كتاب فلسفة الصدر. الدكتور محمد عبد اللاوي
[align=center]فلسفة الصدر
دراسات في المدرسة الفكرية للإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر ـ طاب ثراه
تأليف: الدكتور محمد عبد اللاوي
جامعة وهران ـ الجزائر
(إِنَّ الَّذِينَ إمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَت لَهُم جَنَّاتُ الِفردَوسِ نُزُلا * خالِدينَ فِيهَا لاَ يَبغُونَ عَنهَا حِوَلا* قُل لَّو كَانَ البَحرُ مِدَاداً لِكَلِماتِ رَبّي لَنَفِدَ البَحرُ قَبلَ أَن تَنفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَو جِئنَا بِمِثلهِ مَدَداً)
(سورة الكهف آية: 107 ـ 109)
[line]
الاهداء
الى الفيلسوف الذي لم يعرفه العالم بعد!
الى الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر ـ طاب ثراه[/align]
[align=center]مناجاة للصدر الشهيد(1)
عمرٌ وأنتَ قتيلُ دمعتِهِ والقاتلانِ الحزنُ والفتنُ
أدميتَ شفرتَها وأرعبها ما يحتوي غَدُها ويحتضنُ
فاجأتها بدم تقدسَ أن يخبو فسارَ القبرُ والكفنُ
دُفن العراق بنا لنبعثه فنودُّ أنّا بعضُ مَن دُفنوا
شوكُ الصحارى في أَناملنا وخيامُنا الحسراتُ والوهنُ
يَبُست قوافلُنا وقد تعبت ظمأى فلا ضرعٌ ولا لبنُ
إلا رؤاك تلمُّ حيرتَنا فهي اليدُ البيضاء والمننُ
وهي الربيعُ يَمرُ في دمنا دفئاً فيصحو الجذرُ والفننُ
رُحماك لا تغضب لدمعتِنا فالدمعُ في ذكراكَ ممتحنُ
إن سال أَطفأ جمرَ أعيننا أو جفَّ فهو الباخل الضغنُ
عذراً إذا طالتك أحرفُنا فلأنتَ أنتَ البحرُ والسفنُ[/align]
_______________________________
1- أُختيرت هذه القصيدة من ديوان (مناجاة قلب) لسماحة السيد حسين بركة الشامي لأنها تعبر عن الشهيد الصدر فكراً، وموقفاً، وجراح شعب.
[align=center]تصدير[/align]
الامام الشهيد محمد باقر الصدر، أكبر من أن يحيط به عنوان، أو تستوعبه دراسة، فهو مدرسة متكاملة برزت في عالم الفكر في واحدة من فترات الركود الإسلامي، لتعكس قوة الفكر الإسلامي وقدراته الابداعية المعطاءه.
والذي يميز مدرسة الامام الصدر، أنها لم تتكامل ببطء، ولم تسِر في خط تصاعدي، كما هي عادة المفكرين أصحاب المدارس الشاخصة في الحياة العلمية، إنما ولدت عملاقة كبيرة متحدية، وهذا هو سرّ العظمة في شخصية السيد الشهيد، وفي قوة مدرسته الفكرية.
لقد تعامل السيد الصدر مع قضايا الفكر الإسلامي بنظرة شمولية تتحرك وفق منهج دقيق سار عليه في كل نتاجاته الفكرية، وحركته العلمية التغييرية والاصلاحية، مما جعله يقدم نتاجاً هائلا خدم الواقع الإسلامي في مختلف الأصعدة والمجالات. فالسيد الصدر تعامل مع الواقع كله على أنه مترابط الحلقات والأجزاء وأنه يشكل وحدة موضوعية في نهاية الأمر، ووفق هذه المنهجية الشمولية قدم نتاجاته ذات الأثر العلمي الكبير في الاقتصاد والفلسفة والمنطق وعلم الأصول والفقه والتأريخ والتفسير والمفاهيم الحركية والسياسية وغيرها. ولأنه كان صاحب منهج شمولي، لذلك جاءت مؤلفاته في القمة من كل حقل طرقهُ، فظلت تحتفظ ببريقها رغم أن عادة الأيام أن تمحو بريق القديم. لكن نتاج الصدر ظل جديداً على الدوام وكأنه صادر لتوه.
ورغم مرور عقدين على استشهاده، وظهور الكثير من الدراسات والكتب حول شخصيته وأفكاره، فإن الجميع الذين يعرفون منزلة الصدر الفكرية، يعترفون أن دراسة آفاق هذه الشخصية العملاقة لم تستكمل بعد، وأن مجال الكتابة والبحث حولها، لا يزال مفتوحاً، بل أنه بحاجة الى مزيد من الدراسة والبحث والمتابعة.
ولقد كان منهجنا في مؤسسة دار الاسلام، هو التأكيد على هذه النقطة، لإيماننا بأن مدرسة الصدر هي المدرسة التي تعيد الإسلام الى الواقع العام، وتجعله يتحرك مؤثراً ومغيراً ومصلحاً، وهذا ما جعلنا نتبنى ضرورة الاهتمام المتزايد والمستمر بشخصية الامام الشهيد التي مثلت مرحلة قائمة بذاتها في مسار الفكر الإسلامي.
وضمن هذا المنهج تقدم مؤسسة دار الاسلام كتابها السنوي الثالث هذا، بعد الكتاب السنوي الأول (محمد باقر الصدر دراسات في حياته وفكره) تأليف نخبة من الاساتذة الباحثين، والكتاب الثاني (المرجعية الدينية.. من الذات الى المؤسسة) تأليف سماحة السيد حسين بركة الشامي.
يعكس كتابنا السنوي الثالث موقع السيد الشهيد محمد باقر الصدر في العالم الإسلامي، وفي الشمال الأفريقي على وجه الخصوص، فمؤلفه الاستاذ الدكتور محمد عبد اللاوي عضو الهيئة الاستشارية لمجلة الفكر الجديد، من أساتذة الفلسفة البارزين في الجزائر، وقد كرس سنوات طويلة من حياته العلمية في دراسة أفكار الامام الشهيد، نشر بعضها في مجلة الفكر الجديد، وكتب بحوثاً جديدة ضمّها هذا الكتاب الذي يجد فيه القارئ الكريم آفاقاً جديدة من مدرسة الامام الصدر، وهو يشكل مساهمة جادة في مجال دراسة هذه الشخصية، التي قدمت للأمة وللفكر الإسلامي الكثير من العطاءات، ومن الله نستمد العون والتوفيق.
مؤسسة دار الاسلام
جمادى الثانية 1420 هـ
ايلول 1999 م