القاهرة ــ من فادي شنن: انتقد الفنان نور الشريف معظم أوضاع السينما في الوقت الراهن,, مؤكدا فشلها وأن السبب وراء هذا الفشل هو دخول شركات كبرى أو موزعين مغامرين ليطيحوا بكل معاني السينما ويحولوها الى سوق تجاري بحت، ليس الهدف منه الفن الهادف ولكن جني المبالغ الطائلة، كما أكد أن هؤلاء السينمائيين تسببوا في حدوث فجوة عدم اتصال بين جيل الشباب وجيل الكبار والذي أدى الى عدم أخذ كفايتهم من التدريب بعكس ما حدث معهم .
وتطرق نور خلال لقاء مع أعضاء نادي «روتاري الجزيرة» في نادي الجزيرة الرياضي الى مدى تأثير الفنان على جمهوره قائلا : في الماضي كان الفنان له تأثير أكبر، لأن السينما كان لها تأثير سحري على المشاهد وكان الابهار أكثر، فالسينما في بدايتها كانت عبارة عن تقليد السينما الفرنسية حتى فترة نهاية الحرب العالمية الثانية حين بدأ ظهور ما يسمى بالمذهب الواقعي للسينما وعندما بدأ هذا المذهب في التبلور في صناعة السينما قل التأثير الفني، وذلك لأن الشخصيات غير التقليدية كان لها تأثير في نفس المشاهد وكذلك الممثل الذي يلعب الشخصية نفسها لفترة كبيرة كان يترك أيضا أثرا في نفس المشاهد وعلى سبيل المثال فاتن حمامة كانت تلعب دور المظلومة في جميع ادوارها وكذلك فريد شوقي كان دائما الفتوة فكان من الصعب عليهما أن يخرجا من هذا القالب وعندما حاولا فشلت أفلامهما، فالفن مؤثر وهذا شيء لا شك فيه ولكن بشرط أن يكون تيارا متلاحقا فتجربة فردية واحدة لايكون لها رد الفعل المتوقع، والفنان يكون مؤثرا في الجمهور الذي يحبه ويحاولون التشبه به أحيانا.
وعن ممارسة بعض الفنانين السياسة قال نور الشريف: أنا ضد أن يمارس الفنان مهنة السياسة بشكل محترف الا اذا كان في نيته أن يعتزل، فكما نعلم أن الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان كان ممثلاً ذا قدرات محدودة وكان رئيسا ناجحا بالفعل بعد اعتزال الفن وأيضا الممثل أرنولد شوازنيغر قرر ممارسة السياسة بعد أن تقدم به العمر، فمعظم أدواره كانت مبنية على قوة العضلات فهو ليس ممثلاً محترفا، وأنا أشك أن يكون هناك ممثل محترف يحب أن يكون رئيس جمهورية، أن يكون سياسيا قبل أن يعتزل فهو يضع نفسه في مأزق رهيب وهو انه يمثل الجمهور الذي يحبه داخل حزبه فيكون بذلك وقع داخل مصيدة حيث سيكون شخصية عامة ولو ارتكب الحزب خطأ والتزم الصمت يكون بذلك غدر بالجمهور الذي أحبه وانتخبه واذا أعلن هذا الخطأ يكون بذلك قد أضر بحزبه ومن المعروف أن الممارسة السياسية هي ممارسة لا أخلاقية، خاصة الانتخابات، فجميعنا يعلم ما يحدث الآن في الولايات المتحدة في انتخابات الرئاسة، فالفنان في رأيي حزب مستقل باحث دائم عن الحقيقة ناقد دائم على سلبيات الحياة وهذا ما حدث مع اميتاب باتشان لقد خسر نصف شعبيته بعدما رشح نفسه لحزب المؤتمر في الهند.
وحول سبب تدهور حال السينما قال نور الشريف : ان ما يحدث في السينما الآن هو من واقع ما يحدث في حياتنا، فنحن نعيش كذبة كبيرة، فالغش عن طريق الترويج التجاري أصبح صفة سائد وهذا انعكس على السينما, وهناك فجوة حدثت بين الجمهور والسينما فاليوم لا تستطيع الطبقة الفقيرة الذهاب الى السينما فجميع سينمات الأحياء الشعبية التي كانت تستقبل مئات المشاهدين يوميا أغلقت والباقي تم تجديده ليشكل ثمن التذكرة عائقا أمام هذه الفئة من الجمهور, وفي رده على سؤال عن سيطرة الوجوه اللبنانية على معظم الأوساط الفنية قال: المشكلة أن المصريين لا يستطيعون تسويق أنفسهم في الخارج، فعملنا هو الانتاج، فنحن حضارة زراعية ننتج السينما وننتج القمح وننتج القطن ولكن لا نعرف كيف نبيعه ونحن في حاجة الى انشاء جيل يعرف كيف يسوقنا في الخارج، وأعتقد ان إحدى مشاكلنا الكبرى في التصدير أننا ليس لدينا جهاز تسويقي في أي مكان حتى أفكارنا لانستطيع تصديرها، فمقدرتنا تكمن في العمل وهذه في رأيي ستكون مشكلة كبيرة في المستقبل اذا لم ننتبه لها، وأعتقد أننا لن نخسر شيئا اذا أحضرنا من يعلمنا فن التسويق حتى ولو كان بالأجر,, فكما نستورد التكنولوجيا من العالم فلم لانستورد من يعلمنا فن التسويق، وعامة منطقة الشام هم رواد في فن التسويق.
وعن عدم ترشيحه لمنصب سفير النوايا الحسنة قال: بالعكس لقد تم ترشيحي لمنصب سفير النوايا الحسنة ولكني رفضت من اجل الفن، كما رفضت منصب وكيل وزارة الثقافة فأنا أستطيع أن أعمل ولكن لا أصلح لأن أدير العمل، فأنا لا أعلم كم يتبقى في عمري ولا أستطيع أن أترك عملا أكثر قيمة من سفري أو قيامي بنشاط في مكان ما وهذه قناعة شخصية وانا ضد أن يتوقف الممثل عن تقديم الأعمال بحجة أنه لا يوجد عمل جيد مثلما فعل محمود عبد العزيز ولمدة ثلاث سنوات وهذا الرفض المستمر للأعمال قد يدخل الفنان في مرحلة تردد قد تؤدي الى اعتزاله فكيف يبتعد الفنان عن الابداع لأي عذر أو أي سبب، وأتحدى أن يستطيع أي فنان أن يحدد ما اذا كان العمل الفني سينجح أو يسقط، فأنا أذكر أنني في مسلسل « عائلة الحاج متولي» كنت أعود الى المنزل متوترا لعدم رضائي عن العمل وقد تفاجأت بالنجاح الساحق الذي حققه، فأنا أعتقد أنه من الأفضل للفنان أن يؤدي عملا فنيا يذكر بعد موته على أنه يقوم بنشاط لن يتذكره الناس به، فالفنان خلق لهذا الغرض وهو الابداع.
وبالنسبة الى مصير الأفلام التي ترفض من قبل الرقابة قال: هناك قانون يمنع تصوير الفيلم من دون موافقة الرقابة واذا تمت الموافقة عليه أحيانا يكتب على بعض المشاهد «محذوف»، فنحن نتغاضى عن هذه الكلمة عند التصوير، فنحن نصور الفيلم كاملا ومن ثم ندخل في مرحلة المفاوضات مع الرقابة، فعندما يجدون أن الفيلم مستواه الفني جيداً يكون هناك بعض التساهل في تقديم المشاهد المحذوفة، وأعتقد أن آخر فيلم أثار جدلا في الرقابة هو فيلم «بحب السيما» بطولة ليلى علوي ومحمود حميدة، فللأسف كان هناك من يريد أن تمنع الكنائس عرض هذا الفيلم والرقابة خافت من عرضه FF0000
وتطرق الفنان نور الشريف الى تدهور حال السينما في مصر بقوله: أعتقد أن السبب في ذلك هو السينمائيون أنفسهم، فللأسف المنتجون الجيدون تخلوا عن السينما وباعوا أفلامهم الى القنوات الفضائية