قال البلاذري في فتوح البلدان :كان ابو بكر يقول الشعر وكان عمر يقول الشعر وكان عثمان يقول الشعر وكان علي اشعر الثلاثه ...وقيل كان لابي بكر وعمر وعثمان فقه وكان علي افقههم ..وقيل كان لهم علم , وكان علي اعلمهم , وقيل كانت لهم شجاعه , وكان علي اشجع الخلائق ,وكان لابي بكر وعمر شئ من خطابه افتقدها عثمان الذي تلعثم حين صعد المنبر فما زاد على قول :انتم الى خليفه فعـّال احوج منكم الى خليفه قوّال !! وكان علي سيد الخطباء وابلغهم... عموما كان علي كالنجم لا يطاول بين الصحابه ..لكن ذلك النجم سرعان ما احتوته الغيوم بعد وفاة المصطفى (ص) فحجبت نوره عن الخلق سنين طويله ..ثم عقود طويله ..لتظهر حقيقته بعد قرن او قرنين فبدا للناس انه لم يكن في حقيقته نجما بل كان شمسا للاسلام واهله ..فالفقه الاسلامي ترجع اصوله لعلي (ع) والاصول وعلم الكلام له (ع) ايضا , والخطابه والبلاغه له (ع) ايضا , واللغه العربيه هو مؤسسها ومصنفها ..والمعارف الصوفيه والعرفانيه هو (ع) منبعها , والفلسفه الاسلاميه هو من وضع قواعدها وركائزها ,وعلم الحديث والرجال هو ميزانه فلا يذكر محدث الا ويتم وصفه باحدى ثلاث .. متشيع لعلي او مغال بعلي او منحرف عن علي ..!! والتضحيه والفداء والايثار هو مدرستها , والعدل والمساواه وحسن الاداره والحكومه , وشكل العلاقه بين الحاكم والمحكوم اليه ترجع نظرياتها ,بل انه (ع) هو اول خليفه اسلامي وربما الوحيد اذا استثنينا نجله الامام الحسن (ع) الذي يتم انتخابه من الشعب انتخابا حرا مباشرا دون وصيه من احد او ترشيح او شورى وصفقات ..
وإن كان العقاد كتب في مقدمه كتابه عبقريه الامام (في كل ناحيه من نواحي النفس الانسانيه ملتقى بسيره علي ابن ابي طالب ) فان تاريخ الاسلام بكل مظاهره ليس فيه ناحيه مضاءه الا وقد كان مصدر ضوؤها علي بن ابي طالب (ع)
و للتاريخ انصاف..يسمو على حقد الحاقدين وحسد الحاسدين , فقد انصف التاريخ الامام (ع) حين ميّزه عن بقيه الخلفاء بلقب الامامه واماره المؤمنين فالامامه اختص بها دون غيره وعند جميع الطوائف والمذاهب الاسلاميه ,عرف المسلمون جميعا الخلفاء الثلاثه قبله بالخلافه فقيل الخليفه ابي بكر والخليفه عمر بن الخطاب والخليفه عثمان بن عفان , ونادرا ما عرف الناس الامام علي بالخليفه علي بن ابي طالب , مثلما لم يعرف الناس ابي بكر بالامام ابي بكر او الامام عمر او الامام عثمان ..!!فكان امير المؤمنين (ع) بحق هو امام الخلفاء بالاجماع ,بل انه (ع)انفرد بالامامه رغم اطلاقه على العديد من بعده فلقب الامامه اطلق من بعده بحدود ضيقه غالبا ما كانت مختصه بتوجه واحد كامامه فقهيه مذهبيه او امامه لغويه او تاريخيه ,فيقال عن ابي حنيفه انه امام المذهب الحنفي , ولا يقال عنه انه امام المذهب الحنبلي ولا الشافعي امام المذهب المالكي ,بل حتى الامام الصادق يـُعرف انه امام المذهب الجعفري دون غيره ..والطبري امام المؤرخين , وابن رشد امام الفلاسفه ينافسه الغزالي على اللقب..و واصل بن عطاء امام المعتزله ....فقط الامام علي (ع) لاتـُصنف امامته بجانب واحد او تـُحصر في مذهب خاص او فئه معينه وهو بالتالي امام المسلمين جميعا ولم يرفض امامته احد من المسلمين قط إلا النواصب الذين يكفـّرهم كل اهل القبله , والخلاف بين السنه والشيع لم يدر يوما حول الامامه بل الخلافه مع ان التاريخ كما اسلفت ميـّز بينهما حيث رفع علي (ع) الى منزله الامامه وحفظ للخلفاء حقهم بالخلافه رضي الله عنهم ....اللقب الاخر الذي خصّ التاريخ به الامام (ع) هو لقب امير المؤمنين , وإن كان ماقيل ان الخليفه عمر بن الخطاب(رض) اول من لـُقـِب به بعد خلافته , فان المؤرخين لم يطلقوا هذا اللقب الا لمن تولى الخلافه فقرنوه بها وبالتالي اصبح لقبا سياسيا لا علاقه له بالمنزله الدينيه وقد كان ما كان من امراء المؤمنين (الخلفاء) ما يدنس هذا اللقب الذي ما عادت له قدسيه بين الناس ما دام حامله يفتقد الاهليه لحمله او الاتصاف بما يفرضه عليه هذا اللقب , ولذا سرعان ماتناسى الناس هذا اللقب السياسي فلم نعد نسمع من يقول امير المؤمنين عثمان بن عفان او امير المؤمنين مروان بن الحكم او امير المؤمنين هارون الرشيد رغم ان كل اولئك كانوا يحملونه طيله خلافتهم بل بقي لقب الخليفه هو المعروف لهم ,فيقال الخليفه عثمان والخليفه هارون ...الخ ..إلا امير المؤمنين علي (ع) فقد بقي هذا اللقب لاصقا به عند الجميع , لانه الوحيد الذي كان اهلا له فان كان غيره قد اخذ هذا اللقب زينه له فان الامام هو من زيـّنه ولذا حفظ الناس له هذه المنزله التي تليق به ويليق بها , فكأنهم اعطوا لهذه المنزله قدسيتها الدينيه حين قرنوها به (ع) وهو امر لم يحصل مع غيره , ولليوم فان لقب امير المؤمنين لا يُعرف على اطلاقه الا عليه (ع) اما غيره ..وليس سوى عمر بن الخطاب احيانا فلا بد من تسميته ,فان قيل امير المؤمنين فهو علي (ع) وإلا فلا بد من القول امير المؤمنين عمر بن الخطاب فكأن الفاروق عمر قد اتخذ لقبا هو حقا خالصا لابي الحسن ...