trt
الاحتلال الانجليزي للعراق
تقييم البروفيسور حيدر جاقماك رئيس قسم العلاقات الدولية من جامعة غازي التركية
قامت انجلترا التي احتلت العراق بعد الحرب العالمية الاولى أعقاب مرور خمسين عام على هذا الاحتلال بإبرام اتفاقية للتعاون مع الحكومة العراقية خلال شهر مايو/أيار 1959وسحبت بموجبها قواتها العسكرية من العراق. كانت انجلترا قد سلبت ولايتي الموصل وكركوك من الجمهورية التركية من خلال إقامة التعاون مع العرب والأكراد ضد الأتراك. هذا وان انجلترا بالذات هي التي قامت بتحديد الحدود العراقية والعلم العراقي والتشكيلة الأثنية والنظام في العراق. وكان هدف انجلترا التي لا ترغب في أن تنتقل المناطق النفطية الى يد الأتراك، هو إبقاء الموصل وكركوك بيد عراق ضعيف قامت بتأسيسه.
نقدم لكم تقييم البروفيسور حيدر جاقماك رئيس قسم العلاقات الدولية من جامعة غازي حول هذا الموضوع.
كان باستطاعة انجلترا ان تؤسس دولة للأكراد في تلك الفترة ، إلا إنها لم تؤسس هذه الدولة لأنها كانت ترغب في استغلالهم فيما بعد. اضطرت انجلترا التي خلقت دولة كثيرة المشاكل ومتكونة من الأثنيات والطوائف المتعددة منهم الشيعة والسنة والأكراد والتركمان ومن العناصر التي تشكل الأقليات الاخرى لتكون بحاجة اليها دوما، اضطرت لتركها عام 1959 بعد الانقلاب العسكري الذي تحقق عام 1958.
عادت انجلترا الى العراق مرة اخرى خلال شهر مارس/آذار 2003 واحتلت مجددا ميناء البصرة والمنطقة المحيطة بها مثلما قامت بذلك عام 1918. وانتهى الاحتلال الانجليزي الذي دام ستة اعوام بين 2003-2009 خلال شهر ابريل/نيسان عام 2009. وفقدت انجلترا خلال هذه الفترة 179 جنديا الى جانب 55 من الجنود العائدين لدول التحالف. ان هذا الرقم يُعد رقما متواضعا للغاية عند إجراء المقارنة مع الجنود الذين فقدتهم اميركا والبالغ عددهم خمسة آلاف جنديا. وعندما نقارن هذه الارقام مع الآلاف من القتلى والجرحى العراقيين نرى ان هذه الارقام تعد متواضعة للغاية.
وفي الحقيقة ان الكيان العسكري الانجليزي المتواجد في العراق لاينتهي مثلما هو متوقع. وسيواصل 500 جندي انجليزي كيانهم في المنطقة. لقد وقّعت انجلترا على اتفاقية شاملة مع الحكومة العراقية بغية مواصلة مصالحها في هذا البلد. وحققت ضمانة النفط والغاز الطبيعي والاجهزة والمعدات الدفاعية. هذا وان تضرر الاقتصاد الانجليزي من الازمة المالية العالمية وإظهار الرأيين العامين الانجليزي والعالمي رد فعل شديد ازاء احتلال العراق ولاسيما رد فعل الشارع العربي ونيل الانجليز أهدافهم السياسية والاقتصادية تُعد من الأسباب الرئيسية لانسحاب قسم كبير من القوات الانجليزية من العراق.
ان كلا من انجلترا والولايات المتحدة الاميركية تشاطرتا الرأي العام العالمي المبالغ التي أنفقتاها في العراق، في حين لم تشاطرانه بشأن الكمية التي حصلتا عليها من النفط والغاز الطبيعي. وعلى الرغم من كل ذلك فان انسحاب القوات الأجنبية من العراق أمر يبعث على الامتنان.