التاريخ: 17رجب 1434 هـ الموافق: 27/05/2013 م
قد يُصاب أحد النّاس بمرض معيّن، وربما يكون خطيراً يؤدِّي إلى الوفاة، وهو ما يسمَّى "مرض الموت". وفي بعض الأحيان، يعمد صاحب هذا المرض إلى عقد زواجه وهو في هذه الحالة، وقد يتساءل البعض حول ما إذا كان هذا العقد صحيحاً في مثل هذه الحالة. وإذا ما جئنا لنستطلع رأي الشَّرع في ذلك، نرى أنّ سماحة المرجع الإسلامي السيّد محمد حسين فضل الله(رض) يقول: "إذا أنشأ المريض في مرض موته عقد زواجه، صحّ منه ونفذ وترتّبت عليه جميع آثاره إذا دخل بها قبل موته، فإن مات قبل الدّخول، بطل العقد وصار ـ من حيث آثاره ـ بمنزلة المعدوم وكأنّه غير موجود، فلا مهر للمرأة ولا ميراث ولا عدّة وفاة، بل ولا تثبت به قرابة المصاهرة من حيث حرمة تزوّج أولاده منها ونحو ذلك.
وكما يبطل العقد بموت المريض نفسه قبل الدّخول، فإنه يبطل ـ أيضاً ـ بموت المرأة الّتي تزوّجها ذلك الرّجل أثناء مرضه إذا ماتت ـ ولو عن غير مرض ـ قبل الدّخول بها أثناء حياة زوجها، ثم مات زوجها في مرضه بعدها، فيبطل العقد ولا تستحقّ عليه مهراً ولا يرثها.
نعم، لو كان الزّوج سليماً، فتزوّج امرأة مريضة، فماتت في مرضها قبل الدّخول، صحّ العقد وترتّبت عليه آثاره من ميراث ومهر وقرابة وغيرها".
ويتابع سماحته(رض): "والمراد من مرض الموت، ما يشمل المرض المؤدّي إلى الموت عادةً، وغيره من الأمراض العادية الّتي يحدث الموت أثناءها دون أن تكون هي سبب موته، كأن مات من غير سبب واضح أو بسبب آخر، سواء قصرت فترة مرضه أو طالت، فلو برأ من مرضه ثم مات قبل الدّخول بأيّ سبب، صحّ عقده وترتّبت عليه آثاره... [فقه الشّريعة، ج3، ص:462].
ويذهب علماء آخرون إلى صحّة زواج المريض في حال (مرض موته) بشرط الدّخول بالزّوجة، فإذا لم يدخل بها حتّى مات في مرضه، بطل عقد الزّواج، ولا مهر للمرأة ولا ميراث ولا عدّة عليها بموته.
ولذا لو ماتت المرأة في مرضه ذلك المتّصل بموته قبل الدّخول، فإنّه يبطل زواجها على الظّاهر، والظّاهر عدم الفرق في الدّخول بها بين القُبُل والدّبر.
وذهب جمهور فقهاء العامّة من الحنفية والشافعية والحنابلة، إلى أنّ حكم الزّواج في حال مرض الموت والصحّة سواء، من حيث صحّة العقد وتوريث كلّ واحد من الزّوجين صاحبه.
أمّا مالك بن أنس، فاعتبر من جهته أنّ العقد لا يصحّ في حال مرض الموت، فإن شفي المريض، هل يصحّ العقد ويثبت؟ فيه عنه روايتان.
ويرى علماء العامّة من أهل السنّة والجماعة، أنّ صحة العقد في مرض الموت يستند إلى عموم الآيات المباركة الّتي شرّعت الزّواج، كقوله تعالى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء}.. وبما ورد في روايات بعض الصّحابة عن المسألة.
محمد فضل الله