زهراءُ و الحَسَنانِ مِنْ حَسَناتِها ** و روائِعُ الآياتِ وَحْيُ صِفاتِها

تَتَقاصَرُ الأفهامُ دونَ بُلوغِها ** أو أنْ تُحيطَ بكُنْهِها و بذاتِها

لولا عليٌّ لم يكنْ كفؤاً لها ** بينَ الرّجالِ سِواهُ مِن ساداتِها

مَكنونَةُ الأسرارِ ظاهِرُ فَضْلِها ** إنّ الشّموسَ الغُـرَّ بعضُ هِباتِها

و بقولِ أحمدَ إنّها الرّوحُ التي ** ما بينَ جَنْبَيْهِ يُريكَ سِماتِها

مَنْ ذا يُحيطُ بِروحِ أحمدَ في الورى؟ ** لا تُدْرِكُ الأفكارُ مَكنوناتِها

و بِقْولِ عائشةٍ بيانُ ناطِقٌ ** بالصّدْقِ تَرويهِ ثُقاةُ رواتِها

كُنّا نَخيطُ بِنورِ فاطِمَ في الدُّجى ** سَمُّ الخِياطِ يُضيءُ مِنْ لَمَعاتِها

هيَ نورُ عرشِ اللهِ بلْ هيَ نورُهُ ** ضاءَ العوالِمَ مِن سَنا مِشكاتِها

كلٌّ على شَأنِ الوجودِ و قُرْبِهِ ** منها بَدَتْ أنوارُ مَوجوداتِها

فإذا دَنَتْ مِن نورِ فاطِمَ أشرقَتْ ** و إذا نَأَتْ ثَنْماثُ في ظُلُماتِها

حَسْبي بسيّدةِ النّساءِ تَسامَقَتْ ** بولائِها الدّرَجاتُ في جَنّاتِها

هيَ خيرُ نِسوانِ الوَرى لا كونَها ** بنتَ النّبيِّ و إنّما لِتُقاتِها

صِدّيقةٌ أدنى الأنامِ لأحمدٍ ** في خُلْقِها و جَلالِها و ثَباتِها

كانت تُحَدّثُها الملَائكُ قُرْبَةً ** للجّوهَرِ المَكنونِ في مَلَكاتِها

فلذا شَأتَ كلَّ النَساءِ فَضيلَةً ** لا تُدركُ الدّنيا مَدى غاياتِها

ميزانُ أعمالِ العِبادِ فَمَنْ أبى ** لا فَرْقَ بين تُقاتِها و عُصاتِها

فَمَودَّةُ الزّهراءِ فَرْضٌ واجبٌ ** فوقَ الفروضِ صِيامِها وصَلاتِها

و بآيةِ القُرْبى دليلٌ جامِعٌ ** للمُحكَماتِ الغُرِّ مِن آياتِها

و بـ (قُلْ تَعالَوا) قُلْ تَعالَوا و احكُموا ** مَنْ مِثْلُ فاطمةٍ و في دَرَجاتِها؟

أيُّ النّساءِ بِها يُباهِلُ رَبُّها ** أهلَ الشَّرائِعِ غَيرَ فاطِمَ ذاتِها؟

هل في نِساءِ المصطفى مَنْ نافَسَتْ ** شَأوَ البَتولِ بِسْمِتها و سِماتِها؟

ذى آيةُ التَّطهيرِ أجلى شاهِدٍ ** في أنَّها تَمتازُ عن جاراتِها

خُصَّتْ بها لا في سِواها لا هَوَىً ** مِنّي و إلاّ يا عَذولُ فَهاتِها

اللهُ شَرَّفَها و حِكمتُهُ اقتَضَتْ ** أنَّ البَتولَ الفَيْضُ مِن رَشَحاتِها

و بأنَّ رَحمتَهُ البَتولُ فَيَجتدي ** كلُّ الأنامِ السَّيْبَ مِن رَحَماتِها

فلذاكَ يُسمَعُ في القيامةِ هاتِفٌ ** غُضّوا إذا مَرَّتْ على عَرَصاتِها

غُضّوا فإنَّ على الصّراطِ لأحمدٍ ** بنتُ جِنانُ اللهِ مِن نَفَحاتِها

فَرضاؤُهُ لِرضا البَتولِ و سَخْطُهُ ** في سَخْطِها و الفَوْزُ في مَرضاتِها

و قضاؤهُ بقضائِها و جِنانُهُ ** مِن نورِها و النّارِ مِن سَطَواتِها

وَيْلٌ لِمن عادى البَتولَ و حاربَ الـ ** أطهارَ مِن أبنائِها و بناتِها

مَنْ ذا يُجيرُ مِنَ العَذابِ عِصابَةً ** لم يَرحموا مِنْ فاطِمٍ صَيْحاتِها

مُخضودَةُ الاضلاعِ خائِرَةُ القُوى ** تَدعو فلم تَسمعْ جوابَ حُماتِها

أبتاهُ نادتْ وهي تنظُرُ مُحْسِناً ** سَقْطاً فما رَقّتْ قلوبُ عُتاتِها

و يمُدُّهُمْ ظُلماً صُراخُ تَظَلُّمٍ ** آناً فَيُخْمِدُ ضِلْعُها صَرَخــــــاتِها

أَلَماً تَغيبُ الرّوحُ منها تارَةً ** وتَثوبُ تجمعُ للجّـــــراحِ شَتاتِها

أبتاهُ نادتْ وهْيَ كَسْرى أضلُعٍ ** و يَزيدُها المِسمارُ في زَفَراتِها

و السَّوطُ يعلوها بحِقْدٍ موغِرٍ ** سودَ القلوبِ فأوقدَتْ جَمَراتِها

هيَ لحظةٌ مَرَّتْ كَحَوْلٍ كامِل ** مِنْ شِدَّةِ الآلامِ في غَمَراتِها

فَهَوَتْ كَريمَةُ أحمدٍ مَخضوبَةً ** بدمائِها تَرجو دُنُوَّ مَمــــــاتِها

تبّاً لأُمّةِ حاربَتْ مَنْ جــــاءَها ** لِخَلاصِها مِن شِرْكِها و نَجاتِها

و جزاؤُهُ قَتَلوا بَنيهِ و حـــــارَبوا ** أهِليهِ حتى حَرَّقـــوا أبياتِها

فغداً مَصيرُ الظّالمينَ إلى لَظى ً** و لفاطِمَ الفِردَوْسُ رُغْمَ عِداتِها
شعر: عادل الكاظمي