المقال منقول !


في عام ٢٠١٦، شكّل حيدر العبادي لجنة خماسية للبدء بتنفيذ مشروع ميناء الفاو. وكانت مهمة اللجنة اختيار شركة معروفة وناجحة للقيام بالعمل.
تشكلت اللجنة برئاسة محمد شياع السوداني عندما كان وزيراً للصناعة وكالةً. ونيابة رئيس هيئة المستشارين عبد الكريم الفيصل (وهو من أهالي الفاو) وعضوية ممثلين عن الإمانة العامة ووزارة النقل ووزارة الموارد المائية.
عقدت اللجنة اجتماعاتها وقدمت طلباتها للشركات العالمية لتقديم عروضها.
تقدمت سبع شركات للمشروع، منها شركة هونداي الكورية وشركة ألمانية وشركة النويس الاماراتية وشركة الإنشاءات الصينية (cccc ) المعروفة عالمياً بمشاريعها في اكثر من ١٥٠ دولة، وكان مندوبها شخص فلسطيني.
اجتمعت اللجنة مع مندوبي هذه الشركات السبع، وكان أفضل العروض هو الذي قدمته الشركة الصينية، حيث كان ينص على إنشاء ١٤ مرسى في المرحلة الأولى، من مجموع ٢٢ مرسى، مقابل فترة استثمارية لمدة عشر سنوات.
أما أسوأ العروض فكان من شركة النويس الاماراتية، فقد قدّمت عرضها على بناء سبع مراسي فقط في المرحلة الأولى مقابل فترة استثمارية لمدة ثلاثين سنة.
بعد تلقي العروض اجتمعت اللجنة لإعطاء الرأي النهائي حول اختيار الشركة التي تتولى المشروع. فكان رأي محمد شياع السوداني أن يقع الاختيار على شركة النويس الاماراتية، وأيده في ذلك نائب رئيس اللجنة عبد الكريم الفيصل بينما اعترض ممثلو الموارد المائية والامانة العامة والنقل، بأن هذا أسوأ العروض، وان الاتفاق يجب ان يكون مع الشركة الصينية.
رفض السوداني رأيهم، وبرر ذلك بأن العراق يحتاج الى انفتاح على محيطه العربي، فلابد ان نتفق مع الشركة الإماراتية.
عقدت اللجنة عدة اجتماعات حول هذه القضية، وكان محمد شياع السوداني مصراً على اختيار الشركة الاماراتية. في مقابل معارضة الأعضاء الثلاثة.
وبعد ضغط شديد من السوداني على الأعضاء الثلاثة، قالوا له بأن قيمة المشروع الاستثمارية تبلغ أكثر من ١٥ مليار دولار، وهناك مجازفة بالموافقة على الشركة الاماراتية، لأن الحقيقة ستُعرف بعد ذلك وينتهي الحال بنا الى السجن، ولا توجد ضمانة لحمايتنا من التحقيق والتعرض للاعتقال.
لجأ السوداني الى محاولات تقديم عروض مغرية لأعضاء اللجنة الثلاثة كرشوة لهم، للتراجع عن رفضهم، ومن ضمن عروضه منحهم إجازة سريعة لإنشاء شركات عمالة أجنبية وإحالة العقود إليها. لكن الثلاثة رفضوا ذلك خوفاً من الفضيحة والاعتقال.
استغرقت محاولات شياع السوداني لإقناعهم مدة ثلاثة أشهر، حيث أعاق فيها عملية التصويت على اختيار الشركة المنفذة. مما جعل رئيس الوزراء حيدر العبادي يطلب من السوداني رأي اللجنة في سبب هذا التأخير وما هو رأيها النهائي.
كتب محمد شياع السوداني تقريراً مضللاً للعبادي قال فيه أن اللجنة وجدت أن كل العروض المقدّمة لها غير صالحة، لذلك تم رفضها جميعاً. وكانت تلك كذبة وتضليل من السوداني ليمنع الاتفاق مع الشركة الصينية، على أمل ان تتاح له فرصة ثانية يتفق فيها مع الشركة الاماراتية.
كان وراء موقف السوداني ثلاثة دوافع:
الأول: أن السوداني في تلك الفترة كان رئيس لجنة الصداقة العراقية الإماراتية فاراد أن يقوي موقفه ويتقرب أكثر من الإماراتيين.
الثاني: دخول الكويت على الخط، ومساعيها لعرقلة مشروع الفاو الكبير، وتقديم مبالغ ضخمة للمسؤولين العراقيين المعنيين بالمشروع لغرض إعاقة تنفيذه، كما أن شركة النويس استغلت علاقاتها مع الكويت لتشجيعها على ذلك.
الثالث: إن ابن عم محمد شياع السوداني، والمدعو مصطفى السوداني يعمل تاجراً في الامارات وله علاقة وثيقة مع رئيس مجلس إدارة شركة النويس الإماراتية حسين جاسم النويس، لذلك كان شياع يأمل بربح وفير ورشوة ضخمة عن طريق ابن عمه. ويعتمد السوداني حاليا على ابن عمه ليكون واجهة مشاريعه التجارية وصفقات المالية بالاشتراك مع شخص آخر يدعى عبد الباري حمودي (يأتي الحديث عن ذلك في تقرير لاحق تنشره لارسا).
لقد حرم السوداني العراق من مشروع عملاق على يد شركة رصينة، فعل ذلك من أجل مصلحته الشخصية في السرقة والحصول على المال الحرام. وقد تأخر البدء بالمشروع ما يقرب من خمس سنوات، وهي فترة طويلة كان بالامكان تحقيق نتائج مهمة وفرص عمل كبيرة وارباح ضخمة للعراق، ولكانت المرحلة الأولى قد تمت وبدأ الانتفاع من المشروع عملياً. هل هناك خيانة أكبر من هذه؟
هذا هو السوداني في فساده العميق الذي يخفيه تحت قناعه المزيف، وبجيوشه الالكترونية التي خدعت الشعب العراقي بأنه (مستر كلين).)