ينزل الإثنان ملتصقين بعضهما ببعض.
وطبّياً، يكون التّوأم المتلاصق هو نتاج بويضة واحدة مخصبةلم تستكمل عمليّة انفصالها، فيظلّ التّوأم متلاصقاً في جزءٍ معيَّن من بدنيهما. وقد أطلق الأطبّاء على التصاق التّوائم بأنّه نوع من التشوّهات الخلقيّة، الّتي يترتّب عليها شذوذ ولادي، أو مسخ، أو عيوب خلقيّة، ويرى البعض أنّ عمليّات فصل التّوائم لا يكون لجميعها صفة المشروعيَّة، إلا إذا كان الفصل ممكناً، ولم يترتّب عليه وفاة التّوأم، أو تعريضه للهلاك، أو الضّرر الّذي لا يعيش معه، وكان الفصل أولى من التّلاصق وأنفع للمفصولين، بعد استئذانهما أو استئذان وليّهما، كما ينبغي الرّجوع إلى الأطبّاء المتخصّصين قبل الفصل، لأخذ رأيهم حول إمكانيّة الفصل...
ويعتبر هذا الموضوع غايةً في الأهميَّة والدقَّة، فاليوم نسمع كثيراً بحالات التّوأم المتلاصق، والأمر يتطلّب من الجهات الطبيّة والاجتماعيّة أخذ المبادرة في التّوعية والتّثقيف الطبّي حول الموضوع، إذا كان بالإمكان تداركه مسبقاً، بالاستفادة من المنجزات العلميّة الطبيّة في هذا المضمار، للوقاية من آثار هذا الموضوع على المستوى الإنسانيّ والاجتماعيّ...
أمَّا من النَّاحية الشَّرعيَّة، فإنَّ التَّوأم المتلاصق يعدّان شخصين، لكلٍّ منهما استقلاليَّته عن الآخر، ولو كانا جسداً متلاصقين، فإن أمكن فصلهما بلا ضرر معتدّ به أو بالغ يترتب على ذلك، فلا بدّ من الفصل، وتحلّ المشكلة، وإلا عليهما أن يعيشا مع مراعاة حقوق كلّ منهما تجاه الآخر، ومراعاة النّاس لهما.. ولكلّ منهما تكليفه لناحية العبادات والواجبات الأخرى والحقوق الشّرعيّة والعامّة؛ فعلى سبيل المثال، كلّ منهما له حقّ الملكيّة والتصرّف والإرث...[بحسب الآراء الفقهيّة الشرعيّة لسماحة السيّد فضل الله(ره)].
التاريخ: 03 ربيع الاول 1433 هـ الموافق: 26/01/2012 م