بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله

وهذة هي المحاضرة بين يديك أخي القارئ بعنوان:ولاية الأمر


دروس من هدي القرأن


ولاية الأمر


ألقاهاالسيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ 18/ذذي الحجة1423
مران/صعدة اليمن



بسم الله الرحمن الرحيم

{الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله }والصلاة والسلام على رسول الله محمد, والصلاة والسلام على من نجتمع في هذا اليوم بمناسبة إحياء ذكرى إعلان ولايته على الأمة كلها, الإمام أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه, وصلى الله وسلم على أهل بيت رسول الله الذين نهجوا نهجه وساروا بسيرته فأصبحوا هداة للأمة, ورضي الله عن شيعتهم الأخيار الذين آمنوا بمحبتهم ومودتهم وولايتهم واقتفوا آثارهم واهتدوا بهديهم من الأولين والآخرين.
أيها الأخوة الكرام, نرجوا من الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا إحياءنا لهذه الذكرى العظيمة, نحن اليوم في اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة بعد ألف وأربع مائة وثلاثة وعشرين عاماً من هجرة رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم), وبعد نحو ألف وأربع مائة وثلاثة عشر عاماً من عام الغدير من السنة العاشرة التي أعلن فيها رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) ولاية أمير المؤمنين في يوم الغدير, إنها لذكرى عظيمة.
وإن من المفارقات العجيبة أن تأتي هذه الذكرى والأمة الإسلامية والعرب بالذات مقبلون على فرض ولاية أمر من نوع آخر, ولاية أمر يهودية, ولاية أمر صهيونية, كي تعلم الأمة كم كانت خسارتها يوم أن رفضت إعلان ولاية أزكى وأطهر وأكمل شخص بعد نبيها في مثل هذا اليوم, فها هي اليوم تقف باهتة, تقف عاجزة تنتظر بدلا ً عن علي (عليه السلام) (شارون), تنتظر بدلا عن محمد (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) ليعلن تنتظر (بوش) ليعلن هو من سيلي أمر هذه الأمة, إنها لمأساة حقيقية أيها الأخوة.
ونحن عندما نحيي هذه الذكرى, عندما نحيي ذكرى إعلان ولاية الإمام علي ( عليه السلام) فإننا نعلن أن الدين- حسب مفهومنا ووفق رؤيتنا وعقيدتنا –أنه دين ودولة, أن الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) لم يغادر هذه الحياة إلا بعد أن أعلن للأمة من الذي سيخلفه –وهذا هو موضوع هذا اليوم- ففي مثل هذا اليوم من السنة العاشرة وبعد عودة الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) من حجة الوداع مع عشرات الآلاف من جموع المسلمين وقف في وادي ( خُم ) – منطقة بين مكة والمدينة- بعد أن نزل عليه قول الله سبحانه وتعالى } يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالاته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين{ بعد نزول هذه الآية, وفي وقت الظهيرة, في وقت حرارة الشمس, وحرارة الرمضاء أعلن رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) لمن تقدم أن يعودوا وانتظر في ذلك المكان حتى تكامل الجمع, وبعد ذلك رُصّت له أقتاب الإبل ليصعد عالياً فوقها لتراه تلك الأمة- إن كان ينفعها ذلك- لتراه لتشاهده وهي تعرفه بشخصه, لترى علياً ويد رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) رافعة ليده وهي تعرف شخص علي, فمن فوق تلك الأقتاب يعلن موضوعاً هاماً, يعلن قضية هامة هي قضية ولاية أمر هذه الأمة من بعده (صلى الله عليه وعلى آله وسلم), عندما صعد وبعد أن رفع يد علي ( عليه السلام ) خطب خطبة عظيمة قال فيها- وهو الحديث الذي نريد أن نتحدث عنه اليوم باعتباره موضوع هذا اليوم, والحدث الهام في مثل هذا اليوم, وباعتباره أيضاً فضيلة عظيمة من فضائل الإمام علي (عليه السلام) – خطب رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) إلى أن وصل إلى الموضوع المقصود فقال : (( يا أيها الناس إن الله مولاي, وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه, اللهم والِ من والاه, وعادِ من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله)). تسلسل هذا الحديث ينسجم انسجاماً كاملاً, الترتيبات التي أعلن فيها الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) هذا الأمر تنسجم انسجاما كاملاً مع لهجة تلك الآية الساخنة }يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالاته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين{, موضوع هام بالغ الأهمية, قضية خطيرة بالغة الخطورة, ورسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) يعرف ويقدر كل موضوع حق قدره, ويعطي كل قضية أهميتها اللائقة بها.
يخاطب الناس (( يا أيها الناس إن الله مولاي )) وهذه هي سنة الأنبياء – وخاصة مع تلك الأمم التي لا تسمع ولا تعي فقد قال نبي من أنبياء الله من بني إسرائيل عندما سأله قومه أن يبعث لهم مَلِكاً يقاتلون معه وتحت رايته في سبيل الله, ماذا قال؟. } إن الله قد بعث لكم طالوت مَلِكاً { وهاهنا بنفس الأداء (( إن الله مولاي ))تساوي } إن الله قد بعث لكم طالوت مَلِكاً { ليقول للأمة: إني وأنا أبلغ عندما أقول لكم (( فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه )) إنما أبلغ عن الله, ذلك أمر الله, ذلك قضاء الله, ذلك اختيار الله, ذلك فرض الله,وذلك إكمال الله لدينه, وذلك أيضاً مظهرٌ من مظاهر رحمة الله بعباده.
(( إن الله مولاي, وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم )) – تابعوا معي تسلسل هذا الحديث وهو ما نريد أن نتحدث عنه بالتفصيل – (( وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم )) هكذا من عند الله إلى عند رسوله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم), ولاية ممتدة, ولاية متدرِّجة لا ينفصل بعضها عن بعض. ثم يقول (( فمن كنت مولاه )), أليس كل مؤمن فينا يعتقد ويؤمن بأن رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) هو مولاه – إن كل مسلم وليس فقط الشيعة- كل مسلم يعتقد ويؤمن بأن رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) هو مولاه, إذاً (( فمن كنت مولاه )) أي مسلم, أي أمة, أي شخص, أي حزب, أي طائفة, أي فئةمن أي جنس من هؤلاء من هذه البشرية كلها يدين بولايتي, يدين أني أنا مولى المؤمنين (( فهذا علي مولاه )).
وما أعظم كلمة ( هذا ) في هذا المقام, و( هذا ) هذه الإشارة الهامة هي التي يسعى الصهاينة اليوم إلى أن يمتلكوها بعد أن ضيعناها نحن, بعد أن ضيعت هذه الأمة عقيدتها في مَن هو الذي يملك أن يقول لها ( هذا أو هذا ) جاءها اليهود ليقولوا لها ( هذا ), أو ليس الجميع الآن ينتظرون من ستقول أمريكا له ليحكم العراق: ( هذا هو حاكم العراق؟) أو لم يقولوا قبل: ( هذا هو حاكم أفغانستان؟) وسيقولون من بعد: ( هذا هو حاكم اليمن ) و (هذا هو حاكم الحجاز ) و ( هذا هو حاكم مصر ) و ( هو حاكم سوريا ), وهَلُمَّ جرَّا, للأسف الشديد أيها الأخوة أضاعت هذه الأمة عقيدتها في من هو الذي يملك أن يقول لها ( هذا ), ورسول الله بعد أن فهَّمها: ( أن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين ), ثم يقول (( فمن كنت مولاه فهذا )) هذه الإشارة هي إشارة تمتد إلى الله سبحانه وتعالى أنه هو ورسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) يقول لنا: إن من يملك أن يقول لهذه الأمة لعباده ( هذا ولي أمركم ) إنه الله سبحانه وتعالى, لكنا تنكرنا من بعد لتلك الإشارة العظيمة, وتنكرنا من بعد لمن له الأولوية في إطلاق التعيين بتلك الإشارة العظيمة, وتنكرنا من بعد لمن له الحق في أن يملك توجيه تلك الإشارة العظيمة فكان ممن سمع رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) في ذلك الحفل, في ذلك الجمع الكبير كانوا هم أول من قالوا: لا, وإنما هذا.
ونحن اليوم نفاجأ ويفاجأ حتى ولاة الأمر في كل هذه البلاد الإسلامية على طولها وعرضها الآن يفاجئون من ( واشنطن وتل أبيب ) بنفس المنطق الذي فاجئوا به رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وسلم): ( لا, ليس صدام وإنما هذا ), ( لا, ليس علي عبد الله وإنما هذا ), (لا, ليس فهد أو عبد الله وإنما هذا ) وهكذا سيتعاملون مع هذه الأمة كما تعاملت هذه الأمة مع نبيها.
للأسف الشديد بعد ذلك العمل العظيم, بعد تلك الترتيبات التي كشف بها الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) أهمية ولاية أمر الأمة, يأتي من يقول: لالا وإنما هذا, لماذا هذا؟. ما هي سابقته؟.
إن من انصرفوا عمن وجَّه الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) الإشارة إليه لتعيينه بعد رفع يده وبعد صعوده معه فوق أقتاب الإبل إنهم للأسف الشديد لا يعرفون ماذا وراء ( هذا ), إن كلمة ( هذا ) تعني هذا هو اللائق بهذه الأمة التي يُراد لها أن تكون أمة عظيمة, هذا هو الرجل الذي يليق أن يكون قائداً وإماماً وهادياً ومعلماً ومرشداً وزعيماً, لأمة يراد لها أن تتحمل مسؤولية عظيمة, يُنُاطُ بها مهام جَسِيمَة,هذا هو الرجل الذي يليق بهذه الأمة, ويليق بإلهها أن تكون ولايته امتدادا لولاية إلهها العظيم, هذا هو الرجل الذي يليق بهذا الدين العظيم أن يكون من يهدي إليه, أن يكون من يقود الأمة التي تعتنقه وتَديْنُ به وتتعامل مع بقية الأمم على أساسه يجب أن يكون مثل رجل عظيم لِيَلِيقَ بدين عظيم, بأمة عظيمة, برسول عظيم, بإلهٍ عظيم, وبمهام عظيمة جَسِيمَة.
ولكن ماذا حصل؟. إن أولئك الذين انصرفوا عمن وجَّه الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) الإشارة إليه هم للأسف – كما أسلفنا- لا يفهمون ماذا وراء ( هذا ), والمسلمون من بعد في أغلبهم لم يفهموا أيضاً ماذا وراء قول الرسول ( هذا ), وعمن يعبر الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) بقوله ( هذا ) أنه يعبر عن الله, لم يكن أكثر من مبلغ عن الله بعد نزول قول الله } يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك { وهانحن ما نزال في هذا الزمن أيضاً لا نفهم ماذا وراء قول الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) ( هذا ). ولم نفهم ولم نسمح لأنفسنا أن يترسخ في مشاعرنا, في عقيدتنا من الذي يمتلك أن يقول للأمة ( هذا ), فإذا بنا نفاجأ بآخرين يريدون أن يفرضوا علينا ( هذا أو هذا ).
وهل يُتَوقَّع من أمريكا, هل يُتَوقَّع من إسرائيل أن تقول للأمة ( هذا ) إلا إشارة إلى رجل لا يهمه سوى مصلحة أمريكا؟. يكون عبارة عن يهودي يحكم الأمة مباشرة, أو أمير يهودي أو شبه يهودي يحكم إقليماً معيناً فيكون الجميع كلهم ينتظرون من الذي تقول له أمريكا أو تل أبيب ( هذا ), وهاهم الآن يثقفوننا بهذه الثقافة.
يوم كانت المخابرات الأمريكية هي التي تغير بالسر فتطلِّع هذا أو تضع هذا أصبحت الآن تخاطب الشعوب نفسها, تخاطب الشعوب بأننا سنضع حاكماً على العراق أمريكياً, حاكماً عسكرياً, أمريكا تستطيع أن تغير (صدام), تستطيع أن تعمل انقلاباً بشكل سري كما عملته في كثير من البلدان, لماذا لا تعمل ذلك؟; لأنها تريد أن نفهم جميعاً أنها من سيكون لها الحق في أن تقول (هذا), إنها تريد أن يترسخ في مشاعرنا جميعاً, في أذهاننا جميعاً أنها هي التي تملك أن تقول لنا (هذا), وسيمشي (هذا). يوم أن ضيعنا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مشيراً إلى الإمام علي (عليه السلام) (هذا), ولم ندرِ – كما أسلفنا- عمن يعبِّر, هذا.
أيها الأخوة نحن نقول: إن هذا اليوم, إن الموضوع مهم في مثل هذا اليوم هو ولاية أمر الأمة, ولقد تعاقب على هذه الأمة على مدى تاريخها الكثير الكثير ممن كانوا ينتهزون ولاية أمرها ويتقافزون على أكتافها جيلاً بعد جيل وإذا ما رأوا أنفسهم غير جديرين بأن يكونوا ولاة لأمر هذه الأمة فإنهم سلكوا طريقة أسهل من أن يكون أحدهم – ولن يستطيع أن يكون – بمستوى ولاية أمر هذه الأمة, فسلكوا طريقة أخرى هي تدجين الأمة لتتقبل ولاية أمرهم, هي تثقيف الأمة ثقافة مغلوطة لتتقبل ولاية أمرهم, فكان الضحية هو المفهوم الصحيح العظيم لما تعنيه ولاية الأمر في الإسلام,فبدا مثل معاوية أميراً للمؤمنين, ويزيد أميراً للمؤمنين, ويقول هذا أو ذاك من الخطباء أو العلماء أو المؤرخين: تجب طاعته, تجب طاعته, لا يجوز الخروج عليه, يجب النصح له. وما زال ذلك المنطق من ذلك الزمن إلى اليوم, إلى اليوم ما زال قائماً. نسينا جميعاً أن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم) يوم أشار إلى عليٍ فإنه في نفس الوقت الذي يشير إلى شخص عليٍ إنه يشير إلى ولاية أمر الأمة, إلى ولاية الأمر المتجسدة قيمها ومبادئها وأهدافها ومقاصدها في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.
هؤلاء لم يكلفوا أنفسهم عناءاً كثيراً أن ينقلوا تلك المفاهيم الصحيحة لولاية الأمر إلى الأمة, لا بل قالوا: إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) قال ( سيكون بعدي أئمة لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنتي. قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟.قال: أطع الأمير وإن قصم ظهرك وأخذ مالك). كم هو الفارق الكبير بين هذا الحديث المكذوب على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم), بين تلك الثقافة المكذوبة على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) التي تقدم ولاية الأمر بالشكل الذي يكون بإمكان إي طامع, أي انتهازي, أي فاسق, أي مجرم, أي ظالم أن ينالها, في الوقت الذي يقول الله لنبيه إبراهيم بعد أن سألها لذريته ( قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) ملزمة محاضرات نزلت من وزارة الأوقاف التي وزيرها زيدي, من إدارة الوعظ والإرشاد إلى محافظات زيدية تتحدث عن طاعة ولي الأمر, بهذا المنطق, وليس بمنطق قول الله تعالى ( لا ينال عهدي الظالمين) وليس بمنطق قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم الغدير ( من كنت وليه فهذا وليه) فيما تعنيه هذه الإشارة العظيمة من إشارة إلى القيم والمبادئ التي يجب أن تكون هي المعايير والمقاييس التي تؤهل من يصح أن يقال له أنت الذي تلي أمر هذه الأمة.
ملزمة جمعوا فيها كل ما صنعه علماء السوء, كل ما افتراه المتقربون إلى الطواغيت, كل ما افتراه علماء البلاط جمعوه في ملزمة لتنزل إلى المرشدين في دورة يتثقفون بها ليستمروا في تثقيف الأمة من بعد إمعانٍ في تجهيل الأمة, وهذا هو ما جعل الأمة مهيأة لأن تكون ضحية ليس فقط لأن يليها ( جاهل ظالم) من أبنائها بل أن يلي أمرها يهودي صهيوني من ألد أعدائها من أخوة القردة والخنازير, بتلك الثقافة الخاطئة التي ما تزال إلى اليوم قائمة, التي ما تزال إلى اليوم لها دعاتها, ولها المبالغ من الأموال العامة التي ترصد لنشرها وتثقيف الأمة بها.
هذا شيء مؤسف أيها الأخوة, وإن الأمة لأحوج ما تكون إلى أن تفهم ما هي ولاية الأمر في دينها, ما هي ولاية الأمر في إسلامها, ما هي ولاية الأمر في قرآنها. يجب أن تفهم, وإذا لم نتفهم فسيُفهمنا الأمريكيون وعملاؤهم ليقولوا لنا:
هكذا ولاية الأمر, وهكذا يكون ولي الأمر, وستراه يهودياً أمامك يلي أمرك, إن الجهل, إن جهل الأمة في ماضيها لولاية الأمر وأهمية ولاية الأمر هو الذي جعلها ضحية لسلاطين الجور, وإن الجهل يمتد من ذلك الزمن, وفي هذا الحاضر هو نفسه الذي سيجعلها ضحية لأن يملك تعيين ولاية أمرها وتثقيفها بمعاني ولاية الأمر فيها وتعيين من يلي أمرها هم اليهود الصهاينة من الأمريكيين والإسرائيليين.
إن الأمة أحوج من تكون إلى ثقافة صحيحة بكل ما تعنيه الكلمة, ثقافة حديث الغدير, ثقافة حديث الولاية. (أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فهذا عليٌ مولاه , اللهم والَ من والاه, وعادِ من عاداه, وانصر من نصره, واخذل من خذله) إن هذا الحديث مع تلك الآية القرآنية تعطي ثقافة كاملة لهذه الأمة تحصنها من الثقافة التي تُقدم إليها لتكون قابلة لأن تُفرض عليها ولاية أمر يهودية.
إن من واجب من يسمون أنفسهم اليوم – وهم في الرمق الأخير – من حكام هذه الأمة الذين تتجه أمريكا وتعلن أنها متجهة لتغيير هذه المنطقة لو أنهم يعملون معروفاً واحداً بعد أن فشلوا في أن يقدموا للأمة أي شيء يدفع عنها خطر ذلك العدو الهاجم عليها, خطر ذلك العدو المحدق بها بعد أن أعلنوا عجزهم عن عمل أي شيء في هذا المجال عسكرياً أو اقتصادياً أو ثقافياً لم يعملوا أي موقف, لو أنهم يعملون قضية واحدة – حتى لا يكونوا ممن يظلمنا في حياتهم وبعد مماتهم – لهذه الأمة أن يحصنوها حتى لا تُظلم من بعد تغييرهم, وحتى لا يكون مستقبل هذه الأمة من يلعنهم بعد تغييرهم – أن يثقفوها فيما يتعلق بموضوع ولاية الأمر بثقافة الإسلام بثقافة حديث الولاية الذي هو صحيح عند المسلمين جميعا.
وإذا لم يعملوا ذلك فما هو المتوقع؟. عندما يتغير وعندما يتجه اليهود فيفرضون علينا ولاية أمرهم فإن من يحكمون اليوم على طول البلاد الإسلامية وعرضها سيكونون هم من يتلقون اللعنة من البر في هذه الأمة والفاجر, البر من هذه الأمة والمؤمن في هذه الأمة سيلعنهم بأنهم هم من هيأ هذه الأمة لأن تصل إلى هذه الوضعية السيئة, وإلى أن يكون في الأخير من يحكمها يهودي, والفاجر في هذه الأمة والمصلحي في هذه الأمة هو أيضاً من يلعنهم عندما يأتي اليهود فيديرون أوضاع الأمة بشكل أحسن مما يديره هؤلاء فيقول: والله هؤلاء أحسن من أولئك, أؤلئك الذين كانوا ملاعين, هم الذين كانوا يهوداً وليس هؤلاء.
وهذا هو المتوقع أيها الأخوة, إن اليهود اليوم يعملون على أن يقدموا أنفسهم كمخلصين للشعوب, وليدهم في الداخل في كل بلد عربي من يعمل على خلخلة مؤسسات أي دولة عربية, على ضعضعة مؤسساتها على انتشار الفساد المالي والإداري داخل مؤسساتها حتى يخفق الجميع وحتى يظهر الجميع عاجزين ثم بالتالي يأتي اليهودي فيدير أوضاع البلاد بشكل أفضل, ليقول للناس ولِيَقول الناسُ قبل أن يقول هو: والله كان الأولين هم اليهود وليس هؤلاء. انظر اليوم في اليمن أليس التعليم متدهوراً؟ والصحة متدهورة؟ والأمن والقضاء وكل قطاعات الدولة لا تجد قطاعاً واحداً تقول أنه يسير على أحسن حال, من الذي يخلخل هذه الوضعية؟. من الذي يعقد الناس على بعضهم بعض إلا من يريد أن يستعمر الأمة فيما بعد, إلا من يريد أن يقدم نفسه – وهو يهودي – كمخلص للأمة فيما بعد, فتقبله؛ لنقول جميعاً فيما بعد : هؤلاء الذين هم يهود, هؤلاء الذين كانوا هم يهود. عندما يأتوا بمن يحكم اليمن يأتون بمن يحكم الحجاز سيقول السعوديون سيقول اليمنيون: والله كان علي عبد الله أذي هو يهودي, وفهد أذي كانه يهودي أما فلان – وقد يكون اسمه غير عربي – انظر ماذا عمل لنا. لأن اليهود أولاً ثقفونا بثقافة أن تكون المقاييس لدينا هي الخدمات فمن قدم لنا خدمات ليحكمنا وليكن من كان.
إن هؤلاء يرتكبون جريمة كبيرة إذا ما تركوا هذه الأمور على هذا النحو, إذا ما تركوا التعليم بهذا الشكل متدهورا وقطاع الصحة متدهورة والأمن وكل مؤسسات الدولة تعاني من فساد مالي وإداري, وعندما يظهر وقد أخفقوا في هذا الموضوع فسيكون من السهل على اليهود أن يغيروا هم, وبالتالي سيكون المتوقع من الكثير أن يرحبوا بأولئك, وأن يكون من يحكمهم من يريدون هم وليس من يريد هذا الشعب.
أيها الأخوة العزاء, هذا ما نريد أن نفهمه أنه يجب على هؤلاء الذين يحكمون هذه الأمة اليوم وقبل أن يغادروا قصورهم أو قبل أن يغادروا هذه الحياة يجب عليهم أن يثقفوا الأمة بثقافة حديث الولاية, بثقافة القرآن الكريم في موضوع أمر ولاية الأمر.
ونحن الشيعة, ما تزال ثقافتنا في هذا الموضوع قائمة من يوم الغدير على هذا النحو وإلى اليوم, ولذا فمن المتوقع أن يكون الشيعة وحدهم هم أكثر الناس وعياً خاصة من يفهمون جيداً ماذا يعني علي, ماذا يعني حديث الولاية, ماذا يعني التشيع, ماذا يعني الدين, ماذا تعني مسؤولية ومهام هذا الدين بالنسبة لهذه الأمة, فإنهم هم من يُحتمل أن يقفوا في وجه أمريكا وإسرائيل, في وجه اليهود الذين يريدون أن يفرضوا علينا ولاية أمرهم, أما الآخرون فسيظلون هكذا يراقبوننا نحن, هذا هو الشيء الغريب عندما نتحرك نقول للناس يجب أن يقف الجميع يصرخون في وجه أمريكا وإسرائيل بهذا الشعار ( الله أكبر, الموت لأمريكا, الموت لإسرائيل, اللعنة على اليهود, النصر للإسلام ). لأن أمريكا متجهة أن يكون ( بوش ) إماماً للمسلمين وأميراً للمؤمنين, هؤلاء يغمضون أعينهم عما يريد ( بوش ) وعما يريد ( شارون ) , ويقولون هؤلاء هم الخطرون, ما خطورة هذا الذي لا يمتلك حاملة طائرات, لا يمتلك غواصات, لا يمتلك بارجات, لا يمتلك عشرات الآلاف من العساكر المدربين تدريباً جيداً, لا يمتلكون العتاد العسكري, تتجهون بأذهانكم إلينا نحن الشيعة وتنسون ماذا يُراد بنا وبكم, إن ( بوش ) متجه لأن يكون إماماً للأمة, لكن متى ما جاء يتحدث فلان من الناس قالوا هذا يريد الإمامة, بينما نحن أمام إمامة من نوع آخر, قفوا معنا جميعاً لنحاربها, إنها إمامة ( بوش ), إنها إمامة اليهود, إنها إمامة بني إسرائيل, إنها ولاية الأمر اليهودية الصهيونية, لماذا تغمضون أعينكم أمامها وتفتحون أعينكم على من ليس منطقه بأكثر مما قاله الرسول عَلَناً على مرأى ومسمع من الجميع في مثل هذا اليوم في السنة العاشرة من الهجرة؟. هل جاء الشيعة بجديد ؟. هل نحن نأتي بجديد خلاف ما ينص عليه كتاب الله ؟. خلاف ما يشير ويوحي به كتاب الله ؟. وخلاف ما نص عليه وما قاله, وما من أجله رفع نفسه ورفع أخاه الإمام علياً عليه السلام على مجموعة من أقتاب الإبل لتراه تلك الجموع ولنراه نحن وليسمعه أولئك ولنسمعه نحن, نحن لم نأتِ بجديد أكثر مما قاله كتاب الله وأكثر مما قاله الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في ذلك اليوم, ومفهومنا لولاية الأمر هو وحده الذي يمكن أن يحصن الأمة عن أن يلي أمرها اليهود, أما المفاهيم الأخرى من يقولون ( أطع الأمير وإن قصم ظهرك وإن كان لا يهتدي بهدىً ولا يستن بسنة ) فإن هذا مما يهيأ الأمة لأن يلي أمرها الأمريكيون أولئك اليهود أنفسهم, بل إن الديموقراطية نفسها غير قادرة على أن تحمينا من فرض ولاية أمرهم علينا لأن الديموقراطية أولاً: هي صنيعتهم, ثانياً: هي نظام هش ليس له معايير ولا مقاييس مستمدة من ثقافة هذه الأمة ومن دينها وقيمها الإسلامية.
الديموقراطية تقوم على اعتبار المواطنة وأمامك مواطن يهودي, وسيكون الدستور في أي بلد إن كان سيبقى هناك دساتير بالشكل الذي لا يجعل هناك أي اعتبار لمعايير أو مقاييس مستمدة من دين هذه الأمة, من دين هؤلاء المسلمين, وإنما فقط يجب أن يكون من يلي أمر هذا الإقليم مواطن حاصل على البطاقة الشخصية وأن لا يكون قد صدر بحقه حكم يخل بشرفه, وأن يقل عمره مثلاً عن أربعين سنة, هذه المعايير أليست تصدق على اليهودي والمسلم؟. اليهودي يمكن أن يكون معه بطاقة شخصية, يحمل بطاقة شخصية وجنسية يمنية, جنسية مصرية, جنسية سعودية وجنسية لأي شعب آخر, أليس يمكن أن يكون متوفراً فيه أن لا يكون قد صدر بحقه حكم قضائي في قضية تخل بشرفه, وأن يكون عمره لا يقل عن أربعين سنة وتروج له وسائل الإعلام التي يكون من يديرها, ويملكها يهود أو عملاء ليهود فلا تدري إلا وأمامك يهودي يحكمك سواء كنت في مصر أو في اليمن أو في أي مكان آخر.
الديموقراطية نفسها لا تستطيع أن تحمينا من فرض ولاية أمر يهودية, ثقافة حديث الغدير, أكرر ثقافة حديث الغدير, فهم الشيعة فهم أهل البيت لمعنى ولاية الأمر المستمدة من القرآن, المستمدة من حديث الولاية, ومن أحاديث أخرى متواترة عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هو الكفيل بتحصين هذه الأمة حتى لا تقبل ولا تخنع لأولئك الذين يريدون أن يفرضوا عليها ولاية أمرهم, وهم اليهود الأمريكيون والصهاينة.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يبصرنا, أسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبتنا, أسأل الله أن يجعلنا من أولياء علي, وأن يجعلنا من الصادقين في السير على نهج علي وأن يرزقنا ولو نسبة بسيطة من شجاعة علي, ومن صدق علي, ومن إخلاص ونصح علي, ونحن نقر ونشهد بأننا نتولى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ونتولى من فرض ولايته علينا وهو أمير المؤمنين صلوات الله عليه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ثم ارتفعت الاصوات بتكبير
- الله أكبر, الموت لأمريكا, الموت لإسرائيل, اللعنة على اليهود, النصر للإسلام
انتهى كلامه من المحاضرة
المصدر
مجالس آل محمد - الصفحة الرئيسية -> المجلس السياسي