لِمَحْقِ الدَّواعِشِ شُدّوا الهِمَمْ ** حُماةَ الدّيارِ رُعاةَ الحُرَمْ
ستشهدُ أيّامُنا القادِمات ** رؤوسَ الدَّواعِشِ بينَ الرِّمَمْ
لأن العراقيَّ شاكي السّلاحِ ** بعزمِ الإباءِ و عِزِّ الشَّمَمْ
يُصاوِلُ عن أرضِهِ بالدِّماءِ ** و في كَفِّهِ السّيفُ بادي النِّقَمْ
سَلوا الدّهرَ عنا بماذا يُجيبُ؟ ** إذا حُمَّ خَطْبُ الوغى و أدْلَهَمْ
لَنا السّيْفُ والنّارُ والقاصِفاتُ ** مِنَ الرِّيحِ والمَوْتُ بَعْضُ الخَدَمْ
إلى بأسِنا تَستجيبُ المَنونُ ** و عَنْ أمرِنا تَستَهِلُّ الدِّيَمْ
و نحنُ رَسَمْنا مَسارَ الشُّموسِ ** و نحنُ مَحَوْنا دَياجي الظُّلَمْ
وَ نحنُ بَنَيْنا صُروحَ الفَخارِ ** بِبَذْلِ النُّفوسِ وَ حِفْظِ الذِّمَمْ
وإنَّ العِراقَ بِرَغْمِ الخُطوبِ ** يُباري السَّحابَ بِوَفْرِ النِّعَمْ
بنا الجُودُ في العُسْرِ عَمَّ الوجود ** و للسُّحْبِ مِنّا سِماتُ الكَرَمْ
و إنْ حَلَّ في أرضِنا مُعْتَدٍ ** يُساقى بِكأسِ الرَّدى و النَّدَمْ
فَقولوا لِصُهْيونَ ما داعِشٌ ** بِكُفءٍ لنا في اللّقاءِ الأَغَمْ
لقد أخطأوا الرَّأْيَ في حَرْبِنا ** رُعاةُ الجِّمالِ رُعاةُ الغَنَمْ
فما هُمْ سوى قاصِدٍ حَيَّةً ** تَلينُ و في النّابِ مَوْتٌ أَلَمْ
ألا فارْحَلوا عِنْ مَقامِ الأسودِ ** و إلا سَتَعْصِفُ ناراً و دَمْ
هنالِكَ لا يَنْفَعُ الخائِنينَ ** رَجاءٌ فَلِلصَّبْرِ مَدْحٌ و ذَمْ
صَبَرْنا وَ ما كان ضَعْفٌ بِنا ** كَذاكَ الحَليمُ إذا ما حَلُمْ
وَ قُلْنا لعلَّ بِحُسْنِ الجّوارِ ** وَ حِفْظِ الإِخاءِ وَ وَصْلِ الرَّحِمْ
نُميتُ ضَغائِنَ أَهْلِ الشِّقاقِ ** وَ نُطْفِىءُ مِنْ حِقْدِها المُضْطَرِمْ
وَ نَجلوا عنِ الأفْقِ جَوْرَ الظَّلامِ ** وَ نَكْشِفُ عَنْ كُلِّ هَمٍّو غَمْ
عسى أنْ يَثوبوا إلى رُشْدِهِمْ ** وَ تَحيا نفوسٌ بَراها السَّقَمْ
وَ لكنَّ مَنْ خُلْقُهُ الموبِقاتُ ** فَهيهاتَ يُدرِكُ مَعنى القِيَمْ
وَ مَنْ طَبْعُهُ اللؤْمُ أعداؤُهُ ** سَجايا الكِرامِ وَ نُبْلُ الشِّيَمْ
وَ باللؤْمِ يُجْبي الخَسيسُ الهَوانَ ** وَ بالفَضْلِ يَسمو الكريمُ القِمَمْ
لَكَ المَجْدُ جيشَ العراقِ الأَبي ** فَذِكْرُكَ ما زالَ فَخْرَ الأُمَمْ
بَكَ الشَّعْبُ يَزْهو عزيزَ الجَّنابِ ** و فيكَ يُهَوِّنُ شَرَّ النِّقَمْ
فَإنّكَ للشَّعْبِ دَرْءُ الصُّروفِ ** و سَيْفٌ يُجَلّى ظلَامَ الغُمَمْ
سَتجعلُ مِنْ داعِشٍ مُزْحَةً ** إذا جاءَ ذِكْرٌ لَها نَبْتَسِمْ
وَ تورِثَ أجيالَنا الأكْرَمينَ ** حَديثَ الصُّمودِ حَديثَ الشَّمَمْ
فَيا شَعْبُ صَبْراً على النّائِباتِ ** فَلا بُدَّ لِلِشَّرْ أنْ يَنْهَزِمْ
ولا بُدَّ للمُعْتَدينَ الجُّفاةِ ** عُروشُ وَشيكاً بِأَنْ تَنْهَدِمْ
سَتَشْرُقُ شَمْسُ العِراقِ الحَبيبِ ** فَيَجْلو سَناها عَميمَ الظُّلَمْ
شعر: عادل الكاظمي