المادة (226) من قانون العقوبات بين الديمقراطية والديكتاتورية

ان المادة (226) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل وضعت في الباب الثالث من أبواب القانون الذي يتضمن الجرائم الواقعة على السلطة العامة وفي الفصل المتعلق بالاعتداء على الهيئات النظامية ونص المادة أعلاه على وفق الاتي (يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او بالحبس او الغرامة من أهان بإحدى طرق العلانية مجلس الأمة أو الحكومة أو المحاكم أو القوات المسلحة او غير ذلك من الهيئات النظامية أو السلطات العامة أو المصالح أو الدوائر الرسمية أو شبه الرسمية) وهذه المادة تمت صياغتها تأثراً ببعض القوانين العقابية في البلدان العربية وعلى وفق ما ورد في الأسباب الموجبة لقانون العقوبات، وحيث ان القانون هو الوسيلة التي تُخضِع المواطن للأوامر التي يتضمنها وعادة يعبر عن وجهة نظر من شرعه، مجرد صدور القانون من قبل السلطة القابضة على مقادير الحكم يكون ملزم وواجب التطبيق من قبل أجهزة السلطة وواجب التنفيذ من قبل المواطن، بغض النظر عن كون هذه السلطة التي أصدرته مكتسبة الشرعية الدستورية أو مفوضة من قبل الشعب أم إنها استولت على الحكم بواسطة قوة السلاح والأساليب البوليسية، وكل من يخالف هذه الأحكام يصبح مجرم ويستحق العقاب فيما يتعلق بالقوانين الجزائية، وبعض الأنظمة الحاكمة تسلمت السلطة والحكم تحت قوة السلاح ورغم انف الشعوب المغلوبة على أمرها، فان ما تصدره من أوامر وتشريعات يمثل قانون ملزم دون الالتفات إلى الهدف الذي يسعى إليه القانون سواء كان ينسجم مع مطالب الشعب أو لا ينسجم، وتسعى تلك الأنظمة إلى ترسيخ قواعد سلطتها فتتبع شتى الوسائل ومنها فرض القوانين الجائرة بحق الشعب وتخلق أفعال جرمية تحد من حرية المواطن وتضع العقوبات على ابسط الأفعال، وتعمل بشكل مستمر وحثيث على جعل المواطن في محل الاتهام وخلق مجرمين وهميين دون ان يرتكبوا أي جريمة من اجل خلق مواطن مهزوز خاضع للمسائلة القانونية ومركزه القانوني ضعيف لا يقوى على الصمود أمام مشيئة أي رجل من أزلام السلطة، وهذا ما يجعل من القانون وسيلة مقيدة للحرية بدلاً من ان تكون وسيلة ترتقي بالمجتمع إلى مصافي الرقي والتقدم والحضارة، والمادة (226) من قانون العقوبات لم يكن الهدف منها سوى الضغط على المواطن ووضع العراقيل بوجهه حتى لا يتمكن من التعبير عن وجهة نظره تجاه القضايا والأوضاع السائدة في حينه، وما مطلوب الآن هو القضاء على الدكتاتورية ولا يتم ذلك بزوال رموز هذه الأنظمة فحسب، بل بتغيير القوانين ذات الصبغة الفردية والتي لا تعبر عن رأي أو عقيدة المجتمع بل فلسفة السلطة القابضة على الحكم في حينه ونأمل ان يلتفت الجميع بما فيهم مؤسسات المجتمع المدني إلى هذا الأمر والعمل على تغيير السائد منها ومنع القادم من ان ينحى ذات المنحى الدكتاتوري لان الدكتاتورية تكون أحيانا فردية وأخرى فئوية تمثل رأي أقلية مسلطة على رقاب الأكثرية، وبما ان الفترة الزمنية التي تلت عام 2003 استمر العمل بتطبيق تلك المادة وتكون بوتيرة عالية في بعض الأوقات وما ظهر للإعلام في الفترة الأخيرة من إسراف في تطبيقها بحيث جعل من النقد الموجه الى الشخصيات العامة بمثابة الجريمة، وتمت محاكمة أشخاص وإدانتهم بموجبها، بعضهم من عامة الناس والبعض الآخر من قادة الرأي العام، وكانت ردود أفعال الجماهير غاضبة ومستغربة من تفعيل هذا النص الجائر في ظل وجود نص دستوري يضمن للمواطن حقه في التعبير عن وجهة نظره تجاه الأوضاع السائد التي يعاني منها ، ومن حقه ان يوجه النقد الى شخص المسؤول لأنه هو من يملك سلطة القرار، ولابد من ان يتحمل هذا المسؤول مسؤولية تردي الأوضاع التي يعاني منها المواطن المحتج، وعلى وفق المادة (38) من الدستور، التي الزمت الدولة بان تكفل للمواطن ممارسة هذا الحق وعلى وفق النص الاتي (تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب: أولاً:- حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل. ثانياً:- حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر. ثالثاً:- حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون) وكفالتها تكون بمنح المواطن فرصة للتعبير عن الرأي عندما لا يجد مخرجاً لنيل حقوقه، فضلاً عن ذلك فان قيام المواطن بالتعبير عن الرأي هو اسلم وسيلة لمنعه من الانجرار الى اتباع وسائل غير سلمية، أو يتبع اسلوب المواربة والتواري خلف أسماء وهمية تمنع صاحب القرار من التمييز بينها وبين أصحاب الغرض السيء، لذلك لابد من دعم الحملة الشعبية لإلغاء او تعديل المادة (226) من قانون العقوبات حتى لا تصبح وسيلة ديكتاتورية تتعكز عليها بها السلطة القابضة تجاه الأفراد مع التنويه الى اني سبق وان أشرت إلى خطورة تلك النصوص القانونية في مادة عنوانها ( القانون وسيلة ديكتاتورية) نشرتها بعض الصحف والمواقع الإلكترونية في عام 2006.