تنص نظرية (الفن للفن) على ان للفن قيمته بمعزل عن اي موضوعات يتناولها كالاخلاق اوالدين اوالتاريخ اوالسياسة. وتدعو هذه النظرية الى عدم الخلط بين القيمة الجمالية للفن والمجالات والاهتمامات الحياتية الاخرى. وتمتد جذور هذه الفكرة الى ازمنة بعيدة، ولكن عبارة (الفن للفن) صيغت في بدايات القرن التاسع عشر في فرنسا تعبيرا عن رغبة الادباء الرومانسيين في فصل الفن عن العقلانية التي اتسم بها العصر. وجذبت العبارة ادباء من امثال غوستاف فلوبير وستيفان مالارميه وشارل بودلير. وعندما وصلت العبارة الى بريطانيا اصبحت اساسا للحركة الجمالية البريطانية التي رفع لواءها فنانون تشكيليون من امثال جيمس ماكنيل ويسلر ولورد ليتون وادباء من امثال والتر بيتر واوسكار وايلد.

وادى ارتباط نظرية الفن للفن بالحركة الجمالية البريطانية الى تراجع النظرية تبعا لتراجع شعبية الحركة. ومع ذلك واصل المثقفون استعمال عبارة الفن للفن وان كان بشكل فضفاض وغير محدد. وبقي الشكل الفني ذا قيمة ومعنى بصرف النظر عن الموضوع الذي يبحثه العمل الادبي او الفني. ومن هنا اصبحت نظرية الفن للفن حافزا مهما لتطوير التعبيرية التجريدية.

اذن تدعو نظرية الفن للفن الى عدم جواز الحكم على العمل الفني بمعايير الدين او السياسة او الاخلاق الامر الذي ادى الى معارضة البعض للنظرية بحجة ان الفن يجب ان يناصر ما يعتبره هذا البعض قضايا انسانية واخلاقية عليا وبحجة ان الفن – نظرا الى تأثيره العميق في المتلقى – يجب ان يتجنب اثارة ما يعتبره هذا البعض قضايا لا تنسجم مع الاخلاق المجتمعية العليا. وفي القرن العشرين جذبت نظرية الفن للفن معارضة منظمة اشد من قبل مثقفين وفنانين يرون ان الفن يجب ان يكون مرتبطا بالحياة ويجب ان يستعمل سلاحا في خدمة الثورات الاجتماعية. ووصف مارسيل دوشامب، الفنان الفرنسي، نظرية الفن للفن بانها نظرية باطلة تسعى الى ترسيخ الوضع القائم بجعل الفن ينكفىء على ذاته ويقطع علاقته بالحياة من حوله ويبقي على عالمه الداخلي التقليدي جامدا غير قابل للتطور والنمو. وقد يكون الانتقاد الذي قاده دوشامب على نظرية الفن للفن الاقوى في القرن العشرين والاكثر تأثيرا. والقليلون يعتقدون اليوم بالفصل بين الفن وما يدور في العالم من احداث وما يثار فيه من قضايا. ويترتب على ذلك ان المفاضلة بين عمل فني واخر بالاحتكام الى معايير جمالية فقط هي عمل اقرب الى المستحيل.

[email protected]