السادة آل مقوطر الغوالب الرضوية الحسينية
نسب الأسرة
تنتسب هذه الأسرة إلى جدها السيد محمد مقوطر بن يعقوب بن سعد بن غالب الرضوي الجد الجامع للسادة الغوالب ابن شمس الدين محمد بن قمر الدين محمود بن بدر الدين الحسن بن بهاء الدين أحمد بن جمال الدين الحسن بن شرف الدين محمد بن فائز الدين الحسن بن شهاب الدين بن نور الدين محمود بن بدر الدين الحسين بن الحسن بيدار بن أبي الفتح عيسى بن أبي علي محمد بن أبي عبد الله أحمد بن أبي الحسن موسى بن أبي عبد الله أحمد النقيب بن أبي علي محمد الأعرج بن أبي علي أحمد بن أبي جعفر موسى المبرقع بن الإمام أبي جعفر محمد الجواد بن الإمام أبي الحسن علي الرضا بن الإمام أبي الحسن موسى الكاظم بن الإمام أبي عبد الله جعفر الصادق بن الإمام أبي جعفر محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين السبط بن الإمام أبي الحسن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
وهي أسرة علوية تقطن منطقة الفرات الأوسط في العراق. برز منها مجاهدون ومصلحون وقادة سياسيون واجتماعيون وعرف أبناؤها بالأصالة والتدين والكرم والسخاء، ومساكنهم اليوم موزعة بين الرميثة والشنافية وغماس ومنهم من سكن بغداد وفيهم زعامة لملوم وعشائر الچبشة ويحظون بسمعة طيبة واحترام كبير لدى عشائر السادات والقبائل العربية الأخرى في منطقة الفرات الأوسط وغيرها من نواحي العراق، وأصلهم من السادة الغوالب الرضوية الحسينية أعقاب السيد غالب الرضوي دفين الغالبية (1) المولود عام 937هـ والمتوفى عام 1008هـ.
أرجوزة في نسب الأسرة
أحمد من كان له التحميدُ ** ومن له الإخلاص والتوحيدُ
وصلِّ يا قدوس يا ذا المنِّ ** على رسول ساد كل الكونِ
محمد وآله الأخيارِ ** المصطفين السادة الأطهارِ
إليكها أرجوزة في النسبِ ** تبقى على مر المدى والحقبِ
فجدنا الذي به نفاخرْ ** محمد ونعته المقوطرْ
نزيل لملوم ومن به زهتْ ** أرجاؤها أقطارها تلملمتْ
وهو ابن يعقوب على التعيينِ** وذا ابن سعد ثابت اليقينِ
ثم الشريف غالب أبوهُ ** القطب من آل الرضا اعرفوهُ
ومن إليه نسبة الغوالبْ ** هم سادة المعروف والمناقبْ
سليل شمس الدين من ساد الملا ** محمد رام المعالي فاعتلى
سليل محمود الفعال من غدا ** للدين بدرا قمرا وفرقدا
سليل بدر الدين ذي الكمالِ ** الحسن السمات والخلالِ
ثم بهاء الدين ذو المكارمْ ** أحمد أعني خيرة الأكارمْ
ابن جمال الدين ذي الرشادِ ** الحسن السخي والجوادِ
ابن الفتى محمد من عُرفا ** للدين والدنيا يسمى شرفا
ابن الشريف الحسن الشمائلْ ** قد فاز بالدين وبالفضائلْ
ابن شهاب الدين ذي الجود ومنْ ** يعزى لنور الدين محمود السننْ
ثم الحسين السيد الشريفُ ** للدين بدر ساطع منيفُ
سليل بيدار وأعني حسنا ** ومصلح الدين ومحي السننا
ابن أبي الفتح المسمى عيسى ** آباؤه محمد وأحمد وموسى
ثم النقيب أحمد ذو السؤددِ ** ينمى إلى محمد ابن أحمدِ
ابن أبي جعفر المبرقعْ ** موسى الشريف الزاهد المشفعْ
ثم الجواد والرضا والكاظمْ ** وجعفر ذاك الإمام العالمْ
والباقر بدر الدجى الوقادُ ** ثم الإمام العابد السجادُ
ابن الحسين ذاك من آل الكسا ** ابن علي وابن خيرة النسا
بنت النبي الصادق الأمينِ ** المصطفى ركن الهدى والدينِ
يا ربنا صلِّ على محمدْ ** وآله خير الورى وأحمدْ
لقب الأسرة: مقوطر (مكوطر) (مگوطر):
وسبب التسمية: هو نزوح السيد محمد مقوطر عن أسرته وهم السادة الغوالب وكانوا في بطائح العراق إلى لملوم. فلقّب (مقوطر) أي ترك أهله وموطن آبائه وذهب إلى بلدة غير بلدته وعاشر أناسا لم يكونوا من أهله ومعارفه فأصبح لقبا لعقبه من بعده إلى اليوم. ومنهم من يعزي التسمية إلى سخائه وجوده وكرمه وإطعامه الطعام إذ كان له مضيف يقصده الوفاد فهم يتقاطرون إليه دون انقطاع وهو يجعل الطعام قطرا منتظما في مضيفه ولا زالت ذريته تعرف بالسخاء والجود والكرم وقرى الأضياف ولا زالت مضائفهم عامرة. ومنهم من يعزيها لكرامة حدثت له حيث قال لأسد هناك (قوطر) أي اذهب بعيدا فامتثل الأسد لأمره. ومنهم من يروي الكرامة بشكل آخر وهو أن السيد محمد ارتقى حائطا وأمره بالمسير فسار به والصحيح ما ذكرناه أولا وإن كان وقوعها جميعا غير ممتنع ولكن المؤكد أنه لهجرته رهطه من الغوالب والله أعلم.
أعقاب السيد محمد مقوطر
وأعقب السيد محمد المقوطر من علي وحده وأعقب علي من محمد وحده وأعقب محمد من إبراهيم وحده وأعقب إبراهيم من ثلاثة هم السيد محمد والسيد علي والسيد موسى.
ذرية السيد محمد بن إبراهيم
أعقب السيد محمد رجلا واحدا هو السيد رعد وأعقب السيد رعد رجلين هما: السيد نور والسيد نعمة، وأعقب السيد نور ولده الوحيد السيد فنر وهو ميناث. وينحصر عقب السيد محمد بن إبراهيم اليوم بحفيده السيد نعمة.
ذرية السيد علي بن إبراهيم
أعقب السيد علي رجلين هما: السيد حسين لا عقب له. والسيد حسن الذي أعقب من ولده الوحيد السيد هادي حيث تنحصر ذرية السيد علي بن إبراهيم في عقبه.
ذرية السيد موسى بن إبراهيم
أعقب السيد موسى من رجلين هما: السيد عمران والسيد قاطع.
وآل مقوطر اليوم ينقسمون إلى أربعة فروع:
1 - آل السيد نعمة: وهم ذرية السيد نعمة بن رعد بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن محمد مقوطر. وعقبه من ولديه ناجي وعلي وهم بالرميثة ومنهم من انتقل إلى بغداد.
2 - آل السيد حسن: وهم ذرية السيد هادي بن حسن بن علي بن إبراهيم بن محمد بن علي بن محمد مقوطر. وعقبه من ولديه جابر ومهدي وهم بالشنافية.
3 - آل السيد عمران: وهم ذرية السيد عمران بن موسى بن إبراهيم بن محمد بن علي بن محمد مقوطر. وعقبه من ولده سلمان ومنه في ولديه موسى وحسين وهم بالشنافية.
4 - آل السيد قاطع: وهم ذرية السيد قاطع بن موسى بن إبراهيم بن محمد بن علي بن محمد مقوطر. وعقبه من ستة رجال هم محمد وجعفر وفزاع وجواد وعوفي وحمود. ومساكنهم موزعة بين الرميثة والشنافية وغماس.
لملوم
تقع أطلال لملوم اليوم بين مدينتي الحمزة الشرقي والرميثة وهي إلى الحمزة أقرب منها إلى الرميثة وقد زادت أهميتها بعد نزوح أهالي الحسكة والرماحية إليها إثر فيضان نهر الفرات في عام 1112هـ/1701م فأصبحت عامرة بسكانها مزدهرة بمبانيها على النمط الشائع في تلك الأيام رائجة تجارتها في أسواقها وفيها كثافة سكانية أهّلتها أن تلعب دورا في حماية المدن العراقية الأخرى وخاصة المقدسة منها أثناء الغارات الوهابية عليها، عام 1216هـ/1801م فقد أعدّ السيد حسين المقوطر جيشا لهذه المهمة قاده بنفسه وتولى تمويله وتسليحه وتجهيزه حيث كانت الخيول العربية الأصيلة جزءا من هذا التجهيز وقد استخدمت في مطاردة فلول الغزاة في الفيافي والقفار دفاعا عن المقدسات والسكان الآمنين وحقق هذا الجيش انتصارات باهرة عليهم وتمكن من صدهم وحماية الناس والعتبات المقدسة من شرورهم.
وقد أنجبت بلدة لملوم أعلاما اشتهروا بالعلم والأدب منهم الشيخ حسن بن الشيخ محمد المتوفى عام 1211هـ/1796م، كان أديبا فاضلا له مطارحات ومراسلات مع أعلام عصره. ومنهم أخوه الشيخ حميد المتوفى عام 1225هـ/1810م، كان شاعرا مجيدا ومرجعا دينيا جمع بين الفقه والأدب. ومنهم الشيخ محمد بن الشيخ نهاد آل نصار الشيباني اللملومي، كان من أعلام القرن الثاني عشر الهجري. ومنهم شيخ الشعر الشعبي الشيخ محمد بن الشيخ علي آل نصار الشيباني اللملومي، كانت وفاته عام 1292هـ/1874م وكان فاضلا وأديبا شاعرا ويعرف شعره بشعر (ابن نصار). وممن سكن لملوم من الفقهاء الكبار الشيخ حمود بن الشيخ إسماعيل السلامي والشيخ محمد بن يونس الشويهي الحسكي والشيخ حسن الملك. وشهدت لملوم حروبا عشائرية عديدة وتعرضت إلى هجوم من قبل عمر باشا أثناء حربه لشيخ الخزاعل وأدت عوامل عدة إلى خرابها تدريجيا كتحول مجرى نهر الفرات عام 1220هـ وانتشار الطاعون عام 1246 - 1247هـ فهجرها أهلها خلال فترات زمنية ولم تندرس نهائيا إلا في نهاية القرن التاسع عشر حيث كانت الهجرة الجماعية منها إلى مناطق الرميثة والشنافية.
وبعد خراب لملوم انقسم أهلها إلى قسمين:
الأول: سكن منطقة (أم النجرس) التي تقع اليوم في أراضي عشيرة بني زريج شمالي مدينة الرميثة. ثم توزعوا بين الرميثة والشنافية.
والآخر: سكن منطقة (الخنينية) الواقعة حاليا ضمن أراضي عشيرة الصفران فخذ الطبول شرقي مدينة السماوة. ثم انتقلوا إلى الرميثة.
وأصبحت الشنافية والرميثة مدينتين يطلق على سكانهما أهل لملوم اسم بلدتهم المشتركة القديمة.
تراجم بعضهم
السيد حسين المقوطر:
هو السيد حسين بن سلمان بن عمران بن موسى بن إبراهيم بن محمد بن علي بن محمد المقوطر. أحد كبار الزعماء في منطقة الفرات الأوسط وعضو مجلس النواب العراقي في العهد الملكي وإليه آلت زعامة لملوم وعشائر الچبشة وله مواقفه الوطنية الخالدة في تاريخ العراق كما تشير إلى ذلك الوثائق الوطنية والأجنبية وكانت وفاته عام 1941م وعقبه من رجلين هما: ناصر وشنان.
السيد علي المقوطر:
هو السيد علي بن نعمة بن رعد بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن محمد المقوطر. كان سيدا وجيها تقصد الوفاد مضيفه وفيه تحل الخصومات ويلتقي فيه أهل الحل والعقد من شيوخ عشائر ووجهاء وأعيان وسادات وله علاقات واسعة في منطقة الفرات الأوسط وكانت له صداقة وشراكة في أرض الهدام مع عبد العباس آل فرهود وابنه خوام رحمهما الله وفي مضيفه تم التخطيط لثورة 1935م في الرميثة والسماوة المعروفة عشائريا بـ (هيجان خوام) بحضور السيد حسين بن سلمان المقوطر وشيوخ عشائر بني حچيم وبني زريج وغيرهم ولا زالت آثار القصف الجوي باقية في بساتين الجديدة (2) تحكي تلك الوقائع. وله مساهمات في الثورة العراقية عام 1920م. كانت وفاته عام 1936م.وعقبه من أربعة رجال هم حسين وعبد الرضا وعبد العالي وعبد الجليل .
السيد جعفر المقوطر:
هو السيد جعفر بن موسى بن سلمان بن عمران بن موسى بن إبراهيم بن محمد بن علي بن محمد المقوطر المتوفى سنة 1971م في لندن وقد نقل جثمانه إلى العراق وكلما مر بمدينة أغلقت أسواقها حدادا عليه وكان من زعماء الفرات الأوسط البارزين وعضوا في مجلس النواب في العهد الملكي وإليه آلت عمادة السادة آل مقوطر. كان له دوره البارز في الإصلاح بين القبائل وكان مضرب المثل في التواضع والسخاء. لا بقية له.
السيد موسى المقوطر:
هو المجاهد الشهيد السيد موسى بن نعمة بن رعد بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن محمد المقوطر الذي تصدى للغزو البريطاني سنة 1914م في الشعيبة مع السيد هادي المقوطر واستشهد دفاعا عن دينه ووطنه. لم يترك إلا بنتا خرجت إلى السيد محسن المقوطر الآتي ذكره وهي أم أبنائه الثلاثة مهدي وياسر وحاتم .
السيد محسن المقوطر:
هو المجاهد السيد محسن بن ناجي بن نعمة بن رعد بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن محمد المقوطر الذي أسرته القوات البريطانية الغازية في الشعيبة سنة 1914م وأبعدته إلى الهند ثم إلى مكة مع مجموعة من المجاهدين العراقيين في عهد الشريف حسين أمير مكة وقد منعهم الحنابلة في تلك السنة من أداء طواف النساء فانتدبوا السيد محسن لمراجعة الشريف حسين في ذلك فقابله وأخذ منه أمرا مفاده (يسمح للعراقيين من الشيعة بأداء كافة الشعائر لديهم) ثم عاد إلى العراق بعد قيام الدولة العراقية بعد سبع سنوات قضاها في الأسر.
السيد عبد الرضا المقوطر:
هو السيد عبد الرضا بن علي بن نعمة بن رعد بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن محمد المقوطر. كان سيدا وجيها يترفع عن دنيات الأمور وينبري لعظائمها له فراسة ومعرفة بأنساب القبائل وأيامها ووقائعها وكانت أمه قد رأت الإمام الرضا في المنام وهو يجيب من سأله ويتفضل على من لم يسأله ويسجي العطايا لهم فطلبت منه إبرة للخياطة فأعطاها مخيطا فقالت سألتك إبرة فأجابها خذيه فعلقيه في بيتك فهو نافع لك وسوف أعطيك إبرة بعده فحملت به فلما وضعته أسمته عبد الرضا وقد رزقت بنتا بعده فكان ذلك تأويل رؤياها قد جعلها الله حقا. وكانت وفاته رحمه الله في ذكرى استشهاد جده الإمام موسى الكاظم عليه السلام في الخامس والعشرين من رجب عام 1426هـ الموافق 31/8/2005م يوم حادثة جسر الأئمة عن عمر ناهز الثمانين. أعقب عشرة رجال هم: نزار وقصي ومضر (كاتب هذه السطور) وزيد رحمه الله ونعمة ومهدي وعبد الله ومعد وعلي وشرف.
رأت الرضا علوية بمنامها ** يسجي العطا متفضلا ومجيبا
تبدي له طرفا ونادت بالذي ** تبغي إليه وسيلة وطليبا
يا عالما سؤلي ومن لي غيره ** أضحى بطوس نائيا وغريبا
فأجابها أني لسؤلك مبدل ** مني بخير سيدا وحسيبا
علقت به أحشاؤها واستبشرت ** أن صار عبدا للرضا ونسيبا
فغدا يفاخر في الحياة ولم يزل ** للنفس يمضي صائنا ورقيبا
حتى إذا وافى وحانت ساعة ** نبغي بها راق له وطبيبا
حتى إذا وافى وقد حان الذي ** يسقي الورى كأسا له ونصيبا
لهفي له للروح يمضي مسلما ** في يوم باب الحائجات منيبا
في النفس من يوم أصابك لوعة ** قد هانها سيري إليك قريبا
السيد ضياء المقوطر:
هو الشهيد الدكتورالسيد ضياء بن صافي بن ناجي بن نعمة بن رعد بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن محمد المقوطر الخبير الاقتصادي المعروف. كان أستاذا في الاقتصاد ومرجعا مهما في اختصاصه وكان يشغل منصب نائب رئيس اتحاد الاقتصاديين العراقيين ورئيس جمعية حماية المستهلك. قتله مسلحون في منطقة الأعظمية في بغداد يوم الثلاثاء 23 كانون الثاني 2007م. عُرف بمواقفه الوطنية ودفاعه عن المواطن العراقي وكانت آخر مواقفه الشجاعة نقاشه الموضوعي والعلمي للثغرات التي تضمنتها ميزانية عام 2007م وضرورة إصلاحها.
السيد ملحان المقوطر:
هو المحامي السيد ملحان بن عمران بن موسى بن سلمان بن عمران بن موسى بن إبراهيم بن محمد بن علي بن محمد المقوطر. عضو مجلس النواب العراقي وعضو لجنة الزراعة والمياه والأهوار في المجلس ونائب رئيس لجنة المصالحة الوطنية فيه ولد في الشنافية عام 1943م.
مواقف خالدة
- مقاومة الغزو الوهابي:
في عام 1216هـ/1801م استباح الوهابيون مدينة كربلاء ولم يكتفوا بذلك بل توجهوا إلى مدينة النجف الأشرف وبعد مقاومة عنيفة من النجفيين رُدّ الغزاة على أعقابهم فقصدوا العودة إلى ديارهم وأخذوا طريق الرماحية ولملوم فكتب الشيخ محمد بن يونس الشويهي الحسكي (3) (إلى السيد حسين المقوطر (4)) يحثه ويستنهضه على التصدي للغزاة فدارت معركة بين الجانبين اندحر فيها الغزاة وهُزموا هزيمة منكرة ففر منهم من فر وأُسر من أُسر وقُتل من قُتل وأُخذت خيولهم وجمالهم وأسلحتهم وقد أبلى السيد حسين بلاءا حسنا في هذه المعركة، واحتفى به الشيخ الأكبر جعفر كاشف الغطاء ومدحه الشيخ محمد بن يونس الشويهي بقصيدة طويلة بلغت 62 بيتا ذكرت في ديوانه نذكر منها هذه الأبيات:
إلى آل لملومٍ تؤول المفاخرُ ** فمن ذا يدانيهم علاً ويفاخرُ
ومن ذا يجاريهم حروباً وسطوةً ** وفي الفضل والمعروف من ذا يكاثرُ
ومن ذا يضاهيهم جهاداً وصولةً ** وفي الحلم والأعمال من ذا يناظرُ
ومن ذا يساويهم زحافاً وفتكةً ** بأسيافهم شقوا الكلا والأباهرُ
لهم عند وقع الخطب وثبة أرقمٍ ** لهم هممٌ منها تفتّ المرائرُ
فأنتم حماة الدين جندي وجنتي ** وأنتم سلاحي للعدى وذخائرُ
ولاسيما المعروف شرقاً ومغرباً ** أميرٌ له دان الملوكُ الأكاسرُ
هو ابن رسول الله وابن وصيه ** سمي الذي للدين عضبٌ وباترُ
حسين الحسيني الفتى من مقوطرٍ ** نمته إلى العليا بدورٌ زواهرُ
حسين الذي يهواه قلبي ومن غدا ** لسيف الهدى والدين بادٍ وشاهرُ
حسين أمير المسلمين ابن هاشم ** به قام دين الله للبطل قاهرُ
هنيئاً لكم يا آل بيت مقوطرٍ ** بأشوسَ فتاكٍ نمته الجواهرُ
ولا زالت الدنيا عليكم فسيحةَ ** وضدكم في سورة الهم دائرُ
وإني الفتى من آل يونسَ مغرمٌ ** بمدحكم نظماً وما أنا ناثرُ
- مقاومة الغزو الإنكليزي:
كان السيد هادي المقوطر المخطط والمنفذ والممول والمهيء لحركة الجهاد في الشعيبة وأول النازلين بساحتها وآخر المنسحبين منها حيث رابط هناك ستة أشهر يقود المجاهدين من العشائر العراقية، وفي أحد الأيام شدد الإنكليز قصفهم برا وجوا حتى كثرت الإصابات في صفوف المجاهدين فجاء أحد رؤوساء العشائر إلى السيد هادي وطلب منه السماح له بتغيير موقعه بالانسحاب إلى الخلف لغرض التحصن والمنعة فسمح له بذلك فانسحب انسحابا غير نظامي سبب إرباكا في صفوف المجاهدين فاستغل العدو الفرصة وباغت المجاهدين بهجوم صاعق وأزالهم عن مواقعهم وكان ذلك عظيما على المجاهدين فبدأ التلاوم فيما بينهم، وقد روى هذه القصة الحاج سلطان العريبي وكان من حرس السيد هادي الملازمين له قال: حينما اشتد علينا قصف الإنكليز كان السيد هادي يصلي وكأن شيئا لم يكن فلما انسحب المجاهدون الآخرون ولم يبق إلا من كان تحت إمرة السيد هادي مرابطين حول السيد على أمل أن ينهي صلاته بسرعة حتى ينسحبوا أسوةً بإخوانهم ولكن السيد أطال صلاته حتى وصل العدو قرب مواقعنا يقول جئت للسيد فقلت له: يا سيدنا انسحب الناس ولم يبق أحد معنا فلو خففت صلاتك حتى ننسحب ولكن كأنه لم يسمعني وكثرت الإصابات والقتلى في صفوفنا فألحّوا علي أن أراجع السيد مرة أخرى فجئت فأخبرته بحالنا لكنه ظل منشغلا بصلاته ولم يلتفت لقولي فلما رأيت إصراره لففته بسجادته وحملته على متني وهربت به وهو يصيح: ويلك يا سلطان حرام الإدبار والفرار من الكفار ولكني ركضت به حتى وصلنا إلى المواقع الجديدة .
وفي اليوم التالي ركب السيد هادي فرسه وجال بها بين المجاهدين، وكان يحمل علما كتب عليه (لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله) وأخذ يصيح بين المجاهدين: (مَنْ يبيع نفسه لله؟) فانتدب له ستمائة فارس من شجعان المجاهدين منهم مائتان من الأكراد يرأسهم الشيخ أحمد الحفيد فلما رأى عزمهم قال كلمته المشهورة: (والله لأصلين غداً في ساحتهم نوافل) فبات المجاهدون تلك الليلة وهم على أتم الاستعداد وقبيل بزوع الشمس هجموا هجوما صاعقا ومباغتا على الجيش الإنكليزي، فكانت المعركة شديدة على الغزاة أزاحتهم عن مواقعهم حتى أوصلتهم إلى البحر وكانت خسائرهم 354 قتيلا بينهم 118 أسيرا هنديا وكمية من السلاح، وانتصر المجاهدون انتصاراً باهراً وقبل الظهر صلى السيد هادي في مواقعهم نوافل.
فهوّس الشيخ باقر الخفاجي: (ثلثين الجنة لهادينا * وثلث لكاكا أحمد وأكراده) فأجابه مهوال السماوة: (شوية شوية لبربوتي) فأجابه مهوال الرميثة: (مسطاح الجنة للوفينا) فقال السيد فنر المقوطر (5) مازحاً: (چا وين أنزل يا رب هادي).
قال السيد رضا الموسوي الهندي في رثاء حجة الإسلام الميرزا حسين ومعزيا السيد موسى والسيد هادي المقوطر من قصيدة له:
نعمت وأشقيت البرايا ولم أخل ** تطيب بأن تشقى البرايا وتنعما
وأجريت من أبناء فهر مدامعا ** لغير حسين دمعها قط ما همى
فإن لم تكن منهم قديما فإنهم ** يرونك في الفضل الإمام المقدما
ولو لم تكن للهاشميين سيدا ** لما عقدت ساداتهم لك مأتما
وحنوا حنين اليعملات بمحفل ** به لا ترى إلا هزبرا وضيغما
إذا أرخص الهادي (6) وموسى (7) لفادح ** دموعا فعين ليس تبكي لها العمى
همامان قد حلا من المجد موضعا ** تمنته لو تجدي المنى أنجم السما
إذا قيل من أزكى الورى وأعزهم ** مقاما وأوفاهم ذماما فقل: هما
خليلي بالصبر الجميل تدرعا ** وإن جل خطبا ما به قد أصبتما
ودوما مناخاً للركائب وابقيا ** حمى من تصاريف النوائب واسلما
ـــــــــــــــــ
(1) إحدى مناطق شمال غرب بغداد قرب بعقوبة.
(2) قرية تقع غربي مدينة الرميثة. انتقل إليها السيد نعمة بن رعد بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن محمد المقوطر بعد خراب بلدة لملوم مع جمع كبير من أهلها وهو الذي سماها بالجديدة ولا زالت تعرف به إلى اليوم وفيها بعض ذريته إلا أن أهل لملوم تحولوا عنها إلى قصبة الرميثة ولا تزال بساتينهم وأطلال دورهم فيها.
(3) الشيخ محمد بن يونس بن الحاج راضي الشويهي الحسكي اللملومي النجفي المتوفى عام 1240هـ/1825م. كان عالماً فاضلاً، وأديباً كاملاً، وفقيهاً أصولياً، وقد ألف عدة كتب منها: براهين العقول في كشف أسرار تهذيب الوصول، والبحر المحيط في أصول الفقه في ثلاث مجلدات وديوان شعر وقد بلغت مؤلفات هذا العالم أربعة وعشرين كتاباً في الفقه والمنطق والأصول وعلم الرجال واللغة وغيرها. عدا الرسائل التي كان يرسلها إلى العلماء والأدباء وشيوخ العشائر.
(4) زعيم لملوم المطاع وفارسها الشجاع المجاهد الكبير والسيد الأمير جامع المكرمات والذائد عن المقدسات السيد حسين بن علي بن إبراهيم بن محمد بن علي بن محمد المقوطر. كلفه الشيخ الأكبر جعفر كاشف الغطاء بالمصالحة بين المنتفق والخزاعل بعد نشوب الحرب بينهما فقام بذلك خير قيام وعقد الصلح مكاتبة في مضيفه.
(5) السيد فنر بن نور بن رعد بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن محمد المقوطر كان شجاعا سخيا سيدا مطاعا، آلت إليه زعامة أهل لملوم في الرميثة توفي ولم يترك إلا بنتا خرجت إلى السيد كاظم بن ناجي بن نعمة بن رعد بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن محمد المقوطر وهي أم أبنائه الثلاثة جواد ومسلم ولطيف.
(6) السيد هادي بن حسن بن علي بن إبراهيم بن محمد بن علي بن محمد المقوطر المجاهد العراقي المعروف بدوره المشرف بتصديه للغزو البريطاني عام 1914م وفي الثورة العراقية سنة 1920م، ولد عام 1865م في بلدة لملوم وتوفي في الشنافية عام 1342هـ/1924م وقد أرخ وفاته الشيخ علي البازي بقوله:
مذ غيب الهادي لدى افتقاده ** عنا أسىً خبا ضياء النادي
يا ناعي الإيمان والتقوى معاً ** أرّخت قُل غاب الزعيم الهادي
(7) السيد موسى بن سلمان بن عمران بن موسى بن إبراهيم بن محمد بن علي بن محمد المقوطر، كان للشيخ كاتب الطريحي صحبة معه ولما مرض السيد موسى عاده الشيخ كاتب بقوله:
قد وهى من ذوي العناد العماد ** مذ بموسى قد استقام الرشادُ
هو موسى مهما يهزّ عصاه ** تتلقف ما يأفك استبدادُ
كان شمل استبدادهم في اجتماع ** وبماضيه عاد وهو سدادُ
عمك الله بالشفاء وإن لم ** يرض فيه الأعداء والحُسَّادُ
كلَّ يا سيدي بمدحك فكري ** وعصاني الإنشاء والإنشادُ
فابق غيظ العدى ولا زال مغـ ** ـناك إليه تقصد الوفَّادُ
مصادر البحث:
1 - عمدة الطالب لابن عنبة.
2 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة للشيخ آغا بزرك الطهراني.
3 - عشائر الخزاعل للشيخ حمود الساعدي.
4 - عشائر العراق لعباس العزاوي.
5 - مذكرات الكابتن مان.
6 - مجلة الإيمان للشيخ موسى اليعقوبي.
7 - العراق قديما وحديثا للسيد عبد الرزاق الحسني.
8 – ماضي النجف وحاضرها للشيخ جعفر محبوبة.
9 - مشجر السادة آل مقوطر.
10 - موسوعة العشائر العراقية لثامر عبد الحسن العامري.
11 - قلب الفرات الأوسط لمحمد علي جعفر التميمي.
12 - عامان في الفرات الأوسط لعبد الجبار فارس.
13 - أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين.
14 - غاية الاختصار في البيوتات العلوية المحفوظة من الغبار للشريف تاج الدين بن محمد بن حمزة بن زهرة الحسيني.
15 – ديوان السيد رضا الموسوي الهندي.
بقلم
السيد مضر الغالبي الرضوي