المحبة والمودة في الأسرة

إن الإسلام يعتبر الأسرة هي اللبنة المتقوم بها المجتمع، فان صلحت هذه اللبنة وتكونت من أفراد متحابين متماسكين فقد تحقق المجتمع المطلوب ، ومن أهم الأسس المطلوبة لهذه اللبنة المتوخاة ( الأسرة ) هو المحبة والمودة؛ لان المحبة في الأسرة كقانون الجاذبية لهذا الكون فلولا الجاذبية بين مكونات الطبيعة لم تدم الحياة ولاختلت النظم ولساد الفناء كذلك الأسرة، فان القانون الجاذبي يسري فيها لكنه جذب آخر، وهو المحبة، وهو القانون لاستمرار الأسرة، وباختلاله يختل ذلك البيت المطلوب للشريعة ويتحول إلى بيت لا حياة فيه بل إلى الموت التدريجي الذي يفنيه .
فنرى الباري جلت قدرته أعطى عناية خاصة لتكوين الأسرة حتى يسكن الواحد للآخر ( ومن آياته أن جعل لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) ، فنرى الآية ربطت استمرار الزوجية بالمودة والرحمة ولولاها لانفكت هذه الاستمرارية، فالمودة هي الرابط الجاذب للطرفين ، فإذا لم يهتم أطراف الأسرة لهذا الأمر وجعلوه من الأمور الطارئة فان الحد من المشاكل لن يزول، بل الأسباب لها تكون موجودة مما يؤدي إلى كثرة الانفصال (الطلاق) . قال الرسول الأعظم (ص): ما بني بناء في الإسلام احب إلى الله عز وجل من التزويج .
آفات المحبة:
1. الحدة
وهذه من الأشياء التي تكو ن سببا من أسباب عدم الألفة؛ لان هذه الصفة التي تنطلق من عدم وعي الشخص الديني، وعدم مراعاته لشعور الآخرين، وقد تنشأ من الاختلاف في الرأي والغضب . والاختلاف في الرأي من الأمور الموجودة بين أفراد البشر، وبما أن الإسلام وضع لبنة المحبة بين الأسرة لدوامها، فلابد أن تكون هذه المودة هي المنطلق لحل هذا الخلاف وخصوصا مع شريك الحياة؛ لان أسلوب الحدة هو أسلوب يشعل نار الغضب مما يؤدي إلى الحقد والعداوة، وحينئذ ينثلم قانون الجذب الأسرى وتتحول الألفة إلى نفور وتفكك.
إن توجيه العبارات الحادة للطرف الآخر وخصوصا المرأة يكون كالصاعقة على قلبها فيحوله من قلب حنون إلى حاقد، لا ينسى هذه العبارات طول الحياة، ولو أراد محوها فانه يحتاج إلى جهد كبير حتى ترجع تلك الألفة قال الرسول الأعظم (ص): قول الرجل للمرأة إني احبك لا يذهب من قبلها أبدا .
2. الضرب
وهو اشد وطأة من الحدة اللسانية؛ لان المرأة والابن قد يستطيعان الرد بلسانهما لكن لا يستطيعان رد الضرب، حيث تلجأ إلى الشتم وإن لم تستطع، يصبح القلب حاقداً ممتلئاً بغضاً وكراهيةً لذلك الأب القاسي فيتحول ذلك البيت المحبوب لله إلى جحيم متفكك، فلا أسرة ولا مجتمع ، فلهذا نرى إن الضرب من الأمور الممقوتة من الله سبحانه وتعالى، ومن المجتمع؛ لان الناس تنظر للضارب بأنه لا يملك شخصية إسلامية ولا إنسانية.
3. توجيه الإهانة
قال الإمام الصادق(ع) : قال الله تعالى: ( من أهان لي وليا فقد ارصد لمحاربتي) فلابد لأطراف العائلة أن تكون واعية مجتنبة لهذه الأساليب المذيبة لاستمرار تكوينها ودوامها، بأن يحترم كل طرف الآخر، وخصوصا الرجل حيث إن المرأة ضعيفة بوصفها الأنثوي، وان الكلمة تؤثر في كيانها ،ولابد أن ينظر كل طرف إلى حسنات الآخر والغض عن أخطائه،
والمرأة لابد أن تعمل على استرضاء زوجها بما عندها من قدرة وسحر؛ لان الحدة والتجريح والضرب مما يطفئ الشعلة التي تنير حياة الأسرة السعيدة .
للكاتب: عبد الكريم حسين الحواج