من 'السلط' إلى كردستان: حوار مع أحد عناصر التيار السلفي الجهادي
إعداد: محمد سليمان أبو رمان

24/09/2004

حمدان خالد الخطيب غنيمات، سكان مدينة السلط، من مواليد عام 1972، حدث تحول كبير في حياته عام 1993، تمثل في حالة من التدين الممزوج بموقف سياسي متلبس بأفكار تدعو إلى تطبيق الشريعة، وتكفر من لا يحكم بها، وتأخذ موقفا متشددا من الحكومات والجيوش والشرطة، مما أدى إلى خروجه من الجيش. ارتبط مع التيار السلفي الجهادي في السلط منذ البدايات، واعتقل عدة مرات 1996، 1997، 2000، ثم سافر إلى كردستان لينضم إلى زملائه الذين سبقوه للجهاد مع "أنصار الإسلام" ضد جماعة جلال طالباني، ثم اعتقلته إيران وأرسلته إلى سوريا، ومنها عاد إلى الأردن، إذ جرى اعتقاله على الحدود، ومكث في السجن قرابة ستة شهور.
في هذا الحوار، الذي أجريناه مع حمدان، نحاول التعرف على طبيعة الرحلة من مدينة السلط إلى منطقة كردستان، وعن أسبابها وحيثياتها المختلفة، ثم عن طبيعة تيار الموحدين الذي ينتمي إليه وفكره السياسي، لنقدم إضاءات للقاريء من داخل هذا التيار وحججه الذاتية ..

السفر إلى كردستان ..
متى سافرت إلى العراق؟، ولماذا؟، وكيف استطعت الوصول إلى كردستان؟

سافرت إلى كردستان للقيام بفريضة الجهاد في سبيل الله، وقد سمعت عن استشهاد الأخوة الذين سبقونا رائد ومعتصم ومحمود ولؤي في كردستان، فقررت الذهاب هناك والالتحاق بالمجاهدين في سبيل الله، وذلك لأن راية الجهاد واضحة في تلك المناطق. فسافرت عن طريق العراق إلى إيران، ومن هناك بطريقة التهريب دخلت إلى كردستان إلى المناطق التي تسيطر عليها أنصار الإسلام.

ألم تخش الوقوع في أيد الطوائف الكردية الأخرى، قبل وصولك إلى مناطق أنصار الإسلام؟
لا، لأني ذهبت عن طريق الحدود الإيرانية، والمناطق الحدودية تسيطر عليها جماعة الأنصار.

حسنا، ما هي طبيعة أنصار الإسلام؟ وضد من يجاهدون؟

تعلم أن شمال العراق قبل الاحتلال، لم يكن فيه سلطة سياسية، وإنما كانت تتنافس الفصائل الكردية على السيطرة على المدن والتجمعات والمناطق، وأغلب التيارات علمانية، فكانت هناك مواجهات وصراعات دائمة بينها وبين أنصار الإسلام، والتي كانت بدورها تطبق الشريعة الإسلامية، وتقيم الحدود في المناطق التي تسيطر عليها.
من كان الحاكم في تلك المناطق؟

هو الملا كريكار، لكن لوجوده في الخارج، فيتولى أبو عبد الله الشامي تنفيذ أحكام الشريعة، وقيادة الجهاد.
ما هي طبيعة الوجود العربي في كردستان قبل الحرب؟

كان التواجد يقتصر غالبا على عشرات العرب، ولعل أكثر الذاهبين هناك كانوا من مدينة السلط، بسبب وجود الأخ رائد خريسات والأخوة الآخرين هناك. وقد استشهد عدد منهم في كردستان.

لكن المعلومات تشير إلى عدد كبير من العرب كانوا هناك؟

هذا غير صحيح، كان العدد قليلا، وأغلبهم ممن خرجوا من مدينة السلط، وذهبوا برفقة رائد خريسات، ومن أتوا بعدهم، ممكن أن الأعداد الكبيرة هي التي انضمت إلى جماعة التوحيد والجهاد من المتطوعين العرب، بعد سقوط بغداد واحتلال العراق، وليس قبل ذلك.

بالمناسبة لماذا ذهب رائد إلى كردستان على الرغم أنه من المعروف أنه كان عازما على السفر إلى الشيشان؟
رائد تدرب مع من خرجوا معه من السلط في أفغانستان، تقريبا لمدة ستة شهور، ويبدو أنه كان من الصعب الوصول إلى الشيشان، فاختاروا السفر إلى كردستان، لوجود جماعة إسلامية مجاهدة، تطبق الشريعة في المناطق التي تسيطر عليها، واستمروا في كردستان إلى أن استشهدوا هناك.

هل كان أبو مصعب الزرقاوي في كردستان، أثناء وجودك هناك؟

لا، لم يكن موجودا، وأبو مصعب يمتلك قدرات وإمكانيات أمنية متميزة، تجعل من الصعوبة بمكان التعرف على مكان وجوده، لكن وأنا هناك زار كردستان مرة.

هل رأيته؟

لا، لم أره، ولكني عرفت بزيارته.

ما صحة الأخبار عن رجله المقطوعة؟

لا علم لدي، لكن لا أعتقد أن رجلا رجله مقطوعة، يتنقل بهذه الحرية وبهذه الإمكانيات، ويحافظ على قدر كبير من الأمنيات.

كم جلست في كردستان؟

جلست عدة شهور ثم عدت – عن طريق التهريب – إلى إيران، وعندما ذهبت لتجديد الفيزا، تم إلقاء القبض علي، وهناك مكثت في السجون 21 يوما، وسفرت بعد ذلك بطائرة إلى سوريا، وعدت من سوريا إلى الأردن، واعتقلت على الحدود، وبقيت مدة ستة شهور في السجن.

تيار التوحيد في الأردن

لو نعود قليلا إلى تيار التوحيد في الأردن، ألم يتأثر بسفر قياداته إلى الخارج: أبو مصعب الزرقاوي، رائد خريسات، وغيرهم؟

أولا تيار التوحيد ليس جماعة منظمة، لها قيادة متسلسلة، هو منهج شرعي وفكري يتبناه الإنسان ويلتزم به، وله أخوة يشاركونه في هذا، أما عن تأثر التيار بالتأكيد غياب الأسماء السابقة سيؤثر، لكن في المقابل هناك نمو لأعداد المتأثرين بهذا الفكر، فالظروف السياسية هي التي تنضج وعي الناس، وتشرح لهم حقيقة موقف الكفر من الإسلام، وبالتالي تدفع بشرائح الشباب المثقف وغير المثقف إلى العودة إلى معين الإسلام وراية التوحيد الواضحة. فرغم كل التضييقات أجد أنّ الدعوة في نمو مطرد، فخطاب قتل في الشيشان، فتصدى للقيادة بعده أبو الوليد، ولو قتل أو اعتقل أي قائد ستفرز الأحداث قائدا مكانه، خذ مثالا على ذلك معمر الجغبير، من كان يعرف معمر، لقد برز في ميادين الجهاد، وأصبح مطلوب به ملايين، وأبو مصعب الزرقاوي، تحول في عدة شهور إلى رجل تدفع أميركا الملايين لتعتقله ولا تستطيع، فأبو مصعب اليوم هو الذي يقود المعركة في المنطقة الساخنة " العراق" وليس أسامة بن لادن مثلا!.

أبو مصعب الزرقاوي.

بمناسبة الحديث عن أبي مصعب؛ لماذا خرج أبو مصعب إلى أفغانستان، ولم يبق في الأردن؟
لممارسة فريضة الجهاد، ولأن الراية في مناطق أخرى واضحة، ففي الشيشان وأفغانستان وكردستان والعراق هناك جماعات مجاهدة تتبنى عقيدة سليمة، وتقاتل تحت راية الإسلام.

لكن رائد خرج بالتنسيق مع أبي مصعب والتقوا بأفغانستان، لماذا افترقوا فيما بعد؟

لا أعرف، لكن أبو مصعب الزرقاوي تحركاته تحاط بقدر كبير من السرية والحذر، كونه مطلوب للولايات المتحدى، وتلاحقه عدة جهات، فليس من السهل التواجد في مكان محدد معروف.

هل تعرف أبو مصعب شخصيا؟

نعم، التقيت به في الأردن، في فترة السجن.

من خلال معرفتك بشخصيته، هل ترى أن ما يقال عنه فيه مبالغة أم أن إمكانياته كبيرة؟

ليس لدي إحاطة بنشاطاته، وبالتالي لا أقدر على الحكم فيما إذا كان هناك مبالغة إعلامية أم لا!، لكن ما يمكن أن أقوله: هو أن أبا مصعب قد برز بشكل كبير في السجن، وتميز بين الشباب بشجاعته وخبرته وذكائه، وحبه لإخوانه ودفاعه عنهم.

لكن أبو مصعب لا يمتلك العلم الشرعي المطلوب كمؤهل للقيادة؟

ربما، لكنه يمتلك الشجاعة والخبرة العسكرية والأمنية، فقد جاهد سابقا في أفغانستان، ولديه الكثير من الصفات التي تجعله مهيئا ومؤهلا للقيادة، ويمتلك شخصية مؤثرة وقوية تجعله موضع احترام وتقدير من قبل أبناء هذا المنهج.

ما هي الأفاق المستقبلية للتيار الجهادي في ضوء موازين القوى المختلة، والملاحقات التي تتم لأفراده وقواعده؟
"إن مع العسر يسرا"، فكلما زادت الأمور سوءا اقترب الفرج، خذ على سبيل المثال ما يجري في العراق..، فالمؤشرات كلها تبشر بالخير، الأمريكان الآن بين المحرقة التي تأكل جنودهم، والعار الذي ينتظرهم لو خرجوا من العراق، فالجهاد هناك يضرب الأمريكان وأعوانهم بقوة، وهذه مؤشرات كبيرة على مستقبل الجهاد الإسلامي..

http://www.alasr.ws/index.cfm?fuseac...&categoryid=19