في عصر الإنسان القديم، من كان يحمل عصا غليظة بيده - أو شيئاً كبيراً مؤذياً، يعطى الأولوية للتمتع بأحسن الطعام والشراب وموقع السكن. أما اليوم وبعد أن قطعت حضارة الإنسان على كوكب الأرض أشواطاً بعيدة من التقدم، فمن يحمل السلاح الأكثر فتكاً تكون له امتيازات الوجاهة والسيطرة. وهذه المعادلة المستقاة مقارنة بين مرحلة ما قبل التاريخ وعصر العلم والتكنولوجيا الذي تعيشه البشرية حالياً، وأيدي أفرادها على قلوبهم، تحسب من طيش ولاة الأمر الدوليين! فما معنى أن تعلن دولة يقال عنها (عظمى) كالولايات المتحدة الأمريكية، بأنها خصصت لميزانية الدفاع فيها (مبلغ مليار دولار يومياً) كما أعلن عن ذلك رئيسها (جورج بوش) بعد أن عدت صناعة الأسلحة للاستثمار الأكثر رواجاً بين الدول.

صحيح أن هناك خبراء في مجالات كالبيئة والزراعة والتصنيع، وهم واضحون في توضيح خططهم، لكن خبراء السياسة هم الوحيدون الذين يحتفظون بخططهم داخل صدورهم، حتى يفاجئوا المجتمع الدولي بتطبيق خطة أو جزء منها، فالولايات المتحدة الأمريكية تمارس الإرهاب البيئي (مثلاً) الذي يقتل مئات الآلاف من الناس في كل المعمورة، بسبب تصديرها أنواع السجائر الرديئة، والبشرية أجازت لنفسها أن تكون منها شرائح اجتماعية راضيةً بالموت البطيء بالسجائر، وأصبحت كذلك تقر الموت السريع في حروب مفتعلة يقودها مرتزقة السياسة الدوليون حتى إن البشرية جمعاء تجد نفسها متورطة في حروب لا ناقة لها فيها ولا جمل، بدليل أن تلك الحروب تنتهي كما بدأت، ولكن دون حسيب لا على البادئ بالحرب، ولا الذي اقترف جرائم حرب يحاسب عليها القانون الدولي، ولا الذي ذود الجيوش المتحاربة بسلاح المعارك المخربة للبلدان.. ومن خلاصة هذا التصور يهيمن أغلب الشماليين وبالذات الغربيين، على الشعوب التي شاءت الأقدار أن تخلق في الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية، فهل هذا ذنب تستحق عليه الشعوب الجنوبية، أن تكون ضحية دائمة لجشع الوجهاء الشماليين الذين يقودون سياسات العالم؟!