الإنسحاب الأمريكي من العراق يفجر سوقاً لأثرياء الحرب









6/21/2010 1053

بغداد (رويترز): مخلفات الاحتلال تجيء في كل الاشكال والاحجام..في سوق الهرج بالعاصمة العراقية بغداد تجد أمشاط ذخيرة لبنادق طراز ام. 16 وحاملات بنادق ودروعا يرتديها الجند.

وفي متجر بحي الكرادة تجد أقراصا مدمجة وصابونا ايرلنديا ووجبات جاهزة ينتجها الجيش الامريكي يتسابق متعاقدون نشطون على انتشالها من وسط امدادات زائدة عن الحاجة في القواعد الامريكية.

انها صرخة الفرحة التي يطلقها أثرياء الحرب الذين يحاولون الانتفاع من كل ما يتخلص منه الامريكيون.

ويستعد 85 الف جندي امريكي مازالوا في العراق للانسحاب خلال الثمانية عشر شهرا القادمة وتتخلص وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) تدريجيا من كل الهياكل الثابتة والمنقولات في القواعد التي تعيش فيها قواتها بعضها يتم طرحه في مزادات وبعضها يتسرب الى السوق السوداء.

ومن السلع التي تصل الى السوق العراقية أجهزة التكييف والمبردات من 500 قاعدة عسكرية كانت عاملة في ذروة الوجود العسكري الامريكي في العراق عام 2007 حين كان نحو 170 الف جندي أمريكي يحاولون منع نشوب حرب اهلية طائفية في البلاد.

كان الحجم الضخم للقوات الامريكية في العراق يعني ان حجم عدد من القواعد يماثل حجم المدن إذ يوجد بها مراكز تجارية كبيرة على غرار وول-مارتس في الولايات المتحدة ومطاعم بيرجر كينج.

وانحسرت بدرجة كبيرة الحرب الطائفية. كما تراجع التمرد الذي فجره الغزو الامريكي للعراق عام 2003 لكنه لم يخمد بشكل كامل.

في محافظة الانبار الصحراوية بغرب العراق والتي كانت معقلا للمقاومة الاسلامية السنية عامي 2006 و2007 يعكف التجار على غربلة الصالح من الطالح وسط أكوام من المكانس الكهربائية وأطباق استقبال التلفزيونات الفضائية وقطع غيار العربات العسكرية الامريكية ويفككون الكبائن الخشبية والمراحيض المتنقلة.

تلك هي رفاهيات الحرب الحديثة مادام يوجد منها مخزون.

وقال فايز أحمد وهو يفتش وسط المخلفات الامريكية بالقرب من مدينة الرمادي في محافظة الانبار "أعتقد ان أسعار هذه المعدات يمكن ان ترتفع بسبب الانسحاب الامريكي من العراق."

وأضاف "يمكن لهذه المعدات ان تستخدم مثل المبردات ومكيفات الهواء والاحشية والخيام.

"الناس تبحث عن هذه المعدات نظرا لمواصفاتها...ولان ما يوجد في الاسواق اما صيني او كوري الصنع."

حين يبدأ الجيش الامريكي عملية انتشار يواكب ذلك عادة عمليات لوضع اساسات راسخة.

في كوسوفو بعد ان شن حلف شمال الاطلسي حملة قصف جوي لطرد القوات الصربية عام 1999 بنى الجيش الامريكي قاعدة بوندستيل في اوروسيفاتش لنحو 7000 جندي وكانت مجهزة بكل شيء بدءا من محطة للصرف الصحي وانتهاء بكنيسة ومستشفى وسجن. وانتعش اقتصاد الظل ولايزال يوجد هناك 1500 جندي.

لكن في العراق لا تعتزم الولايات المتحدة البقاء.

فالعمليات القتالية تنتهي في اغسطس اب ويتقلص عدد الجنود الامريكيين الى 50 الفا بحلول اول سبتمبر ايلول قبل انسحاب كامل للقوات الامريكية من العراق بانتهاء عام 2011 .

ويذهب غالبية عتاد القوات الامريكية الى أفغانستان او يعاد الى الولايات المتحدة كما تذهب بعض المعدات الى الحكومة العراقية.

وسلمت الولايات المتحدة أكثر من 370 قاعدة للعراق ويقول الجيش الامريكي انه "ينقل" للعراق 62000 قطعة فائضة منها عربات وقطع أثاث مكتبي. ومن الاثار الواضحة للغزو الامريكي هذا الانتشار الهائل للعربات ذات الدفع الرباعي في طرق العراق.

كما تباع في الاسواق العامة الغسالات الكهربائية ومكيفات الهواء والمجففات والبرادات ومعدات الاضاءة.

وقال البريجادير جنرال جوستاف بيرنا في مؤتمر صحفي "هذا العام تخلصنا مما زنته 20 مليون رطل (9000 طن) وأدخلنا الى خزانة الدولة نحو 500 الف دولار."

ويقول الجيش الامريكي ان عمليات التخلص من الفائض تتم بطريقة " مخططة ومنتظمة" وانه عالج او تخلص من أكثر من 130 ألف طن من المخلفات السامة.

لكن هناك منتقدين يشيرون الى وصول قطع من البنادق والدروع التي يرتديها الجند الى أسواق الشوارع كما يشيرون الى تقارير تتحدث عن العثور على مواد سامة في مقالب قمامة مفتوحة وهو ما يؤخذ كدليل على الفساد.

ويقول أحمد وهو تاجر من الرمادي مشيرا الى الجيش الامريكي "يلقونها في الارض الصحراوية ثم يجيء رجل الشارع ليشتريها."

ويقول محمد الصعيدي التاجر بسوق الهرج انه بدأ في بيع سلع أمريكية اعتبارا من عام 2004 مع خروج الاوضاع في العراق عن نطاق السيطرة واصابة الاقتصاد بالشلل التام.

وأضاف "كنت أبيع نظارات الشمس قبل انهيار النظام. لكن حركة البيع كانت بطيئة الى حد ما."

ومثلهم مثل العراق يواجه المتاجرون في السلع الامريكية مستقبلا غير واضح.

وقال صاحب متجر في الكرادة طلب عدم نشر اسمه "الاتجار مع الامريكيين ليس حراما انه تجارة."

كان يقف في متجره المليء بسلع امريكية منها ماركات امريكية شهيرة لمستحضرات ازالة العرق "انها منتجات عالية الجودة. حين تنفد بضاعتي سأحصل على عمل آخر او اعود لبيع الاحذية."