الدوحة - الشرق :
دعا فضيلة العلامة د. يوسف القرضاوي السنة في العراق للمشاركة في الانتخابات، ونفى أن تكون تلك المشاركة حراماً في ظل الاحتلال، وقال إنه حتى لو كان حراماً فالضرورات تبيح المحظورات، مطالبا إياهم بالشهادة وعدم كتمانها.. وفي الوقت نفسه أرجع فضيلته المجازر التي تتم كل يوم بالعراق إلى وجود الاحتلال محملاً المسؤولية لما يحدث للشيعة الذين بيدهم السلطة والشرطة والجيش، فيما دعا إلى عراق موحد كما كان.. وقد أكمل د. القرضاوي في خطبته الأولى حديثه حول غزوة الأحزاب فقال: هذه الغزوة التي صمم فيها المشركون من قريس وأحابيشهم ومن غطفان ومن يتبعها من القبائل - قبائل البدو - في عشرة آلاف مقاتل أو أكثر، زحفوا على المدينة، ليس لهم إلا غرض واحد وهم واحد هو ان يبيدوا المسلمين، ويستأصلوا شأفة هذا الدين الجديد من جذوره، وألا يبقوا له من باقية، وألا يبقى أحد يعبد الله وحده ويقول لا إله إلا الله.. وزاد الأمر شدة أن هؤلاء الغزاة من الوثنيين المشركين انضم إليهم اليهود: يهود بني قريظة الذين بقوا في المدينة، وكانوا قد فعلوا مع الرسول ما يستوجب العقوبة حين حالفوا بني النضير ضد النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه عفا عنهم وأبقاهم في المدينة. ومع هذا أبت عليهم طبيعتهم إلا أن ينقضوا العهد والميثاق، والذمة التي بينهم وبين رسول الله، في أشد الأوقات حاجة لرعاية العهد والميثاق، وقد كان العهد يوجب عليهم ان ينصروا رسول الله على من يغير على المدينة ويهاجمها من الخارج، وأن يمدوا الرسول بالمال أو بالسلاح أو بالرجال عند اللزوم، كان على الأقل يجب ان يصمتوا، ويقفوا على الحياد، أن يلزموا حصونهم ولا يفعلوا شيئا.. ولكنهم استجابوا لحيي بن أخطب الذي كان يشبه في اليهود بأبي جهل في العرب.. مازال بهم حتى نقضوا العهد، ويبدو أن هذا كان أحب إليهم، وينسجم مع تاريخهم وطبيعتهم.. وحينما بعث النبي إليهم من يستكشف الأمر عرف ان القوم بشر حال.
تأكد العذر
وروى د. القرضاوي أن الرسول بعث إليهم - اليهود - أولا الزبير بن العوام، أرسله يستشف ما عند القوم، فعاد إليه وأخبره للخبر فقال صلى الله عليه وسلم مثنيا على الزبير: إن لكل نبي حواريا وحواري الزبير.. ومرة قال له: أرم فداك أبي وأمي، ولم يكتف النبي بذلك، بل أرسل من الأنصار من حلفاء هؤلاء اليهود من يتأكد من هذا، من الأوس مثل سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، وغيرهما.. أرسل إليهم أبا لبابة بن المنذر، فجاؤوا وأشاروا للرسول عن طريق الكتابة ان القوم قدر عذروا، فعز ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه بعد أن اضجع فترة من الزمن يفكر في الأمر خرج إلى الصحابة يبشرهم: ابشروا بنصر الله وتأييده، لأن الغدر لا تكون عاقبته إلا الشر على أصحابه «فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله».
وقال: شق الأمر على المسلمين وظلوا ليلا ونهارا يحفرون الخندق خصوصا بالليل، خوفا من ان يقتحم المشركون الخندق أو يغدر اليهود وهم في داخل المدينة، وقد قالوا مرة لأبي سفيان بن حرب زعيم قريش ومن معها: ابعث لنا بألف رجل ومن غطفان ألفا لنغير على محمد، ولكن الله ثبطهم، ورأوا النبي في حراسة ليلا ونهارا، وكان النبي يكلف ان يحرس الصحابة المدينة وان يطوفوا بها خوفا على النساء والذرية خوفا عليهم من غدر اليهود فكانوا يطوفون ويكبرون: الله أكبر، فكان اليهود كلما سمعوا التكبير فت في عضدهم، ودخل الهلع على نفوسهم فلم يستطيعوا ان ينفذوا ما عزموا عليه.. وكان المشركون يحاولون ان يجدوا مضيقا في الخندق الذي حفره النبي وأصحابه، وبذلوا فيه الجهد وتعبوا وعلى رأسهم رسول الله، لما رأوا هذا الخندق قالوا هذه مكيدة ما كانت لتكيدها العرب، فالعرب يحاربون في المدن المكشوفة.. لكنهم ظلوا ليجدوا فرصة ليقتحموا الخندق والمسلمون لهم بالمرصاد: رماة النبال والسهام كلما رأوا جماعة يقتربون من الخندق رموهم.
طول الحصار
وروى د. القرضاوي ان الحصار قد طال، امتد ما يقرب من شهر، لا يكاد المسلمون ينامون أو يشبعون من طعام، فهو قليل في المدينة والحصار جعلها محاطة لا يصل إليها شيء ولا يستطيعون الخروج منها.. قال: لذلك ظهر النبي لأصحابه خاويا يكاد بطنه يلتصق بظهره، رأى ذلك جابر بن عبدالله فذهب إلى امرأة وقال لها ذلك، أأجد عندك شيئاً يؤكل؟ فقالت ما عندي إلا هذه الشاة الصغيرة ومُدُّ من شعير، فقال لها لنذبح هذه الشاة وخذي هذا المد واخبزيه فإني سأدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فلما صنعوا الطعام ذهب إلى النبي وقال له لقد صنعت لك طعاماً فتعال وادع من أحببت من أصحابك فإذا بالنبي يأتيه بأفواج من الصحابة، مئات، فقال جابر في نفسه انها لفضيحة، فدخل لامرأته وأخبرها بالأفواج وبالطعام القليل، قالت له: أنت دعوتهم أم هو الذي دعاهم، قال بل هو قالت له دعهم هو أعلم بما يفعل، فالنبي قال لهم: ضعوا اللحم في القصعة، الخبز أخرجوه من التنور وغطوه، ويكشف ويأخذ من كليهما ويغلق، يقول جابر يأخذ منه وكأنه لم ينقص.. حتى أكل الرسول وأصحابه وشبعوا وجابر وأهله والخير باق والحمد لله.. وكان هذا من آيات الرسول صلى الله عليه وسلم ومعجزاته التي يكرمه الله بها في ساعات الشدة.
عمل سياسي
وتابع: اتشد هذا الحال من الجوع والخوف والبرد وكان الحال كما وصف الله في سورة الأحزاب «إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا، هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا» في هذه الحال أراد النبي ان يعمل عملا آخر غير العمل العسكري: عمل سياسي، فأرسل إلى قادة غطفان: إلى عيينة بن حصن قائدهم وإلى الحارس بن عوف المري وأراد أن يفاوضهم بمعزل عن قريش ليفرق جماعتهم، وفاوضهم: ما قولكم أن نعطيكم ثلث ثمار المدينة وترجعون منصرفين عن قريش، قالوا: بل نصفها، قال: لا ثلثها، وأخيرا قبلوا.. وبدأوا يكتبون هذا، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابد ان نشاور الجماعة، وكان من خصاله ومن منهجه المتبع ان يشاور أصحابه في الأمور المهمة، شاورهم في بدر وفي أحد، وفي أول أمر هذه الغزوة، ويشاورهم الآن خصوصاً الأنصار وهم جمهرة أهل المدينة والقوة الضاربة فلا بد ان يأخذ رأيهم، خصوصا أنه يفاوضهم على ثلث ثمار المدينة، ثمار نخيلهم وأعنابهم فقال لسعد بن معاذ وسعد بن عبادة فقال سعد بن معاذ وهو رجل يحبه كل مؤمن من قرأ سيرته تعلق قلبه بهذا الرجل الذي ليس له نظير في إيمانه وصدقه وبذله لله عز وجل: قال يا رسول الله أهذا أمر من السماء أمرك الله به ليس لنا أن نتقدم عنه أو نتأخر أم هو أمر لك فيه هوى تحب أن تنفذه؟ أم أمر تفعله من أجلنا رفقا بنا وإشفاقاً علينا؟ قال: بل هو أمر أصنعه لكم - إشفاقاً، فقد رأيت العرب رمتكم عن قوس واحدة، ورموكم من كل جانب فأردت ان أخفف عنكم.. وقبلت هذا الأمر، فقالوا يارسول الله لقد كنا وغطفان وهذه القبائل على الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعرف الله ولا التوحيد وما كانوا يطمعون أن يأكلوا من ثمار هذه المدينة تمرة واحدة إلا بيعا أو قري «نضيفهم» أفبعد أن أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا به نعطي الدنية في ديننا؟ والله لا يكون ذلك أبدا والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم.. عرف رسول الله ان القوم مصممون على الدفاع عن هذا الدين، عن جماعة المسلمين ولا يفرطون أبدا مهما أصابهم من جهد.. فوافقهم على ما صنعوا وقال سعد بن معاذ ليجهدوا جهدهم.. وأخبر الرسول أن الأمر لن يتم.. فالمشاورة قبل ان يكون الأمر ملزما للطرفين.
أول ممرضة
قال فضيلته: ممن أصيبوا في هذه المعركة سعد بن معاذ رضي الله عنه في أكحله «عرق في أكحله يسمى عرق الحياة» أصابه ابن العرقة، قال رسول الله: عرَّق الله وجهه في النار ونقل سعد إلى خيمة رفيدة في المسجد النبوي أول ممرضة في الإسلام وكانت خيمتها تعتبر أول مستشفى ميداني يتلقى المجروحين والمصابين ويهيئ لهم من إسعافات أولية في تلك البيئة.. وقال:
الدعاء
ظل النبي والمسلمون يدعونه يارسول الله لقد بلغت القلوب الحناجر، علمنا ماذا نقول وماذا ندعو، قال: قالوا: اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا، وكان النبي كثير الدعاء يدعو في هذه الغزوة بهذا الدعاء. اللهم منزل الكتاب ومجرى السحاب وسريع الحساب اهزم الأحزاب، اللهم أهزمهم وزلزلهم.
وقد استجاب الله دعاء رسوله صلى الله عليه وسلم وهزم هؤلاء الأحزاب وحده كما كان يقول النبي بعد ذلك: لا إله إلا الله وحده، صدق وعده ونصر عبده، وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده ولا شيء بعده.
إلى قريظة
وأضاف: لقد صمم النبي بعد هذه الغزوة أن يذهب الى قريظة ليؤدبهم، وكان هذا بأمر من الله تبارك وتعالى فقد دخل الرسول الى بيته وخلع درعه وملابسه الحربية وإذا بجبريل يقول له: خلعت السلاح ان الملائكة لا تزال بسلاحها «الجنود التي لم ترونها»: إن الله يأمركم ان تذهبوا الى قريظة.. وقال لأصحابه: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة»، كان ذلك وقت صلاة الظهر.. وهم في ضاحية المدينة من 3 إلى 4 ساعات، وفي الطريق اختلف الصحابة ما بين فهم الأمر على أنه كان لسرعة النهوض ولا يريد ان يضيع العصر وخالفهم الآخرون وعملوا بحرفية الأمر ولو وصلوا منتصف الليل ولم يلم الرسول أيا من الفريقين، لكن المهم ان هؤلاء الصحابة وقفوا صفا واحدا أمام بني قريظة الذين غدروا في ساعة الشدة، وحاصرهم النبي نحو خمس وعشرين ليلة حتى استسلموا ورضوا بحكم رسول الله، واختاروا سعد ابن معاذ حليفهم في الجاهلية وكان الأوس حلفاء بني قريظة، وحكم سعد بأنه لا علاج لهم إلا أن تقتل مطائلهم وتسبى نساؤهم وتغنم أموالهم، وقال له الرسول: لقد حكمت بحكم الله عز وجل، وهنا قال سعد عندما أصيب في أكحله: اللهم ان كنت أبقيت لنبيك حربا مع قريش فأبقني حتى أقاتلهم، فليس أحب إلى من قتال قوم كذبوا رسولك، وآذوه وأخرجوه، وإن كنت انهيت الحرب بينهم وبين رسول الله فاجعلها لي شهادة ولا تمتني حتى أمر يمينى في قريظة، وحينما رأى هذا في قريظة انفجر جرحه وحصل على الشهادة في سبيل الله وقال النبي: اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ.
كان هذا جزاء ما صنع اليهود، بعض المستشرقين يقول إن محمدا كان قاسيا على اليهود، ورد: هكذا ينبغي ان يكون الحزم، الشدة في موضع الشدة واللين في موضع اللين، وقارن بين هذا الموقف وقول الرسول في فتح مكة للمشركين «اذهبوا فأنتم الطلقاء»، ولم يعف عن هؤلاء، مرجعا ذلك الى ان اليهود لو عفا عنهم لقالوا ضحكنا على محمد حتى عفا عنا، ثم يعودون الى الغدر كما عادوا اليه بعد ان غدروا مع بني النضير. هؤلاء لا ينفع فيه الكرم، كما أن جريمة هؤلاء ليست كجريمة قريش، انها غدر في وقت فيه المسلمون مهددون بالإبادة، انها جريمة كبرى، ان الإسلام دين عدل ولكنه دين حزم وشدة.
وفي خطبته الثانية قال: ما زلنا نتابع ما يجري في العراق الشقيق من دماء تسفك ومن حرمات تهتك ومن منشآت تدمر ومن كوارث تحدث لأفراد وأسر وجماعات تقتل الكثيرين بغير حق، والاحتلال سبب المظالم والمآسي التي تجري وتحدث كل صبيحة وكل مساء في كل يوم منذ دخل الاحتلال الى اليوم، وانا لننتظر يوما يخرج فيه هذا الاحتلال ويولي الأدبار ويعود إلى دياره ويترك العراقيين لأنفسهم يحلون مشكلاتهم بأنفسهم كما كانوا يفعلون من قبل، وأضاف: لقد كان العراق رغم اختلافاته في الناحية العرقية والمذهبية والدينية، شعبا واحدا وبلدا واحدا لم يكن يفرق بينهم شيء من هذا، كان هناك اختلاف ديني، مسلم ومسيحي، واختلاف عرقي: كردي وتركي وعربي، اختلاف مذهبي: سني وشيعي لكن مع هذا كله عاش العراقيون اخوة بعضهم مع بعض، الشيعة والسنة يشتركون كثيرا في الأنساب، والعشيرة الواحدة فيها سنيون وشيعيون وفي الحوار يتزاورون وفي الأعمال والتجارة، الحياة ممتزجة، هكذا عاش العراقيون قبل هذا الاحتلال حتى جاء الاحتلال ففرقهم بعضهم عن بعض واصبح بعضهم يقاتل بعضا، وبعض الناس يقتلون بالهوية، مجازر تقع لا يجوز أن يحدث.
كفوا عن الدماء
وطالب العراقيين المسلمين خاصة ان يكف بعضهم عن دماء بعض قال الرسول في حجة الوداع: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض وانا أحمل الاخوة الشيعة المسؤولية أكثر من السنة لأنهم هم الذين بيدهم الجيش والشرطة وقوات الأمن والوزارات ويملكون ما لايملك السنة لا يجوز لهم ان يستغلوا ليقتلوا من اخوانهم ما يقتلون، نريد من علماء الشيعة الكبار: آيات الله، المراجع الشيعية، من المرجع الكبير السيد علي السيستاني آية الله العظمي، نريد من شيوخ الحوزة ان يصدروا فتاواهم لتحريم قتل المسلم للمسلم، لتحريم قتل السنة، اهل السنة أصدروا فتاوى من هذا النوع، لكننا لم نر الاخوة الشيعة لم نر علماءهم يصدرون مثل هذه الفتوى فتاوى صريحة تحرم قتل المسلم للمسلم على الهوية، لايجوز هذا في بلد واحد ولا شعب واحد ابدا.
وأضاف: في 15 ديسمبر يجري أمر مهم: انتخابات برلمانية، اهل السنة فيما مضى قاطعوا الانتخابات لأنهم كان عليهم عبء، مقاومة الاحتلال وكانت ظروفهم تمنعهم، الأمن غير مستتب، الآن أدعو أهل السنة ليشاركوا بقوة في الانتخابات القادمة بالترشيح والتصويت، وقد أفتاهم البعض بأن الانتخابات في ظل الاحتلال الأمريكي حراسة وانا اقول: لا.
الضرورة تجيز هذا خصوصا يظهر ان الاحتلال لم يتدخل في هذه الانتخابات إذا كانت انتخابات حرة نزيهة فلنخضها ولا نبقى متفرجين، ثم نقسم الكعكة على من دخلوا الانتخابات ونظل نحن نبحث ونقاتل وتحدث حرب أهلية، لهذا أقول لاخوتي من اهل السنة في العراق: ادخلوا هذه الانتخابات بقوة رشحوا من ترونه الأفضل، واختاروا القوي الأمين الحفيظ العليم، ادخلوا هذه الانتخابات، أقيموا الشهادة لله، فالانتخابات شهادة للحق، انصر الحق، فهناك شهادات الزور، وقال النبي: عدلت شهادة الزور الإشراك بالله تعالى، واضاف ان هذا لا ينافي أن يكون هناك من يقاوم الاحتلال فأهل الجهاد للمقاومة وأعني به الجهاد الذي يقاوم الاحتلال الأمريكي وجنود الاحتلال، لا الذين يقتلون المدنيين والأبرياء، أرى أن المقاومة الشريفة من حقها ان تقاوم ولكن هذا يعمل في جانب وهذا يعمل في جانب، كما فاوض النبي صلى الله عليه وسلم غطفان واستمر في حراسة المدينة، هذه نقرة وهذه نقرة، لابد ان تعمل في كل جانب فلعل مشاركة أهل السنة تعوضهم ما فات من قبل، ان يكون لهم حظهم ان لم يكافئ عددهم وتاريخهم، يكافئ حظهم في الجيش وفي الشرطة وفي الوزارات، ويحاولون تعديل الدستور، فهذه فرصة لهم، وأدعوا اخواني في هيئة علماء المسلمين وعلى رأسهم اخونا حارث الضاري واخوانه ألا يتعثروا في هذا الأمر وان ينظروا له من وجوه متعددة وان يحاولوا الاستفادة من هذه الفرصة
تعليق:
بين القرضاوي وقاعدتي السيلية والعديد "خذفة عصا" وهما كانا يشكلان عصب ومركز التخطيط العسكري لغزو العراق ولتهميش ما يسمى العرب السنة ولصعود العرب الشيعة إلى الحكم. القرضاوي الذي أشتهر بفتاوى جنسية خاصة لمشايخ الخليج وهو يعتبر وبكل جدارة من وعاظ السلاطين الذين لا ينطقون ضد حاكم قد عينه الله بمشيئته وأتى بالغلبة , هذا الشيخ قد حلل أمرا عظيما ألا وهو المشاركة السياسية تحت الإحتلال لأنه وبحسب التصور السني العام أن وجود القوات الامريكية في العراق هو وجود إستعماري إحتلالي وبه لا يصح شرعا التوافق معه سواء سياسيا أو عسكريا لأنك بذلك تتوافق مع الخطط السياسية الصليبية.
أقول أنه نجاح العملية السياسية في العراق هو السبب الرئيسي الذي جعل هذا الشيخ الجنسي أن يغير رأيه من جهة الحرام الشرعي إلى جهة الحلال ( الإنتقال من الحرام إلى الحلال أو العكس هو إنتقال كبير لأنهما يمثلان المتناقضين الشرعيين كما يمثل الوجود والعدم متناقضين في العلوم الحكمية والفلسفية) وهذا التقلب سببه ضعف المستوى الفقهي وتسييسه تسسيسا ميكيافيليا ثانيا ليسأل هذا الشيخ نفسه ما الذي جعل الحديث عن عملية سياسية ودستورية في العراق حديثا ممكنا وأن تكون هناك آراء مختلفة حول المشاركة أو عدمها أليس الشيعة وقادتهم هو الذين حولوا المتخيل السياسي إلى واقع متحرك يجعل المخالف لك أن يكون واقعيا ويشارك مشاركة فاعلة ثالثا أليس هذا الكلام عن مفاوضة الإحتلال والإستشهاد برسول الله (ص) هو كان حديثا محرما قبل أشهر فقط والآن أصبح أمرا تستلزمه الضرورة وهذا الكلام بحد ذاته كان كلام الشيعة في بداية فترة الإحتلال وكانوا يتهمون بالتبعية والعمالة. رابعا إذا كان السنة العرب كما يسمون أنفسهم مقاومون للإحتلال فلماذا المشاركة السياسية لأنك لا تستطيع أن تأخذ مواقعا سياسية وفي ذات الوقت تحارب فلنفترض أن وزير الداخلية القادم سوف يكون من السنة فماذا يصنع هل يحارب الإحتلال من موقعه السياسي أم يقاتل وهنا سوف يناقض نفسه ثم إن الشيعة قد قالوا أنهم سوف يتخذوا مسار العمل السياسي التفاوضي وهذا لا يناقض مشاركتهم السياسية وخامسا دعونا نعرف هل السنة يحاربون لأجل إخراج الإحتلال أم لأجل تسلم مواقع سياسية؟
نصيحتنا لهذا الشيخ المصري هو أن لا يعولم الفتنة الطائفية ومقولة أن الشيعة يقتلون السنة على الهوية هذه مقولة لا يدعمها الواقع المحسوس وهو تفكير رغبوي من القرضاوي حتى يقول أن الشيعة دمويون لأن الشيعة لو أرادوا فعل ذلك لرأينا نزوح جماعي للسنة من العراق إلى الأردن أو قطر التي قد تحتاج إلى تعداد سكاني أكبر ولرأينا تفجير المساجد السنية بشكل يومي والمذابح ولكن هل هناك شيعي يفكر بنفس هذا التفكير؟ ليس هناك شيعي واحد لديه مثل هذا التصور.