أوضح تقرير على إذاعة هولّندا العالميّة، أنّ عدد ساعات الصّوم في العالم يختلف باختلاف المنطقة الجغرافيّة، ويعتبر الأطول بالنّسبة إلى مسلمي أوروبّا، حيث سيصل إلى 21 ساعة كحدّ أقصى في الدّنمارك، بينما لن تتجاوز مدّة الإمساك بالنّسبة إلى مسلمي الأرجنتين تسع ساعات ونصف السّاعة. ويتراوح عدد ساعات الصّوم في الشرق الأوسط بين 14 و 15 ساعة، كما هي الحال في السعوديّة واليمن. ولا يختلف الحال في شمال أفريقيا، حيث يصل عدد ساعات الصّوم إلى 14 ساعة في كلّ من ليبيا والمغرب، وترتفع إلى 16,30 في مصر. وتزيد ساعات الصّوم كلّما اتجهنا شمالاً، حيث سيصوم مسلمو هولّندا 18 ساعة ونصف السّاعة، شأنهم شأن البلجيكيّين، ويصل عدد ساعات الصّوم في إيسلندا إلى 20 ساعة.
الدّول الّتي تقع جنوب القارّة، سيكون فيها عدد ساعات الصّوم قليلة، حيث ستصل إلى 11 ساعة في البرازيل، و10 ساعات في أستراليا.
ويتزامن ارتفاع ساعات الصّوم هذه السّنة مع ارتفاع درجات الحرارة، حيث من المرتقب أن تصل درجات الحرارة في دول الخليج إلى 50 درجة، إضافةً إلى ارتفاع نسبة الرّطوبة في بلد كالإمارات. وتختلف درجات الحرارة في أوروبّا، حيث تنخفض كلّما ارتفعنا شمالاً.
وتعليق..
قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ..}[البقرة: 185].. {وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ...}[البقرة: 187].
والصّيام فريضة على النّاس، كتبه الله على عباده من طلوع الفجر إلى غروب الشّمس، وفيه الكثير من المنافع الجسديّة والرّوحيّة لهم، وتقوية لعزيمتهم وإرادتهم وانفتاحهم على آفاق العبادة الواسعة الّتي تقرّبهم من الله تعالى، وتقوِّم بالتّالي سلوكيّاتهم، وتربطهم بأصالة دينهم وحيويّة مفاهيمه وتعاليمه الّتي تحاول جاهدةً بناء الإنسان على الصّعد كافّةً، بما يحقّق تقدّمه وتطوّره وسموّه الرّوحيّ والأخلاقيّ.
وعن حكم الصّوم في البلاد الّتي تطول فيها ساعات الصّوم، يجيب سماحة الشّيخ حسين عبد الله، عضو المكتب الشّرعي لسماحة المرجع السيّد فضل الله(رض)، وذلك حسب رأي سماحة السيّد(رض)، فيقول: "فإن كان المكلّف في بلدٍ يطول فيه النّهار، بحيث لا يتمكّن من تحمّل الصّوم، أو يخاف الضّرر على نفسه بحسب وضعه الصحّيّ، فحكمه حينئذٍ جواز الإفطار ويقضي فيما بعد.. ولا يصحّ الصّيام على توقيت بلدٍ آخر، بل العبرة بالنّهار بحسب البلد الّذي يكون فيه المكلّف. أمّا من كان قادراً على الصّوم، ولو مع طول النّهار، فعليه أن يصوم".
وعن كيفيّة مساهمة الصّوم في صناعة التّقوى عند الإنسان المسلم، يقول سماحة السيّد فضل الله(رض): "يقول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة: 183]، فالصّيام هو الفريضة الّتي فرضها الله في كلّ رسالاته، وكانت هذه الفريضة تتوزّع وتختلف في ما يكرّم الله عباده بين تعاليم نبيّ وآخر.. والله تعالى في ذلك، أراد للنّاس أن يصوموا حتّى يستطيعوا من خلال الصّوم أن يحصلوا على التّقوى، وليكون الصّوم طاعةً لله في نفسه باعتباره امتثالاً لأمر الله، وليكون طاعةً لله من خلال أنّه يحقّق للإنسان روح التّقوى في نفسه، وعقليّة التّقوى في فكره، وحركة التّقوى في حياته، ليكون الإنسان من خلال الصّوم، الإنسان التقيّ الّذي يخاف الله في نفسه، فيراقبها فيما يعيشه ويلتزمه من أفكار، ويراقب الله فيما يتحرَّك به من أعمال ومشاريع..".
ويتابع: "فالله تعالى من خلال الإسلام، أراد للعبادات، وفي مقدّمها الصّوم، أن تساهم في صناعة الإنسان التقيّ الّذي يعيش في الحياة بالمسكليّات المستقيمة، من دون أن يحتاج إلى نظام دنيويّ أو سلطة حاكمة تلزمه بالاستقامة، لأنَّ شعوره بسلطة الله عليه وعلى الحياة كلّها، يجعله يحاسب نفسه قبل أن يحاسبه النّاس، ويحاكم نفسه قبل أن يحاكمها النّاس، ويجعله يمنع نفسه عن ارتكاب المعاصي وما حرّم الله، بأن يهذّبها ويضغط عليها بألاّ تعتدي وألا تظلم وألا تُسيء قبل أن يضبطها النّاس ويضغطوا عليها".