كوثر الخولي


يبدو أن الإنترنت أصبحت المتنفس الحقيقي الذي من خلاله يستطيع الشباب التعبير عن مخاوفهم الجنسية بدون خجل أو كذب، اتضح لنا هذا ونحن نتابع الحوار الحي الذي التقى فيه الدكتور عمرو أبو خليل -إخصائي الطب النفسي، رئيس قسم بمستشفى المعمورة للطب النفسي بالإسكندرية- مع زوار "إسلام أون لاين.نت" حول "المشكلات الجنسية في سنوات الزواج الأولى" على مدار 4 ساعات، فبعد انتهاء الحلقة الأولى من الحوار، طالب الزوار بأن يكون هناك لقاء ثان، وبالفعل استجاب المسئول عن الحوارات الحية لرغبة الزائرين.

ولوحظ خلال هذين اللقاءين أن مشاكل الزواج الجنسية لا تعترف باختلاف الجغرافيا ولا اللغة... فالمشكلة عالمية، كذلك لاحظنا تفشي ما يسمى بالأمية الجنسية لدى العديد من الشباب، سواء من المقبلين على الزواج أو المتزوجين حديثا؛ وهو ما أدى إلى ظهور العديد من المشاكل التي يمكن تجنبها بقليل من الوعي، وأيضا تأكد لدينا ضرورة الاهتمام بالثقافة الجنسية داخل الأسرة والمدارس والجامعات ووسائل الإعلام المختلفة حتى نحمي مجتمعاتنا من ظواهر اجتماعية سلبية، مثل: الطلاق، الخيانة الزوجية، الاغتصاب... وغيرها.

وبتحليل الأسئلة موضوع الحوار استطعنا تقسيمها إلى ثلاث فئات:

1- مشكلات حديثي الزواج.

2- مشكلات المقبلين على الزواج.

3- مشكلات جنسية شبابية عامة.

قلق حديثي الزواج

وقد بلغت نسبة مشكلات حديثي الزواج (52.6%) من إجمالي الأسئلة المطروحة، والتي دار معظمها حول مشاكل الجماع، والوصول إلى النشوة، ووسائل نجاح العلاقة الخاصة بين الزوجين.

ومن أطرف الأسئلة في هذه الفئة، سؤال (م.م.خ) موظفة من قطر، تشتكي من أن زوجها يريدها كل ساعة وكل دقيقة، وتسعد كثيرا عندما تأتيها الدورة الشهرية حتى يبتعد زوجها عنها ولو قليلا. وهي تريد أن تكون طاهرة حتى تؤدي الصلوات، ولكنه يقول لها دائما: فيما بعد!!

ويهنئها د.عمرو بزوجها المحب، ويقول لها: الرجل لا يقبل على زوجته بهذا الشغف إلا إذا كان يحبها، ويريد أن يعبر لها عن حبه في كل دقيقة وفي كل وقت. أما بالنسبة للصلاة فلا بد أن هناك وقتًا تستطيعين أن تقومي فيه وتغتسلي وتتوضئي للصلاة، وهذا الأمر بالنسبة للزوجين، فهو أيضًا يحتاج إلى الصلاة، فلا بد أن هناك وقتًا ستجدان نفسيكما مهيأين فيه للقيام إلى الصلاة؛ لأنكما من المؤكد أيضًا تأكلان، وتشربان، وتجدان وقتًا لذلك، ومثلما تجدان وقتًا للأكل والشرب، فلا بد أن هناك وقتًا للصلاة.

ويضيف: النقطة الثانية، أنه بدلاً من مشاعر الضيق والضجر فانظري إلى الجانب المضيء من المسألة والذي بدأنا به إجابتنا، وأن هذا الزوج يحبك كثيرًا؛ ولذا يرغب فيك كثيرًا، وخاصة لأنكما متزوجان حديثًا. ومع مرور الوقت ومع نزوله إلى العمل، ومع انشغاله بأمور الحياة المختلفة، سيعود الأمر إلى مجراه الطبيعي.

ثم يقول: وكما يبدو من رسالتك فإن زواجكما حديث جدًا، وأنك تتحدثين ربما عن الأيام الأولى من الزواج، فاعتبريها ذكريات جميلة، وليست أمر اغتصاب، وحاولي أن تتحاوري وتتفاهمي مع زوجك، بحيث لا يأتيك هذا الشعور السيئ، لأنه لا يصلح أن يكون بين زوجين؛ لأن لغة الأجساد هي لغة من لغات الحب بين الأزواج ولا تصلح أن تكون لغة تباغض وتباعد.

وتحت بند الأسئلة الغريبة تسأل "مسلمة" من أمريكا هل هي غريبة الأطوار؟ فهي متزوجة منذ 3 سنوات وتجد صعوبة في الوصول إلى المتعة؛ حيث إنه لا يتم إثارتها إلا من خلال كلام وقصص معينة، وصارحت زوجها بذلك، لكنه لا يستجيب ويتهمها بأنها غريبة الأطوار!!

وينفي د.عمرو عنها صفة "غريبة الأطوار"، ويقول لها: أولا مسألة الخجل بين الزوجين بعد 3 سنوات هي المشكلة الحقيقية؛ لأنه لا يوجد في العلاقة بين الزوجين أي خجل بحيث إنه يجب أن تكون هناك مصارحة شديدة دون تلميح، بمعنى أننا لا نقبل تلميحًا بين زوجين بعد 3 شهور.. فما بالك بثلاث سنوات؟!

أنت لست غريبة الأطوار، ولكن هناك اختلافات بين الشخصيات في مسألة الإثارة، فأنت مثلا تحبين أن تثاري بطريقة معينة، وهذا من حقك طالما أنه لا توجد مخالفة شرعية، ويجب أن تتفاهمي مع زوجك في هذا الأمر وتخبريه بوضوح بما تريدين.

ويتساءل "سالم" عن أفضل الأطعمة التي تؤدي إلى زيادة القدرة الجنسية، فيخبره د. عمرو أن ذلك يكمن في أن يكون صحيح البدن، ويأكل بشكل طبيعي ويمارس الرياضة؛ فالإنسان الطبيعي يمارس ممارسة جنسية طبيعية، فالجنس ممارسة راقية وسامية؛ وله موقع في ثقافتنا الإسلامية، فالمسألة ليست أكلا وشربا.

الجنس له معنى إنساني ورسالة في العلاقة بين الزوجين، وله رسالة سامية لإعمار الكون، والمتعة ليست أحد الأشياء التي نرفضها، ولكن في موقعها المحدد والمعقول؛ فالأمر ليس إعلاء قيمة الجسد والمادة.

الخوف من الزواج

أما مشكلات المقبلين على الزواج فهي أكثر قلقا وتوترا وغرابة في الوقت ذاته، وقد بلغت نسبتها (36.8%) من الأسئلة المطروحة؛ حيث دارت معظم أسئلة تلك الفئة حول الاستعداد للزواج والخوف من مستقبل العلاقة الجنسية بين الزوجين، وأثر ممارسة العادة السرية قبل الزواج على نجاح العلاقة الزوجية الخاصة، وسرعة القذف...

ولعل أغرب الأسئلة في هذه الفئة سؤال (هبة) طالبة عن كيف لها أن تتحقق من أن الزوج ليس له تجارب جنسية قبل الزواج؟، وتضيف أن غشاء البكارة لدى الفتاة يظهر ذلك، أما الرجل فليس لديه غشاء بكارة!! وتتساءل: هل عند الرجل ما يبين أنه مارس الجنس من قبل؟

ويجيب د.عمرو بقوله: ما أهمية هذا السؤال؟ وما هي القيمة العملية التي ستترتب على الإجابة؟ لنفترض أنه على علاقة جنسية أو مارس الجنس قبل الزواج فما هو رد الفعل المفترض منك في هذه الحالة؟

ويشير د. عمرو إلى أن فكرة معرفة الرجل ممارسة زوجته الجنس من عدمها قبل الزواج عن طريق غشاء البكارة غير صحيحة؛ لأن الفتاة يمكن أن تمارس الجنس دون أن يفض غشاء البكارة، والأصل هو الثقة بين الزوجين وليس غشاء البكارة الذي هو مجرد إعلان.

والثقة تتحدد خلال فترة الخطوبة والمعرفة بينهما، ولا يوجد اختبار معين نعرف من خلاله إذا كان الرجل مارس الجنس أم لا؛ ولذا فالثقة أساسية في العلاقة بين الزوجين.

وفي حالة وصول الشك إلى مرحلة حادة فلا داعي للاستمرار حيث لا تصلح حياة زوجية قائمة على الشك وعدم الثقة.

ومن الأسئلة المتكررة في هذه الفئة سؤال "منى" المحاسبة والتي تشعر بقرف شديد وقشعريرة عند الحديث المعاشرة الزوجية؛ لدرجة أنها لا ترغب في الزواج، وإذا تزوجت فهي تريد أن تعطي كثيرا من الحنان والعطف لزوجها ولكن بدون معاشرة جنسية.. وتتساءل: كيف يمكن أن تتغلب على هذا الشعور؟

يجيب عليها د.عمرو بقوله: هذا المستوى من الإحساس وصل إليك من خلال وسائل الإعلام والتعليم السيئ حيث يصور الأهالي لأبنائهم العملية الجنسية بصورة تسبب ذلك.

وكذلك من خلال الأخبار والقصص التي تحكى وتتسبب في تكوين صورة سيئة عن العلاقة الجنسية، وهذا مجرد شعور عادي على المستوى المعرفي.

ولا تترددي بالاتصال بالطبيب النفسي في حال عدم استطاعتك التخلص من هذا الشعور؛ لأنه لا توجد علاقة زوجية بدون هذه العلاقة الجنسية مهما كان حبه لك وحبك له.

حيرة المغترب

أما فئة المشكلات الجنسية الشبابية العامة فقد بلغت نسبتها من مجموع الأسئلة (10.5%)، فقد دارت معظمها حول العادة السرية، ومنها سؤال "محمد" من كندا الذي يشكو من كثرة المغريات في الغربة؛ لهذا فهو يلجأ للعادة السرية حتى لا يقع في الزنا، ويتساءل عن مستقبله الجنسي بعد الزواج، وهل ستؤثر ممارسته للعادة السرية على علاقته الخاصة بزوجته؟ ويستشير د.عمرو في رغبته في عمل تجربة على لياقته الجنسية مع أي فتاة قبل الزواج ليطمئن قلبه!!

ويجيب عليه د.عمرو عليه بقوله: لا توجد مشورة في أن تزني أو لا تزني، ولكن يمكن أن نطمئنك على أن ممارسة العادة السرية غير الممارسة الجنسية مع الزوجة؛ لأن الممارسة الجنسية في العادة خيالية والمتعة تكون سريعة، ولكن العلاقة الزوجية بها تفاعل؛ لذا تطول وتصل للزمن المذكور، وأي زوج يمارس الجنس مع زوجته، وندعو الله لك أن تتزوج وتمارس الجنس مع زوجتك بشكل طبيعي، وتكون ممارستك طبيعية إن شاء الله.

والوقوع في الحرام سيكون وبالاً عليك حتى في الممارسة مع الزوجة؛ لأن الكثير ممن اعتادوا الحرام لا يؤدون بشكل طيب مع الزوجة؛ لأن الممارسة الجنسية مع ساقطة تختلف عن الممارسة مع الزوجة في إطار من الشرع؛ فلا يوجد رخصة في أن تزني أو لا تزني، والشاب الذي جاء للرسول صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الزنا لم يأذن له الرسول، وقال له: هل ترضاه لأمك؟ إلى آخر الحديث، وظل الرسول يقول: هل ترضاه لأختك ولعمتك؟ والشاب يكرر لا.. لا.. حتى خرج الشاب وهو أشد كرها للزنا، والرسول لم ينهره ولكنه حرك شهامته ورجولته ودعا له، وكذلك نحن ندعو لك بالعودة إلى الوطن، وأن تتزوج وتعف نفسك بإذن الله.


الضغط على الرابط للإستفادة أكثر