بسم الله الرحمن الرحيم
(وتفقد الطير فقال مالي لا أرى الهدهد ام كان من الغائبين , لاعذبنه عذابا شديدا اولا أذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين , فمكث غير بعيد فقال احطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين , إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شئ ولها عرش عظيم , وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان اعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لايهتدون , الا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والارض ويعلم ما تخفون وما تعلنون, الله لا إله الا هو رب العرش العظيم, قال سننظر اصدقت امن كنت من الكاذبين , اذهب بكتابي هذا فألقه اليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون) النمل الاية 20 وما بعدها..

........................
الايات الكريمة تتحدث عن رحلة لطائر الهدهد يكتشف بها مملكة سبأ المشركة في بلاد اليمن والمملوكة من قبل امرأة - ذكرت بعض الروايات (غير المسندة) ان اسمها بلقيس-, وطائر الهدهد يعود بعد رحلته الى النبي سليمان ع ليحدثه باكتشافه ,فيأمره النبي سليمان ع بالعودة اليهم مرة أخرى ليوصل اليهم رسالة سليمان ع التي تدعوهم الى الايمان بالله تعالى , وتكلمة القصة في السورة المباركة ..
اذا كانت مملكة سليمان ع في الشام وفلسطين كما يقال , فلماذا هدهد سليمان ع لم يطير الى ممالك مشركة لاتعبد الله تعالى وقريبة من مملكة سليمان ع مثل دول اوربا آنذاك أو دول وممالك العراق كبابل وآشور اللتان تبعدان حوالي 700 كم عن بلاد فلسطين ,أو مملكة وادي النيل الهيروغليفية التي تبعد عن فلسطين 500 كم وهما اقرب مسافة من مملكة سبأ في اليمن التي تبعد عن فلسطين والشام بأكثر من 2300 كم ؟؟ لماذا قطع الهدهد اكثر من 2300 كم ذهابا ومثلها ايابا ليكتشف دولة مشركة ولم يقطع اقل من ذلك بكثير ليكتشف دول مشركة في العراق وبلاد وادي النيل ؟؟
فعلى زعم من يقول ان مملكة سليمان ع كانت في فلسطين والشام , اذن تكون المسافة الى سبأ في اليمن 2300 كم على الاقل ,
وعلميا اقصى سرعة لطيران الهدهد هي 40 كم في الساعة في حالة الهرب , لان سرعة طيران الطيور تختلف بين الطيران الاعتيادي وبين طيران الهرب من الوقوع فريسة , وهو لن يقدر كغيره من الطيور على الاستمرار بهذه السرعة القصوى ( سرعة طيران الهرب) فلابد من توقف بعد جهد, أما سرعته الاعتيادية فهي حوالي 21 كم في الساعة , والمعدل الاقصى هو حوالي 30 كم في الساعة في حالة طيران مستمر بأقصى سرعة وهو لن يستمر على هذه السرعة مطلقا بل أقل ! وعلى فرضية طيران الهدهد طيرانا مستمرا بهذه السرعة وهو امر مستحيل بطبيعة الحال , فالطيور المهاجرة مثلا تطير لعدة ساعات في اليوم( 7 الى 8 ساعات )ثم تستريح ليومين او اكثر لتبحث عن غذاء وشراب وراحة وهو ما تفصله الدراسات المعاصرة, واذن على فرض ذلك فأن طائر الهدهد يقطع المسافة بين الشام الى سبأ في اليمن بطيران مستمر بلا توقف (فرضيا ) بما يعادل 77 ساعة ! واضف لذلك يوم او يومين توقف بعد كل طيران لعدة ساعات في اليوم ثم يعود بعدها لاستئناف طيرانه لساعات ثم راحة اخرى وهكذا , أي ان الفترة التي سيقضيها لطيران 2300 كيلومتر ستكون اكثر من 77 ساعة بكثير بسبب اضافة ايام الاستراحة والبحث عن الغذاء والنوم! واذن فالزمن سيكون اضعاف مضاعفة ل 77 ساعة بالتأكيد, وبحساب الايام يصل الامر على متوسط التقدير الى 20 يوما على الاقل ذهابا ومثلها ايابا..



لاحظ الاية الكريمة : ( فمكث غير بعيد) وقد مر عليها اغلب المفسرين وقال بعضهم أن ضمير الغائب للفعل ( مكث) قد يعود لسليمان ع وقد يعود لطائر الهدهد ولم يفصلوا اكثر من ذلك , بينما قال بعضهم غير هذا القول كالفيض الكاشاني في تفسيره بقوله: ( انها تعود للهدهد وانها تعني زماناً غير مديد يريد به الدّلالة على سرعة رجوعه) (انتهى), أي ان الهدهد لم يذهب بعيدا ومنها جاء قوله تعالى ( مكث غير بعيد) ..
وذهب الثعالبي في تفسيره الجواهر الحسان الى مثل ذلك فكتب (وفي قراءة ابن مسعود (فتمكث ثم جاء فقال) وفي قراءة أُبَيِّ (فتمكث ثم قال أحطت) وهاتان القراءتان تُبَيِّنَانِ أن الضميرَ في (مكث) للهدهدِ؛ وهو الظاهرُ أيضاً في قراءة الجماعة، ومعنى ( مكثَ ): أقامَ.وقوله: ( غَيْرَ بَعِيدٍ ) يعني: في الزمن). (انتهى)
واذن الهدهد لم يمكث مديدا بل عاد بسرعة وهذا يدل على قرب المسافة بين سبأ ومملكة سليمان , واذن هي ليست 2300 كم , التي قد يقطعها طائر الهدهد في في ايام تطول , بل هي اقل من ذلك بكثير ( مكث غير بعيد)..
...............................

الذي يتبين من الاية الكريمة ان مملكة سليمان ع لم تكن بعيدة عن مملكة سبأ , فالمسافة بين مملكة سبأ ومملكة سليمان تعادل مسافة ما يستطيعه طائر الهدهد من طيران في يوم او يومين على الاغلب ( فمكث غير بعيد) وليس مسافة 2300 كيلومتر من فلسطين الى سبأ , واذن قول أن مملكة سليمان ع تقع في بلاد الشام وفلسطين قول فيه نظر , وهذا يفسر لماذا لم يطير الهدهد الى بلاد العراق او وادي النيل بحثا عن بلاد المشركين بل طار الى سبأ القريبة من مملكة سليمان (فمكث غير بعيد) . إن حفريات دولة الكيان الغاصب اسرائيل في فلسطين اليوم والمستميتة في البحث منذ اكثر من 60 عاما لايجاد اي اثر لهيكل سليمان ومملكته في فلسطين لاتزال هباء على الرغم من استعمال احدث التقنيات والحفريات , وهو دليل واقعي اخر على عدم وجود مملكة سليمان ع في فلسطين او الشام .



مروان...........
4-9-2020