في العاشر من المحرم وفي العام الواحد والستين للهجرة وهناك هناك على أرض كربلاء . وقف السبط الحسين بن علي.... وأمام الحسين أصطفت حشود الضلال تزدحم في داخلها كل معاني الخسة والحقارة. وتأصلت عندها قيم الجاهلية... فقررت أن تثأر لتاريخها الموتور... وصممت أن تقتل الحسين!!!!


وقف السبط الحسين يتأمل هذه الحشود المضللة. فما كان شبل علي يرهب الموت... وتندت في مقلتيه دمعة... إنها دمعة الرحمة لهذه الكتل البشرية التائهة. المثقلة بالضلال. والتي تخط بيدها مصيرها إلى النار ... إستقبل القوم بوجه ترتسم عليه بقايا أمل... وأرسل كلماته الحانية. علها تعثر بين تلك القلوب المغلقة على صبابة من ضمير لازال يهفو إلى نور الهداية....


" أنشدكم الله أنسبوني من أنا؟ " - أنت الحسين سبط رسول الله.
"أنشدكم الله هل تعلمون أن أمي فاطمة بنت محمد؟ " - اللهم نعم.
"أنشدكم الله هل تعلمون أن أبي علي بن أبي طالب؟" - اللهم نعم.
"أنشدكم الله هل تعلمون أن هذا سيف رسول الله أنا متقلده؟" - اللهم نعم.

"فبم تستحلون دمي؟" - قد علمنا ذلك كله. ونحن غير تاركيك حتى تذوق الموت عطشاً... إنها قلوب إستحوذ عليها الشيطان فأبت إلا الضلال.... شموخ وصمود وقف الحسين في شموخ وثبات. ووقفت معه قلة مؤمنة.... وجاهد بين يديه أنصار العقيدة... حملوا الأرواح فوق الأكف.. لبسوا القلوب دروعاً شوقاً إلى الجنان.. تساقطو قرابين من أجل الله فإحتضنهم الزمن مشاعل هداية. وهكذا عانقوا ترى كربلاء .. وبقي الحسين بن فاطمة فرداً وحيداً . وشفتاه تتمتان بكلمات كئيبة: " أما من مغيث يغيثنا أما من ذاب يذب عن حرم رسول الله.


فلا إلا صدى نسوة وآهات صبية باكيات وصراخ أطفال ظماء إلى قطرة ماء. وأنات عليل يذوي أسى وألماً. وحشرات ارواح تحتضر. وصهيل خيول جوامح. وبريق سيوف لوامع وصبيب سهام طوائش. وداع لا ينساه الزمن وإبن الزهراء فرد وحيد.

أسلم نفسه لقضاء الله ثم حمل خطاه إلى خيم الرسالة. ليلقي نظرة الوداع على على بنات الرسالة فتنادين: الوداع الوداع. نساء والهات باكيات، وتلملمت حوله صبية وصبايا ظامئات . وتناهت إلى سمع الحسين من جوف خيمة أنات خافتة أنه عليل كربلاء تراكمت عليه الألم وآهات وأرزاء. وطاف الحسين تطواف الوداع. وسكب دموع الوداع وصمم الحسين على الموت . تحرك مشدوداً إلى عرس الشهادة إلى عشق اللقاء مع الله. وبعد قتال رهيب ، هوى الطود الأشم حسين السبط هوى صريعاً تعانقه صوارم ورماح . وهوت تقبل جسمه حدود المواضي والظبا. وطاشت تمزق قلبه سهام الحقد. وتواثبت تداعب صدره حوافر وسنابك. وتسابقت تناهش لحمه ذئبان مسعورة. وهكذا إفترش الحسين رمضاء كربلاء. وقد كتب بدمه أروع ملحمة في تاريخ البطولة والفداء.