يعود ملف المنافذ البرية للعراق مع إيران وتركيا، في حدود إقليم كردستان (شمال)، إلى الواجهة مجدداً، ما ينذر بأزمة جديدة بين بغداد وأربيل، حيث تتهم الحكومة الاتحادية، المسؤولين في الإقليم بعدم تسليم إيرادات المنافذ، فضلا عن تسبب الفساد في إدخال بضائع فاسدة ورديئة للأسواق، بينما قال عضو في الحزب الديمقراطي الحاكم في كردستان، إن بغداد هي من تماطل في الاتفاق على آليات تسليم إدارة المنافذ لها.وتتزامن اتهامات بغداد مع تصاعد الانتقادات للإقليم بسبب التأخر في تسليم عائدات بيع 250 ألف برميل نفط يومياً إلى بغداد، رغم الاتفاق المبرم ضمن موازنة عام 2019، والذي يقضي بأن تسلم حكومة كردستان هذه العائدات، لتدخل ضمن واردات العراق السنوية، على أن تلتزم بغداد بدفع مستحقات الإقليم ضمن الموازنة العامة أسوة بباقي محافظات الدولة.

وكشف مسؤول رفيع المستوى في بغداد، لـ"العربي الجديد"، عن أن الحكومة لم تتلق أي رد من المسؤولين في أربيل حول إخضاع المنافذ البرية مع تركيا وإيران لسيطرتها الرقابية وتسليم عائداتها للحكومة الاتحادية أسوة بباقي منافذ البلاد في البصرة (جنوب) أو الأنبار (غرب).وقال إن "المسؤولين في حكومة الإقليم يماطلون في الملف تماماً، كما الحال في تنصلهم من دفع عائدات النفط كما جاء في اتفاق موازنة العام الحالي"، مرجحا أن تشتد الأزمة بعد انطلاق الفصل التشريعي الثاني مطلع سبتمبر/أيلول المقبل، حيث ينوي أعضاء في البرلمان جمع توقيعات لاستدعاء وزير المالية ومسؤولين آخرين لاستجوابهم بشأن النفط وعائدات المنافذ وآلية وضوابط عملها، بما فيها قيمة أو نسبة التعرفة الجمركية ونوع البضائع المسموح بإدخالها البلاد".

وأضاف أنه جرى رصد مخالفات كبيرة في منافذ الإقليم، تسبتت في استيراد بضائع فاسدة أو رديئة، كما حدث مع إغراق السوق بالبيض المستورد وما أنتجه من خسائر فادحة للتجار العراقيين ومربي الدواجن، وأدى إلى تسريح الكثير من العاملين من ذوي الدخل المحدود.وتابع المسؤول الحكومي أن "المجاملات السياسية وراء تكبد بغداد خسائر كبيرة على حساب منافع ومكاسب مالية لحكومة أربيل، ما يمثل إجحافاً لمدن أخرى مثل البصرة وبغداد والموصل وكركوك".

ولدى إقليم كردستان 6 منافذ تجارية برية رئيسية مع كل من تركيا وإيران، مسؤولة عن توريد نحو 50 في المائة من احتياجات كردستان العراق من المواد الغذائية والإنشائية ومواد أخرى كقطع غيار السيارات والأدوية والأثاث، فضلا عن العديد من البضائع التي يستوردها العراق بشكل عام من الجارين الشمالي والشرقي.ومن أبرز منافذ الإقليم مع إيران، منفذ حاج عمران، وباشماخ، وبرويز خان، وكرمك، إضافة إلى منافذ أخرى صغيرة تستخدم في تنقلات المسافرين والبضائع البسيطة مثل "كيلي"، و"شوشمي"، و"طويلة"، و"الشيخ صالح"، و"بشته".

ومع تركيا منفذين الأول إبراهيم الخليل وهو التجاري الرئيس، وبلغت قيمة التبادل التجاري فيه العام الماضي نحو 5 مليارات دولار، والثاني منفذ سرزيري، كما يملك العراق منفذاً أخر مع سورية ويقع داخل إقليم كردستان ويعرف باسم "سيمالكا" إلا أنه مغلق منذ اندلاع الثورة السورية.ويبلغ حجم التبادل التجاري بالمنافذ ما بين 12 إلى 16 مليار دولار سنوياً، وتذهب غالبية البضائع إلى بغداد ومدن أخرى جنوب ووسط وغرب البلاد.

وقال رياض التميمي، عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان العراقي في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "من المتوقع أن تشهد موازنة العراق عجزا غير مسبوق العام المقبل، في حال لم تتم إدارة الموارد الوطنية وحصرها بيد بغداد".وأوضح التميمي: "سيصبح لدينا عجز في موازنة 2020 بأكثر من 72 تريليون دينار (نحو 60 مليار دولار)، يرجع جزء منه إلى عدم معرفة موارد العراق في إقليم كردستان، سواء النفط والغاز أو المنافذ والضرائب"، مضيفا أن الإقليم يأخذ أكثر من 13 في المائة من واردات الموازنة العامة دون أن يسلم دولاراً واحداً حتى الآن".

بدوره، اعتبر عبد الرحيم الشمري، عضو لجنة النزاهة في البرلمان لـ"العربي الجديد" إن "هناك مجاملات غير مبررة على حساب المواطن العراقي فيما يتعلق بإيجاد حل لملف المنافذ الحدودية".لكن علي شقلاوي، عضو الحزب الديمقراطي الحاكم في إقليم كردستان والمستشار السابق بوزارة الموارد الطبيعية في إقليم كردستان، قال إن" الإقليم طالب بلجنة فنية وأخرى تنفيذية للاتفاق على كل الملفات، بما فيها المنافذ وإيرادات النفط، لكن هناك تلكأ من بغداد نفسها"

وأضاف شقلاوي أن "اتهام الإقليم بالمماطلة غير صحيح، ويمكن أن تأتي لجان إلى أربيل في أي وقت لبحث الموضوع"، معتبرا أن "إثارة الموضوع حالياً في بغداد يأتي بدوافع سياسية من قبل كتل برلمانية".