أيقضتني قصيدةٌ عاشقة
.
نَبَّهَتْني والكَرَى يَطْوي الدُّجى ** مَنْ بها الحُسْنُ شَغوفاً لَهِجَا
نَبَّهَتْني ثمَّ قالَت: قُمْ لَقد ** آنَ فَجْرُ الحُزْنِ أنْ يَنْبَلِجا
.
قُمْ خُذِ الكَأْسَ وعاقِرْني الهَوَى ** كَيْ أغَنْي زَجَلاٍ أمْ هَزَجَا
إنَّما العَيْشُ إذا السَّاقي سَقَا ** فَدَعِ الهَمَّ وعِشْ مُبْتَهِجا
قُمْ وسَطِّرْني عَلَى الطُّرْسِ فقد ** هَاجَ وَجْدي في الحَشَى واعْتَلَجا
وَدَعِ الأحْرُفَ مِنّي شُرَّعاً ** لِمَعانٍ تَسْتَخِفُّ المُهَجَا
.
يا أبَا عَلْيَاءَ لا تَتْرُكَني ** في فُؤادٍ مِنْهِ اسْتَمري الشَّجا
إنّما المَدْحُ الَّذي تَنْشُرُهُ ** عَطِرَاً مِنْ ذِكْرِ طَهَ أَرِجَا
لاَ تَدَعْهُ إنّهُ الفَوْزُ إذَا ** غُلِّقَتْ في الحَشْرِ أبوابُ الرَّجَا
جَنَّةُ اللهِ الَّتي نَحْنُ بِها ** حُبِّ طَهَ مَنْ بهِ نُوحٌ نَجَا
.
إنْ عَصَا آدَمُ يَوْماً فَغَوى ** وَمِنَ الجَنَّاتِ لَمَّا أُخَرِجَا
فَلَقَدْ تابَ عليهِ اللهُ إِذْ ** لاذَ بالهادي الرَّسولِ المُرْتَجَى
وبهِ النَّارُ غَدَتْ بَرْدَاً وقد ** كادَ إبرَاهيمُ يُصْلَى الوَهَجَا
وبِهِ قد سَارَ موسى آمِنَاًٍ ** خَوْفَ فِرْعَوْنَ فَشَقَّ اللُّجَجَا
وبِهِ عيسى تَسَامَى آيَةً ** كَلَّمَ النَّاسَ صَبِيّاً يُنْتَجى
.
وَلَهُ كُلُّ البَرَايَا التَجَأَتْ ** فَهْوَ للخَلْقِ جَميعاً مُلْتَجا
رَحْمَةُ اللهِ الَّتي قَدْ وَسِعَتْ ** كُلَّ شَيْءٍ إِنَّ فيها الفَرَجَا
وَبِهِ جَنّاتُ عَدْنٍ أَحْرِزَتْ ** لا يُسَامَى فَهْوَ فُلْكٌ للنَّجَا
مَظْهَرُ الأَسْماءِ سِرُّ الغَيْبِ مَنْ ** سِرُّهُ حَيَّرَ أَرْبابَ الحِجَا
كُنْهُهُ مِمَّا تَنَاهَتْ عِنْدَهُ ** جَائِلاتُ الفِكْرِ مِنْ أنْ تَلِجَا
.
بَشَرٌ لَيْسَ لهُ ظِلٌّ إذا ** سَارَ صُبْحَاً أو بِلَيْلٍ دَلَجَا
فَهْوَ للشَّمْسِ وَلِلْبَدِر سَنَا ** وَسَنَاهُنَّ بِهِ قَدْ مُزِجَا
وَإِذَا مَا سَارَ في الحَزْنِ بَدَا ** أَثَرُ الأَقْدامِ فيها أَبْلَجَا
وعَلَى الرَّمْلِ فَمَا مِنْ أَثَرٍ ** لِمَسيرٍ إنْ مَشَى أو نَهَجَا
.
وَيَرَى مِنْ خَلْفِهِ مَنْ جاءَهُ ** مِثْلَ مَنْ قُدّاَمُه إنْ كَانَ جَا
فَالوُجوداتُ تَلاَشَتْ دونَهُ ** فَلَهُ الأمْرُ وَفيها أُدْرِجَا
وَهُوَ الفَاعِلُ في أَسبابِها ** إنْ سَنَا فَجْرٌ وإنْ لَيْلٌ دَجَا
شَفَّ حتّى قيلَ هذا مَلَكٌ ** وإلى السَّبْعِ بِلَيْلٍ عَرَجَا
جَسَدَاً جَازَ السّمَوَاتِ العُلى ** وَارْتَقَى فوقَ المَعَالي دَرَجَا
وانْتَجَاهُ اللهُ فَرْدَاً مُذْ دَنَا ** قَابَ قَوْسَيْن ِوَللهِ انْتَجَى
.
تَعْجَزُ الألبابُ عَنْ إِدْرَاكِهَا ** حَالةٌ أوصافُها لا تُرْتَجَىَ
تَقِفُ الأوْهَامُ في حَيْرَتِهَا ** جَنْبَ سِرٍّ بَابُهُ قَدْ أُرْتِجَا
حَمْدَاً اللَّهُمَّ أَنْ شَرَّفْتَنا ** بِنَبِيٍّ نُورُهُ قَدْ أُسْرِجَا
لِيُنَجِّينا مِنَ الغَيِّ إذَا ** لَيْلُهُ في عَالَمِ الجَهْلِ دَجَا
.
وَلِيَهْدينَا صِرَاَطٍاً لاَحِبَاً ** لا نَرَى أَمْتَاً بِهِ أَوْ عِوَجَا
خَابَ مَنْ جَافَى سَبيلاً مُرْشِدَاً ** وَبِنارِ الشِّرْكِ طَوْعَاً وَلَجَا
رَبِّ شَفِّعْهُ بِيَومِ الحَشْرِ في ** عَبْدِكَ الجَاني إذَا عَزَّ الرَّجَا
صَلِّ يَا رَبّي وَسَلِّمْ دائِمَاً ** مَا بَدَا صُبْحٌ وَمَا لَيْلٌ سَجَا
بِصَلاةٍ زِنَةِ العَرْشِ عَلَى ** طَهَ وَالآلِ مَصَابيحِ الدُّجَى