في القران حرب نجوم ..تشهدها اقطار السموات والارض ..شواظ و حزم ناريه ونحاسيه وشهب ونيازك ودخان يأتي من السماء و يحيط غلاف الارض فيشعر سكانها بالرعب والفزع قبل ان ينجلي بعد زمن لا تعرف مدته ..وفي القران تتكور الشمس على نفسها وتنكدر النجوم في السماء وتـُطمس ولم يعد هناك ليلا او نهارا ..وفي القران محاولات بائسه للارتقاء وغزو الفضاء دون امل بتحقيق شئ فالكون لا حدود له وهو دائم التوسع والتمدد في الفراغ اللانهائي او هكذا يبدو حتى الان وربما مستقبلا ايضا ..وفي القران كائنات فضائيه تراقب الارض لمعرفه ماذا يراد لاهلها اشرَا اريد لهم ام رشدا ؟؟ وهذه الكائنات متنوعه وموزعه طرائق قددا ..وهي - في القران - تستكثر من اهل الارض (الانس) ربما بالخطف او التلبس ولديها قدرات تفوق ما للانسان فهي قادره على النفوذ في الفضاءات البعيده جدا واستراق المعلومات قبل ان تصيدها المراصد السماويه بشهاب موجهه وليس عشوائيا كما يظنه اهل الارض الفقراء تماما لمعرفه ما يدور في الملأ الاعلى او ماذا يأتمرون او يخططون ..هذا في السماء اما على الارض ففي القران شعوب من مخلوقات متوحشه ستندفع كالسيول من كل حدب لتثير في الارض خرابا وفزعا ..وفيه ظهور كائن غريب يتكلم كالانسان ..وفيه مخلوقات جديده تظهر تباعا لا يعلمها الانسان مهما بلغ من العلم ..وفيه وجود مخلوقات لديها القدره على نقل الاشياء عبر الاف الاميال بسرعه الضؤ مع المحافظه على كتلتها وعدم تحولها الى طاقه وهذا من الناحيه العلميه مستحيل حتى الان ..لكنه ممكن مستقبلا فلا استحاله في العلم ..وفيه زلزال عظيم وبراكين تخرج معها اثقال الارض وتساؤل بشري عمـَا جرى للارض ذلك الكوكب المسالم الذي يدور حوله نفسه وفي مساره ليحافظ على ابناءه ويهبهم مقومات الحياة والاستمرار , وفي الارض ايضا بحار تستعر ووحوش تـُحشر وجبال تــُنسف وتتناثر كالقطن المنفوش ..وقشره ارضيه تميد باهلها وتتزحلق وتتشقق وانهيارات وكوارث ستتوالى حتى تغدو الارض صعيدا جزرا بعد ان تاخذ زخرفها ويظن الناس انهم قادرون على التحكم بها ..وفي القران توقف الزمن وانتقال كالطفره من زمن لاخر وتقرير لحقيقه الزمن النسبيه وعدم ثبوته فقد يغدو اليوم الف سنه وقد يغدو خمسون الف سنه وكل ذلك في عوالم الفضاء اللامتناهيه اذن هل هذا (بعد كل هذه النماذج) خيال علمي في القران ؟ وهل يمكن تصنيف القران انه اقدم كتاب طرح قصص الخيال العلمي وروج لها ..لا ..ولا ينبغي لاحد ان يصنف القران بذلك ..مثلما لا ينبغي تصنيفه تحت اي بند من العلوم الانسانيه ..فهو كتاب هدايه اولا واخيرا ..القران الذي فيه كل ذلك هو نفسه القران الذي يرافق الانسان منذ كونه جنينا في الرحم ويصف نموه برعما برعما ..وهو نفسه الذي يصور جغرافيا الارض وما يطرأ عليها من تقلبات , وهو نفسه الذي يؤسس لقاعده (لاجريمه ولاعقاب الا بنص) وقاعده (الجريمه شخصيه) وقاعده (المساواة بين الناس) و(المواريث) (والعقود) و(الآثار الرجعيه) و(المكاتبات) ...وهو نفسه الذي طرح التاريخ كعنصر اساس للدراسات الانسانيه وما يصب في محيطها من مؤثرات مكتسبه ..وهو نفسه الذي اعطى للكلمه طاقتها الادبيه المكتنزه والخلاقه والمتفجره ابداعا وروعه ..وهو الذي اغنى الصوره الذهنيه باسلوب خطابي متنوع الابعاد والموارد ..القران فيه كل ذلك واكثر ..لكنه هنا يبرع في اظهار احدى عبقرياته في اشباع الخيال الانساني بصور سبقت افلام الخيال العلمي بقرون عديده ..مع التميز عنها ان كل ما اورده بهذا المضمار هو حقائق لاجدال فيها ..ولانستطيع فهم هذا الامر الا اذا تناولنا هذه الحقائق من خلال الاحاطه بعمر البشريه جميعها ..ماضيها ومستقبلها , ويبقى جدلنا وتنكرنا لها مجازفه خاطئه لانه يقاس بعمرنا المحدود على الارض ..اما القران فهو يورد الحقائق لاجيال اجيالنا مثلما اوردها لاجداد اجدادنا ,..سبق القران لافلام الخيال العلمي هو في تلك القدره على طرح المضامين وتصنيفها ولو اردنا القول ان منتجي تلك الافلام وكتاب قصصها استلهموها من القران فلن نبعد عن الدقه ..متابعه سريعه لتصنيفات افلام الخيال العلمي نجد انها تهتم بما يلي حرب نجوم ,كائنات فضائيه ,مخلوقات غريبه , كوارث طبيعيه , شخوص تملك قدرات خارقه , نفوذ عبر الزمن ..وبالعموم فمجملها لم تخرج عمـَا صوره القران العظيم قبل اكثر من الف عام , بل حتى في ادق صورها فقوى الظلام والشر التي تندفع حشودها في فلم (سيد الخواتم) لن تتم الا بعد ان تتوفر شروطها وعلاماتها وكأنها تحاكي ما اورده القران في سوره الانبياء (حتى اذا فـُتحت ياجوج وماجوج وهم من كل حدب ينسلون) والصحن الطائر في فلم (يوم المصير) لا ياتي الا في (ظلل من الغمام) -210 بقره - والطوفان الذي يغمر مدينه نيويورك والمدن الامريكيه الاخرى في فلم (اليوم بعد الغد) يأتي في (موج كالجبال) - 11 هود - وكل ما انتجته مخيله صانعي افلام الخيال العلمي لم تتجاوز ما ابدعه الخالق في الكائنات الحيه فالعينان في مكانهما الذي رسمه هو وكذلك الاذنان والفم واليدان والقدمان فلم يتم تغيير اي شئ من ذلك سوى بالهيئه الخارجيه ..توسع العين او استطاله الاذن او اتساع الفم اما الشكل العام الذي وظـَفه الخالق للمخلوق فبقي هو هو .. وبعكس هذا العجز الانساني عن تجاوز صنعه الخلاق العظيم نرى ان القران تجاوز مخيله الانسان في عرض صور فريده كان من الاستحاله تصديقها في حينها او بعد ذلك باجيال قبل ان يعايشها الانسان كحقائق لاشك فيها فالشخص الذي عاش في العصر العباسي مثلا كان من المستحيل عليه ومهما بلغ من المعرفه وسعه الاطلاع تخيل كيف يمكن لسرب من الطيور القيام بعمليه قتاليه وقصف جوي على جيش كبير كجيش ابرهه الحبشي وكيف يمكن لماده صغيره ملتهبه ان تحول الجسد البشري الى رماد او تفتته كورق الاشجار المتيبس لكننا نعايش هذه الحقيقه الان ونعاني منها .. وسق ذلك في الجبال الجليديه التي تنزل من السماء على شكل كتل متراكمه والرياح الملقحه وغيرها الكثير .. فخيال الماضي حقائق اليوم وخيال اليوم حتما سيكون (او معظمه) حقائق المستقبل فالخيال العلمي في القران يفتح آفاق جديده تتجاوز المتعه والانبهار الى تهيئه النفس لمواجهه التطورات والتقلبات التي تفرضها الحياة الانسانيه على هذا الكوكب الحي وسكانه الذين لايفتر نشاطهم ما دام شبح الرحيل عنه يقترب منهم عاما بعد عام ...