قراءة أولية لقانون الجنسية الجديد
التاريخ: Monday, April 03
اسم الصفحة: الصفحة الاولى لجريدة الصباح

المحامي طارق حرب
رئيس جمعية الثقافة القانونية العراقية

في 7/ 3/ 2006 نشرت الجريدة الرسمية جريدة الوقائع العراقية بعددها 4019 قانون الجنسية العراقية الجديد رقم 26 لسنة 2006 والذي جاء ليحل محل قوانين الجنسية السابقة ومنها قانون الجنسية رقم 43 لسنة 1963


وقانون منح الجنسية للعرب رقم1 لسنة 1975 وقانون الجنسية والمعلومات المدنية رقم 46 لسنة 1990 وقرارات مجلس قيادة الثورة (المنحل) الخاصة بمنح الجنسية. وقد جاء في الاسباب الموجبة لاصدار هذا القانون:” بغية توحيد الاحكام الخاصة بالجنسية العراقية والغاء النصوص المتعلقة باسقاط الجنسية العراقية عن العراقي الذي اكتسب جنسية أجنبية. ولتمكين العراقي الذي اسقطت عنه تعسفاً الجنسية العراقية من استردادها وفقاً للاصول. لغرض ربط العراقي بوطنه اينما حل في بقاع العالم ودفعه الى الانتماء الى تربة العراق رغم حصوله على جنسية اخرى “ وقد جاء هذا القانون انفاذاً( تنفيذاً) لاحكام الجنسية التي اعتنقتها الانظمة القانونية لدول الديمقراطية واوطان الحرية التي تقدس حق المواطن في التزامه بجنسيته وان حق المواطن في بقاء جنسيته يفوق حق الدولة في التحكم في أمور الجنسية كما كان عليه الحال في النظام القانوني العراقي قبل 9/ 4 / 2003.. كما ان هذا القانون جاء تفصيلاً لوجيز احكام جنسية العراقي الواردة في المادة( 11) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية الصادر في 8/ 3/ 2004 واحكام المادة (18) من الدستور العراقي الجديد ذلك ان هذا القانون نقل الاحكام المذكورة مع تفصيل اقتضته طبيعة الاحكام القانونية التي يجب ان يتضمنها القانون. لذلك نجد ان القانون كان امينا على قاعدة تدرج التشريعات التي تعطي الاحكام الدستورية السمو والاولوية على احكام القانون وعدم وجوب ايراد نص في القانون لايتناغم مع احكام الدستور او يخالفه.
اذ نصت المادة( 11) السالفة على : ـ
أ ـ كل من يحمل الجنسية العراقية يعد مواطناً عراقياً وتعطيه مواطنته الحقوق والواجبات كافة التي ينص عليها هذا القانون وتكون مواطنته اساس علاقته بالوطن والدولة.
ب ـ لايجوز اسقاط الجنسية العراقية عن العراقي ولايجوز نفيه( ابعاده) ويستثنى المواطن المتجنس الذي ثبت عليه في محاكمة انه اورد في طلب التجنس معلومات جوهرية كاذبة تم منحه الجنسية استناداً اليها.
ج. يحق للعراقي ان يحمل اكثر من جنسية واحدة وان العراقي الذي اسقطت عنه جنسيته العراقية بسبب اكتساب جنسية اخرى يعد عراقياً،
هـ ـ يبقى قرار مجلس قيادة الثورة( المنحل) 666 لسنة 1980 ويعد كل من اسقطت عنه الجنسية العراقية عراقياً.
و ـ على الجمعية الوطنية اصدار القوانين الخاصة بالجنسية والتجنس المتفقه مع أحكام هذا القانون (قانون ادارة الدولة).
ز ـ تنظر المحاكم في كل المنازعات التي تنشأ عن تطبيق احكام الجنسية اما الدستور فقد اورد عدة احكام خاصة بالجنسية منها المادة( 18) التي نصت على : ـ
اولاً : الجنسية العراقية حق لكل عراقي وهي اساس مواطنته.
ثانياً: يعد عراقيا كل من ولد لاب عراقي او لام عراقية وينظم ذلك بقانون.
ثالثاً: ـ أ ـ يحظر اسقاط الجنسية العراقية عن العراقي بالولادة لاي سبب من الاسباب ويحق لمن اسقطت عنه طلب استعادتها وينظم ذلك بقانون.
ب ـ تسحب الجنسية العراقية من المتجنس بها في الحالات التي ينص عليها القانون.
رابعا : ـ يجوز تعدد الجنسية للعراقي. وعلى من يتولى منصباً سيادياً او أمنياً رفيعاً التخلي عن اية جنسية اخرى مكتسبة وينظم ذلك بقانون.
خامساً: ـ لا تمنح الجنسية العراقية لاغراض سياسة التوطين السكاني المخلة بالتركيبة السكانية في العراق.
سادساً: تنظم احكام الجنسية بقانون وينظر في الدعوى الناشئة عنها من قبل المحاكم المختصة.
كذلك فان المادة(68) اولاً اشترطت في رئيس الجمهورية( رئيس مجلس الرئاسة) ونوابه ان يكونوا عراقيين بالولادة اي ان يكون والده عراقيا قبل ولادته اي حاملاً الجنسية العراقية قبل ولادة الولد المرشح لهذا المنصب وان تكون امه عراقية وليست اجنبية ولكن هذه المادة لاتشترط في الام او الاب عراقية الولادة وانما اشترطت ذلك في الولد. اي يجوز ان يتولى هذه المناصب من كان والده وامه عراقيين فقط. حتى ولو كان جده الصحيح (اب الاب) او جده الفاسد( اب الام) اثناء ولادتهما لم يكونا عراقيين طالما انهما حصلا على الجنسية العراقية وان الولد ولد بعد اعتبار والديه عراقيين.
وهذا الشرط مقرر لرئيس مجلس الوزراء نحو ما اوجبت ذلك المادة( 77) من الدستور الجديد. اما بالنسبة (عضو مجلس النواب) فان المادة(49) من الدستور لم تشترط ان يكون المرشح عراقياً بالولادة وانما اشترطت ان يكون عراقيا فقط دون شرط ولادته لاب عراقي. وعلى هذا الاساس يعامل الوزير على وفق احكام المادة( 77 / ثانياً) من الدستور الجديد.
واذا كانت الجنسية تعرف بأنها رابطة قانونية وسياسية بين المواطن والدولة التي يحمل جنسيتها ترتب حقوقاً والتزامات بين العراقين واذا كانت قوانين الجنسية للدول الشمولية والمطلقة تقرر التزامات كبيرة على المواطن وتحرم المواطن من حقوق كثيرة منها عدم حصوله على جنسية اخرى وتعدد حالات اسقاط الجنسية وسحبها ومنع القضاء من الاختصاص بالنظر في قضايا الجنسية. فان دول الديمقراطية تمنح المواطن حقوقاً كثيرة وتحمل الدولة التزامات كثيرة تجاه المواطن منها منح المواطن حق الطعن في قرارات الجنسية امام القضاء وعدم جواز سحب الجنسية من المواطن وجواز تعدد الجنسية اي حق المواطن في حمل اكثر من جنسية ومنح ابناء المواطنة الانثى حق الحصول على جنسية الوالدة حتى ولو كان الاب من جنسية اخرى ولورجعنا الى احكام قانون الجنسية العراقي السابق فانه يماثل الضرب الاول من أضرب القوانين وقانون الجنسية العراقية الجديد يناظر النوع الثاني من القوانين.
بعد كل ماتقدم نعود الى احكام قانون الجنسية الجديد رقم 26 لسنة 2006 لاستعراض بعض احكامه فنقول: ـ
1 ـ ان القانون الجديد اعتبر الشخص عراقيا سواء اكان قد حصل على الجنسية العراقية بالولادة( بالدم) اي الولادة لاب حصل على الجنسية العراقية قبل الولادة ام بعدها وسواء أكانت الجنسية اصلية مقررة بموجب قانون الجنسية ام جنسية مكتسبة اي ان الشخص حصل على الجنسية العراقية بعد ولادته بالجنس. وطبيعي ان لذلك اثراً في اشغال بعض المناصب السيادية كما لاحظنا بأن عضو مجلس الرئاسة ورئيس الوزراء يشترط فيهما ان يكونا عراقيين بالولادة.
2 - وقد حدد القانون كمال الاهلية لاغراض الجنسية اكمال الثامنة عشرة من العمر بالتقويم الميلادي وهو في ذلك يوافق احكام القانون المدني واحكام قوانين الجنسية العراقية السابقة. ولذلك أثر في طلب الحصول على الجنسية العراقية او استردادها.
3 ـ ولاجل احترام الحقوق المكتسبة بالنسبة لحصول الشخص على الجنسية العراقية على وفق احكام التشريعات السابقة. فقد قرر القانون اعتبار كل من حصل على الجنسية العراقية سابقا عراقي الجنسية. اي يعتبر عراقي الجنسية كل من حصل على الجنسية العراقية بموجب احكام اول قانون جنسية عراقية هو القانون رقم( 42) لسنة 1924 وقانون الجنسية رقم(43) لسنة 1963 وقانون الجنسية العراقية الخاصة بالعرب رقم(5) لسنة 1975 وقرارات مجلس قيادة الثورة المنحل الخاصة بمنح الجنسية العراقية. وبما ان القانون الجديد وضع احكاماً جديدة للجنسية العراقية لذلك الغى في مادته( 219 هذه القوانين والقرارات وكذلك الغى قانون الجنسية والمعلومات المدنية رقم( 46) لسنة 1990 الذي لم يتم العمل به منذ صدوره سنة 1990 حيث لم يتم تنفيذه.
4 ـ وقرر القانون الجديد فرض الجنسية الاصلية العراقية على اساس حق الدم بصرف النظر عن مكان الولادة. لذلك قرر اعتبار من ولد لاب عراقي الجنسية وهذا الحكم موجود في القوانين العراقية السابقة. ولكن القانون الجديد اضاف حالة اخرى لهذه الحالة وهي الولادة لام عراقية حتى ولو كان زوجها اي اب الولد غير عراقي الجنسية وقد جاء هذا الحكم تنفيذا لاحكام الدستور الجديد واحكام القوانين والمعاهدات الدولية التي تعطي ابناء المرأة حق الحصول على جنسيتها وعدم حرمانهم من جنسية الام. والقانون الجديد في ذلك شايع الاتجاه الجديد لقوانين الجنسية في العالم.
5. واخذ القانون الجديد بمبدأ منح الجنسية الاصلية العراقية على اساس حق الاقليم وحده اي الاساس الجغرافي. لذلك قرر ان من ولد في العراق من ابوين مجهولين ويعتبر اللقيط الذي يعثر عليه في العراق مولوداً فيه ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك. وهذا الحكم كان موجوداً في قانون الجنسية العراقية السابق. وهذا النص لا يطبق اذا كان احد الابوين معروفاً فهو اما ان يكون عراقياً واما ان يكون اجنبياً وفي ذلك لا تمنح له الجنسية العراقية والولادة في العراق كشرط قد تكون حقيقة او تقديراً لان عدم منحه الجنسية على الرغم من عدم معرفة والديه سيؤدي الى ما يسمى بحالة(اللا جنسية) وهذه غير مقبولة في القانون الدولي لانه سيتحمل جريرة ذنب لم يقترفه مما تأباه العقول القانونية الصحيحة والقلوب الانسانية الرجيحة.
6. لقد اورد القانون الجديد حالات عديدة للتجنس. اي جواز اكتساب الجنسية العراقية في بعض الحالات وهذه الحالات عهد بها القانون الى وزير الداخلية فللوزير السلطة التقديرية في منح الجنسية من عدمه وهذه الحالات هي:ـ
أ. اعتبار من ولد خارج العراق من ام عراقية واب مجهول او لا جنسية له عراقي الجنسية اذا اختارها خلال سنة من تاريخ بلوغه سن الرشدالا اذا حالت الظروف الصعبة دون ذلك بشرط ان يكون مقيماً في العراق وقت تقديمه طلب الحصول على الجنسية العراقية.
ب . اعتبار من ولد في العراق وبلغ سن الرشد فيه من اب غير عراقي مولوداً فيه ايضا وكان مقيماً فيه بصورة معتادة عند ولادة ولده عراقياً بشرط ان يقدم الولد طلباً بمنحه الجنسية العراقية.
ج. جواز قبول تجنس غير العراقي اذا كان بالغاً سن الرشد وان يكون دخل العراق بصورة مشروعة ومقيماً فيه عند تقديم التجنس ويستثنى من ذلك من ولد في العراق واقام فيه والحاصل على هوية الاحوا المدنية وان لم يحصل على شهادة الجنسية. وان تكون مدة الاقامة لا تقل عن عشر سنوات متتالية سابقة على تقديم الطلب.
وان يكون حسن السلوك والسمعة ولم يحكم عليه بجناية او جنحة مخلة بالشرف وان تكون له وسيلة جلية للتعيش وان يكون سالماً من الامراض الانتقالية. واذا كان هذا الاجنبي الذي يرغب بالحصول على الجنسية العراقية متزوجاً من امرأة عراقية فان مدة الاقامة ستكون مدة لا تقل عن خمس سنوات شريطة تحقق الشروط الاخرى.
د. للمرأة غير العراقية المتزوجة من عراقي اكتساب الجنسية العراقية اذا قدمت طلباً للوزير ومضت مدة خمس سنوات على زواجها واقامتها في العراق واستمرار قيام الرابطة الزوجية حتى تاريخ تقديم الطلب ويستثنى من ذلك من كانت مطلقة او توفي عنها زوجها وكان لها من مطلقها او زوجها المتوفى ولد.
7. اشترط قانون الجنسية الجديد على كل شخص غير عراقي يحصل على الجنسية العراقية ان يؤدي يمين الاخلاص للعراق ويعتبر عراقياً من تاريخ ادائه اليمين الاتية(اقسم بالله العظيم ان اصون العراق وسيادته وان التزم بشروط المواطنة الصالحة وان اتقيد بأحكام الدستور والقوانين النافذة والله على ما اقول شهيد). ويتمتع الذي يحصل على الجنسية العراقية بالحقوق المقررة للعراقي الا من استثني منها بقانون خاص فلا يجوز ان يكون رئيسا للجمهورية او احد نوابه وليس له ان يكون وزيراً او عضواً في هيئة برلمانية كمجلس النواب او المجالس التشريعية للاقاليم قبل مضي عشر سنوات على تاريخ اكتسابه الجنسية العراقية، ويلاحظ على القانون الجديد انه منع الحاصل على الجنسية العراقية بالاكتساب من اشغال منصب رئيس الجمهورية او احد نوابه بصورة مطلقة اما بالنسبة للمناصب الاخرى فانه اشترط مضي عشر سنوات على الحصول على الجنسية العراقية. ويلاحظ ان القانون لم يتطرق الى ذلك بالنسبة لرئيس الوزراء وبما ان الدستور قرر شروط رئيس الجمهورية نفسها بالنسبة لرئيس الوزراء فانه يتم العمل بذلك وان لم يذكره قانون الجنسية.
8. اذا اكتسب غير العراقي الجنسية العراقية فان اولاده غير البالغين اي دون الثامنة عشرة من العمر يصبحون عراقيين شريطة ان يكونوا مقيمين معه في العراق.
9. اخذ القانون الجديد بمبدأ ازدواج الجنسية اي حق العراقي في حمل جنسية اخرى بالاضافة الى الجنسية العراقية. ما لم يعلن تحريرياً عن تخليه عن الجنسية العراقية ولكنه منع العراقي الحاصل على جنسية اخرى من تولي منصباً سيادياً او امنياً رفيعاً الا اذا تخلى عن الجنسية الاخرى. وبالتالي لا يجوز مثلا لمن حصل على جنسية اخرى حق اشغال منصب في عضوية مجلس الرئاسة او مجلس الوزراء او رئاسة مجلس النواب او رئيس اركان الجيش او مدير المخابرات مثلا ما لم يتنازل عن الجنسية غير العراقية لان جميع هذه المناصب مناصب سيادية رفيعة.
10. اجاز القانون للعراقي الذي تخلى عن جنسيته العراقية حق استردادها شريطة العودة الى العراق واقام فيه مدة لا تقل عن سنة ولا يستفيد من هذا الحق الا مرة واحدة وللمرأة العراقية التي تخلت عن جنسيتها حق استردادها إذا منح زوجها الجنسية العراقية او اذا تزوجت من عراقي او اذا توفي عنها زوجها او طلقها او تم فسخ عقد الزواج.
11. وحيث ان بعض القوانين للدول الاخرى تعطي للزوجة جنسية الزوج. لذلك قرر القانون الجديد ان زواج العراقية من غير العراقي واكتسبت جنسية زوجها فانها لا تفقد جنسيتها العراقية ما لم تعلن تحريرياً تخليها عن الجنسية العراقية.
12. واورد القانون الجديد احكاماً عديدة خاصة بالجنسية منها ان لكل عراقي اسقطت عنه الجنسية العراقية لاسباب سياسية او عنصرية او طائفية ان يستردها وفي حالة وفاته يكون هذا الحق لاولاده وقضى باختصاص القضاء بالنظر في الدعاوى الخاصة بالجنسية خلافاً لما كان موجوداً سابقاً من منع المحاكم من النظر في هذه القضايا والغى القانون قرار مجلس قيادة الثورة(المنحل) رقم 666 السنة 1980 الخاص باسقاط الجنسية العراقية عن بعض العراقيين واوجب اعادة الجنسية لهم ومنح القانون الوزير سلطة سحب الجنسية العراقية ممن اكتسب الجنسية العراقية اذا ثبت قيامه او حاول القيام بعمل يعد خطراً على امن الدولة وسلامتها او قدم معلومات خاطئة عنه او عن عائلته عند تقديم الطلب عند الحكم عليه واكتسب الحكم درجة البتات.
وقضى القانون بسريان احكام القانون العراقي على من يحمل الجنسية العراقية حتى لو كان يحمل جنسية دولة اخرى بالاضافة الى الجنسية العراقية وقرر فقدان الاولاد الصغار للجنسية العراقية اذا فقد والدهم العراقي الجنسية العراقية.
وختاماً نتوقف عند الحكم الذي اورده القانون الجديد بعدم جواز اعادة الجنسية العراقية لمن تم اسقاط الجنسية العراقية عنه بموجب القانون رقم لسنة 1950 والقانون رقم 12 لسنة 1951 وان كان هذان القانون قررا اسقاط الجنسية لاسباب دينية. ولكن ذلك يدخل في اختصاص النواب.







هذا الخبر من موقع جريدة الصباح