(2- 50)
هدف الأنبياء في الحياة
الهدف الذي سعت الى تحقيقه حركة النبوات هو ربط الأرض بالسماء، فإنسانها يحتاج دوماً الى إرتباط بالمطلق، لتتطامن روحه، وتتسع مساحة آماله، وتمتّد نظرته الى أبعد ممّا حوله، فهو خليفة الله على أرضه كما أراد الله له ذلك.
فكلمة التوحيد التي أرسى قواعدها أنبياء الله من أجل توحيد خطى البشرية على نسق واحد ، وأنّ البشر عباد الله، وهم إخوة في إطار هذه العبودية، تهدف إبعاد كلّ ما يعكّر مسيرة الناس، ويزعزع إستقرارهم في رحلة الحياة الدنيا.
وإذا رأينا إختلاف المتدينين بهذه الأديان، ونشوب الحروب بينهم تحت يافطة الأديان، والتمترس بشعاراتها ، فالأنبياء والأديان من ذلك براء .
فلم يشعرنا نبيّ من أنبياء الله أنّه أقام خصومة مع آخر، أو دعى الى حفر خنادق تمنع من التعايش والإنفتاح على الآخر.
ومن هنا فالمدنية القائمة والحداثة التي بلغت أوّجها، لم تستفد من عراك الأديان إلاّ المزيد من الكراهية، ونشوب الحروب وإشعالها، وقتل الإنسان.
وهذا ما يحدونا الى الوقوف بوجه أدعياء الأديان على مختلفها وألوانها، ومنع القائمين بإسمها من رجال دين ودعاة من التمدّد والتأثير في واقع الناس.
وتعود الأديان بهتلفاتها الخلاّقة، ويعود هدير الأنبياء من جديد لتوجيه الحداثة، وقيادة المدنية بمظهرها الهائل، من خلال ما تركوه لنا من هتافات خيرة بانية، تصلح شأن الإنسانية بعد ضياع.