تحل علينا اليوم أول أيام السنة العراقية(البابلية والآشورية)، وكانت نفسها هي اول ايام السنة الميلادية حتى سنة 1564م، قبل ان يبدلها شارل التاسع ملك فرنسا.

وكما قلنا في بحثً سابق، فإن 21 آذار من كل عام، وفي إحدى ساعات هذا اليوم أو قبله أحياناً – حسب الدورة الفلكية للشمس- تدخل الشمس في برج الحمل(1)، حسب حسابات علم الفلك الذي برع به اسلافنا.

فهو يوم زكموك أو أكيتو (الذي ترجموه إلى نوروز في اللغات الهندو أوربية) وهو يوم المنقلب الربيعي و أول ايام السنة العراقية اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار الحسابات الشمسية عليها دون تعديل عليها باضافة فرق السنة القمرية.

ورغم ان العراقيين القدماء يعتمدون الحساب الشمسي في دورة سنتهم، إلا انهم راعوا في بدء السنة الاول فرق العشرة ايام الخاصة بفرق أيام دورة القمر، فتم إضافتها لتصبح أول أيام رأس السنة في 1 نيسان، بدلاً من 21آذار.

ظل التقويم العراقي القومي للامة العراقية الذي يبتدأ في ٢١ آذاربحركة الشمس ودخولها برج الحمل، معتمداً في بلدان كثيرة حتى الان، كتقويم قومي لها، كإيران وأفغانستان، غير انهم بدأوه بسنة تتناسب وثقافتهم، وهي سنة تلي السنة العراقية الاولى ببضعة آلاف من السنين.

ووفقاً للتعديل بأيام القمر المضافة له، أصبح أول يوم فيها هو 1 نيسان.

وهكذا صار يوم المنقلب الربيعي في العراق(وزكموك السوري واكيتوا البابلي) معتمداً من قبل الفرس والشعوب الهندو أوربية بترجمته الى (نوروز) بعد اعتماده من قبلهم، وبعد ٣٠٠٠ سنة من ابتكاره من قبل العراقيين، وبقي نفس الاسم لدى الاذريين والكرد وغيرهم ممن اعتمدوه من الامم، ولكنهم لم يضيفوا عليه فرق ايام القمر.

وعند مجيء المسيحية وقبولها من غالبية الأمة العراقية حينها، وإرادة القائمين على التأريخ صنع تقويم مسيحي، اختاروا اشهر التقويم العراقي، وبقي التقويم على حاله وصار يوم ١ نيسان بداية العام المسيحي الجديد، مع تغيير رقم السنة، لتصبح 1/1/5300 ك.ب و1/1/4750 آشوري إلى 1/1/1 ميلادي، حيث كان شهر الواحد هو نيسان وليس كانون الثاني!!

ولكن يبدو ان بعض حكام العالم الاوربي لم يرق لهم ان يكون التقويم العراقي اساسا للتقويم المسيحي.

فقام شارل التاسع ملك فرنسا عام 1564م بجعل بداية العام الميلادي في ١ كانون الثاني، رغم ان المنطق يقتضي ان يكون التبديل بكانون الاول باعتباره يوم ٢١ منه بداية الشتاء، لا ان يكون هو الشهر ١٢..!!!

وكانت فرنسا أول دولة تعمل بهذا التقويم المزور وحتى ذلك التاريخ كان الاحتفال بـ [عيد رأس السنة] يبدأ في يوم [21 اذار] وينتهي في ١ نيسان وفقاً للتعديل الذي ذكرناه، بعد أن يتبادل الناس ‏هدايا [عيد رأس السنة] الجديدة.

ثم جاء البابا [غريغوري الثالث عشر] بنهاية القرن السادس عشر وعدل التقويم ليبدأ العام الجديد في ١ كانون الثاني بدل ١ نيسان، ولتبدأ احتفالات الأعياد من ٢٥ كانون الاول الذي حددوه موعدا لميلاد السيد المسيح عليه السلام من عندهم، بلا دليل عليه، رغم انه ولد في الصيف بدلالات كثيرة ليس اقلها وجود الرطب في النخلة وهو يعني ان موسم الولادة موسم صيف!!!
حيث ان ولادته حسب رواية الامام الصادق عليه السلام هي في 15/حزيران:
وقيل له: إن النصارى يقولون: إن ليلة الميلاد في أربعة وعشرين من كانون فقال: كذبوا، بل في النصف من حزيران ويستوي الليل والنهار في النصف من أذار(بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٥ - الصفحة ٢٦٠).

وبعد التغيير المزيف غير المستند لحقيقة علمية فلكية، بقي الكثير في أوربا من المسيحيين يحتفلون بالتقويم الميلادي القديم ١ نيسان، فلم يرق ذلك للسلطات، وكي يتركوه ويتجهوا للتقويم المفتعل، أطلقت الحكومة آنذاك ومن تبعها، حملات تسقيطية على من ظلوا يحتفلون بالتقويم المسيحي القديم الاصلي، حسب التقويم العراقي القديم، فأجبرت تعليقات القوم الساخرة - باتهامهم بتصديق العيد الكاذب!! وهو صادق حقيقي - أجبرتهم على تركه، وصار العيد الحقيقي يوماً للاحتفال بالكذب!! وصارت (كذبة نيسان)، كناية عن العيد الكاذب!!! بينما هو رأس السنة الصحيح.

وبقوة السلطة، وقوة العقل الجمعي الخاطئة، اُجبر من كان يحتفل باليوم الصحيح على تركه، واصبح الحق باطلاً، والباطل حقاً!!!

فبدل ان يكون ١ نيسان هو بدء التقويم الحقيقي الميلادي المطابق لحركة الارض في ازاء الشمس، اصبح يوم العيد المكذوب!!
وصار عيدا لارتكاب ذنب الكذب!!!

واصبح ١ كانون الثاني العيد الصحيح!!، رغم انه لا يمثل لا بداية للشتاء ولا بداية لحدث حقيقي، كما هو حال كل التقاويم لكل الامم.

بل أن من المفارقة أن أول اشهر السنة الخاطئة هو كانون الثاني(1) وآخرها هو كانون الأول(12)!!! بينما المنطق يقضي بأن يكون كانون الاول لا اقل هو الشهر الاول لا الأخير!!!
هذا ان اختاروا غير نيسان كونه الشهر الأول.

منقول