من سخرية القدر ان “الوهابية” التي أسسها محمد بن عبد الوهاب، كقراءة شاذة للاسلام، واتخذها آل سعود عام 1745 مذهبا للجزيرة العربية حتى قبل تأسيس المملكة السعودية، بعد التحالف المشؤوم بين جد آل سعود محمد بن سعود ومؤسس الوهابية محمد بن عبد الوهاب، تنهار اليوم وبسرعة على يد حفيد مؤسس الوهابية، المدعو تركي آل شيخ رئيس هيئة الترفيه السعودية التي تنشط تحت إشراف ولي العهد محمد بن سلمان.

منذ أن قلّم ابن سلمان أظافر “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، الهيئة الرسمية السعودية المكلفة بتطبيق نظام الحسبة، أو الشرطة الدينية، والتي يعود تاريخ تأسيسها الى عام 1940، بعد أن جعل منها عنوانا فقط دون اي صلاحيات، فُتحت في المقابل الآفاق أمام تركي آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه السعودية، لكي يستجلب الراقصات والراقصين والمطربات والمطربين من الغربيين والعرب، والفرق الموسيقية وفرق الغرب الراقصة، حتى تلك المعروفة بالتعري والاباحية الى السعودية، لمحاربة الوهابية المتزمتة، بينما تنحّى من كانوا يُعرفون بالدعاة والعلماء والمشايخ، جانبا مؤثرين السلامة ولم ينبسوا ببنت شفة، فهناك من فتح فمه من قبل فكان مصيره السجن، بل ان هناك من مات منهم في السجن تحت التعذيب.

منتقدو تركي آل الشيخ من مستخدمي وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة، يتهمونه بأنه يقوم بـ”ثورة” على تقاليد المجتمع السعودي وعاداته وأعرافه، فهو يعمل على قدم وساق وبكل ما أوتي من سلطان لجعل السعودية نسخة مكررة مما يحدث في الإمارات، وخاصة أبوظبي ودبي، لجعل البلاد قبلة للسياح!.

قبل عشرة ايام اطلق تركي آل الشيخ شارة بدء “موسم الرياض”، الذي يستمر 70 يوماً، وتتضمن المناسبة فعاليات ومسابقات وبرامج تحت اسم “ترفيهية”، الا انها تعج بالشذوذ والسلوكيات الغربية التي لا تنسجم مع تقاليد المجتمعات العربية والاسلامية، حتى تلك المنفتحة أكثر من السعودية بأضعاف مضاعفة.

تركي آل الشيخ الذي تولّى رئاسة الهيئة العامة للرياضة بالسعودية في سبتمبر/ ايلول 2017، وصل الى رئاسة هيئة الترفيه، أواخر 2018، رغم كل فعاليات هيئته، من رقص ومجون وفتح الباب على مصراعيه للاختلاط وحضور النساء لتلك المناسبات بلا حسيب ولا رقيب، الا ان كبار دعاة الوهابية لم يعترضوا عليه علنا، وتخلوا بذلك عن دورهم في “النهي عن المنكر”، فلم يشيروا مجرد اشارة الى صيف هذا العام والذي حفل بكوكبة من حفلات الغناء والرقص والتخلي عن سلسلة من الأعراف والتقاليد المجتمعية، واكتفوا بكتابة أدعية وأذكار وحكم ونصائح، على صفحاتهم في “تويتر”، بل ان منهم مثل الداعية عادل الكلباني، المقرب من السلطات الرسمية، فلا ينفك عن مواصلة دوره في دعم كل ما يفعله تركي آل الشيخ، بل انه يحضر الفعاليات التي يقيمها، وهو ما جعل صوت تصدّع الوهابية يسمع من الآن وبشكل واضح.

الشيء الثابت والاكيد ان المذهب الوهابي كما اسسه محمد بن عبد الوهاب، سوف لن يبقى منه أي أثر في المستقبل المنظور، فهو مذهب جاء مخالفا بشكل كبير لتعاليم الاسلام السمحاء، لذلك فُرض على اهل جزيرة العرب بحد السيف حيث ازهقت ارواح كثيرة، ولكن اللافت ان يتم هدم هذا البناء الذي اسسه ابن عبد الوهاب على يد حفيده تركي آل الشيخ، وهو هدم بدوره لم يكن على اسس صحيحة ايضا، فمعول تركي آل شيخ ليس الفكر والعقيدة الصحيحة، بل بالانحلال والفساد والافساد، وهذه الإحالة بدورها ستكون لها تداعيات مدمرة على المستقبل البعيد كما كانت للوهابية.