يوسف الشهاب

لم يعد من حديث بعد كلمة الفصل التي جاءت بحكم المحكمة الدستورية امس، فقد رفعت الاقلام وجفت الصحف، فلا الاغلبية لديها حديث بالندوات ولا المسيرات ولا مصادمات مع رجال الامن، وقنابل مسيلة للدموع، ولا الطرف الآخر المؤيد للصوت الواحد له حديث، فالجميع امام حكم الدستورية لا يملك سوى الاحترام والرضوخ للحكم الدستوري الذي اعطى للكويت نموذجا راقيا من التعاطي مع الممارسة الديموقراطية امام العالم، واكد هذا الحكم ان بلد المؤسسات تحكمه النصوص الدستورية والقوانين، ولا يخضع للاهواء ولا ضغوطات المسيرات وصراخ الساحات وتصريحات الدواوين التي لا يتعدى تأثيرها جدران الديوانية.

لقد عاشت البلاد منذ صدور مرسوم الصوت الواحد في 21 اكتوبر من العام الماضي مشاهد لم يألفها المجتمع الكويتي على امتداد تاريخه السياسي منذ الاستقلال.

فقد تزاحمت الشوارع والساحات بالندوات والمسيرات، الكل يريد اثبات الوجود مستنكرا الصوت الواحد، وبلغت حالة الاحتقان السياسي الى نقطة كنا فيها نضع ايدينا على افئدتنا خوفا من القادم المجهول في طبيعة التحرك الشعبي الذي جاء من الذين يقفون في مواجهة الصوت الواحد. كنا امام حالة استثنائية من الهلع والخوف والترقب على تداعيات تلك الاحداث التي استنكرها اهل الكويت الذين يحاكون العقل والمنطق والموضوعية بالمعالجة، ولم نكن نريد لوطننا ان يصل الى تلك المرحلة الاليمة، لكنها الممارسات الخطأ حين تأتي بدوافع ربما شخصية تدفعها مصالح خاصة... وربما سوء تقدير للقراءة في صحيفة الاحداث الميدانية، ومهما تكن دوافع كل ما شهدناه في الشهور الماضية من الذين كانوا يطلقون على انفسهم الاغلبية، فإن حكم الدستورية قد دق جرس الانتهاء من كل ما قد يريده بعضهم بعد الحكم الدستوري. فلا الندوات ولا المسيرات ولا التصريحات تبدو مستحقة بعد الحكم، ولا الطعن فيه مقبول، انطلاقا من احترام السلطة القضائية وايمانا بنزاهتها وتقديرا لدورها الذي نعتز به جميعا.

حكم الدستورية، امس، اكد من جديد ان الكويت بخير وان الحياة الديموقراطية فيها لا تخضع لاهواء المصالح الخاصة، ولا لبذاءات اللسان، بل تخضع لنصوص في وثيقة دستورية ارتضيناها، رابطا لعلاقة دائمة وعميقة بين الحكم بكل سلطاته، وبين الشعب. وصدور الحكم الدستوري لا يعطي انتصارا لطرف وهزيمة للطرف الآخر، بل هو انتصار للكويت وللديموقراطية التي وضع جذورها الراحل الشيخ عبد الله السالم، وتجسدت طوال اكثر من خمسين عاما، من خلال ممارسات نيابية تباينت فيها الآراء والاتجاهات، وصولا الى الاصلح بالممارسة، وان اختلف بعضهم في اسلوبها.

الكويت هي المنتصرة ومبروك لاهلها باستقلال القضاء وسلطته النزيهة التي اعطت ولا تزال تعطي للكويت نموذجا صادقا لمعاني الديموقراطية، ولمكانة القضاء الرفيعة في القلوب.

• نغزة

الذين لا يريدون دخول الانتخابات المقبلة بالصوت الواحد، بعد حكم الدستورية هم الخاسرون، وما داموا على قناعة باحترام القضاء، فلا عذر لهم، والصوت الواحد صار حقيقة لا غبار عليها، ومن يركب راسه، ويجادل، فما عليه سوى ماء البحر.. طال عمرك.
http://beladicenter.net/index.php?aa=news&id22=3228