ماذا نفعل سيدي يا أبا الجواد، ومالنا حيلة غير إنسكاب الدموع وانهمارها على الوجنات ونحن نشاهد المأمون وقد دس لك سمهُ القاتل، ألا لعنة الله على من ظلمك وظلم آبائك وأجدادك، وأولادك يبن رسول الله القلب محزون والعبرات تترى، ياغريب طوس إشفع لنا عند الله لإنك وجيهٌ عند الله.
وهكذا. يتضح لنا كيف أن العباسيين قد انقلبوا ـ بدافع من خوفهم ـ على العلويين يوسعونهم قتلا، وعسفاً وتشريداً، وأذاقوهم مختلف أنواع العذاب، التي لم تكن لتخطر على قلب بشر، بهدف استئصالهم من الوجود، ومحو آثارهم، ليصفو لهم الجو، ولا يبقى من يستطيع أن ينازعهم سلطانهم، الذي يجب أن يكون لهم وحدهم. أو بالأحرى حتى لا يبقى من شأنه ذلك. حتى لقد نسي الناس فعال بني أمية معهم، عندما رأوا فعال بني العباس بهم. وحتى لقد رأينا أحد شعراء ذلك الوقت يقول: وهو دعبل الخزاعي:-
وليس حيٌ من الأحياء نعلمهُ/ من ذي يمانٍ ولابكرٍ ولامضرِ
إلاّ وهم شركاءٌ في دمائهمُ/ كما تشارك أيسارٍ على جزرِ
قتلاً وأسراً وتحريقاً ومنهبةً/ فعل الغزاة بأهلِ الرومِ والخزرِ
أرى أمية معذورين إن فعلوا/ ولا أرى لبني العباس من عذرِ