[align=center]الورع عن محارم الله[/align]


التعاليم الإسلامية بشأن السعادة الانسانية تطابق تماما المنهج الطبي بشأن صحة الناس لذلك يصف الإمام أمير المؤمنين(ع) الرسول(ص) بأنه طبيب دوار بطبه قد أحكم مراهمه و أحمى مواسمه.. فالرسول(ص) طبيب سيار يحمل معه المعاجين اللازمة للمعالجة فإذا وجد قلوبا عمياء أو أرواحا صماء قام بالمعالجة و أنقذ الناس من الموت المعنوي و الانهيار الخلقي..
# معالجة الانحراف
للأطباء منهجان في المعالجة: إيجابي و سلبي.. الإيجابي( احتقن بهذه الابرة , استعمل الشراب الفلاني) السلبي( لا تأكل الحامض , لا تشرب الخل)..
المنهج الديني يشابهه.. يقول: أقم الصلاة , أد الزكاة , تزوج..الخ .. و يقول أيضا: لا تكذب , لا تسرق لا تزني...الخ.. الجانب الإيجابي يسمى الواجبات و السلبي المحرمات..
لو ألقينا نظره على المنهج الطبي لوجدنا موضوع الوقاية و ترك القيام ببعض الأمور( الحميه) مهم إلى درجه أن المريض لو لم يواظب عليه فالعلاج الإيجابي لا ينفعه..
أحسن عمليه يقوم بها الجراح الحاذق قد تكون فاقده الأثر إذا تهاون المريض في التوصيات السلبية كعدم التحفظ على الجرح من التلوث أو القيام ببعض الحركات..
و في بعض الأحيان حيث لا يتمكن المريض من الطبيب فأنه إذا احتمى نجد المناعة الذاتية قادرة على أن تنجي المريض.. و هناك حالات ينحصر العلاج فيها بالحمية.. يقول الإمام الكاظم(ع): الحميه رأس الدواء
إذا النتيجة إن السلامة منوطة على المواظبة على توصيات الطبيب الايجابية و السلبية و لكن النظرة الثاقبة ترينا إن أثر الجانب السلبي في العلاج أقوى من الإيجابي و هكذا الصحة و السعادة في الشريعة فقد ورد ( أفضل الأعمال في شهر رمضان الورع عن محارم الله)..
الجانب السلبي أهم لذلك نجد التأكيد على التقوى(أعظم رصيد للسعادة) و المتقي هو المجتنب عن المعاصي عن الإمام الصادق(ع) فيما ناجى الله عز وجل به موسى(ع): ما تقرب إلي المتقربون بمثل الورع عن محارمي.. و عن الإمام أمير المؤمنين(ع): اجتناب السيئات أولى من اكتساب الحسنات.. و عن الإمام السجاد(ع): من اجتنب ما حرم الله عليه فهو من أعبد الناس .. و عن الرسول(ص): لرد المؤمن حراما يعدل عند الله سبعين حجه مبرورة .. و عن الإمام أمير المؤمنين(ع): غض الطرف عن محارم الله أفضل عباده..
# انهيار المجتمع : إن أغلب المآسي التي تصيب الفرد و المجتمع ناشئة من التلوث بالذنب , انهيار الأمم السابقة بالذنوب كما يؤكده القران الكريم ( ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا ).. ( فأهلكناهم بذنوبهم )..
# ما هو الذنب؟ عبارة عن مخالفة القوانين الالهية و اتباع الأهواء التي تلح على النفس..
كقاعدة و أصل - مع غض النظر عن الدين - نقول: ليس بإمكان الإنسان متابعة الشهوة و الرغبة و إطلاق العنان لها فهناك الموانع القوية التي لا يمكن اختراقها..
# الموانع:-
(1):- القوانين الطبيعية .. ترى الحمامة و هي على سطح بناية عالية تطير بكل سهوله إلى العمارة الأخرى و لكنك لا تستطيع حتى لو رغبت ذلك لأنه يوجد قانون الجاذبية .. فالعاقل ينزل من العمارة ثم يصعد إلى


العمارة الثانية إذا أراد.. فالثورة على هذا القانون يعني الهلاك و الموت.. يتساوى في هذا القانون المؤمن و الكافر و الفاسق...
(2):- القوانين الصحية.. فالمصاب بالسكر إذا حاول اتباع ميوله بالتناول من الفواكه و الحلويات الغنية بالسكر فسوف يبتلي بأنواع الآلام .. المصاب بالكبد عليه أن يحتمي من الكثير من الأكلات الشهية لأن الطبيب منعه عن ذلك..و قد يكون المرض شديدا جدا يضطر المريض معها أن يقنع نفسه بقليل من الخضراوات المطبوخة .. فأما أن يترك ميوله و شهواته أو يصاب بالألم و الجزاء..
(3):- القوانين الوضعية..
هذه الموانع الثلاثة عن حرية الإنسان جارية في جميع العالم بغض النظر عن الدين..
# انحطاط البشرية:- الذنب بغض النظر عن الأخطار التي يتضمنها في الإخلال بالنظام العام و بالمصالح الفردية و الاجتماعية هو أهم عوامل انحطاط البشرية و تقهقرها فأن ظلمة الذنب تصير حجابا يخفي نورانية القلب و صفاء الباطن..
# التفكير بالذنب:- الإسلام يخطو خطوة أوسع و يقول إن الإنسان الواقعي هو الذي لا يكتفي بترك الذنوب فحسب بل لا يفسح مجالا في ذهنه للتفكير في الذنب فأن التفكير فيه يوجد ظلمة روحية في القلب و يمحو الصفاء الروحي من الإنسان..
يقول الإمام الصادق(ع) راويا عن عيسى(ع) انه كان يقول: إن موسى أمركم أن لا تزنوا و أنا آمركم أن لا تحدثوا أنفسكم بالزنا فأن من حدث نفسه بالزنا كان كمن أوقد في بيت مزوق فأفسد التزاويق الدخان و إن لم يحترق البيت..
إن كل ما هو ممنوع في الشريعة يتصل أما بضرر مباشر أو غير مباشر تجاه المصالح المادية أو المعنوية للإنسان غاية الأمر إن البشر لم يطلع على جميع تلك الجوانب..
# الجزاء الآجل :ـ المذنب يلاقي جزاؤه حتما غاية الأمر إن بعض الذنوب تظهر نتائجها بسرعة بينما لا تنعكس آثار بعضها الآخر إلا بعد مدة طويلة..
الذين يحبون الفضائل و الكمال يتحاشون كل الذنوب سواء الجزاء كان عاجلا أم آجلا .. أما قاصري النظر فيظنون إن الخلاص في ترك الذنوب ذات الجزاء العاجل..
أوضح مثال نجده في التعاليم الصحية .. الطبيب حينما ينهى المريض عن شيء يسبب له الآلام الحادة و النزف بعد ساعة مثلا .. المريض يضطر إلى الطاعة أما إذا نصح بالاجتناب عن الخمر لأنه بعد عشر سنوات تظهر آثاره الوخيمة نرى الشاب يتماهل في العمل..
# الجزاء العاجل:- القوانين الطبيعية تمتاز بأن مخالفتها تؤدي إلى الجزاء العاجل لذلك نرى الناس يخافون مخالفتها .. النار تحرق فورا , الغاز يخنق .. لذلك تقابل هذه القوانين بالطاعة التامة.. و هكذا المجرم إذا خرج على القوانين الاجتماعية إذا وجد نفسه أمام عقوبات صارمة كالسجن أو الإعدام يضطر إلى الطاعة..
إلا انه توجد في القوانين السماوية ذنوبا و جرائم يكون الجزاء عليها في الدنيا بطيئا و لهذا فكثير من الناس لا يرتدعون ..
التاريخ يحدثنا عن عمر بن سعد في جريمته في قتل الحسين(ع) حيث وقع أسير التفكير الخاطئ في الأمن من العقاب لكونه غير معجل حيث قال: هل عاقل باع الوجود بدين؟.. إمارة ري معجلة بينما جزاء يوم القيامة بعيد و آجل..
القران الكريم يفند هذه الرؤية و ينبه الناس على ضرورة توقي الجزاء الآجل كما لو كان عاجلا..( انهم يرونه بعيدا و نراه قريبا)...