يا سادة يا كرام ... قد أعدم صدام -4 كتابات - أيــــــوب
يا سادة يا كرام ... قد أعدم صدام - 4
كتابات - أيــــــوب
ثم أعدم برزان
مشروع التصفية ضد مجرمي العصر مستمر ، سلب حق الحياة من طغمة الفساد يتم على أكمل وجه ، دائرة الموت تقترب كثيرا ً ممن حالفوا الشيطان قسطا ً من الزمان .
هذه الإعدامات ليست طبيعية في مقاييس الجريمة والقصاص ، إنها وبلا شك دروس في غاية الدقة والخطورة لمن يتمعن فيها ، لمن له قلب أو يلقى السمع وهو شهيد . هؤلاء الذين يموتون تترى لم يفكروا لحظة واحدة بأن يكون مصيرهم هكذا ... وهكذا مصيرهم وإلا ّ فلا . إنها تحف دموية بغاية الجمال السوداوي القاتم ، إنها لوحات موت راقصة على أنغام زمن لا يُـفهم ، إنها أسرار حياة تخرج للملأ في ساعة غفلة من حزن كاد يدوم ويدوم .
صدام لم يمت ، لم ينفذ به حكم الإعدام ، هو الآن جالس في مكان سرّي يعدّ خطاباته التعبوية للمرحلة القادمة ، وأجرى عمليات تجميل دقيقة وغيّر ملامحه وسيسافر في أول رحلة الى إحدى دول أمريكا اللاتينية ويختفي فيها ، صدام يتصل بالعائلة وبالمقربين منه ويدعوهم الى انتظار ساعة الصفر ... هكذا كان حلم ابنة الرئيس يا سادة يا كرام ...
فلقد { وليسمع من لم يسمع هذا } اتفقت ابنة الرئيس المعدوم عن طريق تاجر سلاح قديم كان في حاشية والدها مع شبكة مافيا من الطراز الأول ، ومن ستة أشهر مضت ، وجرت معظم اللقاءات السرية بين الوسيط والشبكة في ضواحي موسكو ، حيث تم الترتيب لعملية تهريب مؤكدة ، منظمة ودقيقة الى درجة الضمان بحتمية نجاحها . كما وزار عدد من أعضاء تلك الشبكة العراق مؤخرا ً وتفقدوا مناطق عديدة ، ومنها منطقة جبال حمرين في مدينة بيجي شمال تكريت ، حيث كان من المرجح ان تكون تلك المنطقة مهبطا ً آمنا ً للسمتيات التي سيستخدمونها في عملية تهريب الرئيس الراحل ، أما قيمة الصفقة ، فلقد فتحت السيدة رغد صكا ً مفتوحا ً أمام الشبكة ، وتقول أقوى الأخبار بأن المبلغ المتفق عليه وصل الى { مليار دولار أمريكي } تم تسليم نصفه الى ثلاثة من أعضاء الشبكة الذين يترأسون شركات عملاقة للشحن البحري ، وتجارة السلاح . كانت العملية تستهدف تهريب الرجل الأول الموجود في سجن المطار عن طريق إنزال ليلي بسمتيات أمريكية عدد 3 تقوم إحدى دول الجوار بتجهيزها لهم وتهيأتها في منطقة بيجي ، فيما تقوم مجموعة أخرى بقصف وهمي للمنطقة الخضراء ومقر السفارة الأمريكية تحديدا ً بصواريخ غاية في الدقة ، مع تشويش الاتصالات بين المطار ومقر قيادة القوات الأمريكية عن طريق أجهزة متطورة { تعهدت نفس الدولة أيضا ً بتجهيزها } . أغلب عناصر الشبكة من جهاز الكي جي بي السابق ومن المتمرسين والمتدربين بشكل تقني عال .
ما جرى يا سادة يا كرام ، هو أن التوقيت أختلف ، وأن ساعة الصفر تغيرت أكثر من مرة ، وأن آخر محاولة كانت للتنفيذ وحسب الأخبار كانت ستبدأ الساعة { السادسة وخمس وأربعون دقيقة صباح تنفيذ الحكم حسب توقيت بغداد } أي بفارق 45 دقيقة فقط بين التنفيذ والمداهمة ... لكن ... يا سادة يا كرام ، حدث ما لم يكن في الحسبان ، وتم التعجيل في التنفيذ وصعد الرئيس الى المشنقة وهو حتى آخر لحظة كان يظن أن ما يجري هو ضمن ما وصل الى مسامعه همسا ً عن طريق محاميه الدليمي ، لذا فإن من إحدى تفسيرات رباطة جأش الرجل كانت تلكم الأخبار التي تأملها حتى آخر لحظة .
ما يعنينا من كل هذه التسريبات والأخبار هو شيء واحد وحقيقة واحدة ، أن الرجل الذي كان يخاطبنا بالموت ويعجل في زهق أرواحنا ولا يدع لنا فرصة بسيطة في الحياة ، هذا الرجل ، قد مات ... ونحن الآن في الأسبوع الثالث لذكرى رحيله ، وقد التحق به أخوه والبندر .
ماذا جرى لبرزان يا سادة يا كرام ؟
لقد قطعت رأسه !
هذا أمر فظيع ! أمر في غاية العنف والدموية ، لقد أفسد هذا الأمر سرورنا بخبر إعدامه ، فالمشهد دمويٌ وليس من السهل استيعابه ، ولعل من واجبات الأمور توثيق سبب هذا الأمر ... والذي تطرق له البعض وتركه البعض ...
ينفصل رأس الإنسان في حالة الإعدام لعدة أسباب :
• إما أن يكون المعدوم قد مورس ضده عملية تشفي ! وهي حالة حكم نادرة ، كانت سائدة في عهد النظام البائد ، وهي إصدار عقوبة الإعدام مع تشفي ، حيث يتم تمزيق أوصال المغدور قبل تنفيذ حكم الإعدام به ، شريطة أن لا تزهق روحه ! وعليه فعند وجود فتحة أو جرح في رقبته سيكون هذا المكان بداية للقطع مع السقوط أثناء الشنق ، مع ضغط وزن الجسم مضافا ً إليه التسارع في السقوط على منطقة الرقبة ... { حديث مريح ! }
• أن يتعلق أحد المتواجدين في ساحة المقصلة بجثة المعدوم ويقوم بسحبه الى نحو الأرض ، وهذا المنظر شاهدناه في إحدى حفلات إعدام المعارضين الليبيين في ساحات طرابلس العامرة .
• تماس يحدث بين رقبة المعدوم وحافة الفتحة الحديدية التي يهوي منها أثناء السقوط مما يؤدي الى فتح جرح في الرقبة أو تحت الفك السفلي ، وهذا احتمال وارد حينما يرفض المعدوم العملية ويتحرك يمنة يسرة . التماس لو حصل وانفتح جرح فهو بداية للاحتمال الأول الذي ذكرناه .
• طول الحبل ، أي المسافة ما بين سقوط المعدوم واستقرار الحبل على رقبته ، وهي مقدار التعجيل في سرعة السقوط ، فكلما زادت المسافة تسارع الجسم أكثر وبذلك تتزايد الطاقة داخله متمثلة بوزنه مضروبة في جيب تمام القبوط الذي كان يرتديه سيادة الرئيس.
• الاحتمال الأهم والأورد في هذه القضية يا سادة يا كرام هو الحبل ، وتلك القبضة العملاقة التي في بداية الدائرة التي تستقر حول رأس المعدوم . إن عمليات الإعدام الطبيعية تجري بطريقة متعارف عليها وهي { وضع عقدة الحبل التي لا تكون بهذه الضخامة في الجهة الخلفية للرقبة تحت الجمجمة } وعندما يهوي المعدوم يلتف الحبل ويضغط على منطقة الرقبة من الأمام الى الخلف ، سوف ينقطع عنه الهواء أولا ً ثم يتوقف تدفق الدم من والى الرأس ، وإذا كان سقوطه سريعا ً أو وزنه فوق المعتاد قد تنفلت الفقرتان العنقيتان الثانية والثالثة عن بعضهما ويترتب على ذلك قطع النخاع الشوكي الذي يقطع مجموعة الأعصاب والأوامر الى أعضاء الجسم ، لذا نرى في مثل هذه الحالات حركة لفترة وجيزة في جسم المعدوم وهي مقاومته للألم وحلاوة خروج الروح منه . أما في الحبل الذي رأيناه في عنق السيد الرئيس فلم يكن حبلا ً عاديا ً البتة ، ولم تكن تلك عقدة طبيعية ، فهي كانت كافية لشنق فيل أو كركدن دون أيّ احتمال لنجاته ، والمصيبة هي أن من وضع الحبل في عنق سيادته ، وضعه بطريقة قد تؤدي الى قطع رأسه ، حيث أن العقدة ستجمع كل القوة المتكونة نتيجة وزن المعدوم مضروبا ً في التعجيل المتكون من تسارع السقوط ، يجمعه ليركزه في منطقة واحدة وهي تحت الأذن اليسرى بأربعة أصابع ، وهي منطقة عضلات مملوءة تنقل الصدمة ، بعكس مقدمة الرقبة التي تحوي البلعوم وتجويف الحلق السفلي والتي ستكون بمثابة وسادات هوائية لامتصاص ضغط الحبل عليها . فحين تأتي القوة على جانب الرقبة فعلى الفور ستكسر هذه القوة { التي تبلغ وزن سيادته مضروبا ً في عشرة ، مضافا ً لها وزن القبوط في معادلة رياضية لحساب القوة ومركز الثقل } والتي قد تصل الى ألف كيلو غرام ! ستكسر العظام التي تمثل بداية العمود الفقري .عليه فإن وضع الحبل والعقدة بهذه الطريقة هو أحد أسباب التي أدت بوفاة الرئيس السابق بعد لحظات سريعة لم تتجاوز عشر ثوان ، حيث تفتت عظام الرقبة وانقطع الحبل الشوكي وتوقف تدفق الدم في لحظة واحدة ... وصار ما صار ... يعني المشكلة بعقدة الحبل ، فلقد وضعت في رقبة الرئيس من الجانب { وكما يُـقال بلغة أهل الحل والعقد ... انطاهياه صَفحْ ! } وكذا أخو الرئيس حسب رواية شهود العيان أيضا ً يؤكدون أن العقدة كانت بجانب رقبته { أكله صفح } أما بندر فيقول نفس الراوي ولعنه الله لو كان كاذبا ً ... يقول { أن عقدة الحبل كانت من خلف رقبته ... أي ... انطوهياه من وَرَة واخذ راحته } .
وكل هذه الاحتمالات هي احتمالات فقط ... والحقيقة عند من لا تزوّر عنده الحقائق ، فلقد طار رأس آخر من عائلة الطغاة ، وترملت امرأة أخرى من بناة العوجة ، واحترقت قلوب لم تعرف اللوعات زمنا ً ، وبكت عيونٌ كانت كحيلة بمصابنا ، وولولت نساء كانت ترقص في مآتمنا ، وطأطأت رؤوسٌ على جنائز لم تكن قبل اليوم مطأطئة ، ودفنوا جثتان ورأس.
قتلنا أخو صدام ، قتلنا برزان ، وأنزلنا القصاص به ، أنزلنا في قلبه رعبا ً رهيبا ً وخوفا ً لا يطاق ، جعلناه يعيش لحظات عصيبة من العنف والزلازل والانشطار ، في الليل ، في العتمة ، في أجواء مرعبة ، سحبناه الى المقصلة ، وقلنا له سنقطع رأسك ، قلنا له ستموت ، الليلة الليلة ، أذقناه مرارة أنسته كل حلاوة ذاقها في حياته الأسطورية ، بصقنا عليه ، زجرناه ، فتوسل وتوسل ، وارتعد وركع ، ثم هذى وبال على نفسه ، وخارت قواه ، لقد أفقدناه خواصه الآدمية التي كان يتمتع بها في منتجعات جنيف ، سقناه الى المقصلة ، ربطنا يديه ورجليه ورفعناه مكانا ً عليّـا ً ، الى هناك يا بن الجماعة ، لا أمّ لك ، اصعد واستعد لهذه الهدية ، ألبسناه كيسا ً في رأسه ، فكانت تلك اللحظات هي اختصار لعمره الذي أفناه في التكبر والتجبر وسحق حقوق الناس ، لحظات الظلام التي عاشها ورأسه داخل الكيس الأسود عادلت له الموازنة ، وأفهمته حقيقة نفسه ، لقد أكثر في تلك اللحظات من ترديد كلمة ( لا لا لا لا ) فلربما كشف الغطاء عنه ، ورأى مكانه في الجحيم ، لكنه لم يزل بيننا والساعة تقترب من الواحدة صباحا ً ، في سهرة مع نجوم الجلادين العمالقة ، أنت تحت يد لا ترحمك بعد اليوم .
قطعنا رأسه ، فرأسٌ برأس ، ورأس بألف عربة مفخخة أرسلتموها الى أحياءنا الفقيرة ...
وقسما ً ليسبينكم هذا الزمن الأعوج يا آل صبحة وآل المجيد وآل طلفاح وآل عوجة وآل من هتكتم أرض العراق ، وسيعدم الحرافيش الغوغاء ما تبقى من نسلكم ، سيعدمون علي حسن المجيد ، سبعاوي ووطبان ومن يقع تحت نعالهم يسومونه سوء العذاب بما كانوا يفعلون ...
واسمعوا مني هذه واندبوا حالكم ... يقولون أن رأس برزان وقبل أن يُسلم الى ذويه ، أخذه الغوغاء الى الكوفة ! أتدرون لماذا ؟ لأن هذا عهد معهود ... في كتب أجدادنا ...
{ أن يصبح رأسه في سكك الكوفة ، يتراماه الأطفال ويتخذونه غرضا ً بينهم }
ولعلمكم فلقد بال طفل من يتامانا على رأس أخو الرئيس فتذكروا ذلك .
تالله أنه القصاص ، وعن قريب نمدد ثالثهم معهم ، ونمدد الآخر ، ولا ندري أيّ جزء سيطير منهم يا نسل راعية الكلاب حين سنشنق رجالاتكم ، ونسلط مصائبنا من الأهوار الى الأنفال على رؤوسكم ... فانتظروا جثث من بقى ، واندبوا من رحل ، فما أحلى العتمة في بيوتكم ، وما أشجى نحيبكم يا سُـفلية القوم ... و( خل ياكلووووووووون )
ayoobeat@hotmail.com