​

وحدةُ الأُمَّةِ أَولَوِيَّةُ الأَولَوِياتِ

زعيم الخيرالله





أَكَّد القُرانُ الكريمُ في العديدِ من اياتهِ على الوحدةِ مُنَوِهاً باهميتِها ، ومن هذه الايات قوله تعالى :( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْل اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىظ° شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) آل عمران: الاية : 103.
( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ).الانبياء: الاية : 92.
( وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ).المؤمنون: الاية : 52.
( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ غڑ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ). الحجرات: الاية : 10.
وفي الآيتين الثانية والثالثة ، قُدِّمت فيهما الأُمَّةُ الواحدةُ الموحدة على توحيد الله ؛ وهذا يُعَزِّزُهُ جوابُ هارونَ لموسى عليهما السلامُ حينما عاتب موسى اخاه هارون على عدم اللحاق به فاعتذر بوحدة بني اسرائيل وعدم تمزيق صفهم بقوله:( قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ). طه: الاية: 94.
لانه لو لحق بموسى فستلحق به جماعة مستجيبة لامره، وتظلُّ جماعةٌ اخرى عاكفةً على عبادةِ العجل.هارون عليه السلامُ يريد امةً موحدةً تنهض برسالة التوحيد ، ولايريد ان يفرض التوحيد على امةٍ مُمَزَقَةٍ يستنزفُ الصراعُ قواها الداخليّة . هذا هو التوحيد الهاروني ، وهناك توحيدٌ اخر يقومُ على تمزيق الامة ، وفرض التوحيد عليها عنوةً ، وهذا مايفعله الوهابيون الذين قدموا صورة مُشَوَهَةً للتوحيد . الوهابيون يقومون بتمزيق الامة ، بتكفيرِ طائفةٍ ، وتبديعِ اخرى ، وتضليلِ ثالثةٍ. ثمَّ يبقون هم وحدهم الموحدون.الامامُ علي ووحدة الامة

يقول عليٌّ عليه السلام مُشَدّداً على وحدة الامة :( والزموا السواد الأعظم، فإنّ يد الله مع الجماعة، وإيّاكم والفرقة، فإنّ الشاذّ من الناس للشيطان، كما أنّ الشاذّ من الغنم للذئب ).نهج البلاغة. ( الزموا السواد الأعظم، فإنّ يد الله مع الجماعة، وإيّاكم والفرقة، فإنّ الشاذّ من الناس للشيطان، كما أنّ الشاذّ من الغنم للذئب) البلاغة : الخطبة: 127.
وعليٌّ عليه السلام ضَحّى بالحكم من اجل وحدة الامة ، يقول (ع) :( وَطَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طِخْيَةٍ عَمْيَاءَ يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ. وَيَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ. وَيَكْدَحُ فِيهاَ مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقى رَبَّهُ فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى فَصَبَرْتُ وَفِي الْعَيْنِ قَذًى. وَفِي الْحَلْقِ شَجاً أَرَى تُرَاثِي نَهْباً ).نهج البلاغة : الخطبة : 3.ويقول عليه السلام فَأَمْسَكْتُ بِيَدِي حَتَّى رَأَيْتُ رَاجِعَةَ اَلنَّاسِ قَدْ رَجَعَتْ عَنِ اَلْإِسْلاَمِ يَدْعُونَ إِلَى مَحْقِ دَيْنِ مُحَمَّدٍ ص فَخَشِيتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرِ اَلْإِسْلاَمَ وَ أَهْلَهُ أَنْ أَرَى فِيهِ ثَلْماً أَوْ هَدْماً تَكُونُ اَلْمُصِيبَةُ بِهِ عَلَيَّ أَعْظَمَ مِنْ فَوْتِ وِلاَيَتِكُمُ اَلَّتِي إِنَّمَا هِيَ مَتَاعُ أَيَّامٍ قَلاَئِلَ يَزُولُ مِنْهَا مَا كَانَ كَمَا يَزُولُ اَلسَّرَابُ وَ أَوْ كَمَا يَتَقَشَّعُ اَلسَّحَابُ فَنَهَضْتُ فِي تِلْكَ اَلْأَحْدَاثِ حَتَّى زَاحَ اَلْبَاطِلُ وَ زَهَقَ وَ اِطْمَأَنَّ اَلدِّينُ وَ تَنَهْنَهَ).نهج البلاغة.وكانت سيرةُ عليٍّ عليه السلام الحفاظَ على كيان المسلمين ، وان اختلف مع الحاكمين ؛ فحين استشاره الخليفة الثاني في الخروج مع النفير العام ضدَّ تّحشيد الفرس ، نصحه عليٌّ بعدم الخروج حفاظاً على رأسِ الكيانِ الاسلامي من الاغتيال ، قائلاً: ( فكن قطبا، واستدر الرحى بالعرب، وأصلهم دونك نار الحرب، فإنك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها، حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهم إليك مما بين يديك ). نهج البلاغة : الخطبة : 146.ودافع علي عن الخليفة الثالث عثمان رغم اختلافه معه في سياسته وطريقته في الحكم ، وارسل ولديه دفاعا عن الخليفة الثالث .وحارب علي الناكثين والمارقين والقاسطين ، من اجل وحدة الكيان الاسلامي ، علي بايعه العراقيون والحجازيون واليمانيون والبلاد الاخرى باستثناء الشام . ومعاوية كان يرضى بالبقاء في الشام ، ولكن علياً لايرضى ان يكون للمسلمين كيانان .وبهذه السيرة سار الامام الحسن ، فمعاوية يرضى بالبقاء في الشام ولاينازع الامام الحسن على الخلافة ، ولكن الامام الحسن تنازل عن الخلافة الظاهرية لاعن الامامة الالهية التي لاتقبل التنازل والاسقاط ، ورضي ان يكون معاوية حاكما للمسلمين بالشروط التي كتبها الامام الحسن عليه السلام ، من اجل بقاء كيان المسلمين موحداً.هذه سيرة اهل البيت عليهم السلام التوحيدية . ومانجده اليوم من ابواق اعلامية تنشر التكفير والتطرف والتحريض ، كل ذلك لاينسجم مع سيرتهم العطرة الناصعة في التسامح والاخوة والتقريب.